وبالأمس عادتني، ابتسمت في وجهي كما كنت أتمنى من شفتيها دوماً أن تخصني بها ذات يوم ولم تمنحني. دون أن تطرق الباب، فاجأتني باقتحامها وحدتي، ودون أن تنبس ببنت شفة، أخذت تقترب مني حتى وقفت حدي، ثم ارتكزت على طاولة مكتبي المزدحمة بكتبي وأوراقي.
لا أدري لما تجمد لساني ولم اسألها عن سبب مجيئها لي في ذاك الوقت من الليل؟ وكيف دلفت إلى منزلي واقتحمت خلوتي دون أذن؟ شيء ما أرغمني على قتل أسئلتي ومشاركتها ذات الصمت الذي ترتديه منذ عبورها باب غرفتي. فقط أشارت تلومني بعينيها صوب مطفأة سجائري الممتلئة بي (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
وبالأمس عادتني
25 كانون الأول (ديسمبر) 2013, ::::: مهند فوده -
بكاء الجدران
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: ريّا أحمدكانت دعوة السيدة سلمى لي لحضور حفل عقد قران ابنتها نورة كفيلاً بأن ينبش داخلي ذكريات طالما أسعدتني وأبكتني، فها أنا أدعى اليوم إلى منزل كان أربابه ضيوفي فيه يوماً ما. آه من هذه الأيام تأتينا بما نكره أحياناً. طافت بي الذكريات في الحديقة التي طالما لهوت فيها، وفي الأشجار التي حمتني من حرارة الشمس، فأين هي الآن لتحميني من حرقة الدموع؟ كانت رغبة قوية تلك التي اجتاحتني وألحت علي بالذهاب إلى أطلال ذلك البيت المهجور بسكانه. لقد كان النداء الروحي الذي أطلقته خبايا روحي العطشى لصومعة الذكريات هو من (…)
-
أنــا وأنــت
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: هدى الدهانجاءني بأقلام رصاص خشبية بعد أن ألححت في طلبها ولسان حاله يترنم بالأغنية العراقية "ماذا أقول لطفلة تلعب." ثم طالبته بممحاة ومبراة. جاء بهما محذرا ألا القي محتواها على الأرض. حاولت أن أقلده حين يكتب. لبست نظارتي وجلست خلف منضدته الخشبية القاتمة، وجئت بكوب الشاي المصنوع من الأكياس الجاهزة. وضعت إحدى أسطوانات موسيقاه، واستعرت أحد أقلامه (حرصا على كنزي)، وورقة بيضاء صقيلة كملابس طبيب معقمة. وبدأت اكتب. كتبت. ولكن ماذا كتبت؟ كتبت عن حب يكبر بين عاشقين في براري خضراء لبلد بعيد ينعم بالسلام، وغيرة (…)
-
سبع لفات بخيط أبيض
1 آذار (مارس) 2011, ::::: محمد بروحوأطرق باب البيت كالعادة وأظل وراءه منتظرا لوهلة خالتي فطوم كي تفتحه على وجهي.
كم كنت أستعجل اللحظة، وأنا أدرك بأنني كلما حضرت إلى بيتها إلا وقمت بزيارة أُنس وألفة لخمِّ الطيور، كان يوجد فوق سطوح البيت، تعج بداخله طيور كثيرة ومختلفة.
كان الخمِّ يحوي أنواعا من طيور تجمعت داخله، ديك رومي وبط ودجاج. كم أحببت أن أقضي أمسياتي الجميلة التي أحضرها هناك، فوق السطوح، أطعمها من حب الزرع والذرة ما تملأ به حوصلاتها، وأسقيها ماء زلالا يروي عطشها.
تلتقط الحبّ حبة حبة، وترنو إليّ كأنها شاكرة لي صنيع ما (…) -
جعله الحب مجرما
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: مهند فودهوقعت عيناه عليها في حفل استقبال أقامته شركة سياحية كبرى بمناسبة افتتاح الموسم السياحي الشتوي ودعت إليه كل العاملين بمجال السياحة. إنها فتاة جميلة، أنيقة، تتألق بين الحضور كما النجمات، ورغم أن المكان كله يعج بالحضور، إلا أنه منذ أن وقعت عيناه عليها حتى تعلقتا بها أينما حلقت بين طاولات الحفل وأينما حطت بجناحيها. وكأن الحفل كله خلا من سواها وقد غادره الكل، فبقيت أمام نظره وحدها تضحك وتتسامر وتتحرك كفراشة ضلت طريق الحقول مساء لقاعة حفل.
وعندما لاحظ احد أصدقائه متابعته لها، همس في أذنه ساخرا (…) -
رجل لا يحسن التعبير
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: مهند فودهاليوم تقدمت لطلب يدك، وحظيت بموافقتك أخيرا بعد رفضك لي مرتين سابقتين. لم استطع أن اخفي مدى سعادتي بقبولك هذه المرة، ورغم هذا قلت لك حينما سمحوا لنا بالتحدث منفردين لأول مرة، أنني لن أقبل مطلقا أن تتزوجيني وقلبك لغيري، أو أن أكون مجرد دواء لمداواة ما تركه خطيبك السابق من جروح بداخلك رغم مضي عام ونصف عام على انفصالكما كما اخبرني والدك.
ولكنك نفيت ظنوني بشدة مؤكدة لي أنه ماض وانتهى، وأنك فكرت جيدا واخترتني بعقلك، ثم سكت.
تجنبت في حديثك القصير هذا الإشارة لحال (قلبك) وآماله، لأكمل أنا: (…) -
أمام كل امرأة عظيمة رجل
1 آذار (مارس) 2011, ::::: ظلال عدناندخلت غرفة الجلوس تحمل بيدها اليمنى صينية خشبية بُنية وقف بها فنجانان متغايران في اللون، أحدهما أصفر رُسم عليه وجه باسم تتناثر حوله قلوب صغيرة، والآخر لونه فسفوري عليه وجه ذو كشرة لم تفارقه منذ أن اشترياه قبل عشرة أعوام، كانت تحاول جاهدة ألا تنسكب القهوة السوداء من بين شفاه الفنجانين، فتلوث الصينية وتُعكّر مزاجها؛ فهي تكره شرب القهوة بعد انسكابها رغم كل الاعتقادات السائدة المبشرة بخير عند انسكاب القهوة.
يدها اليسرى تُحيط طفلتها الباكية جوعا، تمتد قدمها اليمنى تسحب الطاولة إلى منتصف الغرفة، (…) -
"شكّ" في سيارة الأجرة
1 حزيران (يونيو) 2018, ::::: مرام أمان الله. كانت الطريق تنزلق ببطء شديد تحت سيارة الأجرة. حتى المباني من حولها لا تكاد تتحرك؛ ربما لضخامتها وعلوها الشديدين، أو ربما كانت تتمنى أن تطير بسرعة بعيدا عن ذلك المكان.
كان السائق يقود بارتخاء سارحا في خياله وكأنما يقلّب همومه، أو يعدّ الوقت انتظارا لساعة الإفطار.
سألها مكرِّرا: "إلى أين؟"
فكّرت مليا، ثم أجابت بتردد: "إلى المطار".
صمتت قليلا ثم قالت: "إلى أقرب شاطئ، لا يهم".
فما كان للسائق إلا أن يهز رأسه بصمت ويكمل قيادته الهادئة.
كل شيء كان بطيء التحرّك من حولهما، حتى أنّ (…) -
صلاح الدين يفكّر
1 أيلول (سبتمبر) 2018, ::::: طه بونينيكنت وصلاح الدين في جولة سريعة. رجعنا للتوّ، وها هو ابني ذو العامين ونصف عام أسفل العمارة، يهمّ باعتلاء الدرجة الأولى في السلالم. لم أكن أتجرّأ أن ألفظ هذا، قبل بضعة شهور. طفل صغير وسلالم في جملة واحدة. لم يكونا ليجتمعا إلا ووجع الرأس ثالثهما.
كان يحمل علبة حلوى. بدونها كان ليستعين بالدرابزين، ليصعد ويتدبّر أمره لوحده، أمّا وهو يحمل العلبة، فقد تلكّأ وتردّد وحاول الصعود وهو يتهادى كالبطريق. إنّه في مرحلة يريد فيها فعل كلّ شيء بنفسه. لكنّه لم يستطع. عندها ناداني: "أبي. أبي".
إنّه نداء (…) -
تــسـاؤلات
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: منال الكندي"أنـا أفـكــر إذن أنـا مــوجــود" (رينيه ديكارت، الفيلسوف الفرنسي)
ينفث دخانه قرب نافذته وكأنه بنفثه يطرد الهموم الجاثمة فوق صدره، يطرد عن رأسه تلك الأفكار عن كل شيء وحول كل شيء: حبيبته التي هجرته للبحث عن حياة أفضل مع رجل الضمان لديه بنك جيوبه.
فقد الأمل في أن يحصل على فرصة عمل واحده بعد أن تشقق حذاؤه بحثا وتنقلا من مكتب، لوزارة، لشركة. وهو يرى أمامه الإعلانات والبرامج برنامج تلو الآخر: فرص عمل وطرق للنجاح. بائعو الآمال والأحلام التجارية التي فرصتها في البقاء لتختمر ربع ساعة لا أكثر. (…)