بدا وكأنه لم يُفاجأ عندما أخبرته أن الأستاذ نعمان جابر قرر الاعتزال، أو التقاعد، أو التوقف. لا أدري ما الذي أستطيع وصف قرار حرماننا من عطاءئه.
كل ما فعله هو أنه أدار وجهه قليلا، ووجه ناظريه نحو الكتب المرصوصة على الرفوف التي تقابله. هذه عادة أعرفها عنه منذ أن كنت أحد طلابه في الجامعة. خيّل لي أنه ركّز نظره على التمثال العاجي القابع بين الكتب.
بعد أن طال تمعنه، ولكسر الصمت، أكملتُ: "مساء أمس زرته لإكمال ما نُعده في ذكرى ميلاده السبعين".
وكأنه لم يكن يستمع، نهض متجها نحو الكتب. سحب (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
اعتزال
1 آذار (مارس) 2017, ::::: زكي شيرخان -
شريف وشريفة
25 آذار (مارس) 2015, ::::: المهدي كروميفي صوت شريف بحة أصلية، زادت في حلقه أكثر، لينتصر فيه صوت جهوري غير عادي، ودار لحم جسمه أكثر من دورة، على غير معتاد عود ذاته المعروف به، في الوقت ذاته نمت شعيرات ذقنه هنا وهناك، أكبر من زمن الأيام الخالية. وكأنه بريح أو روح تنفخ في كيانه من الداخل، لكي توظف بعض القوى البارزة كأسلحة، واجدة تنافح عن الهوى الجديد الذي أكسبه بعض الهم.
شريفة في المقام الثاني شيء وردي انسكب على حيائها، أذهل الذات والروح وغدا أمرا مقلقا. شاهدتها الوالدة مغبرة النظرة، ساهمة الوجدان حيرانة الخطو، حينها نادت في روعها (…) -
يومياتْ مُبتَدئة في النِسيانْ
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: راضية عشيهيَ بدايةُ يوميات تُشبه غَيرها كثيراً، وتحاولُ أن تكونَ مميزَة قليلاً، ليسَ لشيءٍ إنما فقط أحاولُ أن أجعلها تُشبهني.
قرأتُ مؤخراً كتاباً للروائي واسيني الأعرج وأذكُر نصه: "نحنُ لا ننسى عندما نريد، لكننا ننسى عندما نشتهي الذاكرة والذاكرة عندما تُشرع نوافذها للتخلص من ثِقل الجراحاتِ لا تستأذنُ أحداً."
أخذتُ بعدها ورقة بيضاء وغطستها في سائل الحِبر الأسود، أريد أن أنسى وأريد أن أجعل الأمر مُميزاً جداً لأتذكَره لاحقاً. لا أبأس، أخذتُ ورقتي السوداءْ، حبراً أبيضاً وريشةً، يبدوُ أنني أحاول (…) -
لقاء دبره القدر
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: مهند فودههـو
يحاول جاهدا أن يدفن رأسه بين ملفات عمله، ولا يرفعها إلا عندما ينتهي دوامه. فعلى عكس زملاء عمله في الغربة يكتئب كثيرا حينما يحين موعد ذهابه للبيت، فالطعام هناك بارد، ومخدعه ليس دافئا، وجدران غرفته دوما صامتة، حاول محادثتها كثيرا واستنطاقها بتعليمها أبجديات اللغة وحروفها، ولكنها أبت أن تتكلم، اكتفت بسماعه، وحتى هذا صار يشك في حدوثه.
كلما عاد للوطن وارتمى في حضن أمه، وجدها قد ادخرت له نصيبه من الحنان كما منحت إخوته في غيابه، وأعدت له قائمه كبيرة من الطعام الذي يحبه، وقائمة أطول من (…) -
أهلاً بالمستقبل
30 نيسان (أبريل) 2013, ::::: محمد التميمييتناول فنجان قهوته على مهل مستمتعاً بكل رشفة، فأنفاس السيجارة معدودة والعمر قصير كعلبة سجائر مستوردة تنتهي بمجرد اعتيادينا على وجودها.
يجلس في شرفة المنزل واضعاً فنجان القهوة على حافتها وصوت فيروز يغني "آخر أيام الصيفية" وتمتد أمامه حديقة المنزل.
يطيل النظر في الحديقة فلا يجد فيها سوى بعض الشجيرات أنهكها العطش فلم يبق عليها من الأوراق الخضراء ما يكفي لصنع أبريقٍ من الشاي (1)، فقد أنهكها شح المياه في البلاد التي أضافت فقراً جديداً لها وفي المياه هذه المرة.
حتى فيروز لم تغنِ بشكل صحيح، (…) -
كيوي (*)
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: إبراهيم يوسفمن بعيد كان يترصّدها، كنسر يتربّص بطريدته. يراقبها، ويخالسها النّظر، كأنّه يدعوها إلى الرّقص، وترشيه بلحظها السّكران، كأنها تحرّضه على الدّعوة، "وحين تعطّلت لغة الكلام" جرع كأسه مرّة واحدة، حزم أمره، تخلّص من خشيته، استرد شجاعته ودنا منها بخطى ملكيّة، فاستأذنها، وسمحت، "وأرقّ الحسن ما سمح."
بعض الإضاءة الخافتة، لا تخفي تضاريس الجسد، بل تكاد تعرّيه عند الصّدر والوركين، وأنفاسها الحرّى على عنقه تستفزّ عواطفه وتشعلها. كلّما لامس نهدها النّافر، ينقبض وينفرج بمرونة المطّاط الحي، أحسّ بدمائه (…) -
من تكون؟ + صغيرتي والقمر
1 كانون الأول (ديسمبر) 2016, ::::: فنار عبد الغنيمن تكون؟
في عزلة ضيقة اختارها لها سيّدها لتكون كل عالمها، كانت تقضي أيامها تحتبس دموعها حائرة، تدور في رأسها الصغير أسئلة لا تحصى، أسئلة لا تجد لها أجوبة، لما سجنوها داخل هذا المكان القميء بينما الجميع يتنقلون بحرية؟ لماذا تعيش في هذا القفص الموصد بابه بإحكام.
لا ترى العالم الا من خلال القضبان. لا تملك إلا جناحين صغيرين لا تعرف الغاية منهما، وقدمين صغيرتين بالكاد تستطيع تحريكهما، وصوت رقيق يحلو ويعذب كلما تعمق شعورها بالألم والوحدة.
لا أحد يفهم أنينها، ولو فهموه ما استبقوها سجينة (…) -
رجل متشظ وامرأة بلا جذور
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2011, ::::: أحمد العبيديعندما وضع على راحة المهد لأول وهلة، كان يصرخ حتى رغم الحركة المتأرجحة للمهد البدائي المربوط بحبل يمتد بعيدا من باحة الدار إلى المطبخ. فقد كان على الأم أن تعد أوامرها بنفسها، وما أن تنتهي، حتى تبدأ بإرضاعه مجدداً على أمل الخلود إلى النوم ولو لفترة وجيزة. لكن صرخاته كانت تنطلق بين فترة وأخرى فتجد صداها على الجدران الحجرية المغطاة بالجبس والنورة. كانت صرخاته تنطلق معلنة تمردها على المحيط بكل مكوناته الدقيقة/العتيدة. عندما يضع المرآة بين يديه، ويجد ملامح هذه الصرخات قد انعكست بين جسده النحيف (…)
-
كراهيـة
1 أيلول (سبتمبر) 2018, ::::: زكي شيرخانمضى عليه وقت طويل وهو يسير في شوارع المدينة وأزقتها القديمة بلا هدف بعد أن خرج من داره غاضبا إثر مشادة كلامية بينه وبين زوجته كادت أن تتحول إلى مشاجرة غير محمودة العواقب لولا الفكرة التي قدحت في ذهنه وهاجس يصرخ في داخله "اترك الدار".
بعد هذا المسير الطويل، أحس بالهزيمة متمثلة في انسحابه، ولم يصمد برد الكلمة بكلمتين، ولا النقد بنقدين، ولا…
طيلة هذا الوقت كان الغضب قد أخذ منه كل مأخذ وملأت جوارحه موجة كراهية عمت كل ما وقعت عيناه عليه.
لم تكن كراهيته لما حوله بسبب مشاجرة اعتبرها كأي حوار (…) -
لا تـطــل الغياب
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: أميمة أحمدلا زالت آثار النوم غافية على جفونها. جالت عينيها في الغرفة، توقفت إلى الوسادة الخالية وما زالت محضونة بين ذراعيها، تأملت الألوان المنسجمة في غرفتها، كلها مستولدة من مشتقات الأصفر، اللون المحبب لها. أعجبتها الأناقة المتواضعة، وتلك الوردة المتسلقة على نافذة غرفة نومها. كل شيء يوحي بالشاعرية المفرطة.
هكذا أصبحت بايا تبحث عما يُريحها، وكان هذا الأمر مهملا لديها، لأن راحتها كانت خارج منزلها، في الحياة العامة، حيث السياسة والنقاشات الحادة غالبا، فهي لا تعرف أنصاف الحلول، وهذا ما جعلها تحزم (…)