وكان المسمى قيد جهله "جَهْلَلُ" يحوم من دار لدار، ويأكل من لحوم الناس، فيسُب هذا ويطعن في ذاك. وحتى إذا ما عارضه أحد أو عاتبه، قال: إن هو إلا حق، وما جِئت بشيء من عندي، ثم يذْرفُ دموع التماسيح ويَصِيح مظلــــــوم يا ناس مظلوم يا ناس.
كان في ما مضى من زمنه شقيا، يدّعي النبل، لكنه كان عبدا بكل التفاصيل. لم يُشتر من سوق النِّخاسة ولم يُسْبَ، بل، هو من وَسم نفسه أمام الأسياد بصفة العبيد، فكان يَنحني طوعا أمام من هُم أعلى منه، ينافق هذا، ويقبل يد ذاك، ويرجو منهم فتات الكلام والبسمات. وإذا ما (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الطمع ضر ما نفع
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: سعاد أشوخي -
المشاء
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: المهدي كروميعشت مشاء منذ نعومة أظفاري، في مدينتي من الجنوب الشرقي، كانت لي جولات وجولات في حارتنا القديمة، وفي الغابة التي تجاورها، وتحت عند منحدر الوادي المحاذي لقصرنا.
وانطلاقا من هذا المنظور، تراني لا أقول عشت عمرا، ولكن يمكن القول مشيت عمرا، فعلا كان ذلك بالتمام والكمال، إذا ما اكتشفت أنني أربعينيا، أو يزيد.
أضف هذا إلى عمر المدرسة، التي قضيت فيها ما قضيت، على عمر الإعدادي والثانوي، ثم الجامعي والتعليم العالي، وتخرجت وبدأت أشتغل، وكان محل توظيفي هو مدينتنا، التي لا تبعد عن القرية التي كنا نسكنها (…) -
ألوان لا تليق بالفقراء
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: لبنى ياسينككلب متشرد ساقوه وهم يقذفونه بأبشع الشتائم نحو مخفر الشرطة، لم يعِ ما التهمة التي سيق من أجلها بهذه الطريقة المهينة، كل ما علق في ذاكرته لحظات تنعم فيها بالملمس الوثير للنسيج الأحمر الناعم الذي يغطيها، عيناه المغمضتان عن آخر الأحلام الباذخة التي لم يدرك حتى بدايتها كما ينبغي عندما وجد نفسه محاطاً بدورية كاملة من رجال الشرطة.
بعدها فُتح باب ما، وألقى به الشرطيان إلى داخل غرفة، يتصدرها مكتب فخم، يجلس وراءه ضابط على كتفه رموز تعاني من ضيق المكان في ازدحام توضعها مشيرة إلى رتبة ما، ليست من (…) -
طيف على جدار
25 أيار (مايو) 2013, ::::: فاطمة نزال=1=
تراءت له طيفا. كان كالغريق الذي تعلق بخشبة من حطام زورق على أمواج القدر الذي ساقها إليه. قرأت كلماته التي تقطر آسى ومرارة. حاولت مواساته، استفزته بتعليقاتها اللاذعة، جعلته يستيقظ من تلك النكسة التي أصابته بعد قصة حب فاشلة.
"عليك أن تتعملق في وجه مشاكلك، مثلك لا بجب أن يكون بهذا الضعف. من تركتك لا تستحق إلا النسيان. مثلك سيدي عليه أن يخرج من هذه القوقعة التي حشرت نفسك فيها طواعية تبكي حبا قد رحل".
كانت كلماتها كالصاعقة في وقعها عليه. كل من يتابع كتاباته يثني عليها ويجامله ويبكي أو (…) -
الأحـلام المـــوؤودة
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: مازن الرفاعيالنهار يودع الشمس والشارع يتحرك تحت مظلة من سحب الشتاء الداكنة الهاربة في كل اتجاه، المطر خفيف رقيق ناعم أنفاسه السريعة المتلاحقة تغسل الأرض، الإشعاعات الأخيرة من الشمس الغاربة تودع الرصيف المبتل تزحف خارجة من النافذة بعد أن وجدت لمسة من الدفء بجانب الموقد.
نظراته من النافذة تراقب عجلات العربات وهي تلتهم أرض الشارع الزلقة بنهم متجهة إلى هدف لا يدري به يلتفت إلى نفسه مخاطبا إياها قائلا: انظري إلى إطارات تلك الآليات كيف تدور متجهة إلى هدف لا تدركه ما أشبهها بأيامي، عربتي يقودها الفقر والطريق (…) -
تذكرة سفر
25 أيار (مايو) 2015, ::::: رانيا عبد العالكلما فتحتُ أشيائي القديمة، أفتش عن الخطاب الذي بعث لي به صديقي المقيم بإحدى الدول الأوروبية وما يحتويه من فرصة عمل. لقد قادتني أحلام الشباب المجنونة للهجرة التي غيرت مجرى حياتي، تركتُ كل شيء ورائي، كنت أبحث عن شيء جديد، شيء مختلف. اعتبرني الجميع محظوظا وقتها، لكني لم اكن أعرف أنني سأخسر الكثير.
عندما ذهبت وقتها إلى السفارة لأكمل الإجراءات، وجدت آلاف الشباب يصطفون جنبا إلى جنب محاولين أن يصلوا إلى تلك الفرصة التي صنعتها لي الصدفة، لهذا أعرف جيدا كيف يستطيع تجار الموت أن يبيعوا الأحلام، وكيف (…) -
فتاة لها نكهة مدينة
25 أيار (مايو) 2013, ::::: مهند فودهلم تكُن مجرد غنوة اقتحمتني ذات ليلــة. كانت تعويذة سحر أصابتني. وربما كانت إحدى إمارات القدر التي أرشدتني لقدري من الحب الذي تجسد لي في الصباح التالي.
في صباح تمرح فيه الشمس قابلتها، صبية سمراء، خصلات شعرها تتدلى على جبينها كسلاسل حريرية سوداء.
تتزين بورود الياسمين كما تتزين طرقات مدينتي في الأعياد لاستقبال مُريديها.
تتبرقش بالخُضرة وشاحاً يلتف دون إحكام حول أكتفاها. وترتدي الأبيض شراعاً يتأرجح على صفحات تنورتها النيلية وخاتم إصبعها الفيروزي.
كل ما ترتديه من زينة هو عبق من تراثنا (…) -
الطاولة
1 شباط (فبراير) 2010, ::::: هويدا سليمأكثر من عشرين عاما وها هي في مكانها، لم تتزحزح قيد أنملة ولم يتغير شكلها، غاب من غاب بسبب السفر المؤقت في بلدان العالم أو السفر النهائي من الدنيا، ولكنها هي ظلت في مكانها هكذا، وكأن قوانين الزمن لا تنطبق عليها ولا تطالها، أو كأن الزمان نسيها. ابتسم هامسا لنفسه: أو علها تعيش خارج إطار الزمن.
سرح بخواطره قليلا تذكر ليلة شراء هذه الطاولة القابعة أمامه الآن بثباتها العجيب، شعر كأن ذلك كان بالأمس وليس قبل نيف وعشرين عاما، لعن ذلك اليوم الذي امتلك فيه هذه الطاولة التي صارت جزءاً منه هي وطقم (…) -
عندما يتوحّل سروال الزهور
1 آذار (مارس) 2018, ::::: نوزاد جعدانلم أكن أدري أن كل هذا سيحدث معي، لو أني عرفتُ ذلك لانتهبت وأنا أمضي في طريقي، كان وقتاً يمزج النقيضين الحزن والفرح معاً من شيئين يحدثان بآن واحد معاً، عندما حدّقت بالبحر وهو يخلع قميصه كي تغسله السماء، أصبح ثوبه الأزرق الممزوج بالدواة ناصع البياض، أبيض جدا، حدّقت بتلك المغسلة العظيمة، التي بعد غسلها، نشرته على حبل غسيل النجوم و الذي بدوره ارتجف مراراً وغطى هذا الثوب العملاق وجهها وبدأ يهتز ويصدر صوتا مرعبا تماما كتلك الثياب التي تهتز على شرفة مظلمة، فكّرت حينها لماذا لا يطالب المطر بعملية كي (…)
-
اسمه عبد القادر
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتلم يكن مؤذن الجامع الكبير قد ختم بعد تكبيرته الثالثة لصلاة فجر الجمعة الأخيرة من حزيران، ولم يتسن لبائع الفلافل فتح أقفال بابه لتحضير أخلاط الحمص، ولا حتى النسوة تهيأن للاغتسال من آثام ليلة حب عاصفة لخميس فائت، حين تعثرت أقدام أحد العمال بجسم ضخم يسد الطريق إلى القرية.
"اللهم اجعله خيرا."
مد يده الراعشة ليجس كينونة الجسم الممدد على الاسفلت. أنه جسم طري، ولولا عدم التجانس في طراوته لأمكنه التنبؤ أنه حمولة من القطن سقطت من الشاحنات المارة إلى مصانع النسيج في المستوطنات القريبة.
مع أفول (…)