وصل هذا الصباح، مبكرا كعادته، طلب من حاجبه فنجان قهوة:
= على الرأس والعين، تكرم يا أستاذ، خمس دقائق ويكون جاهزا.
استقر الأستاذ مصطفى بالكاد على كرسيه المريح، تبعه سكرتيره:
= اتصل مكتب السيد الوزير، طلب لقاءك في الخامسة عصرا.
أشعلَ سيجارَه الفاخر، رفع عن رأسه طاقيته الصوفية الحمراء، أخرج مرآة دائرية من درج مكتبه، تأمَّل بثقة عالية وجهه الورديَّ الممتلئ وشاربيه الخشنين، أصلح ربطة عنقه، ابتسم لنفسه بخبث. تساءل في سرِّه:
= ماذا يريد السيد الوزير، هل سيعينني أخيرا معاونا له، أم سيزودني (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
رقابة
1 حزيران (يونيو) 2021, ::::: فراس ميهوب -
سألتني أُمِّي
1 كانون الأول (ديسمبر) 2020, ::::: فراس ميهوباليوم الأول
هاتفتني أمي مساءً.
سألتني، إن كنت بخير؟
كيف أكون بخير، وأنت غائبة عني، أيكون الطير هانئا، وريشه صار نتفا؟
صرت كشارع الأحلام، انطفأت قناديله في ليلة غاب فيها نور القمر.
من يذكرني بحكايات طفولتي؟
عن فأرة التهمت سكان مدينتنا، ثمَّ عادت وصفحت عنهم، فعادوا للحياة.
عن سبحات في أيدي الصالحين، انقلبت حباتها إلى عَبرات في عيون البائسين.
سألتُ أمي: لماذا يرحل من نحب مبكرا، ودائما دون وداع؟
أجابتني أمي بدمعتين وابتسامة.
لو كان الحنين قادرا على بناء جسر، لصعدت عليه، (…) -
لسعة النار
1 نيسان (أبريل) 2008, ::::: هدى الدهانأقدام تتعثر بين عجلات السيارات شتائم لسائق لم يجد من يشتمه إلاه، أبواق تمثل لحنا واحدا ليد ضجرة لرجل قلق.
صبي صغير وحيد لأرملة شابة يركض بين السيارات ليبيع علب سكائره التي يحملها بخشبة معلقة على كتفيه. كم تشبه المقصلة! يتدلى رأسه منها. الحبل الجلدي يحز رقبته وتزيده قطرات العرق ألما بملوحتها، كم يفرح حين يخف حملها لتمتلئ جيوبه مكانها قروشا ليزيحها عنه في آخر النهار بعد أن احتضنها بطوله كأنها رضيع.
باع سكائره ذهب ليبتاع مكانها أُخرى من شخص يبيعهم إياها صباحا ليوزعوها له في مواقف السيارات (…) -
رجل غني، ولكن
1 أيار (مايو) 2008, ::::: ربا الناصراسمي راجي، أو هذا ما اعتدت عليه عند مناداتي. أعيش في هذه المدينة منذ مدة طويلة حيث أملك فيها مصنعا للصناعات الغذائية، وهو مجهز بأحدث المكائن، لذا أعد أغنى رجل في المدينة، نعم أغنى رجل، فلقب الثري هذا فتح أمامي حب تدافع الناس لإلقاء تحياتهم علي في كل صباح، فالجميع هنا يحسبني أنني أسعد إنسان في الحياة، وهذا ما أقره بالفعل، لكن الأمر يشوبه القليل من العوائق المنصوبة أمامي كإنسان أملك مشاعر وإن حاول الزمان إخفاءها تحت مادياته وتلاهيه المتعددة، إلا أنني من حين إلى آخر أحاول تجديدها ونفض الغبار (…)
-
اليـوم الـراحـل عـشـر
1 آذار (مارس) 2008, ::::: مرام أمان اللهتتلاطم كموج مجنون تلك الستائر الشفافة على نافذة صغيرة في المشفى الحكومي الرئيس في المدينة. بقربها كانت تجلس. تنأى بحواسِّها عن صوت البكاء المتداخل وأسئلة الوافدين من الأقارب عن حالة شقيقتها الصغرى.
لم تراودها رغبةٌ في البكاء، فقد كان كل مبتغاها أن ينقضي الوقت بسرعة -فعودتها حتمية- لتروي لها تفاصيل عن مدى تأثر ومحبة أمها والأقارب لها. وفي سلسة التفكير المتواصلة من هنا وهناك، استحضرت تلك اللعبة، التي طالما كانت الصغرى مشغولة بها.
لطالما سرقت الأرقام والتواريخ جزءا خفيا من ذاكرتها، لم تملك (…) -
فاتحة النهايات
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: بهاء بن نوارحدّثيني الآن ماذا لديكِ؟ فارقني وجهُك منذ ساعات عشر (دهور عشرة) قابلتِ خلالها دون شكّ وجوها جديدة، وأقنعة قديمة؛ قصصا، وحكايات، وبقايا كلمات.
نمتِ خلال بعض من ساعاتها؟ لا بأس! لكنك حتما قابلت في تلك المنامات بعضا من أشباح الماضي، أو رؤى الآتي؛ بعضا من متاهات الآن.
بالحكي وحده يحيا الإنسان! حدّثيني عمّا لديكِ. وأعيدي إن كنتِ امرأة حقا، أو نثارَ آلهة بعضا من نثار ذلك اللّهب، والرّماد؛ بعضا من نثاري.
قفي حيث أنتِ أو تقدّمي. أغمضي عينيْكِ، أو أشهريهما، وأشرعي نوافذ الحلم، أو غلّقيها؛ (…) -
عاش السلام + بطاقة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: إبراهيم يوسفعاش السلام
انطلقت من حظيرة الدّواجن، تسلّقت الحائط، بلغت الطابق الثاني، وصلت إلى الشّرفة، تسللت من الشرفة إلى بيت العجوز، واختبأت في المدفأة.
العجوز تعيش بمفردها، بعد أن تزوجت حفيدتها، وتركت لها قطّا يؤنس وحدتها، ذلك أنّ زوج الحفيدة يهيم بزوجته، لكنّه لا يطيق القطط.
كانت الحفيدة تعتني بالقط، تطعمه الحليب واللحم المسلوق، وتطهو له السّمك، وأحيانا تخصّصه بالأطعمة المعلّبة، وقضامة اللحم المجفف. لم تكن حاله حال باقي القطط الزّريّة الضّالةّ في الشوارع والأزقّة، تلك الّتي لا تتردد أبدا في (…) -
الهائمة
1 آذار (مارس) 2019, ::::: زهرة يبرمحملتُ كرامتي ومضيتُ هائمة على وجهي، أهرب من جحيم يحرقني، أبحث عن بقعة سلام أضمد فيها جراحي وأستعيد فيها نفسي بعد ما خسرت قلبي وكدت أفقد عقلي.
سرت في زحام المدينة أتخبط على غير هدى لا أعرف وجهتي. كم كنت بحاجة لغريب يسمعني، يفتح لي قلبه فأحدثه عن نفسي، عن ضغوطاتي، عن همومي وأحزاني، عن هزائمي وانكساراتي، أخطائي، مخاوفي، عقدي، نقاط ضعفي التي تلازم سري، أشلائي المتناثرة وكل شيء لم أواجه به نفسي. بحاجة لغريب أبوح له بثقلي فيحمله عني ويمضي لا يفشيه لأحد.
إلى أين أيتها النفس المتعبة؟ سؤال تلعثم (…) -
شعـــاع وألــوان
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: هدى الدهانأحست ببرودة تتسرب إلى جسدها وهي تقبض على أكرة الباب كأنها تستنجد بها. ترى من التي تمسك بالأخرى وتستجديها الدفء؟ ربما هي برودة كانون أو خوفها من إقدامها على مغامرة كهذه، لكنه رجل هز كيانها كله وأسقط من عينيها دموعاً ما تخيلت يوماً أنها ستذرفها لفرحتها بلقائه. هذا الباب بينها وبين رجل كانون. لم تعهد الخشب يوما باردا هكذا كمشاعر الرجال حين يطمئنون لعشق امرأة لهم. هل قبضتها ضعيفة إلى هذا الحد فلا تقوى على فتح الباب بينهما؟ أم أن الخوف يصيب أطرافها بالخدر؟ أم أن أكرة الباب هي العصية عليها لتذكرها (…)
-
إصابة
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زكي شيرخان"أهلاً يا دكتور". قالها بوهنٍ بادٍ، ذلك الرجل ذو الوجه الشاحب والعينين الغائرتين في محجريهما، الممدد على السرير.
أومأتُ برأسي رداً على تحيته دون أن أنطق.
استدار برأسه نحو الواقف إلى يساره والذي سبقني إلى الغرفة كأنه يريد الإذن بدخولي، وقال له: "أحضر شايا أو قهوة للدكتور واتركنا وحدنا".
= لا داعي لأي شيء.
= ستحتاجها بالتأكيد.
رد، وشبح ابتسامة هازئة ارتسمت بصعوبة على شفتيه: "تفضل أجلس".
أجلستُ نفسي على طرف الكرسي القريب من ميمنة سريره. أُغلق الباب، نظر إليه وكأني به يريد أن يتأكد (…)