اليوم هو الخميس السابع من آذار، والفلاحون يتحلقون بحب حول النار في مضافة المختار، يرتفع صوت قهقهاتهم حينا وصوت جدالهم أحيانا، وسحابة (ضخمة) من الدخان معلقة في سقف المضافة، وبين ضحكة هنا وقحة هناك، ونحنحة هنا وصرخة هناك.
دخل (القطروز) ذو العينين الزرقاوين المضافة مسرعا تشعل أنفاسه الدهشة، وجلس متكورا إلى جانب أذن المختار، وشوشه فانتفض وقام من مجلسه، فساد الصمت، وحبست نظرات الفلاحين أنفاسها قلقة وجلة ترقب بحذر ما سيقوله المختار، ولم يخب ظنها فقد رفع المختار يده، وفتل شاربه، وهز عصاه، وضربها (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
النظّارة
28 آب (أغسطس) 2024, ::::: محمد السماعنة -
مفقود 67
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: مهند فوده"اقسم أنك ستعود منتصرا"، قالتها وهي تودعه على الباب. كانت هذه المرة شديدة البأس في وداعها، ورغم هذا، لم يقف طويلا أمام قوتها غير المعتادة التي أدهشته وأصر أن يعانقها على غير عادته. في عز قوتها لم يجد حرجا من أن يواجهها بضعفه ولسان حاله يسألها في سره: "أين لكِ بكل هذا البأس؟ ليتك تعطيني بعضا منه".
ولكن عناقه الصامت، الذي طال رغما عنه، ثبط سريعا من بأسها المزعوم أمامه. ففلتت دمعة خوف سريعة من إحدى مقلتيها لتستقر على الشرائط اليمنى لكتف بذلته العسكرية زيتية اللون.
أنهى عناقه لها بلمسة حانية (…) -
قصتان: سيمفونية الجراح + سيدة القصر
1 آب (أغسطس) 2010, ::::: بسام الطعانسيمفونية الجراح
النيران تندلع في خافقه، فيضع الجرح فوق الجرح، يثور كبركان هائج، يحمل لهفته، يدور في الشوارع والأزقة، ويفتش عن الغزالة التائهة، التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى سراب.
يدور حتى يتدحرج فوق صخور التعب، فيجلس تحت شجرة توت عتيقة، يناجي السماء، يذرف دموعا صامتة، ومن حزنه عليها تنحني وتبكي عليه قامات الأشجار، يمسح دموعه ويتساءل بحرقة والتياع:" هل ضاعت أم اختفت إلى الأبد؟
يعرش العذاب في جسده، فيشعر كان الزمن توقف، فلا الليل ينجلي ولا الصباح يكشر عن نوره، يبقى شاردا على خطوط التيه، (…) -
تقاطعات متباينة
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: بدر الدين عبد العزيزمشهد أول
الزمان عام 1939، والأزمة الاقتصادية تجتاح أوروبا. المكان محطة الخرطوم لسكة الحديد، والقطار متجه شمالا إلى حلفا، يتأهب للانطلاق. المحطة تبدو مكتظة بالناس يغلب عليهم المصريون والشوام والإنجليز. جميعهم يبدون خواجات إفرنجا. ثم بعض السودانيين وبعض الأحباش ببشرتهم السمراء الداكنة، يبدو على سحناتهم الإرهاق والتعب. يتحركون في احتراس كبير وهم يحملون أمتعة البيض يدخلونها قمرات عربات الدرجة الأولى التي تخص الإنجليز وبعض الرتب العليا من القادة المصريين. كما كان هناك أيضا بعض المومسات الأنيقات (…) -
وحدك من يعرف
1 آذار (مارس) 2017, ::::: طه بونيني. اسمي: جابر.
العنوان: غزّة.
الوضع الاجتماعي: محاصر.
انطلقت بنا سيّارة الأجرة من حيّ الشُّجاعية شرقَ غزّة، وراحت تبذل أقصاها لتصل إلى بيت حانون في أقرب وقت ممكن. أخذَ السائق المخضرم يغذّي دوّاسة الوقود بشكل يؤهله لإحراز وقت قياسي جديد. لعب الزمانُ والتَّكرار فيه دورا، ليبدو على هذه الهيئة. جذعُه ملتصقٌ بالمقود، وبدنه يُكابد البرد والمسافات كلّ يوم.
لقد اخترق السّائقُ الضّبابَ صباحا بنفس السرعة التي شقّ بها الريح الباردة وبِرك الماء، على طول المسافة التي قطعناها. حتّى السيّارة (…) -
مجادلة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: إيمان الشافعيالنوم هبة إلهية. لولاها لاجتاح العالم الجنون. كل ما في الكون ينام ويصحو وينام، إلا آثامنا وذكرياتنا التي لن تهدأ أبدا.
ولكنني أخشى النوم. أهاب مجرد التفكير فيه، فكلما غططت في نمو عميق استفقت مفزوعا مفتوح العينين على ذات الحلم المفجع، فقررت ألا أنام إلا غفوات قصيرات متقطعات، فلم تفلح حيلتي، وهاجمني ذات الكابوس بين يقظتي وثباتي، بشكل متقطع.
لا فرار من هذه اللعنة التي أصابتني. أكاد أفقد عقلي. كلما تحاورت معه في أحلامي، وأمليت عليه تساؤلاتي، جاءني بإجابات مخزية، وذكرني بأشياء ربما اقترفت (…) -
قلب وشمع أحمر
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: الطيب عبادلية"كذبتني وصدقتهم. أعموني. كنت أظن نفسي تزوجت برجل مثقف واع لا بمسجل، لكن يظهر ... "
"أرجوك. يكفي إهانة، والعفو من شيم الكبار."
صرخت فيه. أول مرة تصرخ في وجهه. وجه الرجل الذي أحبته بكل أنوثتها وعزتها وكبريائها. صرخت في وجه القلب. وجه قلبها الآخر. القلب الذي أتعبها طيلة هذه المدة الطويلة. قالت بتحد وشموخ:
"بل افهم أنت جيدا. عد إليهم. سوف يجدون لك امرأة تعيش على رغبتهم وتتكيف مع هواهم. أما أنا فإني دفنت في قلبي الرجل. ذلك الرجل الذي أحببت ذات مرة."
وسكتت. سكتت وهي تنظر إليه وفي نظرتها (…) -
الــغائــب
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: طه بونينيعانى إسماعيل بطالة ظالمة بداية التسعينيات. وبعد سنوات مدقعة، أتت الحلول تتوالى. فقد أسفرت بعض مسابقات التوظيف التي شارك بها، عن وظيفتين، إحداهما في مدينته، والأخرى في مؤسسة بترولية بعيدة في الصحراء الجزائرية. فاختار أكثرَهما دخلا، الثانية. بعد شهور قليلة، مكّنته وظيفته الجديدة من الزواج، ورزقه الله بعدها بـ"حبيب".
تطلّب العمل في وظيفة البترول أن تعمل شهرا وتنال شهرا إجازة، ومرّت سنوات على هذه الحال. ذات مرّة، عندما عاد إسماعيل إلى المنزل، كطير مهاجر يتفقّد عُشّه، قابله ابنه حبيب ذو الثلاث (…) -
هنا لا صوت للسّماء
1 حزيران (يونيو) 2016, ::::: شيخة حليويسيّدي القاضي، بنصل قلبي أصنعُ السجّادة.
يدي ليست سوى رسول يتقنُ فنّ البشارة، أقصد طبعا فنّ حياكة اللوحات الملوّنة.
انثر على فراغها ذاكرة لحمي الهشّ وأوقّع ذيلها بوردة من دمي. تستطيع أن تراها إذا دقّقت النظر في أسفلها الأيمن. ألم تُعرض عليكَ وهي الدافع لجريمتي كما يسمّيها مجلسك الكريم؟ وردة حمراء لا تذبل أبدا، بل تزدادُ إشراقا مع الأيّام، هي عيني التي تراقب روح الألوان.
بنصل قلبي أحرّر الخيوط الملوّنة وأترك لها ممارسة الحبّ بحريّة. أعينها فقط على المرور من ثقب فراغ. رغم وثاقها البعيد (…) -
الحقيبة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: فنار عبد الغنيلم يكن هناك صوت سوى وقع حذائها الثقيل على الرصيف المتشقق، المغمور بالمطر من كسر وحشة ذلك الصباح الرمادي، وبعثر نباح الكلاب البعيدة، ومواء القطط الجائعة المتربصة عند مدخل الميناء البحري القديم وهي تغادره كالضوء إلى حيث لا تدري.
شفتاها الزرقاوان، المرتعشتان، كانتا تتمتمان أدعية الصباح. يدها اليمنى الحادة التجاعيد، كانت تقبض على حقيبة سوداء، تمسك بها وكأنها تمسك بكف طفلة ضريرة. سلكت الطريق الفرعي المؤدي إلى موقف الباصات بأقصى سرعتها، محاولة إخفاء شيء ما، دائمة الالتفات حول نفسها، لا يرافقها (…)