كان المساء قد بدأ يطل والشمس تقصد مغربها. يجلس با أحمد حينها رفقة زوجته في فسحة المنزل البدوي البسيط وشجرة العنب متدلية ومثقلة بالعناقيد: منها من صار طعمه جاهزا للأكل ومنها من صار زبيبا بعد أن جفت عروقه وأخذت سحنته ما يكفي من التجاعيد.
سمعت الزوجة لالة رحمة طرقا خفيفا، فنادت على با أحمد الذي كان ساهيا وهو يُنصت لإذاعته بخشوع وتركيز: "وا أحمد، وتا تكلم نوض شوف شكون ساير يهرس في الباب".
نهض با أحمد وخطف عكازه الذي لا يفارقه مطلقا. اتجه مهرولا صوب الباب القصديري: "وابلاتي هاني جاي أو مالنا (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
وجع البادية
1 آذار (مارس) 2023, ::::: طارق المنيظر -
نصان: قلب أم والنسيان
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: جعفر أمانقلب أم
بعد طول صبر رزقها الله سبحانه وتعالى بطفل جميل. أفنت عمرها في إسعاده وأحاطته بكل ألوان الحب والعطف والحنان. شاهدته وهو يكبر أمامها، وتكبر معه أحلامها، بأن تراه ناجحاً في عمله ومحبوباً من أسرته ومجتمعه. سهرت الليالي تحوطه بعنايتها، وتوفر له كل حاجياته، سيما إبان طفولته وقت أن كان عاجزاً عن الاعتماد على نفسه.
كبر وأصبح شاباً يافعاً، ولا زالت تعشق الأرض التي تطؤها قدماه. وهبت نفسها لخدمته. يجد كل ما يتمناه قبل أن يطلبه أو تنبس به شفتاه. كان محور حياتها. استطعمت اللذة وهو يخطو درجات (…) -
ذات العقال
25 أيلول (سبتمبر) 2013, ::::: هدى الكنانيتفتحت ورود صباها في كنف أمها وخالتها، كونها يتيمة الأب، لذا كانتا دوما تبالغان في حمايتها ويمنعانها من ابسط حقوق من هن في مثل سنها.
لم تنس توبيخ والدتها لها حين حاولت اختزال شعرة من حاجبيها، أو تأنيب خالتها لأنها أرادت أن تلون شفتيها ذات مرة بلون الدرّاق.
ولأنها طالما قرأت الأسى في عيونهما بسبب الرجال، أسقطت الحب والزواج من حساباتها.
آخر عهدها بارتداء فستان عندما كانت طفلة. غالبا ما كانت تتسلحّ حين مغادرتها المنزل بملابس اقرب للصبية منها للصبايا: سروال الجينز وتي شيرت، وتحصّن نفسها (…) -
عصر الكومبيوتر
1 تموز (يوليو) 2006, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصقبل عقدين من الزمن شاهدت رسما كاريكاتيريا في مجلة للمهندسين. جهاز كومبيوتر ضخم يطبع، والأوراق متكومة قربه. الموظفون جالسون في المكتب على مقربة من الحاسوب. بعضهم يدخن الأرجيلة (الشيشة)، وبعض آخر يلعب طاولة الزهر (النرد). التعليق المصاحب للرسم كان: "عصر الكومبيوتر." والسخرية الواضحة في الكاريكاتير أن عصر الكومبيوتر لم يغير شيئا في طباع البشر، على الأقل في أماكن العمل.
طبعا تطورت أجهزة الكومبيوتر كثيرا منذ عشرين سنة، ودخلت في الكثير من الأعمال، ويصعب الآن تصور أعمال لا يستخدم فيها الكومبيوتر، (…) -
المعجزة
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: سعد المصراتي مؤمن"تعرض لإصابة ستفقده النطق." هذه العبارة قيلت بالأوكرانية وترجمها الطبيب المصري إلى العربية وسمعها أقاربه. كانوا عند رأسه في حجرة العناية البشرية، لكن أحدهما أسر أنه في يد العناية الإلهية. وجهر أحدهما بقوله: "ليتهم يعطوننا النتيجة النهائية لنحمله إلى تونس أو إلى جمهورية مصر العربية."
كل ذلك حدث وهو يسمعه ولا يستطيع الرد عليه، لكنه غير ممنوع من التخيل والتصور والتفكير فيما حدث. كان كعادته في شهر رمضان وقبل المغرب وبعد تلاوة بعض آيات من القرآن الكريم ينتظر صوت الأذان لإكمال صوم يومه. عندها (…) -
براء
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: زكي شيرخانأخذتُ أقلبُ المظروف وأتطلع إلى الخط الذي كتب به اسمي وعنواني. تطلعت إلى الطابع الملصق عليه. من بريطانيا؟ من تراه يعرفني ويعرف عنواني ليبعث لي برسالة؟ الدهشة غلبتني إلى حد أني لم أميّز الخط الذي طالما أُعجبت به وأحببته. خط مميز بتناسق حروفه، ووضوحه.
خفق قلبي بشدة ما أن تذكرت صاحب الخط. أيعقل؟ بعد كل هذه السنوات العجاف؟ ارتعاش يدي منعني من فضها رغم لهفتي المتزايدة لقراءة ما تحويه.
وضعت الرسالة على منضدة صغيرة تتوسط مطبخي، وجلست على كرسي، محتضنة رأسي بكفي، ومسندة كوعي على حافة المنضدة وأنا (…) -
حلم خلف القضبان
1 أيلول (سبتمبر) 2006, ::::: جعفر أمانخرج من سجنه ذي القضبان الحديدية إلى سجنه الأكبر داخل مجتمعه. صارع ذاته وهو مقيّد، أملاً في ترجيح كفة الخير لديه. خطأُ لا مقصود ذلك الذي رماه خلف القضبان. رسم صورا جميلة في مخيلته التي نضبت، صوراً لاستقبال أسرته وأصدقائه له. ردد بينه وبين نفسه: "إنني مشتاق للجميع. أملي أن يتفهموا أن هذه صفحة من حياتي قد طويت، وخطأ تعلمت منه." قلبه سبق خطواته وهو يهم بمغادرة السجن فرحاً بلقاء الأحبة. وقبل أن يبتعد، استدار مخاطباً ذلك المبنى: "وداعاً."
تبخرت أحلامه بحياة سعيدة، وأجهضت فرحته في مهدها بعد أن (…) -
دخل مهاجما وخرج مدافعا
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: هدى الكنانيتناول ماجد عدة كؤوس من الخمر علّه يطفئ نار تلك الخديعة التي أوقعه بها غيث، لكنها ازدادت استعارا مع كل كأس صبه في جوفه، فأنّى له نسيان ذلك المشهد وهو يرى سيارته تقطَر أمامه حين أبى محركها الدوران بعد خروجهما من ذلك النادي الليلي الذي اعتاد هو وغيث السهر فيه.
اتصل غيث بصديقه الميكانيكي ليقطرها على امل أن يرجعها في الصباح التالي أو الذي بعده. لكن مر شهر ولم يرَ ماجد أثرا لسيارته أو لغيث الذي لولا علمه أن الأرض تأنف من أن تستسيغ أمثاله، لقال إن الأرض قد ابتلعته، فقرر أن يزور بيته في وقت متأخر (…) -
عنق الزجاجة
30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024, ::::: زكي شيرخانجرت العادة أن يجتمع أفراد العائلة ضحى أول أيام كل عيد في منزل الوالد. الأولاد المتزوجون مع زوجاتهم وأبنائهم. البنات المتزوجات مع أزواجهن وأبنائهن. كنت الأصغر من بين الأشقاء والشقيقات والأوحد بينهم الذي لم يتزوج. كنت أعيش مع والديّ وحدي في الدار. لم أكن أحب العيد، ليس لأني لا أحب أن ألتقي بأفراد العائلة، بقدر ما كنت أنزعج من ضجيج العدد الكبير من الأطفال الذين يجتمعون. كانوا وبموافقة والدي يستبيحون الدار كلها. يحتلونها، عدا القبو حيث مكان خلوته، وبه كتبه، نفائسه، أوراقه، أقلامه، (…)
-
أقفال تفتح القلوب
25 أيلول (سبتمبر) 2014, ::::: مهند فودهوقد عقدت النية حال زيارتي باريس أن أزور جسر العشاق، وان اشتري قفلا وأعلقه بسور الجسر، لربما تصيبه العدوى من أقفال تجاوره، وينقل عدوى الحب إلى قلبي بالتبعية، فأزوره مرة ثانية لأضيف اسما في المكان الخالي بجوار القلب المرسوم جار اسمي.
وأتيحت لي في تموز الماضي لأول مرة زيارة باريس، وصعدت على جسر العشاق بقلب خالٍ، حاملا في يدي اليمنى قفلا، وفي يدي اليسرى أملا كبيرا. لكن سرعان ما خاب أملي حينما هالني الكم الهائل من الأقفال المتنوعة في الأحجام والأشكال والألوان والمعلقة بأسواره، والمُدون عليها (…)