المركز الأمني، أو (المخفر) كما تسميه غالبية الناس، كان بالنسبة له وكما سمع من الجميع عبارة عن غرف سوداء لا يهز جدرانها سوى صفعات متتالية على الوجوه الباكية ولكمات لا تنتهي على الأفواه المتوسلة. تذكر وهو في طريقه إلى هناك، حيث شاءت الصدف أن يقع على مقربه من سكنه الجديد، المرة الأولى والوحيدة التي دخل بها إلى ذلك المكان الموحش مع والده منذ كان طفلا، أي قبل ما يقارب الثلاثين عاما. كان ذلك عندما قرر الوالد وباسم جميع سكان البناية اللجوء إلى سلطة الأمن لمنع أحد الجيران من إزعاجه وجميع المستأجرين (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
موقف عادي جدا
1 آب (أغسطس) 2010, ::::: خالد سامح -
تـــيـــــزران (*)
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: محمد أهواريتيزران. سلطان الأرض، عاشق السماء. عند كل بياض يصحو من سكراته القاهرة لكل حلم، وعند كل بياض تسكن رأسه الحكمة وهو يشتعل ثلجا. يفتر السيل، يستقر الجريان، وتركن السواقي المتدفقة، تتجمد، تخرس، وتنحصر في صورة واحدة.
فاتنة الروم.
فاتنة الروم كانت هنا.
أين هي فاتنة الروم؟
أشياء كثيرة، عابرة، يفضي بها نهر الزمن إلى أشلاء ذاكرة. جثث عشق غابر، ونقوش باهتة تحتفظ بحكاية حب مستحيل وحروب طاحنة. وفاتنة الروم. امرأة من شجرة الحسن، اختارت قلب تيزران رمسا لها، ومعبدا تقصده أمواج من السحب العاصية. ترقد (…) -
عشانا عليك يا رب
24 آب (أغسطس) 2013, ::::: ضياء الشرقاوي"هي الحياة إيه غير قعدة حلوة وراحة بال".
عم سعيد رجل مضغ الزمان عافيته، استباح الشيب شعيرات رأسه، نحيف البدن ممتلئ بالحنان، طويل القامة قصير الأمل، ضعيف القلب، قوي الإيمان.
جلس كعادته على صفحة النيل بعد الغروب، أدار مشغّل المذياع الصغير بجواره فصعد صوت المغني: "أنسى الدنيا وريح بالك".
اخرج من حقيبته الطُعم وعلقه بخطاف صغير في طرف الصنارة ليغرر به الأسماك.
رمى مستعيناً بالله أن يرزقه سمكة تسد جوعه. حدث قطته ليسري عن نفسه:
"هي الحياة إيه غير قعدة حلوة وراحة بال".
لكن سرعان ما تبدل (…) -
حتى في الحلم
1 حزيران (يونيو) 2008, ::::: جعفر أماناستيقظ منزعجا، مضطربا، لاهثا. ظل لدقائق مستلقيا على سريره يستجدي الهدوء. تلفت يمنة ويسرة، حتى تأكد أن ما حدث كان حلما وليس حقيقة.
استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، شرب كأسا من الماء وكأنه يريد أن يروي به ظمأ روحه لا عروقه.
عاد لسريره، حاول أن ينام لكن الحلم قفز أمامه، وها هو يجلس أمام والدته والتي يسعى بكل ما أوتي من قوة لإسعادها وكسب رضاها. فقد كان يزورها يوميا، يتزود من حبها وحنانها لمواجهة صعاب الحياة وأزماتها.
ذلك المساء، كانت والدته تحدثه في موضوع لا يحبذه، شيئا فشيئا وصل به الضيق (…) -
قطف العنب
1 أيلول (سبتمبر) 2018, ::::: نازك ضمرةدجاجة تحاول أن تظفر بحبة عنب. تتقدم قليلا قليلا لتنقر حبة عنب في غفلة من الأربعة، أو لعل أحدهم يلقي بحبة تالفة لها، أو يعطف عليها.
قطة نحيفة تموء وهي ترى أعين الحاضرين مركزة نحو قطف العنب، وترى الأيدي صاعدة نازلة بين قطف العنب والأفواه، تقترب بدافع الجوع والحرمان، ظانة أنه دسم أو قطعة دهن زائدة من أحدهم أو قربه.
تكتشف القطة أن مثل ذلك الطعام لا يدخل في مجال طعامها. تتوقف متجمدة محتارة. تنظر للوراء خائفة، وبعفوية تمد قائمتها الأمامية إلى فمها تمسحه.
لولا تنبيهات أمك والتشديد عليك وعلى (…) -
أحاديث منتصف الشوق
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: راضية عشيكآبتي هذه تثير إلهام الكتابة بداخلي، مرت فترة طويلة جدا لم أهجوك وها أنا كالطفلة مجددا ولأول مرة أرفع قلمي لأقتُل روتين ذاكرتي بك.
منبه قديم يوقظ أهلي، صوت التلفاز، القناة الأرضية وبحة عبدو درياسة (*) لا يزال يردد: "صباح الخير يا بلادي". صباح الخير إذن. صباحُ أكوام من الأحلام المبعثرة، وحبل غسيلٍ تنشر فيه أمنيات الطفلة البريئة، مسودات الأيام الخوالي وضوء خافت كلحظة حب مترفة، ستائر الغياب حول نافذتي.
كل شيء ساذج وكل صباح مشابه لما قبله وبعده، لذلك قررت أن أكتب. سأكتبُ دون أن انتظركَ (…) -
حـلــم أخــي
25 شباط (فبراير) 2012, ::::: علاء شاكرحلم أخـي (*)
بعد أن خبأ رواية "الشيخ والبحر" لهمنغواي مساء ذلك الخميس أسفل الوسادة. كانت العائلة أكملت سهرتها على فلم "نحن لا نزرع الشوك". انطفأ الضوء وتوزعوا الغرفة الواحدة نائمين في خطوط متقاطعة مثل عيدان كبريت مشبوكة على الأرض كان وقتها عاكفا تحت مساحة ضوء المصباح الكابي الشحيح في باحة البيت والتقاطات حواسه على عالم لا يرغب أن يفيق منه ويطلع النهار. والشمس مثل كل صباح تملأ ساحة البيت. تحت ظل شجرة التوت الأحمر. العائلة تفطر بالجبن الأبيض والشاي بالنعناع والديك الهندي أعلن عن النهار (…) -
قصص قصيرة
25 أيار (مايو) 2013, ::::: أمين دراوشةثكافة
قبيل انتهاء الدوام بدقائق معدودة، جاء الخبر الصاعق الماحق، فقد نادى المنادي إلى اجتماع طارق. تنفست الحيوانات العادية بعمق، وعبرت عن ارتياحها شاهق. الاجتماع كان لأصحاب الشأن، من الثعلب إلى الدب. عددهم سبعون أو ثمانون أو تسعون، لا يعلم عددهم إلا البارئ.
دخل، جال ببصره الثاقب، أنحاء الغرفة، بضعة كراسي فارغة. امتعض، قطب حاجبيه، مال على مدير ديوانه. التقط المغزى.
الذئب يحاضر في مؤتمر للسياحة في دبي، والثعلب ينافق حول مكافحة الإرهاب في هولندا، وبدر البدور "اللبؤة الحليبية" مع الشبيبة (…) -
وأفل القمر
26 أيلول (سبتمبر) 2011, ::::: رامي حسينإنه الحب بكل ما يعنيه من معنى: سعادة، حنان، عاطفة. ذاك الدفء الذي يحل على ليالي الشتاء الباردة، جرح، حزن، ألم. نعم إنه الحب، يبدو كطفل بريء لكن سرعان ما ينقلب إلى كائن متوحش عندما يصطدم بواقع المجتمع.
كان يوما من أيام الشتاء الجميل البارد. تتجمع قطرات الندى العليل على شبابيك البيوت القديمة لتشكل لوحة فنية صاخبة بمعاني التفاؤل. لكن سرعان ما تهب الرياح القادمة من شمال الحي مزيلة جميع هذه المعاني.
نظرت إلي بنظرات مضطربة ملأها الخوف والحيرة والنظر إلى مستقبل مخيف فيه الفراق والألم والمعاناة. (…) -
مركب الصغير
1 أيار (مايو) 2009, ::::: فنار عبد الغنيأشعّت عينا الصغير حين فرغ من صنع مركبه الجديد. طرق عليه عدة طرقات قبل أن يعانقه بفرح ثم رفعه فوق رأسه، وأخذ يمشي مزهوا بنفسه رافعا كتفيه كقائد في طريقه لاستلام جائزة. بعد ذلك أطلق صرخات ملأت البيت. شعر أنّه قلبَ رأس العالم. وفيما هو يدور حول نفسه مردِّدا بعض العبارات التي يسمعها تتردد على ألسنة أبطال ونجوم الملاعب، قطعت فرحته خواطر غريبة: ماذا لو غرق هذا المركب أيضا كالمراكب الورقية؟
صمت كل عالمه وتوقف عن الدوران. لم يعِ ما يفعل. غير أنّه قرّب مركبه إلى صدره ثم أسرع دون خوف ملقيا به في (…)