جعفر أمان - السعودية
حتى في الحلم
استيقظ منزعجا، مضطربا، لاهثا. ظل لدقائق مستلقيا على سريره يستجدي الهدوء. تلفت يمنة ويسرة، حتى تأكد أن ما حدث كان حلما وليس حقيقة.
استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، شرب كأسا من الماء وكأنه يريد أن يروي به ظمأ روحه لا عروقه.
عاد لسريره، حاول أن ينام لكن الحلم قفز أمامه، وها هو يجلس أمام والدته والتي يسعى بكل ما أوتي من قوة لإسعادها وكسب رضاها. فقد كان يزورها يوميا، يتزود من حبها وحنانها لمواجهة صعاب الحياة وأزماتها.
ذلك المساء، كانت والدته تحدثه في موضوع لا يحبذه، شيئا فشيئا وصل به الضيق إلى مداه، وفجأة دون وعي علا صوته على صوتها، فتوقفت عن الحديث إرضاء له.
وفي لحظة تأمل هب فزعا وخاطب نفسه معنفا لائما:
"ماذا فعلت؟ كيف تتجرأ وترفع صوتك في وجه أمك؟ ألا تستحي؟"
أحس بقلبه يكاد يغادر صدره، دقات قلبه تتسارع ويعلو صوتها، روحه بلغت التراقي، انتفض كل جسمه. استيقظ ويده اليمنى قابضة على رقبته، وكأنه يمسك روحه حتى لا تفارق جسده.
حاول أن ينام، لكن النوم جافاه. انتظر حتى أشرق الصباح، توجه على الفور إلى والدته، سألته بلهفة وارتباك:
"ما بك؟ أتيت مبكرا. هل حدث شيء؟ هل حدث لكم مكروه؟ لم أتعود لقاءك صباحا أيام عملك."
"هل أنت راضية عني يا أمي؟" هكذا أجابها.
"كل الرضا يا بني. ولماذا هذا السؤال؟"
"لا شيء، حلمت البارحة أني تجرأت ورفعت صوتي فوق صوتك ونحن نتحدث معا."
سقطت دمعة رحمة ساخنة من عينيها، وقالت:
"حتى في حلمك تخاف أن تجرحني أو تخطئ في حقي، بارك الله فيك يا بني ووفقك لكل خير."
قبّل يدي والدته وطلب دعاءها، ثم غادر متجها لمقر عمله، مطمئن القلب، مرتاح البال، صافي النفس.
◄ جعفر أمان
▼ موضوعاتي