القصة الأولى: يوم خمسة يوليو
دفقة الحب المفاجئة دفعته إلى نصحها: "لا تقربي هذا المكان في اليوم الخامس من يوليو."
رمقته بود، وابتسمت قائلة: "صاحبة المكان قالت لي نفس الكلام، لكن كيف علمت بهذا الخبر؟"
"من أحدهم. جاءني بالأمس ليخيط سروالا قطنيا تحسبا للشتاء القادم. جلس قبالتي وأنا منهمك في العمل. لفتت يدي اليمنى انتباهه، فاستفسر عنها، فقلت: فقدت أصابعي دفاعا عن حبيبتي."
قال بتيقظ واهتمام كبير وبعينين بارزتين: "كيف؟"
أجبته: "هجمت علينا عصابة في خلوتنا، فأخذت رفيقة صاحبي دون مقاومة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
قصتان: يوم خمسة يوليو ورحلة
1 شباط (فبراير) 2007, ::::: عبد القادر حميدة -
طيف
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: محسن الغالبيمدينة يصعب كرهها؛ ويصعب حبها.
شعوران كانا يتلاقفاني إذ أمر مرور الغريب في شوارعها. يجذبني إليها الحنين، ويبعدني عنها التعب. أحببت فيها ما لا يمكن حبه، ولم أكره فيها سوى عجزي وخرس عقد لساني عن البوح بمكنون صدري.
كنت أمشي أطوي المسافات باحثا عما يصالحني بها. سألت كل الأحجار التي صادفتها في طريقي، سمعت نشيجها ولكن دونما رد.
دخلت ميادينها باحثا عن الحلاج[1]. وجدته مصلوبا أحيا من الأحياء، تعبر وجهه مسحة ما. سألته، قال لا شيء سوى الضجر، واردف قائلا : أعلم عم تبحث، ولكن ستمضي إلى سبيلك، وكما (…) -
السد
1 آذار (مارس) 2007, ::::: محمد العصفوريالزمان: الثالثة قبل الفجر.
المكان: لا أدري ولا أستطيع أن أحدد بالضبط أين كنا.
فجأة، وسط سكون الليل، انبعثت طرقات مزعجة من ناحية الباب كانت أشبه بطلقات مدفع مكتوم.
قام أبي وقد أكلته الدهشة بفتح الباب فتحة صغيرة. دفعوه حتى فتح على مصراعيه. انتشروا في أرجاء البيت في أقل من لحظة.
أصابني الذعر. هرولت إلى داخل حجرتي. ربتت أمي على ظهري. أسرعتْ بارتداء ملابس أخرى فوق التي كانت ترتديها. سكنت في ركن.
بعد دقائق تحول البيت إلى ثكنة عسكرية. انقلب كيانه. استأذن الضابط-بدا لي مهذباً-في الدخول إلى (…) -
فراشة الصنوبر
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: منجي العيساويعبرت سلمى غابات الصنوبر الخضراء ورائحة الإكليل والزعتر تملأ رئتيها. حثت الخطى مزهوة بدفتر الأعداد منتشية بتفوقها. سارت في المسارب الضيقة بين الأشجار والصخور الملساء. اغتسلت من ماء العين المنحدر من أعلى الجبل. رفعت رأسها إلى أعلى. نظرت إلى قمة شجرة الصنوبر المقابلة. رأت سرب الفراش في الموعد. نطت البنت فوق حجر الطريق الأملس الذي خبرته منذ سنين فتبعها محلقا فوق رأسها الصغير كما ألف منذ زمن.
أطلت بوجهها الغض وقد تصبب عرقا على أفراد أسرتها تزفهم بشرى نجاحها الباهر والأمل الحالم يغمرها ممنية (…) -
الـبـســطـار
1 تموز (يوليو) 2006, ::::: ربى عنبتاويقبل أن يغادر عتبة بيتي كان ملمعا ونظيفا. كانت فيه تشققات تجارب طرقاتنا الوعرة، ومع ذلك فقد حافظ على مستواه المعقول من القدرة على التحمل، وأثبت جدارته مئة مرة وهو يتحمل الأطيان والغبار وأبخرة العوادم. وهناك حيث تتساوى الأحذية كما تتساوى الأجساد، وتتحد النظرات صوب الأسفل، كان بسطاري يسير وسط عالم مليء بالأحذية الناعمة والخشنة، المحلية والإيطالية، الرياضية والرسمية. كان يسير بينهم جريئا مندفعا وعلى يمناه ويسراه أحذية وعجلات سيارات وصخور وقاذورات الاستهلاك البشري .
كان الجو ماطرا، والأرض وحلة، (…) -
في العدل والظلم: "لست مذنبة"
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: عبد الهادي شلاأمام المنصة التي يعتليها القاضي ومستشاروه، وعلى مسمع ومرأى الحضور الذين اكتظت بهم القاعة صرخت، وسألت:
"سيدي القاضي، أيهما أقوى: الظلم أم العدل؟"
أجابها القاضي: "العدل، فهو يغلب الظلم وإن تأخر، أو ما تحقق في حينه."
"سيدي، وأيهما أقوى: العدل أم القانون؟"
"العدل أيضا، فالقانون يد العدل التي يتحقق بقوته ويسطع."
"ولكنّ القانون فيه ثغرات."
"نعم، ولكنها لا تطغى على القانون."
"وفيه استثناءات."
"نعم، لتدعم الحق الذي وجد القانون من أجله."
"وهل الاستثناء أقوى من القانون؟"
"أبدا، (…) -
قصة وهم
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: محسن الغالبيمثل حالم تسمرّت وسط الساحة الصغيرة أتأمل اختفاء قرص الشمس خلف مبنى شاهق ينتصب مثل غول. بل مثل ضائع بين الجموع – ولا احد، وتائه بين سنوات مبعثرة هنا وهناك، أتحول أحيانا إلى صعلوك وانا في قعر داري، وغريب برغم كل الوجوه التي أعرفها وتعرفني – ولا أحد.
مذهلة أنت أيتها الشمس، حتى في غروبك ما من منافس، والغول الذي أراد حجبك أستحال إلى مساحة مظلمة وسط المشهد. وسط غفوتي تلك شعرت بنسيم هادئ رقيق عذب يداعب وجهي، وموسيقى حالمة برقّة ألحان زامفير (1)، أو أعمق حلما.
شيء ما يمسّد طرف وجهي، قليل من (…) -
وجع المكان
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: زهرة يبرمما أن ضغطت على جرس الباب الخشبي الضخم العتيق حتى هرول لفتحه واستقبالي ثلاثة صبية بكل ما يحملون من براءة الطفولة ومن كنوزها المخبوءة فيهم. فتحت ذراعي على مصراعيهما، انحنيت قليلا وأخذتهم ثلاثتهم في حضن واحد وأمعنت فيهم تقبيلا بكل ما يكنه لهم قلبي من حب وشغف. إنهم أبناء أخي أحمد.
دون شعور مني ولا تفكير قادتني قدماي إلى الطابق الأول. توقفت حيثما أراد لاشعوري أمام غرفة بعينها. أدرت المفتاح الساكن في ثقب بابها. لفحتني رائحة الرطوبة وأنا أخطو أولى خطواتي داخلها. أسرعت إلى النافذة المقابلة لعين (…) -
العرق دسّاس
21 آذار (مارس) 2016, ::::: طه بونينيكنتُ في مزاج لا يشجعّني على لعب دور البطل، كما أحببتُ دائما أن أكون، فقد تخيّلت نفسي رجلا خارقا، منذ سنّي المبكّرة وحتّى ودّعتُ سنوات المراهقة. ثمّ أدركتُ أنّها أوهام شاركني إيّاها الملايين من البشر، الذين تخيّلوا أنفسهم مركز العالم، والشخصية التي تدور حولها أحداث الكون. وتكسّرت بقايا أوهامي الأخيرة عند عتبات الجامعة، عندما عانقتني البطالة بملء حضنها، وقابلتُ الخيبة وجها لوجه وبدون وساطة.
في مساء يوم كغيره من الأيّام المتشابهة، ركبتُ سيّارة أجرة، ميمّما وجهي صوب الملعب، لطرد ما أمكن من (…) -
وحش جميل الجائع
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: نوشين الكيلانيلا شيء في الدنيا يستحق الألم أو حتى الانكسار أكثر من الفقد. فقدنا الكثير الكثير وما زلنا نفقد، وكلما تقدم بنا العمر تلاشت تدريجيا الأشياء ذات القيمة في نفوسنا، في حاضرنا وماضينا، في ذاكرتنا وفي طيات النسيان. نتألم كأطفال فقدوا متعة اللعب ونبكي بحرقة لدرجة الابتسام.
نبدأ مئات البدايات بعد آلاف الآلاف من النهايات وكل مرة نحاول أن نجمع شتات أنفسنا. لكن في الحقيقة لا نجمع سوى ما فقد غيرنا فينا.
وكعادتنا الفطرية البريئة نعتقد أننا نتحكم بما يجري حولنا، وأن لنا حق اتخاذ القرار، ونغفل حقيقة تلك (…)