فواصلْ
في الحياةِ التي نعرفْ لحظاتٌ قد يُصادفُ أنْ يمرُّ بها بعضنا. وفي الحياةِ الّتي لا نعرفْ، أشياءٌ سنقرأ عنها ذات يومْ.
مشروعُ رجلْ
أتشعرُ أنّك مرهقٌ جداً يا فتى؟ متعبٌ من كلّ شيءٍ، وساخطٌ على كلّ شيءْ، تبدُو لِي كذلك، وعيناكَ الضيّقتانِ، تزيدانِ من حدّتكْ، كلّما اكتملتْ تلكَ العقدةُ الّتي تعلُو وجهكْ.
اهدأ، فأنا أستطيعُ أنْ أتفهّم غضبكْ ونقمتكَ على الحياةِ كلّها، وأنتَ تجلسُ كلّ صّباحٍ في هذهِ الزاويةِ المعتمةِ منْ هذا الكوكبِ المقفرِ، تنتظرُ منْ يمرُّ من هُنا راغباً في مسحِ (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
نصوص قصيرة
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, ::::: غانية الوناس -
الصلاة الأخيرة
1 آذار (مارس), ::::: إيناس ثابتوقف أمامي كاللص هزيلا شاحبا مخيفا كمسخ رهيب ينتظر الفريسة. شعره مجعد، عيناه جاحظتان وفمه الأبخر شديد الاتساع. أما شفته السفلى فتتدلى حتى تكاد تبلغ منتصف الذقن. لبشرته سُمرة داكنة وعلى خده الأيسر أثر جرح قديم. مسافة قصيرة تفصل بيني وبينه، وستائر الغرفة القاتمة المسدلة عند الغروب أشاعت العتمة، وأضفتْ على المكان خوفاً وخشية.
كان يقف وحيدا في منزلي ينتظر عودتي من العاصمة، حيث أعمل صحافية وناشطة اجتماعية معروفة في الوسط المحيط. سمعتُ فيما مضى عنه وعن دمامته الشديدة، من خلال قصة قديمة روتها لي (…) -
إيناس
1 حزيران (يونيو) 2018, ::::: فنار عبد الغنيكل شيء بدا في ظاهره غريبا. دأبها المفاجئ على زيارتي بشكل غير متوقع، حضورها الغامض في أوقات أكثر غموضا، هيئتها المثيرة للريبة. كل ذلك حدث أثناء فترة بالكاد كنت أذكرها فيها. ظلت تأتيني على غير عهدي بها: الوجه الملائكي البديع الذي لا تفارقه الابتسامة الواسعة التلقائية؛ ابتسامة تعاند النكبة بكل أبعادها؛ ابتسامة تصر على البقاء؛ العينان واسعتا المدى حيث تستلقي بداخلهما حدائق النعنع الجليلي؛ الخدان النضران؛ الضحكة التي تفوق أناشيد النصر الذي نحلم به ليل نهار؛ نظراتها التي تغدق على عالم اللاجئين حبا (…)
-
أفراح قصيرة
1 آذار (مارس), ::::: تسنيم حسنأنا رهف من شمال غزة، اليوم علينا المغادرة نحو الجنوب؛ بالأمس تم تدمير منزلنا إثر سقوط صاروخ عليه.
بتنا ليلتنا بين الأبنية المدمرة والدخان وصوت البكاء والقذائف المنهمرة من كل مكان. في الصباح بدأت رحلتنا نحو الجنوب احتضنني أبي وقبلني وأوصى أمي بي وبجدي وجدتي.
كان الجميع يبكي بحرقة وألم وكنت خائفة فتعلقت برقبة أبي ولم أرد النزول من بين ذراعيه، أخبرني أنه عليّ الذهاب مع أمي؛ قلت: احملني لا أريد المشي،
أجابني أنه لا يمكنه الذهاب معنا، "على الرجال أن تموت مرفوعة الرأس".
لم أفهم ماذا قال (…) -
هو وصباح وجاسم
1 آذار (مارس), ::::: زكي شيرخانكيف يمكن لمن تدلى من سقف لأكثر من ساعتين، مربوطاً من رجليه ومقيد اليدين خلف ظهره أن يتذكر من بين آلاف الوجوه التي انطبعت في ذاكرته عبر مراحل حياته المتعددة هذه العاهرة التي لا يتذكر كم من السنوات مضت على لقائه بها لساعات معدودة هي ما تستغرقه الرحلة بين بغداد والبصرة؟
هوت، مُختارة من دون كل المقاعد، المعقد المجاور لمجلسه. لم تكن بحاجة للتأفف كي تعلن عن وجودها إلى جانبه، فما فاح من عطرها أدى المهمة بنجاح. حياؤه الذي لازمه منذ طفولته منعه وكالعادة من أن يستدير نحوها. تحيتها التي ألقتها عليه (…) -
البحث عن شقة 2: شقق المهندس لطفي
1 آذار (مارس), ::::: فنار عبد الغنيلطفي مهندس معماري ينتمي لعائلة عريقة. إنجازاته الهندسية صروح في عالم الفن المعماري. كان يتعمد بناء مباني فريدة في تصميمها وفي جمالها المبهر. في الواقع، إنجازاته تعكس روحه المتوقدة وذوقه اللامع وانتمائه الطبقي بكل أبعاده النفسية والتربوية والثقافية والاجتماعية.
استقبلنا المهندس لطفي وهو رجل تجاوز العقد السابع من العمر بكل مودة. وكان قد حضر على الموعد عند مدخل إحدى مبانيه الذائعة الصيت في ذوقها وأصالتها الفنية. كان مدخل المبنى من الرخام الصقيل الذي يجعل الأضواء تنعكس في كل نواحيه. المبنى رغم (…) -
في الطريق الى مرسيليا
1 آذار (مارس) 2021, ::::: مرام أمان اللهكما تعرّت الاشجار من أوراقِ أيلول، تعرّتْ هيَ من أحلامها واغتسلتْ بماء الحرية. حزمتْ ما تبقّى لها من قوّةٍ وترَكَتْ خلْفَهَا كُلَّ شيءٍ ورَحَلَتْ. أخذَتْ تبحثُ عن قطارٍ يحملُها بعيداً إلى حيثُ شاء، لا حيثُ تشاء. لمْ يكُنْ رحيلُها سهلاً أو حتى مُمكِناً، فقدْ احترقتْ أجنحتُها من قسوةِ الأيّام، لكنّها ما انفكّتْ تريدُ ما تَبَقّى من حياةٍ حتى ولو كانت "مجهولاً بحتاً".
وصلَ القطارُ أخيراً. دخلتْهُ بِخِفّةٍ لا كغيرها من المسافرين، فلا حقاىٔبَ لديها سوى ذلك الصندوق الثقيل الذي تحملُهُ في (…) -
أبحث عنك
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: محمد التميميمكان كبير وأناسٌ كُـثر، وأنا وحدي أبحث عنها. عينايَ شحيحتا النظر لا تساعداني على ذلك، ونظاراتي السمكية لا تخترق الجدران ولا تُبصر لمسافاتٍ شاسعة كما في أفلام هوليود.
تعبت عينايَ من التأمل في وجوه الناس، أغمضتهما! فقد بصرتُ بما يكفي لهذا اليوم واتّبعت قلبي فهو الأدرى بمكانها والأعلم بحالها.
أما هي فقد استمتعت بمشاكستي و"أنا أبحث عنها بكل جنوني"، وأرهقت قلبي بلعبة "حامي، بارد"، ولا أجد منها سوى صوت ضحكاتها الطفولية كلما تعثرتُ في الوصولِ إليها.
أجلس غارقاً في جسدي، والعقل يناشد القلب (…) -
بین سیف نیرون وعیني جوستينا
1 آذار (مارس), ::::: فراس ميهوبغرقتَ من جدید في بحر ذاكرتك القریبة جدا، انتبھتَ أخیرا إلى جوستینا، ھذه الجمیلة.
كانت فعلا أجمل مما توھمتَ، وكعادتك ترى التفاصیل متكوّرة في حضن النظرة العامة. وكنتَ قد أھملتَ أي اھتمام مفرط بأي إنسان ولو كان أنثى بھذا الحُسنِ، لكن تجاھل جوستینا كان ممكنا لأعمى أو أطرش فقط، فقدرتْ بعد أیام قلیلة على أن تأسر منك العین والأذن.
نظراتھا وھي تحدق في داخل عینیك، وترمي في وجھك المتعب كل ھذا التحدي القاھر، إن كنتَ قادرا على الإفلات فافعل.
جریئة بتلقائیة، دون أن تواري خجلا عمیقا یطفو إلى السطح (…) -
أذكى حيوان
25 آذار (مارس) 2015, ::::: طه بونينياشترى حامد تذكرة القطار الذي لن يصل قبل الساعة العاشرة صباحا، وكانت حينها التاسعة، فاغتنم الفرصة لزيارة الحلّاق ليحلق رأسه، وهكذا لا يضيّع الوقت في الانتظار.
قصد حامد محلّ الحلّاق نشطا فرحا يفكّر في رحلته التي تأخذه إلى عمله المستقبلي. بعد نصف ساعة من السفر على متن القطار، من المفروض أن يكون في محطّته المنشودة. وبعد عشر دقائق من السير، يصل إلى الشركة، أي قبل الموعد بعشرين دقيقة. وهكذا يثبت مدى التزامه وانضباطه، فضبط المواعيد معيار للإحساس بالمسؤولية.
وعندما يصل يعلم المسؤولين بقدومه. (…)