محمد محمود التميمي - الأردن
أبحث عنك
مكان كبير وأناسٌ كُـثر، وأنا وحدي أبحث عنها. عينايَ شحيحتا النظر لا تساعداني على ذلك، ونظاراتي السمكية لا تخترق الجدران ولا تُبصر لمسافاتٍ شاسعة كما في أفلام هوليود.
تعبت عينايَ من التأمل في وجوه الناس، أغمضتهما! فقد بصرتُ بما يكفي لهذا اليوم واتّبعت قلبي فهو الأدرى بمكانها والأعلم بحالها.
أما هي فقد استمتعت بمشاكستي و"أنا أبحث عنها بكل جنوني"، وأرهقت قلبي بلعبة "حامي، بارد"، ولا أجد منها سوى صوت ضحكاتها الطفولية كلما تعثرتُ في الوصولِ إليها.
أجلس غارقاً في جسدي، والعقل يناشد القلب ويطلب منه: "لا تتنهد". ولكن هيهات أن يكون للحب والعشق والهيام أيّ صوت سوى زفير أنفاس الشوق الحرّى.
تعود مجدداً، وتقترب مسافة رائحة العطر الذي يشلع القلب من مكانه بمجرد أن يستوعب العقل عبق المحبوب. تمر الأيام تترا، ولا يمسك "الشرطي الحرامي" في أي لعبة.
ويحين موعد اللقاء، بعد بعض الجفاء، رغم اشتعال نار الشوق في العلن والخفاء.
تنظر إليّ من بعيد، أغذّ لها الخُطى حثيثا، أشير لها بيدي ملوحاً بعلبة الشوكولاتة، لعلها تعدل عن رأيها إذا عزمتْ على المضيّ قُدُماً في "الغميضة". تجذبها الحلوى فتقترب مني بخجل وحياء، تقدّم رِجلاً وتأخّرُ أخرى، يدفعها شوقٌ وحبٌّ وحنين، وطعم الشوكولاتة التي تستشعر بذوبانها في فمها. يؤخرها خوفها من "قفشات" اللقاءات الأولى، وشكل ملابسها وألوانها التي قررت فجأة أنها لم تعد تليق بمناسبة كهذه رغم ما صرفت عليها من ساعات أمام المرآة.
نلتقي. وتتعطل لغة الكلام بيننا، وتتخاطب العيون والقلوب بالهوى، وتحمرّ وجنتاها فتزداد حسناً على حسن، جمالاً على جمال. تهرب عيناها من وقع عيني، فتعلقان بعلبة الشوكولاتة. أبتسم، وأدفعها لها. أحاول أن أقول "تفضلي"، إلا أن الكلمة تأبى إلا أن تخرج متقطعة غير مفهومة.
نتبسّم. نجلس على رصيف مهمل، لا يستقبل العاشقين حتى في عيدهم. تمر الدقائق كالفراش، حلوةً زاهيةً ملوّنة. وفجأة تلملمُ نفسَها على نفسها وتهمُّ بالغياب، فأصرخ مناجياً: "إلـــى أيـــــــن؟"
تبتسم لي وتقول وهي تشيح بوجهها عني: "سأراكَ في موعدٍ آخر".
ويأتي الموعد الآخر ونلتقي مجدداً. تبتدِئُ الجوارحُ الحديثَ، ويبدأ الكون بالاتساع والقلب بالخفقان من جديد.
◄ محمد التميمي
▼ موضوعاتي
6 مشاركة منتدى
أبحث عنك, مادونا عسكر/ لبنان | 27 شباط (فبراير) 2013 - 16:48 1
حروفك أستاذ محمد تعبق بالبراءة.
تقبّل مروري
محبتي واحترامي
1. أبحث عنك, 3 آذار (مارس) 2013, 03:01, ::::: رقية التميمي
ما عليك يا بني الا ان تخلع النظارةعن عينيك وسترى كل ما حولك قمة في الجمال وسيزول التعب كل التعب وسيرتاح القلب الذي اتعبه البعد وطول الانتظار
الكثير منا يبحث عن النظارة وبعد طول البحث والعناء فاذ هي موجودة اما على عينيه او فوق الجبين .. لهذا رائحة العطر وعبق الاحبةالذي يشلع القلب ,يزكم انوفنا ويملأ الاجواء من حولنا
فالحمد لله ان منّ علينا واقتربت المسافات ووجدنا ضالتنا المنشودة بعد ان كدنا نفقد الامل وما علينا الان الا وان نتذوق قطع الشوكولا بعد ان كان يلوح لنا بها من بعيد..
مقالة جميلة منك يابني لغاليتي واميرتي في يوم ذكرى ميلادها من ساكن قلبهاوالتي اسال الله له العمر السعيد المديد بقربك .. اسأل الله ان يبارك لكما ويجمع بينكما بخير .
ويحفظكما من شر حاسد اذا حسد
2. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 14:03, ::::: محمد التميمي
استاذة مادونا
شكرا لكِ على كلماتك تلك.
3. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 14:05, ::::: محمد التميمي
الخالة رقية
كلامك ونصائحك فانوس ينير لنا الدرب. سلمت لنا وامد الله في عمرك
أبحث عنك, منال | 28 شباط (فبراير) 2013 - 01:35 2
ليست حروفه فقط تعبق بالبراءة ، كذلك وصف اللقاء والفراق، والأحداث تعبق بالعذرية الجميلة. تكتمل لتبدأ بلقاء برئ أخر تتخلله نسمات الحب العذري
تحية لقلمك
1. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 14:02, ::::: محمد التميمي
استاذة منال،
الحب العذري من اروع ما يشعر به الانسان فهو حديث القلب الى القلب.
شكرا على التعليق
أبحث عنك, إبراهيم يوسف - لبنان | 28 شباط (فبراير) 2013 - 05:34 3
العطر الذي يشلع القلب من مكانه تعبير رائع.. ويشلع مفردة مبتكرة تستدعي تأملا أحلى وأطول.
1. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 13:59, ::::: محمد التميمي
أشكرك استاذ مهند على هذه اللفتة الكريمة.
2. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 14:00, ::::: محمد التميمي
استاذ ابراهيم،
اشكرك جزيل الشكر على هذه الكلمات المشجعة.
أبحث عنك, زهرة يبرم/ الجزائر | 1 آذار (مارس) 2013 - 11:25 4
"تهرب عيناها من وقع عيني، فتعلقان بعلبة الشوكولاطة. أبتسم، وأدفعها لها.أحاول أن أقول "تفضلي"، إلا أن الكلمة تأبى إلا أن تخرج متقطعة غير مفهومة".
ماذا تريدون من شاب قد أنهى دراسته السنة الماضية أن يكتب غير صور جميلة عن طفولة مازالت بقاياها مترسبة في نفسه ببراءتها وعفويتها؟ وقاعات الدرس وأسفار وقصص حب...؟
ستتطور مواضيعه مع العمر حين تصقله التجارب.
جميلة هي نصوصك أخي محمد وممتعة، تجعلنا نتمنى لو كان الأنترنت موجودا أيام مراهقتنا إذا لما أهملنا أولى خربشاتنا ونبض حروفنا.
1. أبحث عنك, 9 آذار (مارس) 2013, 13:58, ::::: محمد التميمي
الاستاذة زهرة،
يبدو ان مراهقتي ستطول اكثر مما يتوقع، بحكم انني اعمل في التدريس الآن وأرى في كل يوم في اروقة الجامعة جميع درجات وانواع الحب الطفولي، يحافظوا به على مراهقتي وبقايا الطفولة دون ان يشعروا حتى.
أبحث عنك, محسن الغالبي - العراق / السويد | 15 آذار (مارس) 2013 - 22:21 5
تحياتي الى الاخ محمد، نص جميل ولكن لدي بعض الملاحظات ارجو ان تكون موضع قبولك وقبول القراء. منها قولك (تعبت عيناي.....فقد بصرت..)يقال ابصرت عيناي ولايقال بصرت. ثم قلت (اجلس غارقا في جسدي) ولا اجد المعنى لطيفا ً كما لو كنت قلت مثلا (اجلس غارقا في افكاري). ومع لطافة الاستخدام لكلمة (يشلع) فانها تظل كلمة عاميّة وفي الفصحى غنى عنها كان تقول (يخلع القلب). وكذا الحال مع (قفشات) ثم مع كلمة (صرفت) في جملة (رغم ما صرفت عليها من ساعات) الواضح انك اردت ان تقول ما معناه بددت او اسرفت ولكن استخدام الكلمات العامية ساق الى كلمة مشتركة بين العامية والفصحى ولكنها تعني شيئا آخر تماما في الفصحى، فصرفت تعني ردّت او غيرت وجهتها كما يقول الله تعالي (صرف الله قلوبهم)، وفي جملة ( حسناً على حسن، جمالاً على جمال) كان الاولى استبدال (،) ب (و) فليس من معطوف ثالث ها هنا. واخيرا فقد كتبت (فاصرخ مناجيا الى اين؟) وهما عملان ينافي احدهما الاخر فالمناجاة في السر لا في الصراخ، يقول الله (واسروا النجوى). تقبل تحياتي. محسن
1. أبحث عنك, 16 آذار (مارس) 2013, 05:26, ::::: محمد التميمي
الاستاذ محسن،
في البداية أشكرك جزيل الشكر على هذا الانتقاد البناء الذي أتعلم منه الكثير، جميل جدا ما قلت وسآخذه في عين الاعتبار في المرات القادمة.
استاذ محسن اسمح ان لي ان اطلب منك أن تقرأ كل نصوصي وان تنتقدها بنفس الطريقة، فأنا اريد التعلم خاصة انني لا زلت في بداياتي.
أشكرك جدا على النصائح.
أبحث عنك, Obaida Lusswi | 16 آذار (مارس) 2013 - 06:25 6
تواضع ودماثة محمد التميمي درس وقدوة لكل اللذين يكتبون بلا استثناء ، فتقبله الرائع وسعة صدره دليل على ثقته بنفسه وابداعة ،وعكس البعض اللذين يتحسسون لأية ملاحظة ولو كانت في محلها ، فالنقد البناء هو وسيلتنا المثلى للتحسين والرقي ! ودامت عود الند منبرا نزيها لكل الأقلام المبدعة ...