كانوا يحقِرونه ولا يؤهّلونه لاحتلال أي مرتبة فضلا عن القدوم في طليعة الفائزين. كان "غُربال" جوادا عربيا أصيلا نحيلا أفحم، برأسه الصغير ورقبته الطويلة وعضلاته الضامرة البارزة وكأنّ الريح قد نَحَتها من العظم. هيئته المتواضعة لا تشجّع على الرهان عليه في سباق أو الاتكال عليه في حفلات "الفانتازيا" التي تقام في عدة مناطق وقد ظلّت من التقاليد الشعبية الجزائرية.
لا أعرفُ قِصّةَ اسمِه الغريب "غُربال" فقد كان يحمله حين اشتريتُه، لكنّه بلا شكّ مرادف لسنوات الخير والعطاء في حياتي. صادفتُه أوّل مرّة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
غربال
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: طه بونيني -
الحديقة المهجورة
1 آذار (مارس) 2018, ::::: فنار عبد الغنيهاربة تعدو وسط السعير المدوي، النافث لحممه على رؤوس المارة من العمال الكادحين القافلين من أشغالهم للتو، وعلى من ساءت حظوظهم وفرضت عليهم المشي في هذا القيظ، على المتواجدين هنا على الشارع كضحايا الحروب الذين أرغمهم الأعداء على المكوث تحت سياط الشمس.
أصوات الباعة المكتظين فوق الرصيف، تلح عليها دون كلل بالشراء. كل يوم يثيرون استغرابها أكثر فأكثر بإلحاحهم المتواصل عليها رغم أنهم ألفوا وجهها جيّدا. تنظر إلى أصناف وألوان الفاكهة الشهية المغرية، تمسح يدها بلطف على معدتها الخاوية، تهدهد ألمها، ثم (…) -
سوق العزبات
25 آب (أغسطس) 2014, ::::: حاتم الشبليزيارة خاطفة إلى هذا المكان ستجعلك تغير اعتقادك القديم حول إرادة الأنسان، فإن كنت مع فلاسفة الإرادة الذين يؤمنون بأن قوى الأنسان الداخلية وتصميمه على تحقيق أهدافه تحقق له ما يريد، وبأنه ما من شيء خارج متناول تلك الإرادة السحرية، فستنبري لك حاجة أم ملاح وتخبرك بغير ذلك.
ستجزم لك ملء عينيها الحزينتين بأنها لم تترك بابا ولا مجالا إلا وطرقته حتى ترفع عن نفسها تلك التسمية التي يجلدها بها الناس صباح مساء، ويتغامزون فيما بينهم ويتبادلون أسرار نقصها وعيبها الكبير من خلف ظهرها، أو أمامها في بعض (…) -
بقعة حبر
24 شباط (فبراير) 2016, ::::: غانية الوناسأتخيّلني لحظة تستفزني فكرة ما، في رأسي شيء أشبه بالصّداع. لا، ليس صداعا بمعنى الشعور بالألم ذلك الذي أحفظه عن ظهر قلب، هو شيء يسري ما بين عيني تماما أسفل جبهتي، يمتد إلى وراء رأسي، فأشعر كما لو أن حبلا مشدودا يرتخي لحظة، ويعود ليشتد لحظات ولحظات.
أرى نفسي في فضاء واسع لا أدركه، أركض في كلّ الاتجاهات التي لا أعرف، أتمادى في البحث، أعاود الركض مجددا، أسقط، أحاول الوقوف، ترتجف يداي، أتعب، أكرر محاولات الوقوف، أمشي ببطء، أتثاقل في مشيتي أكثر، أتعثر بالخوف، بالوجل، بالنسيان، بآفة فقدان ذاكرة (…) -
ضاعَتْ بينَ الرُّكامْ
25 أيار (مايو) 2012, ::::: إبراهيم يوسفلا أدري واللهِ أهوَ "كابوسٌ" راودَني ذاتَ ليل، أمْ مُشاهدةٌ اختزَنتْها ذاكرتي من عهدِ الطفولة، أمْ هو من أحلامِ اليقَظَة حينَما هَجَرْتني امرأتي، وخانتني سلطتي على نفسي
كانَ موظفاً في مصرفٍ يستقطبُ زبائنَه من الأثرياءْ، يَتَمتعُ بمُرونةٍ مالية، وشهرةٍ واسعةِ الانتشارْ، وكان مُقَصِّراً في إداءِ عملِه، مهملاً لواجباتِه المنزلية، مهزوماً أمامَ زوجتِه، يتلقى منها لوماً وتهكُّماً وكلاماً لاذِعاً لا يرحمْ، وإنذاراتٍ متكرِّرَةً وتأنيباً من رئيسِه، لانشغالِه الدائم وهوسِه بالمطالعة، على حسابِ (…) -
بـحـــارة
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, ::::: أشواق مليباريما إن تعالى صوت المؤذن حتى قفزوا من أسرّتهم، منهم من نام مبكراً، ومنهم من منعته من النوم الإثارة المنتظرة، فاغتسلوا وصلوا، ثم حضروا أمتعتهم من الحقائبَ والمعاطفَ التي كانوا أعدوها بالأمس.
في المطبخ كانت الأم تجهز الشطائر والحليب الساخن، وتموين الماء للرحلة. الأم آخر من نام وأول من استيقظ لإعداد لوازم الرحلة.
كل شيء كان معداً بإتقان، مغلفاً أو معبأً في السلال.
الأب الربان وقائد الرحلة، كان في الفناء يجهز خيوط (الجلب) (1) الوترية، الخطافات، علب الطُعم، وحافظة البرودة تنوء بأكياس الثلج، (…) -
تاريخ
1 أيلول (سبتمبر) 2023, ::::: زكي شيرخانبين مرحلة الدراسة الابتدائية والجامعة، مضت السنوات سِراعاً. التحقتُ بكلية الآداب فرع التاريخ. كان معدلي يؤهلني للدخول في كليات، من وجهة نظر الآخرين، أهم وأرقى، يمكن أن تمنح المتخرج منها مركزاً اجتماعيا مميزاً. كان هذا الرأي بالنسبة لي مجرد هراء ولا يستحق حتى الرد على مردديه. أمام إلحاح وإصرار والدي، كنت أزداد عنادا.
= «أبي، صراحتي معك لن تقلل من احترامي لك، ولن تمس مودتي تجاهك، ولن تضعف فخري بك. هذا مستقبلي، فدعني أمضي فيه على طريقتي. التاريخ هو اهتمامي الأول، ودراسته هو ما خططت له. أعدك (…) -
جلنار والقمر
21 آذار (مارس) 2016, ::::: إيناس ثابتأحدثك من جنان الخلد أيها القمر المنير في جنبات الكون حديث المحب للحبيب، مجددة عهدا قديما بيننا وودا خالصا في نفسي لم يبرح مكانه.
في طلعتك البهية أيها القمر المضيء في صفحة السماء المظلمة ما يشبه سنا طلعته البهية في مرآة حياتي ومتاهة الروح، يشع نورك على القمم الراسيات؛ فوق جداول الماء وسطح الأرض؛ في السهول والوديان؛ ونور وجه الحبيب يشع فوق ورد الخدين وفي حنايا الضلوع؛ وأنت خير شاهد على ما أقول، فلا أدري أيها القمر أنورك أم نوره أضاء العتمة في قلبي؟
وأنت أيها القمر أنيس المحبين كل زمان (…) -
تائهة في ضجيج الأحلام
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007, ::::: داليا الحاجفي زمن فرضت عمليته علينا قيودا كثيرة، وسلبتنا أبسط حقوقنا بالتفاؤل، لم يبق سوى الهروب من الواقع للخيال، عله يكون لنا فسحة أمل. أدمنت ذلك الضجيج: ضجيج أحلامها الوردية.
في طفولتها حلمت أن تكون هايدي، تعيش ذلك الانطلاق، تعيش ببساطة دون تلك القيود. وهناك حيث كان مرمى بصرها كان بيتر ينتظرها في ذلك الأفق البعيد.
حلمت أن تكون على متن تلك السفينة المليئة بالقراصنة للبحث عن الكنز. لم يكن الكنز ما يهمها، ولكن روح المغامرة أسرتها حينئذ.
حلمت بشخصيات كرتونية أخرى كانت تفتح لها أفقا جديدا لم تكن (…) -
ثرثرات أبي العدس
1 حزيران (يونيو) 2019, ::::: نازك ضمرةكان مربي الغنم الشيوعي "أبو العدس" طويلا كثير الحركة والمشاغبة، لم يكن يأتمن أي راع على غنمه، بل يرعى غنماته بنفسه، يصادقها ويرافقها أينما حل، ولضيق المساحات الصالحة للرعي في منطقتنا، اضطر أن يبتعد عن البلدة التي يعيش بها، متنقلا بغنماته التي لا تقل عن خمسين شاة.
الأرض حول قريتنا واسعة وينمو فيها أنواع كثيرة من العشب والنباتات الرعوية، لكن الاحتلال الصهيوني الذي ينتهي طرفه عند قريتنا، منع الناس من استخدام ارض البلدة من الجهة الغربية، حتى يضمن عدم تسلل الفلسطينيين لمواقعه ومشاريعه الزراعية (…)