وعلى ضفاف "دجلة" ما يزال حشدٌ من الآلهة
يتباطأ. فبعضهم برزوا من الطوفان والكتب الأولى،
والآخرون قدِموا مع الفاتحين أو التجار.
وقليل من المؤمنين في "المدائن" يحتفظون
بصلواتهم لوثن أوحد (1).
مع تحيةٍ من القلب للأخ الصديق مهند النابلسي
ترك الكتاب مفتوحاً على الصفحة التي بلغها، ثم غطى به وجهه ليحجب النور عن عينيه، وراح يستعيد في ذاكرته المشاهد العديدة التي توالت أمام ناظريه لساعة من القراءة أو ما يزيد.
كان من أشهر علماء عصره في بلاد الرافدين، منذ حضارة العهد البابلي والسبي، وسيادة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الـصّـفــر
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: إبراهيم يوسف -
واقعة من سنين الجمر
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: زهرة يبرمتمهل يا نور فجرها لا تسطع، ويا صبح يومها لا تطلع. اكتم أنفاسك أيها الزمان فأنت زمن من حجر، وسنواتك من نار وجمر. يا مخالب الجراح ترفقي بها؛ لا تحاصريها، لا تمزقيها ولا تقذفي بها في غياهب الأحزان. وأنت أيها القدر لا نلومك لأنك القدر.
الزمن زمن أغبر واليوم صيفي حار من أعوام الرصاص والنار. الحرب دائرة رحاها، شعب ثائر على الذل والانسحاق والتلاشي، يتساقط أبناؤه كالذباب أمام بخاخ المبيد. اكتمل المليون بعدد الشهداء، والمليون الثاني بعددهم يوشك أن يكتمل. المستدمر الفرنسي الذي أوهم الشعوب بالإعمار (…) -
قطعة حلوى
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: رامي أبو شهابلم تكن تعلم أن الذهاب للتسوق سيبعث حيواتها التي بادت منذ زمن بعيد، وسيعيد تقشير خلايا عقلها لتسحق قشور الخيبة والإهمال، وربما الكف عن عادة إدمان أحلام اليقظة على فراش بارد وجاف، لعل الحائط الذي مارست معه الحب مرارا وتكرارا سيكف عن كونه شاغلا ومشغولا فيه، لم يكن يكلفها شيئا حين لا ترغب به سوى أن تضع رأسه تحت الغطاء وتنهي معادلة الحلم وتغيب في بياض النوم المتأرجح.
شعرت به يقترب تارة ويبتعد تارة أخرى ، يحاول أن يلتقيها مصادفة أو أن يظهر كذلك ، أحست بعينيه ترصدانها أينما ذهبت، تداعت أحاسيسها (…) -
على ضفة الحلم
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: صفاء صيد. مقدّمة
ما أروع أن تجد أبا يحثّك بكلمات بسيطة وجمل مختصرة على حفظ ولو بعض من القرآن الكريم، وبيت أو اثنين من الشّعر الفصيح، وكذا مطالعة الكتب راقيها ودانيها! وتزداد تلك الرّوعة رونقا عندما تجد أمّا تصرّ عليك أن تدون أيامك على صفحات بيضاء تنتظر أن تدبّ فيها الحياة. تصرّ، فتكاد تجبرك أن تكتب أيّامك كلمات تعزف حروفها حسن التنسيق بين الجمل، وكأنّ الجمل صارت تصنع الكلمات.
آه لو كان ذاك الشّعور يسمعني لرجوته أن يمتدّ سرمدا ويتخطّى كلّ حاجز يقف له متصديا دون أن يصاب بمكروه. لذيذ هو ذاك الشعور (…) -
انتظار
1 أيلول (سبتمبر) 2006, ::::: روضة الجيزانييستيقظ من نومه مبكرا. يمارس تلك الطقوس التي اعتادها يوميا. وفي طريقه لمكتبه، يجري عشرات الاتصالات. يزدهر خياله بنجاحات حققها ومازال ينتظر تحقيقها. يلتقط شريطا اعتاد على سماعه يوميا. صوت الأماكن يحرك ذكرى سنواته العابرة. يحاول أن يلتقط صورا من أماكن كانت عناوين للقيا بينهما فلا يجد سوى مساحات فارغة تشيخ أمامه اللحظات، وتصبح الأشياء التي حوله عجوزا ينتظر نهايته بكثير من القناعة.
يواصل السير. "يا أنت لم تخلق للأحياء وإنما للأشياء،" عبارة رددتها كثيرا. ظلت بداخله تجسد أمسه وحاضره، تلوح بسنوات (…) -
لعنة الديك الرومي
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: أمل النعيميسيدي القاضي الليث ملك الغابة والعدل الموقر، حضرات المستشارين ممن صالوا وجالوا في مملكة كليلة ودمنة، الأخوات والأخوة الحضور من بني الإنسان والحيوان:
لم أطلب محاميا لأني أعرف وأعترف بأنني الجانية والمجني عليها، ولا أطمع في أكثر من حسن الإصغاء إلى كلمة حق في زمن أصبحنا نحتاج فيه إلى ألف وسيط ووسيط لكي تقال وتسمع. وصدقوني، إنني من أشد المعجبات بجمعية الرفق بالحيوان. لكنني أحيط عدالتكم علما بأن فصيلة الإنسان الذي يرعى هذه الجمعيات هو الذي دفع بي للمطالبة بالحكم على سلالة الديك الرومي بالانقراض. (…) -
عبقري هذا الزمان
1 كانون الأول (ديسمبر) 2006, ::::: آمال سلامةأخرج رأسه من حاوية النفايات ويداه تمسكان علبا معدنية فارغة لمشروبات غازية. وضعها في كيس كان بجانب الحاوية، ثم حمل الكيس على ظهره ومضى في طريقه مستندا إلى عصا قصيرة وكأنها عصا مكنسة مكسورة أو شيء من هذا القبيل.
الطريق ما زالت طويلة حتى أصل البيت، وبالتأكيد سأملأ هذا الكيس قبل وصولي. يجب أن أسلمه لأبي هاني، جاري الذي يبيع كل شيء. أعرفه منذ مدة طويلة: إنسان طماع، بخيل، يستغل حاجة الناس. تصوروا أنا أتعب طوال النهار في جمع العلب والنفايات وأسلمها له وهو يعطيني فتات مربحه من بيعها. على كل حال، (…) -
الرّحيل إلى تخوم الجنون
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: فتحي العكرميبعينين تجمّعان الحزن وبوجنتين خطّ عليهما الزّمان وشم الصّبر كانت تخفي تفاصيل فجيعتها، تتدثّر بألم حفر جروحا في روحها وتلفّ جسدها بثياب قديمة مرقّعة، قدماها حافيتان وعلى كتفيها ينساب شَعر رماديّ مجعّد.
تقضّي وقتها على تخوم الحياة غارقة في الصّمت ترجّها الوحدة. هي الحزينة وسط اليتامى والشّريدة على حافّة كل القبائل، تسير مسرعة كأنّها مُطاردة تمتدّ خطواتها تبحث عن مكان يقيها من غربة تلاحقها.
نشأت في عائلة فقيرة وزوّجوها من شيخ قبل أن تُكمل فرحها الطفوليّ، يوقظها باكرا فتقضّي يومها تلبّي (…) -
هوس شرقي
1 أيلول (سبتمبر) 2016, ::::: محسن الغالبيغادرت البيت في طريقي إلى مطار بغداد متوجها إلى مطار ثالث عبر مطار ثان كنت أحب المكوث فيه بضع ساعات أراقب فيه شكلا آخر من الحياة مختلفا عن الأول والثالث. صفعني بعض الحنين لمن تركتهم في البيت ولم أشعر بشيء تجاه البيت. لم يكن بيتي على أية حال. كنت متوجها إلى بيت آخر لا أشعر تجاهه بشيء البتة، فهو الأخر لم يكن بيتي.
كانت الأخبار تحتمل إغلاق الشوارع المؤدية إلى مطار بغداد. بعض السفلة اعترض على السفلة الذين يمسكون زمام الأمور. اللصوص الذين كانوا يصلّون ويقاتلون، حصلوا على السلطة أخيرا فعادوا إلى (…) -
وجع البادية
1 آذار (مارس) 2023, ::::: طارق المنيظركان المساء قد بدأ يطل والشمس تقصد مغربها. يجلس با أحمد حينها رفقة زوجته في فسحة المنزل البدوي البسيط وشجرة العنب متدلية ومثقلة بالعناقيد: منها من صار طعمه جاهزا للأكل ومنها من صار زبيبا بعد أن جفت عروقه وأخذت سحنته ما يكفي من التجاعيد.
سمعت الزوجة لالة رحمة طرقا خفيفا، فنادت على با أحمد الذي كان ساهيا وهو يُنصت لإذاعته بخشوع وتركيز: "وا أحمد، وتا تكلم نوض شوف شكون ساير يهرس في الباب".
نهض با أحمد وخطف عكازه الذي لا يفارقه مطلقا. اتجه مهرولا صوب الباب القصديري: "وابلاتي هاني جاي أو مالنا (…)