"أهلاً يا دكتور". قالها بوهنٍ بادٍ، ذلك الرجل ذو الوجه الشاحب والعينين الغائرتين في محجريهما، الممدد على السرير.
أومأتُ برأسي رداً على تحيته دون أن أنطق.
استدار برأسه نحو الواقف إلى يساره والذي سبقني إلى الغرفة كأنه يريد الإذن بدخولي، وقال له: "أحضر شايا أو قهوة للدكتور واتركنا وحدنا".
= لا داعي لأي شيء.
= ستحتاجها بالتأكيد.
رد، وشبح ابتسامة هازئة ارتسمت بصعوبة على شفتيه: "تفضل أجلس".
أجلستُ نفسي على طرف الكرسي القريب من ميمنة سريره. أُغلق الباب، نظر إليه وكأني به يريد أن يتأكد (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
إصابة
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زكي شيرخان -
موعد على العشاء
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: ربا الناصردخلت غرفتي والوجوم يلبس وجهي ويأسر ملامحه، مرت لحظات الغضب هناك بسرعة وأخذت وتيرة الثورة تتصعد رغم إخمادها الطويل في قاع نفسي، فلم أعد أستطيع البقاء كتمثال عاجي كما يريدني هو أن أكون عليه، يريدني شيئا طيعا لأوامره، ينفذها كما هي فلم يعجب زوجي أن ينطق التمثال الذي بناه طيلة سنين زواجنا ويتفوه بكلمات قاسية ومجردة من المنطق.
وقفت أمام النافذة، انظر من زجاجها، كان الشارع مبتلا إثر سقوط الأمطار والهدوء يستولي على المكان في معظم الوقت، كان صوت تشرب الأرض للماء واضحا كأن ثمة علاقة تربط الاثنين مع (…) -
العادة تغلب الإرادة
1 حزيران (يونيو) 2017, ::::: مرام أمان اللهكان المسافرون يتوافدون إلى الحدود في خطوط لا تشبه خطوط سير النمل إلا بالكثرة، محمّلين بالصبر "الموقوت" في رحلة أظنها الأكثر إتقانا لاختطاف فرحة المغتربين القادمين شوقا، أو المغادرين الساعين أملا.
لم يعتادوا السير في خطوط مستقيمة، فقد تم تصميم مساراتهم بأكثر الأشكال الهندسية تعقيدا ما يتطلب من الوقت والطاقة الحدود القصوى.
في كل مرة يفكرون فيها بالخروج من سجنهم الكبير "الضيّق" أو الرجوع إليه، كانوا يسلكون نفس المسارات الحلزونية التي ترمي بدوارها على من لم يعتادوها بعد.
ما حدث ذلك اليوم (…) -
ذهب الخريف
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: هدى أبو غنيمةآنست الشجرة وحشتي في تلك الأرض الغريبة، وحشة فارس عربي غابت الشمس عن زمنه. وهل الفروسية صفة للرجال دون النساء؟ تراءت لي تلك الشجرة بألوانها الفاتنة والشمس الخريفية الحانية ترسل أشعتها بين الأغصان حكاية حياة.
أوراق خضراء وأوراق تميل إلى الاصفرار، وأخرى ذهبية اللون تتأرجح على أغصانها.
هبت ريح خريفية، فتساقطت الأوراق الذهبية على أرض الساحة المحيطة بالدار وتبعثرت في أرجائها.
كم من البشر يتساقطون كل يوم مثل هذه الأوراق! وكم من الحكايات المكتوبة على هذه الأوراق لو استطعنا تظهيرها أو أرهفنا (…) -
نصان: سمكة + بيتزا
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: غادة المعايطةسمكة
كان بانتظار طفله ذي الثماني سنوات أمام المدرسة. وفي مشهد متكرر، خرج الطلبة بأعمارهم المتفاوتة، هذا يمازح صديقه بحركة تختصر معنى شقاوة، وذاك يتحسس آخر قطعة من كيس (الشيبس) الذي ما أن انتهى منه حتى دسه في جيب معطفه الشتوي (سلة النفايات المتحركة لطلبة المدارس).
والد يهبط من سيارته ويقطع الشارع بحذر، يعود وبيده طفل وقد خرجت جميع قمصانه من البنطال بينما (يجر) معطفه على الأرض، وباليد الأخرى الشقيقة الصغرى تلتهم بقية (سندويشة) من الواضح تماما أنها (زعتر) من ختم حبات السمسم والسماق المنتشرة (…) -
انتظار قاتل
1 آذار (مارس) 2007, ::::: آمال سلامةعلى الرصيف وقفت تراقب الأفق بصمت، شاردة ساهمة، خصلات شعرها تتطاير في الهواء وتلامس وجهها وعينيها دون أن تحرك ساكنا. تحمل حقيبة صغيرة تضمها إليها كمن يحافظ على كنز ثمين، كان يخيل لمن ينظر إليها أنها تمثال من الحجر. طال انتظارها فمشت عدة خطوات باتجاه اليمين لتعود إلى موقعها بعد برهة، ومرة أخرى تقطع عدة خطوات باتجاه اليسار ثم تعاود الحفاظ على موقعها السابق كأنها تحرسه.
المظهر الجاد الذي افتعلته بملامح وجهها، وثيابها التي تدل على الحشمة والوقار، إضافة إلى تلك العلامات التي تقول إنها تجاوزت سن (…) -
دلال وألم الذكريات
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصارتجف سمير واصطكت أسنانه. غطته زوجته بأغطية إضافية. كان يتصبب عرقا طوال الليل. في الصباح، أصرت زوجته على أخذه إلى قسم الطوارئ في المستشفى. اتصلت بمكتب التاكسي وطلبت سيارة بأسرع ما يمكن. ساعدته على تغيير ملابسه. ثم انتظرا معا وصول التاكسي.
أوصلهما السائق إلى مدخل قسم الطوارئ. أجلسته زوجته على أحد المقاعد، وذهبت إلى ممرضة الاستقبال لتسجيل وصوله. بعد دقائق أجرى له ممرض فحوصا روتينية قبل أن يأتي دوره للدخول إلى عيادة أحد الأطباء المناوبين.
عندما حان دوره، نودي على اسمه، وأشارت ممرضة إلى (…) -
السفينة
1 كانون الأول (ديسمبر) 2022, ::::: هشام البستانيالقصة أدناه منشورة في مجموعة قصصية للكاتب عنوانها "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء". الناشر: الكتب خان، مصر، 2018.
. إلى فيصل درّاج، مُبحرًا في هذا العالم، مُتقيّئًا عليه؛
وإلى جبرا إبراهيم جبرا، صاحب السّفينة الأولى التي لا تُشبه هذه.
. عندما قالوا لنا إنّنا سنركب البحر إلى الإسكندرية، لم أتصوّر أن الأمر سيكون بهذا السوء، ولا تصوّره رجال ونساء كثر جاؤوا مُتأنقين ببذلات وفساتين رسميّة إلى المناسبة. حال وصولي تبيّن الاختلال الأوّل، إذ كانت السّفينة من النوع المخصّص لنقل المواشي، ولم (…) -
لا
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: بسام الطعانليتك لم تأت أبداً يا عيد، أو تأخرت حتى تتفتح براعم الفتوة في مســاكب الجسد، آه يا عيد، لماذا عدت بهذا الشكل يا عيد؟
عيد متعب، يزيد التوتر توتراً، يغطي الأجســاد الباردة بمعاطف الأنين، في ليلته، أمسك الطفل الذي لم يتــــجاوز الخامسة من عمره بيد أبيه وأخذ يهزها ويبكي:
"بابا، خذني إلى ماما. أريد ماما."
أمسك الأب بسبحة من الهم لا ينتهي العد فيـــــــــها، ثم دخل في مغارات الصمت الرهيب، وقبل أن ترتفع راية الهوس، ضمه إلى صــــدره، مسح دموعه، قبّله، وفي داخل حقل الكآبة الذي دخله رغما عنه، (…) -
مذكرات زوجة مسافر
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: ظلال عدنانودّعتْه وبسمتها ترافقه في رحلته تتمنى له سفرا موفقا وإجازة ممتعة كان ينتظرها منذ سنوات. لم تذرف دمعة على فراقه؛ فهي كانت تشجعه على هذا السفر تجديدا لنفسيته وإنعاشا لروحه المتعبة وهي لا تبتغي له غير السعادة والسكينة.
أيام بعد ذاك السفر وذاك الفراق الاختياري المؤقت الذي لن يطول أكثر من شهرين، أيام، وتعتلج في نفسها الهواجس والأفكار، وبدأت تُحسّ طعم الفراق المر، وتستشعر ألوان الوحدة والغربة الشعورية والنفسية عمن حولها، ولفّها اضطراب وقلق، وأنّى للروح راحة في غياب المحبوب والسكن.
مع غروب شمس (…)