على الكرسي الهزاز وأمام الموقد جلس مسترخيا يراقب ألسنة اللهب تتصاعد من الخشب المحترق متمتعا بألوانها الصفراء والبرتقالية والحمراء. بين الفينة والأخرى يطعمها بقطعة أو اثنتين كلما خبت النار بعد أن يقلّب الجمر بسيخ طويل نافضا الرماد. يتناول الدفتر والقلم إلى جانبه على منضدة يسجل بعض الجمل التي ستكون عونا في كتابة ما يدور برأسه المتخم بأفكار تظل تتعبه إلى أن تصبح موضوعا متكاملا.
الجلوس على الكرسي الهزاز مراقبا تحول الخشب للهب ورماد عادةٌ يمارسها منذ سنين لا يعرف كم عددها. هي أقرب ما تكون لطقس (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
مسرحية
1 آذار (مارس) 2020, ::::: زكي شيرخان -
رغبة ميتة
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: خليل الجيزاويتجلس أمامي، تتعلق العينان بها، تتبادل العيون لغة آسرة، تنادي عيناها، تستغيث، تمد يديها، نصارع معا شيئا ما، نجاهد حتى لا نغرق في بحر العيون، تلتمع العيون، نتمسك بالتواصل ولا نستطيع أن نفر من ندائهم الآسر.
تحكي عن الذي تساعده، تقف بجانبه، تذاكر له دروسه، يحصل على الشهادة العالية، بعدما فقد الأمل، وأنها كانت تسهر الليل بجانبه، تقرأ له، تبيّض المحاضرات، ثم يدخل الجيش فتساعده وتسانده، وتدعمه لانصراف إخوته عنه لخلافات قديمة على الميراث. فهل يتنكر لها بعد كل هذا ويسافر للخليج، ولا يبعث لها جنيها (…) -
تحت الرماد
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: محمد محمود عطيةعلى رصيف المقهى المحتل للناصية، واجهتني ملامحه. لم أجد عناء في تذكره.
أطفالا كنا. يملك كل منا حلما أخضر.
افترت شفتاه عن ابتسامة نصف مرحبة، نصف باردة.
هممت أن أبادله التحية في عجالة وأمضي. استوقفني بعينيه، الغاصتين في احمرار دوامة دخان الشيشة، المتحفزتين، المتسائبتين في فضول متوثب.
بين الجد والهزل تقع تضاداتنا، تحمّل الوجه بأمارات الغضب والاستياء، وما تلبث أن تنتهي منه بابتسامة باردة.
استنفرتني نظرته الفضولية.
لما اشتد العود، وعلت المناكب في تحد، ازدادت أمارات الوجه حدة، اضطرم (…) -
سـازو
1 آذار (مارس) 2010, ::::: هيام ضمرةغالبا ما تدهمُنا المفاجأة، من فعل تمخّض عن حيوان وأثار الدّهشة فينا، فالمفاجأة في طبيعتها تحملُ على الدّهشة، وهي تتلخّص في ذلك التحوُّل "السيكولوجي" المحرّض على الشعور بالإثارة والاستفزاز، حين يبدو أمامك مشهد غريب لم تتوقعه. ولمّا كان البشرُ أكثرُ الكائنات إحساسا ووعيا، فهم أكثرها فرحا أو تعاسة، ذلك أن عقل البشر يمتاز بخصائص التفكير والشعور، وبالتالي فالإنسان يعبرُ عن نفسه بالقول والفعل، وعقلة متاهة مخيفة لا حدود لها، يجرُه أحيانا إلى الضياع والأخطاء، مما لا يقع فيه الحيوان.
وسازو، القط (…) -
الــعــودة
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: ربا الناصركانت أمواج البحر في صباح ذلك اليوم تحمل شيئا مختلفا عما اعتادت على حمله من حطام سفن وأعشاب صغيرة. كانت تحمل زجاجة مغلقة، وقد بدا وجودها في عرض البحر غريبا. لكنها وصلت شط الجزيرة، على صوت نورس البحر، وقد ارتطمت بجسد ذلك البحار النائم على رمل الشاطئ، فأيقظته، وتفتحت عيناه على حطام قاربه المتراكم فوق بعضه بعضا كشاهد على وحدته، جراء عاصفة هوجاء أسرت جميع أحلامه تحت رمل أبيض.
تلفت البحار حوله والدهشة تلبس وجهه، لكن الفضول أسره وهو يتأمل الزجاجة، تلفها أصابعه الغليظة بإحكام، فيسأل نفسه متعجبا (…) -
الشروق آت
1 أيلول (سبتمبر) 2017, ::::: طه بونينيوصلتني رسالة في البريد الإلكتروني من طرف أخي عبد الله، يدعوني فيها للانضمام إليه في تلك القرية السويسرية التي يدعوها "الجنّة". لكنّي لستُ أدري ما أُجيب.
تركتُ الرسالة جانبا ورُحتُ أكتُب في مُدوّنتي على الإنترنت. إنّها نافذتي الوحيدة على العالم. أنا هنا حرّ طليق، أفعل ما أشاء. أمّا الواقع فسجن كبير.
أخي الأكبر، ياسر، يدرس في إيطاليا. منذ خمس سنوات لم تُشاهدهُ أمي المسكينة إلّا من وراء شاشة الكمبيوتر. وأختي، رقيّة، تزوّجها كريم، شابّ أردني من الكرك. أنا سعيد لأجلهما. أمّا أخي، عبد الله، (…) -
صحوة الأرواح
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: الزين نور الدينقلت لك مرضك من داخلك، وإنك تحتاج إلى طبيب نفساني ف ع لا.
آه، ما بك؟ ما لجسمك ينتفض؟
هي ذي الحقيقة لا تزعج. إنك مليء بالعقد تحاول تحطيم المرآة، تتأسف، وتستدير نحو ... تشد رأسك بين يديك، يتشتت فكرك. أشياء هاربة تمارس حضورها عليك بحدة، وإلى حيث لا تدري. تتحرك. تفتح النافدة، فيما علت الرياح المجنونة تجلد أسوار المباني، بحبيبات رملية رقيقة، الكلاب تعوي بالخارج وأنت تتألم بالداخل، تتنفس من تحت ماء العرق خيالات تحس بها على مقربة منك.
تلتفت بحذر وتُبسمل، لا شيء، كتبك مبعثرة على سريرك الوسخ (…) -
نقوش على صفحة الشّاطئ
25 حزيران (يونيو) 2011, ::::: وهيبة قويّةنقوش على صفحة الشّاطئ وهيبة قويّة - تونس
غاصت أقدامها على الرّمل تخطّ مسارا عشوائيّا. واقتربت من الشاطئ ووقفت عند الموج. وبحماس طبعت صورة أقدامها على الرّمل في حركة صبيانيّة. ونظرت إلى الأثر. تأتيه الموجة تلو الموجة فيـمّحي ويبتلع الماءُ الرّسم ويغوص في لجّ البحر أو يذهب زبدا على صفحة الموج الثّائر.
ظلّت تفكّر في الرّمل، إنّه عميق، يبتلع كلّ الحكايات الّتي ترسمها عليه ويحتفظ بها بعيدا عن عيون المتطفّلين.
"يا لك من رمل! ليتني أُغرِقُ فيك ما فيّ من الألم وتُخفيه بعيدا."
أليس هو الرّمل (…) -
الغازي غازي
1 آذار (مارس) 2017, ::::: نازك ضمرةسحب الغطاء. نظر إليه. قربه من وجهه. لحظ عليه شيئا ما انحرف للجانب الآخر. ظل ضاغطا عليه بأصابعه. قال لنفسه: "أريد أن أحلم قبل أن أرى الحقيقة".
ابتعد عن المكان ويده قابضة عليه. احسّ بالأمان قليلا. تـناوله بيده الأخرى. رفع يده القابضة على الغطاء مرة ثانية أمام عينيه. تأمل الجملة المطبوعة: "ثلاثة أيام وتذكرة لبيروت".
"أصحيح ما أرى؟" العبارة واضحة جدا. قربه من عينيه ثانية؟ أعاد القراءة: "ثلاثة أيام وتذكرة لبيروت".
رحلة مجانية لبيروت؟ لا أصدق ما أرى. كيف طرق الحظ بابنا؟ أم هل أراد أن يغير (…) -
من أجلكِ قبّلتُ الحجر
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: إيناس ثابتهدية كذبته الأخيرة غلَّفها بمكرٍ ساذج وقدمها إليَّ مجتراً كذبة تلو أخرى، لم يبكِ قلبي ولم تنتحب عواطفي ولم ترمش عيناي موارية أدمعي ولم تنشغل أناملي بأطراف فستاني هاربة من ملاقاة عينيه. كنتُ شاردة الذهن أفكر فيها وأتذكر تفاصيل وجهها البريء، أسمع صوتها وهي تلوح بعلبة منديل فلم تتلوث أذناي بقبح حديثه.
كانت تجلس بجانبي أمام دكان صغير مستغلةً زبائنه والمارين لعرض علب مناديلها للبيع. تلوح بعلبة منها بعينين تجهلان الكون وتستغل القليل من الوقت لتبتكر لعبة ما بعلبة منديل أو قشة ملقاة على الأرض أو (…)