تستيقظ الشمس معلنة بدء يوم جديد. أشعتها تتسلل بخفة من النافذة فتصل إلى سريره. يصرخ جرس المنبه. يداه تبحثان عن طريقة لإسكات هذا المزعج. عيناه تقاومان ضوء النهار. أقدامه تقوده إلى الحمام. الفرشاة تلعب بين أسنانه. الماء يتحطم متناثرا على وجهه. ثياب النوم تغادره لتكمل أحلامها على السرير. إبريق الشاي يجلس إلى النار. فكاه يمضغان ما تيسر لهما من الرفوف والثلاجة. يستيقظ عقله من سكرات النوم ويبدأ بالتساؤلات: هل سيتمكن اليوم من حل مشكلته؟
هذه المشكلة تؤرقه منذ أيام، ولكن إلى متى سيستمر بالهروب من (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الغد يوم آخر: يوم في العمل
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: مازن الرفاعي -
الفستان
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: محمد العصفوريعاد صوتها يرن في أذنيه من جديد: "بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
أعرف أنها كبرت. وكان لا بد لها أن تكبر. آه يا ابنتي، آه يا بسمة. لكم يحبك أبوك ويعاني من أجلك!
أخذ ينظر في تردد إلى الملابس ذات الألوان الخاطفة على الجانبين. يعرفون كيف يسيلون لعاب المرأة بهذه الملابس. ألا يدركون كم يعاني الآباء من جراء ذلك؟
ومن جديد عادت الكلمات قوية صارخة:
"بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
"أعرف ذلك. ولكن من أين لي بثمنه؟"
ألا تعرف زوجتي ثمن هذه الفساتين؟ تباً لها، إنها ما زالت تحيا في عصور ما قبل التاريخ. (…) -
احزروا مين شفت اليوم؟
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: محمد التميمياقترب منها يحمل في يمينه "روب" التخرج يلبس بدلة فاخرة مهداة من أحدهم بمناسبة انهاء الشهادة الجامعية الأولى. جاءها فرحاً يسابق الريح بخطواته، وبمجرد اقترابه منها بدأ يتحدث بنبرة تعلو وتنخفض طبقاً لأنفاسه اللاهثة:
"مبروك علينا، أخيراً رح نتخرج ونشتغل عشان نتزوج".
قالها بتفاؤلٍ زائد ملؤه الأمل بغدٍ أفضل. أما هي فأكتفت بما تفعل الفتيات في موقف كهذا؛ أخفضت رأسها وأشعلت نار الخجل في وجنتيها وبدأت بالعبث ببعض الخيوط المنسلة من ثوب تخرجها. وقبل أن يسألها أو يكمل حديثه معها، كانت قد غادرت مرغمة (…) -
ضباب
1 حزيران (يونيو) 2021, ::::: محسن الغالبيفجأة لمحتُ وجهها خلف نافذة القطار القادم من الشرق. كان الفجر قد انبلج للتو وقد غطى ضبابه صفحة النافذة، فبدا وجهها هو الآخر ضبابيا. لكنني أعرفه من بين كل الوجوه حق المعرفة. أقرأ خطوط عينيها ورشاقة أنفها وهلامية شفتيها ولو هبط ضباب الشمال كله.
اقتربتُ من النافذة يكاد القلب يرقص من شدة الفرح. أردت أن أصرخ أنني اشتقت وأن الانتظار قد فتّ عضدي، لكن فوضى المحطة وعواء القطار كانا كفيلين بخنق صرختي فأحجمت.
مددت يدي وأشرعت أمسح عن النافذة ذاك الضباب. أفزعني أن وجهها كان يتلاشى مع كل بقعة ضباب (…) -
للخير وجه آخر
1 كانون الأول (ديسمبر) 2006, ::::: منال الكنديالتقى بها في ندوة ثقافية أقامها مركزه الخيري. كانت تنتقل بخفة بين الحضور بعد انتهاء الندوة لتسجل لقاءات صحفية عن انطباعات الحاضرين للندوة. أوقفها مسلما عليها وطالبا منها أن تعمل في مركزه كمتطوعة. حدد لها ميعادا لمقابلته في اليوم التالي في مكتبه دون انتظار لردها.
لم تكن صدفة. لقد سمع بها عندما زارت المركز الخيري لتأخذ موعدا للمقابلة مع ضيف المركز. وهناك تعرفت على زوجته المسئولة المالية عن المركز، ودار بينهم العديد من الأحاديث.
جاءت إلى المركز حسب الموعد. ظل يتحدث عن طبيعة المركز الخيري (…) -
صكّ الغفـران
26 كانون الأول (ديسمبر) 2015, ::::: غانية الوناسالآن فقط أعدّ نفسي للتخفّي داخل وجعي، أحمل ألمي بنفسي، أصلب ذات النفس إلى لوح الفقد، وأمضي أقلّم وحدي أظافر الجرح.
الآن أقف كجبل بركاني، أخرج كلّ ما فيه من غضب الاحتراق، واستكان أخيرا إلى الركود النهائي، لا شيء في الأفق يلوح، لا حمام يطير حاملا رسائل العائدين، لا غزل صباحي ينقر به عصفور الفرح على نافذتي، ولا شمس ستشرق على شرفتي، توقظني لأبصر الغيم.
أتسرب نحو العدم، كقطط الشارع، أتوه في اللاوجود، أشعر كأني ظلّ ثقيل جدا، لا جدار يحتمل اتكائه عليه، مبهم هذا العدم الذي أسير إليه، كطائر جريح (…) -
لم يقل شيئا
1 حزيران (يونيو) 2023, ::::: فنار عبد الغنيكان عقرب الساعة الخشبية المعلقة على الحائط المتصدع بفعل القصف يشير إلى العدد سبعة حين دُق باب بيتنا على غير عادة في ذلك الصباح. كان الهدوء المتقطع لا يزال يعمّ صباح البيت. تسمرت مكاني. من في الباب؟ قالت لي أمي: "لا بد أنّها إحدى الجارات ترغب بمشاركتنا قهوة الصباح".
فتحت الباب وإذ بي أرى أبا عرب، جارنا القديم الذي رُحَّل عن حارتنا منذ خمسة عشر عاما.
أبو عرب!
شهقت أمّي: "خير إن شاء الله". وبعد أن ألقى تحية الصباح رمى بنفسه وجسده الضامر على الأريكة الأقرب إلى الباب، وقال: "كنت سهرانا منذ (…) -
زغدة
1 كانون الأول (ديسمبر) 2017, ::::: زهرة يبرمنزح جُلُّ أبنائها وأحفادها إلى المدن وبقيت متمسكة بأرض الأجداد متوطّنة فيها كوتد مدقوق، لكنها لا تنفك تحُثُّ ذرّيتها على العودة إلى الأرض. تِلكُمُ هي الجدة الكبيرة، أكبر فرد في أسرتي الجديدة.
كان أول لقاء لي بهما، الأرض والجدة، لما توعكت الأخيرة واقتضى الواجب زيارتها رفقة حفيدها زوجي. امرأة صلبة حكيمة، ذات فهم وفطنة لم تَشْكُ أيّ ترهّل في الذاكرة. اهتمامها بأحفادها الكثر وحنوّها عليهم جعلهم يحرصون على زيارتها في الأعياد والعطل، يُشْركونها أخبارهم، مسراتهم وهمومهم فلا تبخل عليهم برأي سديد (…) -
موتى بلا عذاب
1 آذار (مارس) 2007, ::::: رحاب الصائغجلس الرجل على الكرسي الذي يكاد أن يفقد لمفاصله التراخي والانسحاق، وبجلوسه عليه غيّر الكرسي رأيه وحاول الصمود ريثما يقوم من فوقه. لكنّ الرجل وجد أن الجلوس مريح في هذا المكان. فعقد حاجبيه وصوبّ نظره على الزهرية المنفوخة البطن وحلقها الرفيع تعلوه بعض الزهور الذابلة رؤوسها. ظلّ يحدق تارة في بطن الزهرية، وتارة في زهورها إلى أن فقد الكرسي كلّ طاقته في التحمل وتهاوى فلم يكن أمام الرجل إلاّ محاولة الإمساك بشيء لكي يستند عليه فلم يجد غير الزهرية فهوى الاثنان معا وشهد التحطم.
الاثنان كانا قرب حافة (…) -
الحاجة أمرّ
25 أيلول (سبتمبر) 2013, ::::: لطفي حتيرةقطرات تتساقط. قطرات تتابع ثمّ تسيل على الأرض هنا وهناك. جداول صغيرة وبرك تكبر وتتّسع.
قدماك في الوحل تخوض. رجلاك في الطّين اللزج اللازب تدوس وتغوص. شلك حذاؤك يوقّع النغمات ويردّد الزفرات بعد أن امتلأ ماء ونفايات ساخرا ومستهزأ. ثيابك تنزّ وأنت تئزّ وتهتزّ. تآكلت أطرافك وصدأت أعصابك. بعضك يأكل بعضا وينخر السّوس عظامك وأطرافك.
المطر لا يكفّ ولا يهدأ. سماء قريبة وكئيبة ونفسك غريبة وحزينة. ما أشبه اليوم بأمس وأوّل أمس! وما أتعس القلب! ذاتك مهترئة. متهرّئة. خرقة بالية. قصّة باهتة. شخوصها (…)