قال لي ذات يوم: "تحبين أنصاف الأمور". ربما كان محقاً، فأنا أكره النهايات. لكنّه حتماً مخطئ أيضاً؛ فأنا أعشق الحدود.
ربما انصياعي الضمني لفكرةِ حتميةِ النهايات كان مبالغاً فيه، أو ربما انتابني شعورٌ تراكميّ بالخذلان من ممارسات الزمن التي تعبثُ -بكلّ فضولٍ- في ترتيب الفصول في أعمارنا. لكنّه قالها مرتعداً وكأنّ هاجسَ الخوفِ من الرحيل قد استوطنَ لحظتها كلَّ مواضع الأمان في نفسه.
وما بين الحدود والنهايات، سكنتْ الذكرياتُ المتأرجحةُ نحو الحياة حيناً، ونحو الرحيلِ الباردِ أحياناً.
لم أسكنْ (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
تحبين أنصاف الأمور
25 أيلول (سبتمبر) 2014, ::::: مرام أمان الله -
فرعون والشاعر المتمرد
1 حزيران (يونيو) 2018, ::::: فراس ميهوب= خمس سنوات تصرّمت، قبلناك طريدا، من أرض كنعان، ادّعيت الهرب من الخوف، تقول إنّك من يافا، ما يدرينا لعلّك لصّ، أو قاتل؟
= هل بدر منّي في مصر ما يدخل الشّك إلى قلب الوزير؟
= نعم، أنت تتغنّى بطير فرّ من قفص، وتنشد للعشّاق تحت المطر، بل تنظم الشّعر عن جمال القمر، وتعمّدت قاصدا، أو تناسيت متجاهلا، أن تمدح الملك المعظّم الّذي آواك.
= تعرف يا حضرة الوزير أنّي لم أقل شعر الإطراء في حياتي، كما الهجاء.
= سكتنا عنك كلّ هذا الوقت، ولكنّ شهرتك زادت عن الحدّ، وباختصار أمامك حلّ من اثنين، إمّا أن (…) -
الدعاء الأخير
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: وفاء عليخرج متعب الفقير من مكتب المدير وقد بدت على سحنته، التي تكسوها طبقة غير مرئيّة من غبار الذلّ، علاماتُ التعب والإرهاق واليأس، فقد رفض المدير طلبه الذي تقدّم به منذ أيّام لزيادة أجره الشهريّ، كما رفض منذ مدّة كلّ الطلبات التي رفعها إليه لمنحه مبلغا معيّنا من أجره مقدَّما.
وها هو الآن قد شارف على الإفلاس، ذاك الذي خبِره طويلا فيما مضى، ويكاد ما بحوزته من مال لا يكفي لشراء ما يتبلّغ به هو وأسرته ذات الأفراد السبعة ليومين قادمين، فضلا عن عشرٍ بقِينَ لحلول الشهر الجديد.
وبدأت الأفكار تجتاح (…) -
اصبر
25 آذار (مارس) 2015, ::::: زكي شيرخانها أنت قابع هنا، متلفع بخوفك. مسيّر إلى مجهول ليس في ذهنك منه إلاّ صورة باهتة الألوان، متشابكة المعالم. ما زلت رغم طول الساعات التي قضيتها في هذا المسار غير مستوعب تماما لما أنت فيه. كيف دُفعت إلى ما أنت به؟
أنت لم تهضم بعد ما جرى. لم تستطع أن تصدق كل ما جرى، بكل هذه السرعة. ما هذه الصور التي تستحضرها ذاكرتك؟ كيف يتسنى لك وأنت تحت هذا الكم الهائل من القلق أن تتذكر كل هذه الأحداث؟
ما الذي ذكّرك بهذه المرأة المتدلي ثديها لاتجاه فم رضيعها الذي مالت رقبته في حجرها وقد رسمت قطرات حليب مخلوطة (…) -
ترتيب قلب
1 نيسان (أبريل) 2008, ::::: فتيحة المتشوبعدك، هنا بعد الفجر، وضعت يدي على أيامي، وفكرت في العالم الذي صادفني، في المملكة التي تحتويه أو يحتويها، فكرت في تعبي ورغبتي الملحة في البقاء على حال الكلمات زمنا أطول، فكرت في الواقع الذي يؤدبنا لنكون اجتماعيين جيدين، وفي مكان الضوء داخلي الذي لا يعبأ بالاجتماعي ويريد أن يظل ملء نفسه.
لم أتمدد على سريري، ولم أعم في أحلام جميلة، لكنني وضعت نفسي على رأسي أحمي انفلاته الذي مر وأرتب قلبي على أحلام محتملة.
بقيت هكذا مدة زمنية قصيرة، نهضت بعدها خائفة، ومرتعشة، وتعبة من تعب الكلمات وأثر (…) -
الحقيقة الغائبة
1 شباط (فبراير) 2008, ::::: ربا الناصربخطى سريعة عبرت الشارع المزدحم بالسيارات. وفي مساحة ضيقة، اتخذت مكانا لي في مقهى صغير، هربا من قيود الواقع المحيط بي ورغبة مني في إطلاق العنان لأفكاري في التجوال في روحي، فالحياة غدت رتيبة بالنسبة لي، ولم أعد أشعر بطعم التغيير في كرور أيامها المتماثلة الأحداث، لكن هذا المقهى هو القمة التي أعتليها، لأشرف منها على جميع أحداثي السابقة.
كان الجو حارا، يعبق بدخان النرجيلة المتكدس كجدار يكاد يطبق على أنفاسي. كنت أجلس في حينها بالقرب من النافذة المطلة على الشارع أتتبع من خلالها حركة المشاة على (…) -
وأضاعهـا النسيان
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: مهند فودهعزيزي: اشتقت إليك كثيراً رغم أنك معي كل يوم، ولكن بماذا يفيد جوارك لي وأنا لا أعي وجودك بجانبي يا حب العمر؟
اعذرني فليس بيدي ما حل بي ولا بيديك، واغفر لي إن لم أستطع أن أستكمل ما كنا نصبو إليه، فلقد زادت تعاستك بزواجنا ولم تجن معي ما كنا ننشده من هذا الحب. وهبت لي كل جميل، ومنحتك أشد أنواع الألم، وتحملتَ راضيا بلا شكوى أو ملل. أغدقت عليَّ بحنانك واحتويتني، فأبادر بسؤالك "من أنت؟ وأين أنا؟"
أدرك جيدا الآن كم تتعذب، كم هو موجع حينما لا يهتدي إليك حبيبك وهو بين يديك! كم كاد أن يفتك بك الهلع (…) -
عَجزٌ
1 آذار (مارس) 2023, ::::: زكي شيرخان. يوم كان الجنود الأمريكان يحتلون شوارع بغداد والمدن العراقية
.
. = هل أنتِ في عجلة من أمركِ؟
= لا أدري ما الذي أقوله لكَ، ما كان عليّ أن ألتقيكَ. إلحاحك جعلني أوافق على ما ندمتُ عليه ما أن انتهت مكالمتنا الهاتفية.
اكتسحني الغضب. نهضت من مقعدي وبصوت منخفض يتناسب والمكان، وبنبرة عانيت كثيراً كي أجعلها هادئة، قلت لها:
= تفضلي، سأوصلك إلى بيتك.
ألجمتها ردة فعلي غير المتوقعة. اغرورقت عيناها بالدموع. في هذه اللحظة كان النادل قد وصل وبيده قائمة الطعام.
= إن كنت لم ترتح للمنضدة (…) -
كسر الحاجز
1 آذار (مارس) 2007, ::::: مصطفى نصركنت أصلى العشاء بمسجد أبى العباس المرسي، فقد حرصت منذ أن أحلت على المعاش أن أصليها هناك. بينما كنت منشغلا بالصلاة، لاحظت أن رجلا يتابعني، رأيته بطرف عيني، ولمت نفس لأنني اكتشفته، فالمفروض ألا أراه، أو أحس به وأن أكون خاشعا تماما في صلاتي فلا أرى ما حولي، لكنه ألح في مطاردتي. بعد أن أنهيت الصلاة، والتفت يمينا ويسارا لأسلم، وجدته بجواري، قال:
"تقبل الله منا ومنك."
وضعت يدي في يده وتمتمت. وقفت استعدادا لمغادرة المسجد، فسار خلفي ممسكا بحذائه، قال:
"ألا تعرفني، إنني عباس جارك."
ابتسمت (…) -
وحي الجدات
1 كانون الأول (ديسمبر) 2008, ::::: هيام ضمرةما كان لجيهان أبدا أن تتنبأ بمثل ما حدث اليوم، وما ظنت أن ذلك سيلقيها في متاهة الدهشة إلى حد الضياع، وكأنما انقطعت بها السبل إلى رمل متحرك وكثبان تكاد تلتهمها قهرا ووجعا، وجع اللحظة الصادمة وقد بعثت شرارة قدحها في حزنها، بل غضبها، فانطلقت عنها زفرة ثورة حائرة، لازمتها لليال تالية راودها فيها الشجن، عكّر بالفوضى أفكارها واغتال على سحابة اللوم نومها، لا تفتأ الأفكار تنهشها كما الجوارح المنقضة على فريستها لا تتركها إلا أشلاء.
لماذا يحدث لها ذلك؟ ولماذا يخطئ الآخرون في ترجمة مشاعرها الطيبة، (…)