كدت أغيب في نشوة مفعمة بالسّرور، ملأت قلبي وجوانحي بكلّ حبور، فغرقت في تأمّلي الرّوحانيّ متساميا، وكأنّي أحلّق في الفضاء عاليا، وقد استبدّ بي الحنين إليها، فدمعت عيناي خشوعا، واختلجت أنفاسي خضوعا.
الكنافة النّابلسيّة في طبق يزينه الفستق المبشور الأخضر، كأنّه بساط من العشب النّاعم، وقد سُقيت بالقطر فارتوت، وازدانت بحلّة حمراء قانية، اتّسق سطحها الأملس فجاء متجانسا، ورقّ قوامها فغدا هشّا، وانكسرت إحدى زوايا قطعة الكنافة ذات الشّكل الرّباعيّ لهشاشتها.
دمعت العين، وتسارعت الأنفاس، وخفق القلب (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
رحلة في طلب الكُنافة النابلسيّة
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: سمير كتاني -
النبوءة
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: أياد خضيرجلسَ القرفصاء في مكانه الذي يشعر به بالارتياح والدفء والأمان. أدركَ أنَّ شيئاً ما قد يحدث فيما بعد، شيئاً مغايراً لما هو مألوف. إنّها سيول جارفة تزيل معالم القرية
ظلّ يتردّد بالبوح إلى أهل القرية، خوفاً من عدم تصديقه، كما في المرة السابقة، ففي يوم ما أبلغهم بأن غربانا ناعقة تمخر عباب السماء تنذر بالشؤم.
نعتوه بالمجنون. أشبعوه ضرباً. وعندما جاءت الغربان وعملت ما عملت أخذ الناس يعطفون عليه.
البعض الآخر قـــال عنه إنّه ساحر وإنّ هذه الطيور جاءت بفعل سحره.
وفي يوم من الأيّام قـــال لأهل (…) -
قطرة ندى
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: هدى الدهاناستلقي على غصني وغطاء من خيوط الفجر يزحف بعيدا عني. أتململ. اغتسل بقطرات الندى، وأنفضُ ما قد علق بي من تراب ربما ألقته عليّ ريح ما وظنت أنها ستشوه نضارتي ورونقي، فإذا بي ازداد تألقاً بحبات الندى أنظمها عقدا حولي. ولن يمضي وقت قصير حتى تشرق شمس دافئة حنون فتُبعد ثقل الانتظار ليبدأ يوم جديد استمتع فيه بحلاوة الحياة أكثر.
ها قد جفت القطرات على جسدي، وبدأ يتألق بلونه الربيعي الأخضر ويشع نضارة. التفت يمنة ويسرة، أُصبّح على وريقات مثلي.
"صويحباتي، هيا نرقص ونمرح."
وتأتي ريح فتراقصنا وتضحك (…) -
إحباط
1 حزيران (يونيو) 2022, ::::: زكي شيرخانمجلسها على الرصيف أمام المقهى التي اعتادت ارتيادها، اتخذته، وأمامها قهوتها، وفي يدها سيجارتها، تراقب المشاة باتجاهين، وكذا الحافلات الحمراء. قبلها، وعندما كانت تتناول إفطارها البسيط في الفندق الذي لا تغيره كلما زارت لندن، اتصلت صديقتها مُخبرة إياها أنها ستكون عندها الساعة العاشرة. ألقت نظرة على ساعتها، أمامها ما يقرب من ساعة. الجو، حسب الأنواء الجوية، سيبقى مشمسا، ربما إلى الليل، وهذه فرصة للسير على الأقدام لمسافات طويلة.
رغم الألم الذي يجتاحها، تصر على قضاء أيامها المعدودة في الفندق ذاته، (…) -
كاليغولا
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: أحمد العبيديكانت المدرجات تموج بالهتاف العاصف لهذا الفوز الساحق لدرجة مفرطة في الأهمية. الصراخ يصدر من جميع الاتجاهات. يدور حولها. تتفاعل معه أحيانا وتضمحل أحيانا أخرى. الأيادي ترتفع ملوحةً كموج البحر فتسد عليها حاجب الرؤيا، حتى تضطر للوقوف على أصابع قدميها لتتبين ملامحه وسط العواصف التي تقطع عليها أنفاسها تارة، كما تقطع عليها أحلامها وتأملاتها تارةً أخرى. اخترقت الجمع بكامل رونقها كشعاع شمس في ماءٍ بارد، ودارت بعيداً حيث يخيِّم السكون على المكان، وزرقة الصوت قد غدت اشدّ قتاماً، بينما النظرات كانت مسمرة (…)
-
لحظة حب
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصأوشك حفل الزفاف على الانتهاء. أُدخل المصور إلى القاعة ليلتقط الصور التذكارية للعروسين مع افرد العائلتين والأصدقاء. إنها الفترة الوحيدة القصيرة التي يسمح فيها للرجال بالدخول إلى قاعة النساء، ويبدأ الأهل والأقارب والأصدقاء بالصعود إلى المنصة جماعات صغيرة وأخرى كبيرة. أطفال. عجائز. شابات. شيوخ. شباب. فتيات. فتيان. بشر من مختلف الأعمار. أزياء من مختلف الألوان. أجسام من مختلف الأحجام. وجوه تجعدت، وأخرى ملساء كتفاحة التقطت للتو من الشجرة. وجوه ضاحكة. وأخرى لا تبتسم. يصعد كل واحد وفي نفسه خاطر أو (…)
-
سر القماشة السوداء
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: عبد الهادي شلاعلى عجل كان استدعاء الشيخ إبراهيم إلى بيت الحاجة معــزوزة، التي استردت وعيها من غيبوبة لازمتها ثلاثة أيام وما أن أفاقت حتى طلبت استدعاءه. توجس خيفة كل من اجتمع ببابها من أبناء وأحفاد ومن رجال ونساء العائلة.
قطع المسافة على عجل، تسبقه ضربات عكازة في الأرض تارة وفي جدار الزقاق الضيق تارة أخرى وهو يتمتم بآيات من القرآن، ويستعيذ بالله، ورغم أنه ضرير لا يرى منذ أن كان طفلا إلا أنه يعرف كل تضاريس الطريق إلى بيت الحاجة معزوزة، وعدد الـحـُفـَر، فقد ظَـن الصـِبيَة أنه يدعي العمى حين رأوه ذات مرة (…) -
ليس بيدي
25 أيار (مايو) 2015, ::::: أحمد عبد اللهفي ذلك الوقت من كل يوم، اعتادت أن تراه في قمة تألقه. بنظارته الشمسية وسواد حذائه وساعته في يسـراه. بطلبه المعتاد على الصباح في هذا المكان الأنيق. دخان القهوة المتصاعد يضفي عالما مميزا من الرقيّ مع لمسة خشبية في التصميم تعطيك إيحاء بالسكون والفخامة.
كل ذلك يزول تأثيره بمجرد وصوله. عطره يجبر الورود المتفتحة على امتصاص روائحها لهيمنة وجوده. تنتظر أن ترى عينيه لتضيء المكان من غمامته على الرغم من إضاءته. أيا كانت ألوان ملابسه، تتغير الألوان المحيطة به لتتلاءم معها. أحيانا توقن بأنه ليس بشـرا، (…) -
صور من المقهى
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: سالم ياسينتلاقت عيناهما عرضاً. ابتسمت في سرها ونصبت صدرها ممعنة بإبراز جمالها، واختطفت نظرة أخرى لترضي غرورها بمدى حسن من يرمقها بالنظر. ومضت مزهوة.
تساءل في سرّه: متى ينتهي هذا الكسول من احتساء قهوته وينفحني قليلاً من المال؟ ليته يتردد على المقهى أكثر فأكثر "فالقرش على القرش يجمع."
كان يملأ المقهى مرحاً وجذلاً بخصلات شعره الذهبية. تكور كرشه ولم تعد تلمع عيناه إلا حين يستلم مني غلّة اليوم لورثة أبيه.
رماد في عينيه وإرهاق من يوم حافل. يخربش بعض الكلمات بحدس. لمجيء صديقتها الحسناء برفقتها ستأخذ (…) -
سأختار حلمي
1 آذار (مارس) 2007, ::::: ربى عنبتاوي"لو عدت إلى الوراء وفكرت كم من السنين قضيتها في الواقع، وكم في الخيال لرجحت كف الأخيرة بلا منازع. تلك هي حياتي وذاك هو عقلي، جاءا معاً متشابكين، اتفقا على اختيار عالم هش، غير ملموس، طفولي أو بريء ربما، لكنه الأجمل."
أومأ برأسه وكأنه يؤيد ما تقول، ونهض مشيرا إلى انتهاء الوقت، وقال:
"تحتاجين إلى لقاء آخر أو ربما اثنين. لا تقلقي العلاج لن يطول، ما تحتاجينه لا يتعدى بضع جرعات من الواقع."
"لا." قالت بقرف.
شكرت الطبيب، وهي تسير في شوارع المدينة، تتأمل فترينات المحال التجارية، الوجوه، الكل (…)