لا تزال حتى الآن تصغي إليه وهي حائرة، مدهوشة، لكنها سعيدة به، غير مصدقة لما يسمعها من نغمات عذبة وساحرة، تتلفت حولها في كل الاتجاهات، تبحـث عـن سـر هـذا الصـوت الشجـــي، لا أثر له. تسأل نفسها مجددا: من أين يأتي؟ ومن هو صاحبه؟
لا تعرف هويته حتى الآن، بداخلها تتكاثف أطياف الأسئلة حول هذا السر الرائع، سر شادي الألحان، لقد غير مجرى إيقاع حياتها الحزين، منذ أن أتاها صوتا فقط، هادرا بكل ترانيـم الحياة،مقبلا عليها بكل عناوين الربيع، منذ أن بدأت تصغي إليه، أيقظ الرمّان الغافي على وجنتيها، أنعش ندى (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الطائر السري
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: فنار عبد الغني -
حلم مسروق
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زهرة يبرمحي قصديري بائس يجثم على مساحة أرضية قد أصبحت موقعا لبداية مشروع عمراني جديد. عشرات الأكواخ المشيدة بفوضوية لا تزال تحتل الموقع منتظرة دورها في الهدم، وساكنوها معلقة قلوبهم بأمل الترحيل إلى مساكن جديدة تليق بآدميتهم على هذا الكوكب.
في هذا المكان الغارق في الظلام، إلا من قمر قد التهم ظل الأرض معظم قرصه، يوجد كوخ مضاء ببعض الشموع بعد أن فصل عنه خيط الكهرباء الذي كان يصله من إحدى المباني القريبة. إنه كوخ العم منوّر وابنته مايا.
الابنة مايا لا تعمل هذا المساء، فهي عاملة بإحدى المستشفيات ليلا. (…) -
ضاع في زحمة المدن الكبرى
25 نيسان (أبريل) 2014, ::::: إبراهيم يوسففي موقف للعموم في شارع الحمرا [بيروت]، ركن سيارته في ظلّ شجرة قريبة من المدخل، وأشار على زوجته أن تتصفح مجلّتها وتنتظره ريثما يعود. قطع الشارع وانعطف قليلا إلى اليسار، ثم دخل بخطى مطمئنّة إلى محل البرادعي [1] لبيع الأحذية، أجود وأغلى أصناف الأحذية في المدينة. كان قد تلقّى دعوة لحضور زفاف، وعليه أن يبدو في المناسبة بعد أيام بكامل أناقته. وهذا المحل نال شهرة واسعة في صناعة الأحذية، وله فروع في مختلف مدن المحافظات. في العاصمة أيضا له فرع آخر؛ يقع في أول كورنيش المزرعة لناحية البحر، ليس بعيدا (…)
-
ما وراء الصمت
1 آذار (مارس) 2017, ::::: فنار عبد الغنيمن بين الخطوط الشفافة، المتعرجة، الطويلة، الصاعدة والهاربة من بين شفتيه، ومن بين الخطوط المتعرجة بشكل أفقي على جبهته السمراء، ونظراته المتأرجحة بين بحيرتين: بحيرة الوله وبحيرة الحيرة. بحيرتان ضاعف صمته المفاجئ وغير العادي من اتساعهما، فبدتا كأنهما عالمان من الدوائر المتشكلة خلف بعضها البعض. دوائر من الحيرة تخفي في تيهها هوّات من الحزن والسكون. من خلال تلك الملامح، كانت وحدها تستطيع قراءة ذهنه المتوقد عادة فكرا عميقا.
الرجل الوقور، المتزن عقلا وشكلا، والذي يغزو بفكره أفكار الآخرين، كان يجلس (…) -
نحن والحزن
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: محمد التميمينحن كتلة واحدة ولدنا سويا ونعيش ملتصقين كتوأم سيامي، لا نحن نستطيع الانفصال عن الحزن ولا هو يقبل أن يبعد عنا. نبرع بسرد الحزن، ونتقن سرد حكاياته ورواياته. نبرع في تعظيم الفرح الواهم لنختمه بطامّة كبرى.
وحكاياتنا على عكس كل الحكايات الأخرى تبدأ بالفرح وتنتهي بالترح، لتبقي طعم المرارة ملتصقا بالفم والحسرة ساكنة في القلب حتى حكاية أخرى، تذيقنا حلاوة في البداية ننسى معها مرارة الحكايا السابقة، وتنفرج بها أسارير القلب لتعود مرة أخرى وتقصم ظهورنا بحزن أشدّ ومرارة أقوى، تجتمع فيها مرارةَ ما سبق (…) -
انكسار الذاكرة
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2011, ::::: ظلال عدنانطاردته في منامه. جميلة ممشوقة القوام، تتقاطر عذوبة. عيناها غازلته، ويداها دعته: أن تعال.
اتكأ على جرحه النازف متمسكاً بأهداب حلمه يحاول النهوض، بل الصعود إليها، وما أن نجح في ذلك حتى فرّت من أمامه فرار الغزال الشارد من صياد ماهر.
سريعةً كانت، كومض فكرة في الخاطر، وهو أبطأ به حمل أوهنه.
أشارت إليه: أن تخفّف من بعض أحمالك؛ فلعلك تحظى بي.
تردَّد، احتار، ثم اختار.
وعلى قارعة الطريق ألقى حقائب زمن موهَن برطوبة الذكرى، انتشر فيه العفن فاخضوضر خضرة خادعة.
نهض من جديد أخفّ وأسرع وأقرب (…) -
الحقيبة
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: أشواق مليباريوقفت تنظر إليّ وأنا أستعد للخروج، قالت متوسلة:
"متى تغيرين هذه الحقيبة؟"
"تعجبني، فهي تذكرني بسنوات الدراسة."
"لكنها بالية الأطراف يا ابنتي."
"إنها كثيرة الجيوب، تتسع لملابس الصغيرة، ومريحة في الحمل."
ابتسمْتُ لها وقبّلت يدها، ثم أسدلت غطاء وجهي.
هزّت رأسها كمن أعيتها الحيلة، ثم ودّعتنا وتمنّت لنا رحلة سعيدة.
كان الطريق طويلاً، طويناه في الأحاديث المسلّية، والنقاش المفيد، ولم يقطعه إلا فضول الطفلة وضجرها تسأل عن وقت الوصول، حتى استغرقت خليّة البال في نوم مريح.
حين بلغنا (…) -
الحصاد
25 تموز (يوليو) 2014, ::::: إيمان يونس(1)
بعد عدة سنوات من تنقل قضيتها من قاض إلى قاض ومن محكمة إلى محكمة، نُطق بالحكم النهائي بأحقيتها في حضانة وحيدها مع إلزام طليقها بكافة نفقات القضية وأتعاب المحاماة مع تخصيص نفقة شهرية للأبن ولها.
(2)
كرست كل وقتها وجهدها لأبنها، ولازمته عند ذهابه للمدرسة وإيابه. أمسى عالمها الذي تدور في فلكه وتعيش لأجله، تناست أنوثتها التي أهينت وهي في أوج عنفوانها، رفضت كل الرجال وأكتفت به رجل اليوم والغد.
(3)
حرصت على أن يشب رجلا بمعنى الكلمة، دائما ما تكرر على سمعه إياك والدموع يا ولدي إنها لغة (…) -
الأحلام المضغوطة
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: بشير عمري=1=
في الليل يسبح بي فراشي دوما إلى حيث فضاء أحلامي من دون يسراي. أفقدها على بساطه السحري دوما في أول نقطة من رحلة الحلم ولست أدري كيف؟ ولماذا؟ سألت مرة المرحومة جدتي التي كانت بارعة في ترجمة أحلام الناس وهم يأتون إليها من كل فج من بلدتنا عن ذلك، فبشرتني بخالص الحلال الطيب الذي به فقط سأعيش ما حييت، بينما ضحكت الدكتورة فبيان صديقة خطيبتي اللبنانية ريتا الخبيرة في علم النفس والمقيمة بباريس ملء الفيه وأنا أروي لها في أولى مكالماتي معها عبر الساتل بالإنترنت حكاية جسدي المبتور في الأحلام (…) -
الخاتم
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: زكي شيرخانلم يعد يملك من ممتلكات شخصية ذات قيمة إلا هذا الخاتم الثمين الذي لم يعد يتلاءم مع مظهره المتواضع ولا مع إمكانياته؛ وأشياء أخرى، ليست ذات قيمة، وكتب كثيرة.
الخاتم، حسب ما أخبره والده، كان لجده، وبعد أن تختم به سنوات طويلة، أهداه لأبنه يوم تخرجه من الجامعة.
إنه يعرف أن جده كان صانع أحذية في أحد أسواق العاصمة التي امتدت إليها يد التحديث في فترة ماضية فهدّتها، وبُنى على أرضها مجمع سكني. وطالما فكر "ما حاجة جدي في ذلك الزمان إلى مثل هذا الخاتم؟" كان يتطلع إليه فيدهش للدقة والجهد المبذول في (…)