إلى متى يظل العمر يتسرب من بين أيدينا كحبات الماء ولا نشعر به؟ تترك قطراته آثارها على أناملنا، ولكنها حين تضم بعضها بعضا في راحة اليد، لا تجد نفسها تحتضن سوى فراغ.
ليت شفاهها بقيت ظامئة إلى تلك القطرات. تحلم بها. ترويها. وتُنبت الحياة فيها على أن تتذوق طعمها المالح كعرق المتعبين وكدموع الحزن. كلماته في ثورة غضبه ما تزال تذكرها. أصابـع يديه وهو يمسك بشعرها ويهزها لتنطق بكلمة ألم تأبى النطق بها لأنها لا تتألم، فالحرية لا تؤلم. ضرباته التي كان كأنه يضرب بها نفسه ليصحو من عشقه لها. كلماته. (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
حبات الماء
1 آذار (مارس) 2007, ::::: هدى الدهان -
طار الحمام
1 أيار (مايو) 2011, ::::: بسام الطعانسقسقت في حناياه سواقي الإعجاب والانبهار حين رآها لأول مرة، ويا له من شهر، أجمل شهر في كل الفصول، لم ير فيه غير السحر والطيب واخضرار الروح، بعد هذا الشهر الذي مضى على وجوده في الشركة، كتب بنور حبه الأول قصة بدايتها بهجة ونهايتها بهجة، ثم رسم لها صورة زاهية على وجدانه، كيف لا وقد غدت له الدر واللآلئ، وأغنية بدم القلب مكتوبة.
إنها مديرة الشركة التي يعمل فيها، تكبره بعشرة أعوام أو أكثر بقليل، أرملة، لكنها عذبة وخصبة وتشبه حمامة السلام، كلما يراها يقول في نفسه أشياء كثيرة، ونظراته تقول أكثر، (…) -
مدرسة الدباغية
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: نوزاد جعدانكان يقلّب الأفكار في دماغه، كما تدوّر الغسالة الجوارب في قاعها، في مساء شتائي بارد جدا، لا شخص يرنو في قماط الأرض هذا، وحده زهير يستند على عمود كهرباء قديم، يخرج سيجارة من جيب معطفه الدافئ، يسحب منها عدة أنفاس وينفثها على مهل، ربما تزيل التوتر الذي رافقه عدة أيام، منذ نجاته من جولة الكر والفر الطويلة من الشارع الذي تتمركز فيه قناصة النظام.
يحملق في كل مكان من حوله، لعله يجد مأوىً يقيه هذه العاصفة الثلجية التي تجعله يقيد يديه في جيبيه، إنه شباط حلب المشهور بالصقيع والبرد.
تأمل زهير مدرسة (…) -
المبنى الجديد
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: مصطفى نصربدأت المشكلة حينما صعد حسن، وهو واحد من شاغلي المبنى الجديد، مع زوجته صبرية إلى السطح لتعليق هوائي التليفزيون (اريال). الليلة كانت شديدة الإظلام، والجو موحش. ظلام في كل مكان. أرض فضاء سوداء حول المبنى، ويظهر مبنى الإدارة الكبير من بعيد، بعض حجراته مضاءة. لكن الهواء كان منعشا.
دار حسن وصبرية حول المبنى للبحث عن المكان المناسب لوضع الهوائي. أطلا من فوق الجدار القصير الذي يحيط بالسطح. كل الحجرات أمامهما مكشوفة، والحمامات وحجرات الطبيخ. عدد كبير من الحجرات مضاء. شاهد حسن ولدا صغيرا يجري داخل (…) -
رفــض
1 أيار (مايو) 2008, ::::: جعفر أمانعاد للحياة بعد أن اختار بطوعه أن ينزوي عن مجتمعه. وأن يبتر كل علاقة له بالعالم الخارجي. مختزلا عالمه بغرفة مظلمة بعيدة عن الضوء، عدا شعاع بسيط تسلل من الكوة الصغيرة، واصطدم بعمود دقيق بعثره إلى أشعة متناثرة كأصابع اليد.
كان يمارس الشرود الدائم. وكأنه يستجدي أيام طفولته وشبابه أن تعود. رافضا كل محاولة لإخراجه مما هو فيه. مفضلا العزلة على دوامة الحياة. مشيّدا سياجا عاليا يحمي به نفسه، لكيلا تطاله يد ولا تبصره عين.
وكما اختار بطوعه الانزواء، عاد بطوعه بعد سنين نافضاَ عنه الغبار المتراكم على (…) -
ماذا أفعل بذيلي؟
1 كانون الأول (ديسمبر) 2009, ::::: نعيم الغولاطمئن يا قارئي الكريم فأنا آدمي إلا أن لي ذيلا. ذيلي هذا جاء معي كلون عيني من بطن أمي، إنه ذيل وراثي. لم يأت أبدا من دلق المديح لأي كان انتظارا لإحسان. لم ينبت على أرض ذل. وهو لا يهتز لأنّ لا سيد لي.
إنه ذيل طويل ثخين موشى بشعر أشقر وبَرِيّ ناعم، ويحلو لي ثقب بنطالي من الخلف كلما زرت حديقة من حدائق الأطفال المنتشرة في مدينتي. أدير ظهري لأطفالها، وأسمح لهم بلمس ذيلي دون مقابل حين تكون المرة الأولى، ثم بمقابل حين تشتد الرغبة بأحدهم فيرغب بالتمسيد. مع لمسات الأطفال على ذيلي أشعر بالسلام يعم (…) -
رقعة شطرنج
1 آب (أغسطس) 2006, ::::: ربى عنبتاوييا حياتي المبعثرة بين سلوكيات البشر الهوجاء وذاتي الطموحة، يا عالمي المتمرد على الفشل والتصنع والخطيئة، يا أيامي المنتظمة الحظوظ، خالفي القاعدة يوما واحدا واجعلي انتقامك يومين لا بل ثلاثة واتركي لي الغد، يوما سعيدا إن لم يكن مهرجان فرح، ولتعلمي أن حياتي رقعة شطرنج، فلا أنا منكرة ذلك ولا من رسم خارطة أيامي، فيا قدري أسعدني من شروق الشمس لغروبها فقط ليوم واحد، لحلم واحد.
تلك كلمات نظمتها وهي تسيل الشمع على شباك غرفتها ذي الزجاج العاكس، كانت تتأمل تراقص أغصان الزيتون الغاضبة من عدائية رياح (…) -
براءة بعد التعب
1 حزيران (يونيو) 2017, ::::: نازك ضمرةأطاعها ولد في مثل عمري، وأمسك بي، فدفعته بعنف من شدة فزعي منها، فوقع من شدة سرعتي.
صاح الولد من شدة الألم، وصار يسب ويلعن. تحامل على نفسه حقدا عليّ، أو ترضية لها، ثم واصل الجري معها.
ظلت هي والولد يتبعانني. تعب الولد بعد دقائق قليلة، ثم استسلم وارتمى على الأرض. كنت أحسست بأنني قاربت على النجاة منها بسبب ابتعادي عنها.
تنبهت، فإذا بملوحة تدخل فمي، بسبب العرق الشديد الذي ينز من كل مكان في جسمي ووجهي، حتى أن عيني تضببتا بسبب دخول ملح العرق فيهما.
فركت عيني، وفجأة جاءتها قوة سحرية بعدها، (…) -
فستان سهرة راس السنة
27 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, ::::: إبراهيم يوسفالنَّص من نسج الخيال. أي شبه مع أشخاص أو أحداث أو أماكن محض صدفة.
انتصف النهار ولمَّا يزلْ يغطُّ في نوم عميق، فمعالي الوزير تهالك ليلة الأمس على الفعلِ الحرام، وأفرط في الأكل والسهر والشراب، وحينما أقبلتِ الخادم توقظه من النوم، وتخبره أن وفدا من مؤيديه أتى يزوره للتهنئة بالعيد، فتح عينيه قليلا وقال لها حانقا برما: "قولي لهم البارحة كان العيد". وعاد فدفن رأسه في الوسادة ليستأنف نومه من جديد، والخادم تولاها الخجلُ من الجماعة، فصرفتهم بلباقة، ولم تقل شيئا.
أما حرمُ معاليه، فقد أفاقت من (…) -
ذاكرة الصّد
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: هيام ضمرةمِنْ قاع ذاكرة البدايات، حينَ بدأتْ معالم النضوج تختبر وجودها على قارعة الخلجات، كان ذلك في زمن غارق في القدم، صار مجرد ذاكرة تترنح على حافة منحدر، حملت برودة الزمن في أعطافها، تطوف اليوم ذاكرتها أمام ناظريّ دونما سبب وجيه، فهل تراكَ تذكُرُ ما أذكر؟ أتذكر معي تلك اللمحات؟ أم تراك أنتَ الآخر ألقيتها بعيدا إلى أنْ اعتلاها الموج وسحبها إلى القيعان البعيدة فصارت نسيا منسيا؟ أحقا يمكنك أنْ تنسى حكاية صدود أثارت حفيظتك، وملأتك مع الحزن مهانة أمام نفسك دون قصد من الطرف الآخر؟
كنا يومها نخترق جدار (…)