اشترى حامد تذكرة القطار الذي لن يصل قبل الساعة العاشرة صباحا، وكانت حينها التاسعة، فاغتنم الفرصة لزيارة الحلّاق ليحلق رأسه، وهكذا لا يضيّع الوقت في الانتظار.
قصد حامد محلّ الحلّاق نشطا فرحا يفكّر في رحلته التي تأخذه إلى عمله المستقبلي. بعد نصف ساعة من السفر على متن القطار، من المفروض أن يكون في محطّته المنشودة. وبعد عشر دقائق من السير، يصل إلى الشركة، أي قبل الموعد بعشرين دقيقة. وهكذا يثبت مدى التزامه وانضباطه، فضبط المواعيد معيار للإحساس بالمسؤولية.
وعندما يصل يعلم المسؤولين بقدومه. (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
أذكى حيوان
25 آذار (مارس) 2015, ::::: طه بونيني -
الكأس السابعة
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: نوزاد جعدانلم تعد تثق بشيء في هذه اللاجدوى التي تعيشها، لا تثق إلا بغرفتكَ وهي أيضا ليست ملكك إنما إيجار شهري من جيوبك الخاوية دائما، تحاول النوم، تتقلب، تعد أصدقاءك الذين ماتوا بدلا من عدّ الخراف؛ تلك الطريقة التي علمونا إياها في المسلسلات الكرتونية، تصادفك كوابيس مرعبة تحاول شنقها على حِبال البامياء التي كانت تعلقها جدتك أمام عتبة بيتكم في القرية، تلك التي تزوج فيها والدك في السابع من تموز عام 1977.
تعود لتحتسي من زجاجة الخمر بمنظرها الكئيب، تتجرع كأسك السابعة على الشرفة المطلة على مدينة عارية من (…) -
غفلةُ النسيان
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: هيام ضمرةكانتْ مُفعمةً بالاهتمام، فيما تنهمكُ بحوارٍ مُشوِّق مع زميلاتِها حول مسألة التشبث بالمبدأ، على مائدةِ الغداء في مطعم الفندق ذي الخمسة نجوم، عقبَ انتهاءِ جلسات المرحلة الصباحية مِنْ أعمالِ المؤتمر، فيما الحوارات على المناضدِ الأخرى، تشكِّلُ بأصواتِ شاغليها رجالاً ونساء، هسيساً عالياً نوعاً، يشبهُ إلى حدٍ كبير جاروشة الحبوب، هو في العادةِ هذا حالُ المكان الذي يَجْمعُ جُموعاً مِنَّ البشر المناوحين للآراء المختلفة، ويشتدُ بهم وطيس النقاش. لكنها لاحظتْ عينين تتعمدا تركيزَ نظرهما نحوها، وما عادتْ (…)
-
"خليكي عايشة"
1 كانون الأول (ديسمبر) 2009, ::::: غادة المعايطةطلب متواضع جدا من صغيري: (خليكي عايشة). كلما أخذه الحنين إلى حضن أمه (خليكي عايشة)، يتكور بين ذراعي ويرجوني (خليكي عايشة). هو جلجامش في كيان الصغير واليافع، وبالغ أرذل العمر، الحالم دوما بنبتة الخلود، الرافض التسليم بفنائه الأبدي.
يقول ول ديورانت (Will Durant) صاحب كتاب قصة الحضارة: الموت "أصل الديانات كلها." بأي لغة أو صيغة يمكنني أن أشرح أو حتى أقرب المعنى لصغيري؟ هل أقول له إن الديانات كانت استجابة لقلق الإنسان تجاه الموت؟ هل أقول له يا فيلسوفي الصغير إنك تبحث في علم الوجود وإشكالية (…) -
جسد لفستان الأميرة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: بشير عمري=1=
قلق الحاجة إلى ممارسة أهم طقس من طقوس استقبالي لريتا ينهشني من الداخل، فهي كما الوضوء قبيل الصلاة. ما إن يقترب موعد لقائي بحبيبتي ريتا حتى أخرج المرآة الصغيرة التي اشتريتها من أحد المحلات الباريسية من جيبي وأتفقد نظام خلقتي بأكمله. وأذكر أنني ذكرت الأمر هذا مرة لأحد الأصدقاء المغتربين العرب فضحك كثيرا وهو يداعب لحيته الطويلة بقبضة يده قبل أن يسألني:
"كما الوضوء تقول. وإن لم تجد المرآة فهل ستتيمم؟"
والرجل على هزله كان مصيبا. أنا أيضا جاريته في هزله إذ قلت له:
"إني لا أعدم وسيلة (…) -
أنصال في طين الروح
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: رانيا مأمونلقطة واسعة
امرأة تنحني لتلتقط أحجاراً تقذفها على الكلاب التي تنبح وراءها. الوقت تجاوز الثانية عشر ليلاً. حاويات وشاحنات كبيرة تتجاوزها المرأة في سيرها على أرض غير منبسطة تعلو وتهبط، وخلفها جوقة الكلاب. تزيد قلّة الإضاءة من صعوبة السير.
"هو هو هو"
"جر جر"
"هو هو"
تواصل قذف الحجارة. تنفد من يدها. تنحني لتلتقط أحجاراً أخرى.
"جر جر جر"
تجاهد المرأة للوصول إلى الأسفلت حيث الضوء أكثر سطوعاً، علّها تجد ما يقلّها. عسكري الدورية ينهر عنها الكلاب بطلق ناري يمزق سكون الليل ويعكِّر رائقه. (…) -
ضجيج الصمت
1 آب (أغسطس) 2008, ::::: نواف السنجاريمن خلال الفسحة الصغيرة بين الوسادة والبطانية أبصرتُ حين فتحتُ عيني عنكبوتا يتربص بذبابة. ابتسمتُ، فقد ذكرني كيف كنتُ أتربص -ذات يوم- بصبية حسناء أمام باب الجامعة، وأوقعتها أخيرا في شباكي. تلك الأيام كانت أجمل ما في حياتي. نخرج معا ونتحدث عن أحلامنا الغضة كحقل نرجس، والبيت الحلم الذي سنسكنه، والأطفال الذين سنملؤه بهم. كنت أرمي رأسي فوق ركبتيها فتمسد شعري بأصابعها الناعمة في ظل الصخرة الكبيرة الموضوعة في حديقة تقع خلف مبنى كلية الآداب.
تلك الصخرة الأسطورية تختلف كثيرا عن هذه الصخرة اللعينة (…) -
إمرأة بلا دموع
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: فنار عبد الغنيالفضاء البعيد، المضيء بنجوم مبعثرة، الرائع بسكونه الصيفي، لم يزد صدرها إلا خفقانا. ودقات ساعة ضخمة، قديمة الطراز تتوسط الصالة الكبيرة في البيت جذبت أعصابها المشدوهة بقوة: "إنها الثانية صباحا. لا بد أنه قد وصل الآن."
تنهدت ببطء شديد وهي تتكئ على الجدار قبل أن يجرها العطش إلى الثلاجة. شربت وشربت وشربت ولم تشعر بأي برودة في جوفها. تابعت صب الماء فوق رأسها ووجهها وعنقها ويديها، لكن دون جدوى. لا زالت تشعر بالظمأ وبدبيب حمى مشتعلة في كل عروقها.
عادت إلى الرواق الطويل تدور فيه شرقا وغربا، تسرع (…) -
الفستان الأحمر ونصوص أخرى
25 نيسان (أبريل) 2012, ::::: إبراهيم يوسفعلى القمَّة
لم يعدْ يكفي الدجاجات ديكٌ واحد.. والديكُ الآخر الذي اشتراهُ صاحبُ المزرعة أثارَ حفيظةَ الديكِ الأول، وحَرَّكَ الغيرةَ في قلبِه، لأنه تَعَوَّدَ الاستئثار وحده بالدجاجات. طارَ صوابُ الديكِ الأصيل من الوافدِ الغريب، وتعاركا على النفوذِ بين الدجاجات في صراعٍ تَخَضَّبَ بالدماء. تَوَقّفَ القتال؛ وأسفرتِ المعركةُ على مرأى من الدجاجات، عن هزيمةِ الدِّيكِ الطًّفيليِّ الغريب، فانزوى ذليلاً مهاناً في زاويةٍ من زوايا الخم.. بينما راحَ الديكُ الأصيل ينفشُ ريشَه، ويمشي "مُزْبَطِراً" (…) -
بعض من حبات اللؤلؤ
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: رانيا عبد العالكعادتي في كل مره أشعر بالحزن فيها، أركض إلى البحر. ولكن حزني كان يفوق في شدته كل ما حدث في حياتي، في هذا اليوم بالذات بكيت كما لم أبكِ في حياتي، إحساس مرير أن تهدي أحدهم أغلى ما لديك، قلبك، ليرده إليك مجروحا حزينا غائر الطعنات.
إنه الحب، ذلك الجنون، ذلك الألم، نعم الألم. لم يكن حبي لها عاديا، بل كان يشبه في قوته الأساطير والقصص الرومانسية. كيف لا، وأنفاسي وروحي ودمي تشهد عليه، لقد كانت عيني تفضح نظرة حبي المشتعلة لها، فإذا التقَت عينيّ بِـعيّنييها لحظة، كم كنت أحس بأن كل حروف الشوق والهيام (…)