عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

عدلي الهواري

كلمة العدد الفصلي 23: حراسة اللغة العربية


د عدلي الهواريصدرت مجلة "عود الند" الثقافية في مطلع حزيران (يونيو) 2006 للمساعدة على الحد من تدهور مستويات الكتابة بالعربية، بعد أن كشف ظهور الإنترنت ومواقعها ضعفا صادما في التمكن من اللغة العربية. ولكن هذه الرغبة لم تكن تعني أن المجلة تقوم بدور "حارس" اللغة العربية، فحراسة لغة ما مسألة إشكالية، فماذا تعني تحديدا حراسة اللغة؟ وما الذي سيُحرس؟ ومن المؤهل للقيام بدور الحارس؟

هل اللغة الفصحى القديمة كلغة القرآن الكريم هي التي تحرس أم الفصحى المعاصرة؟ وماذا تعني الحراسة: حماية اللغة من استخدام مفردات جديدة؟

وعلى افتراض وجود ما يُحرس، من هو المؤهل لحراسة اللغة العربية؟ هل هو الذي تخصص في اللغة العربية في الجامعة، أم المتمكن من قواعد النحو والإملاء؟

يخيفني أن يكون للغة حراس لأن في ذلك نوعا من الوصاية الدكتاتورية على اللغة وعلى مستخدميها وكيفية استخدامها.

استخدامات اللغة متعددة، ولم يفلح وجود مجامع لغة عربية في الحيلولة دون انتشار ضعف استخدام اللغة، وخاصة بعد ظهور الإنترنت وتوفر منبر للكتابة لكل شخص في العالم، ولم تعد الكتابة للنشر تمر عبر شخص يقرر إن كانت جيدة وصالحة للنشر حسب تقييمه، والإنسان طبعا غير منزه، فلا توجد ضمانة أن التقييم كان دوما عادلا وصحيحا.

ولا ينتهي الجدل حول استخدام العاميات والفصحى. الثانية هي لغة الإعلام، وتحديدا نشرات الأخبار. أما عدا ذلك، فهي غير مستخدمة في البرامج والمسلسلات، إلا إذا كان المسلسل من النوع التاريخي، وهذا النمط من المسلسلات قليل مقارنة بغيره.

ورود مفردات عامية أو حوار بها أمر شائع في القصص والروايات والمسرحيات، والجدل يقتصر على ضرورة كتابة كل العمل بالعامية أو بالفصحى. والحل الوسط لا يزال بعض العامية ضمن سياقات يجيزها العمل الأدبي.

هل يحق لمحبي اللغة العربية الحرص عليها، وحث مستخدميها على إتقان قواعد النحو والإملاء؟ لهم الحق، ليس في ذلك شك، ولكن التشجيع لا يكون بتنصيب جهة أو أشخاص حراسا للغة العربية.

عندما تعيش في دولة أجنبية تتحدث الإنجليزية مثلا، أحد الأمور التي تعيق تعلمك اللغة هو أن يصححك المتحدث الأصلي بها كلما قلت أو كتبت شيئا ليس بالدقة التي يتوقعها من يصححك. كذلك الأمر بالنسبة إلى اللغة العربية، إذا لم تعط الفرصة للكتابة والتعبير دون ترك هامش لك والوقت لتتعلم على مهلك، فسوف يكون موقفك تجاه اللغة الخاضعة للحراسة النفور والكراهية، ويشمل ذلك حراسها.

قد يبدو أن رأيي في مسألة حماية اللغة متناقض، فأنا قلت إني أردت أن تساعد المجلة على الحد من تدهور مستويات الكتابة والمساعدة على الكتابة بلغة عربية سليمة، وفي الوقت نفسه لست من أنصار حراسة اللغة. الحقيقة ليس ثمة تناقض. العلاقة مع اللغة يجب أن تكون علاقة حب، وبلا وسطاء أو أولياء أمور.

حب اللغة يحثك على إتقانها دون إكراه أو وصاية من أحد. إذا ورد في مشاركة بعض الأخطاء، نصححها وننشر. لا نستخدم الأخطاء لإصدار أحكام مطلقة على مدى تمكنك من اللغة، أو لرفض نشر المشاركة.

اللغة ملك مستخدميها، وليست تحفة من النوع الذي يحفظ في المتاحف ويكتب قربه ممنوع اللمس (إلا للمختصين في المتحف)، أو مبنى مؤسسة لا يدخلها إلا من يبرز على مدخلها بطاقة هوية تجيز له الدخول. لذا، من يعتقد أن لديه دور حراسة اللغة فهو يحرس شيئا متخيلا له مواصفات في خياله ومن يفكرون مثله.

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2021     A عدلي الهواري     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

خطاب اللاوعي في فصول من حياة جبرا إبراهيم جبرا

حضور العملة في شعر العصر العباسي

الشعر النسائي العربي بكندا

إطلالة على مهرجان المربد في دورته 34

رحيل ناشر الآداب سماح إدريس