عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

د. لطيفة حليم - كندا

الشعر النسائي العربي بكندا


لطيفة حليمصدر عن دور النشر الكثير من الشعر النسائي العربي في كندا خلال منتصف القرن العشرين بالعربية والانجليزية والفرنسية. وظهر الزجل قبل الشعر منذ نهاية القرن التاسع عشر ولم يتيسر له النشر، وتم تداول الكثير منه بين الأوليات من النساء في لقاءاتهن المغلقة، علما بأن أغلبهن هاجرن من جبل لبنان، ونذكر منهن [1]: أسما شحلاوي التي هاجرت سنة 1882 وتوفيت بمونتريال عام 1927، وآني مدلج التي هاجرت سنة 1885 وتوفيت في كندا عام 1947. ومنهن من ولدن بكندا. على سبيل المثال: أسما حداد (1909-1999). تناقلن بعض القصائد الزجلية التي لها حنين إلى بلاد الشام.

ولا نجد إصدارات عربية في هذا الخصوص، إلا بعض ما تداولته وحفظته ذاكرة الجيل الثالث عن جداتهن، مثل ما كانت تحفظ بعضا منه الحفيدة ليديا صيقلي (1915-2012). وقد
ظهر جنس الشعر الكندي من أصل عربي متأخرا بالنسبة للكندي من أصل أوروبي. تقول في هذا الصدد الباحثة الأكاديمية نانسي هيوستن: "هل سألنا السكان الأصليين إذا كانوا متفقين مع مبادئنا، قبل أن نغتصب أراضيهم، لتزهر عليها ثقافتنا نحن بالفرنسية والانجليزية؟" [2]

اشتغلت في هذا المقال المقتضب على بعض القطع الشعرية لشاعرات كنديات من أصل عربي، لأنني أومن بالبصمة التي ميزت شعرهن المنفتح على المكتسبات الإنسانية والتطلعات المستقبلية نحو السلام.

آن ماري ألانزو: شاعرة وباحثة أكاديمية كندية من أصل مصري. ولدت بالإسكندرية سنة 1951 وتوفيت بمونتريال عام 2005، وقد هاجرت إلى كندا سنة 1963. تكتب باللغة الفرنسية.

رحت من ميناء الإسكندرية إلى ميناء هاليفاكس. اسمع سلطان [3] ثلوج في كل مكان، من حولنا كثير من الثلوج العظيمة الميتة. إلى هاليفاكس أربعون يوما: الإسكندرية. بيروت. طرابلس. القدس. بيت لحم. نابولي. روما. مرسيليا. جبل طارق. المحيط الأطلسي. والليل [4] "تقولين إذا كنت مضطرة للبقاء طويلا في هذا المستشفى فإنني أحب أن أرى الإسكندرية[5].

لم تدرج الناقدة فريدة النقاش [6] اسم آن ماري ضمن شاعرات الإسكندرية. هل الكتابة باللغة الفرنسية وبحروف لاتينية، تفقد الشاعرة الانتماء إلى مدينتها، مع أن الشاعرة يسكن جسدها بمونتريال وقلبها بالإسكندرية؟ يبقى السؤال مفتوحا.

منى لطيف غطاس: باحثة أكاديمية تكتب باللغة الفرنسية. كندية من أصل لبناني [7]. ولدت بالقاهرة 1946، هاجرت إلى كندا سنة 1966. لها ديوان عنوانه "جمال العالم الحزين" [8]، أقتطف منه قصيدتها الرائعة "مرثية مصر لأم الصمت"[9]، وهي تحكي موت جدتها في مصر. القصيدة مكونة من لوحتين: الاضطراب والاطمئنان. لوحة للجدة الميتة التي ترقد مطمئنة تحت تراب مصر، ولوحة الحفيدة الحية التي تهبط مضطربة داخل ثلوج كندا.

"الرمل ينام على آثار مصر. عنك أريد أن أتكلم في الصمت. سأوصي لك بكل هذا، للنساء الحلي والذهب والياقوت، وللرجال رموز وهمية معلقة على الجدران".

الشاعرة في كثير من القطع الشعرية تشير إلى أن الجدة نجت من الموت بالبقاء في تراب مصر. الجدة حية في الكون قائمة فيه مدى التاريخ لا تزول. تنقلها من الغياب ومستلزماته العدمية إلى الحضور ومستلزماته الكونية والماثلة في البقاء الترابي. الجدة حاضرة في حياة الطيور التي تغذت من جسدها الساكن في تراب مصر. رحلت الجدة إلى عالم الصمت وهي تودع رمال مصر الذهبية، وتركت الحفيدة تغوص في أعماق الذات الأنثوية لتفصح عن صوت أنثوي جديد يلغي صمت قرون مضت من حياة كل نساء العالم، وبهذا تكون رحلة الجدة رحلة جسدية، ورحلة الشاعرة رحلة رمزية. إن لم تستطع أن تودعها في مصر فإنها ستتكلم عنها في كندا.

رلى الجردي روائية وشاعرة وباحثة أكاديمية كندية من أصل لبناني. تكتب باللغة العربية. هاجرت إلى كندا 2004. لها ديوان عنوانه " كليلى أو كالمدن الخمس" [10]. تقوم القطع الشعرية على التعارض الحاصل بين غائب/حاضر، ظاهر/باطن، كون/عدم. الكتابة الشعرية هنا عبارة عن فرار من العدم إلى الكون. للعدم ألفاظ تدل عليه في القصيدة الغائبة: لا جسد؛ لا إخراج؛ لا ذوق؛ توعد؛ جلد؛ وشاية؛ إلى آخره.

سوزان سامي جميل: شاعرة وناقدة وقاصة ومترجمة كندية من أصل عراقي. تكتب باللغتين العربية والإنجليزية. هاجرت إلى كندا سنة 1999. لها ديوان عنوانه "بيزار" [11] ومنه المقطع التالي:

أنت الواحد الذي هو أنا
يقولون إني أحبك
لا، بل أنا أحب نفسي
بي حاجة للفرح
لن أبوح بها.
حين الشوق يشتعل احمرارا
يصير رفاقي: طيفك والشعر والقمر.

القطعة الشعرية عبارة عن لمعة صوفية من إيحاء "روحه روحي وروحي روحه" للحلاج. أنت = أنا. أنت + أنا = واحد.

= = =

الهوامش

[1] لطيفة حليم، أنطولوجيا، منشورات فكر. الدار البيضاء. 2016 . ص 28

[2] الشمال المفقود: نانسي هيوستن. ترجمة نفيين النصيري. القاهرة، دار شرقيات، 2005، ص 80.

[3] Ecoute Sultane. Editions l’Hexagone, Poésie (Québec), 1987, p. 42.

[4] Et la nuit .Editions Média Presse,(Québec )2001.

[5] Et la nuit. p. 63

[6] فريدة النقاش، شاعرات الإسكندرية: من عباءة الرومانسية إلى الواقعية، مجلة أدب ونقد، عدد 99، نوفمبر 1993، ص114-120.

[7] صلاح ستيتيي، نادين اللطايف، منى لطيف غطاس: لطيفة حليم. محاضرة. مونتريال: مؤتمر الذات والآخر. جامعة مونتريال, 6-1-2001.

Université de Montréal - Forum - Édition du 5 novembre 2001.

[8] La triste beauté du Monde. (Poèmes) Edition du Noroit, Montréal, 1993.

[9] La triste Beauté Du monde. p 90- 97

[10] كليلى أو كالمدن الخمس، بيروت، دار الفارابي .2016

[11] بيزار. ديوان شعر . Omagatht 2019/USA .

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2021     A لطيفة حليم     C 0 تعليقات