حسين سيد السيوطي - مصر
ظاهرة الحذف عند العُكْبَريّ في كتابه «التبيان في إعراب القرآن» في ضوء اللسانيات المعاصرة
ملخص البحث
تعد ظاهرة الحذف من الظواهر اللغوية الشائعة على مستويات اللغة الثلاث (الصوتي-الصرفي-التركيبي)، فهذه الظاهرة موطنها الرئيسي في المستوى الصوتي؛ لأنه أعمق وأصل ما يليه من مستويات، وفي هذه الورقة البحثية نسلط الضوء على تلك الظاهرة من خلال كتاب التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العُكْبَريّ (ت: 616ه)، وهو من أحد علماء التراث العربي المشهود له بالتبحر في العربية.
المقدمة
اهتم اللّغويون والنحاة والقراء العرب القدامى وحتى المحدثين بالظواهر الصوتية وأولوها عناية كبيرة، إذ تعتبر من أهم الموضوعات التي ضربت جذورها في التراث العربي، فذهبوا يستنبطون أحكامها في الإدغام الإعلال والإمالة، الإبدال، والنبر والتنغيم وغيرها من الظواهر الصوتية.
وفي هذا البحث المعنون بـ((ظاهرة الحذف عند العُكْبَريّ في كتابه «التبيان في إعراب القرآن» في ضوء اللسانيات المعاصرة)) نتناول ظاهرة الحذف ومحاولة تفسيرها في ضوء التفسيرات الصوتية الحديثة.
ولعل اختيار الباحث كتاب التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العُكْبَريّ؛ إقرارًا بحقيقة نبوغ العرب في هذا العلم، فالبحث الذي نحن بصدده يؤكد على قيمة علماء العرب في الاهتمام بعلم الأصوات من خلال النموذج التطبيقي المتمثل في التبيان، والعُكْبَريّ رحمه الله كان رائدًا من الرواد الذين تعرضوا للدرس الصوتي عن طريق توجيه القراءات القرآنية، والوقوف على تفسيرات البنى الصرفية كما جاء كتابه التبيان في إعراب القرآن، وكذا إعراب القراءات الشواذ.
الدراسات السابقة
= أبو البقاء العُكْبَريّ وأثره في الدراسات الصرفية، رسالة ماجستير للباحث عبد الغني بن حاج محمد دين، جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية بالقاهرة، مصر.
ركزت هذه الدراسة على النواحي الصرفية كما في العنوان المذكور، وأعربت هذه الدراسة عن مجهودات العُكْبَريّ في الدراسات الصرفية من حيث تأثره بأسلافه تارة، وتأثيره على لاحقيه تارة أخرى، وفي هذا الصدد جاءت دراسة توأمية بعنوان:
= أبو البقاء العُكْبَريّ صرفيًا، مجيد خير الله راهي الزاملي، كلية الآداب، جامعة القادسية، العراق، 2002م.
أكدت الدراسة أن العُكْبَريّ اعتمد على مصادر متنوعة تمثّلت بالأعلام والكتب، فقد أفاد من مجموعة كبيرة من الشيوخ الذين سبقوه، فاستقى منهم مادّته الصّرفية، واعتمد على عدّة مصنّفات؛ لأنّ كثرة المصادر تعطي فرصة للمصنّف أن يحلل المسائل ويعرض الآراء، ويبين الوجوه المحتملة في المسألة الواحدة.
واتفقت الدراستان على كثير من النقاط في كينونة المادة الصرفية لدى العُكْبَريّ ومنها على سبيل المثال:
== كان العُكْبَريّ بصريّ المذهب، إذ وافق البصريّين في معظم المسائل الصّرفيّة الّتي تناولها، وعلى الرّغم من بصريته كان صاحب رأي، يناقش، ويحلّل، ويردّ.
== تأثر أبو البقاء بمن سبقه من علماء العربية؛ لأنّه وجد في كتبهم ضالّته وبغيته، إذ وجدناه يردد آراء الخليل وسيبويه والكسائي والفرّاء والأخفش والمازني والمبرّد وابن السّراج، وأبي عليّ الفارسي وابن جني وابن الخشاب والزمخشري وغيرهم.
== للعُكْبَريّ قدرة كبيرة على المناقشة والمحاججة يدلّ على ذلك ما وجدناه في كتبه من مباحث صرفيّة أفصح فيها عن مذهبه الصّرفيّ، وأورد الحجج والأدلة التي تؤيّد انحيازه للمذهب الذي ارتضاه.
= أبو البقاء العُكْبَريّ وتوجيهاته اللغوية للقراءات في كتاب التبيان، مصطفى رمضان أحمد الوحيشي، رسالة جامعية (ماجستير) من كلية الآداب، جامعة الفاتح، ليبيا 2008م.
تعرضت الدراسة للقراءات القرآنية على الحد الأغلب، فركزت على توجيه القراءة والفصل في ماهيتها من حيث التواتر والشذوذ، وربطها بلغة القبائل العربية، والوقوف على بعض الظواهر اللغوية التي ارتبطت بها، ولا ينكر الباحث فضل هذه الدراسة؛ لما فيها من توجيهات أعانت على توجيه القراءة بالحد الأمثل، وقد استعان الباحث في هذا الصدد بمعجمين معاصرين، هما:
== معجم القراءات القرآنية، د. أحمد مختار عمر، ود. عبد العال سالم مكرم.
== معجم القراءات القرآنية، د. عبد اللطيف الخطيب.
= منهج أبي البقاء العُكْبَريّ في كتابه «التبيان في إعراب القرآن»، بحث في مجلة كلية الآداب جامعة كركوك العراق، للدكتور عماد عبد المجيد علي.
ركزت هذه الدراسة على كتاب التبيان ومؤلفه، فقد تناولت ترجمة العُكْبَريّ والوقوف على ملامح عصره، ثم ركزت بشكل دقيق على منهجية العُكْبَريّ في كتابه التبيان، فقد عززت هذه الدراسة كثير من المعلومات التي احتاجها الباحث في الحديث بشكل موجز عن ماهية التبيان كما سيأتي في المطلب الثاني من التمهيد بالبحث.
المبحث الأول: العُكْبَريّ وجهوده الصوتية الصرفية
العُكْبَريّ: هو الإمام، المفسر، الفقيه، المُقرئ، الفرضي، اللغوي، النحوي: عَبْد اللَّه بن الحُسَيْن بن أَبِي البقاء عَبْد اللَّه بن الحُسَيْن، الإِمَام العلّامة محبّ الدِّين أَبُو البقاء العُكْبَريّ[1] الْأصل البَغْدَادِيّ الْأزَجِيّ الضَّرير النَّحْوِيّ الحَنْبَلِيّ الفَرَضِيّ، المتوفى: 616هـ [2].
ولد العُكْبَريّ في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة (538هـ/1143 م)، قاله غير واحد. وأمّا نشأته فلا نعرف عنها شيئًا، إِلَّا أنّه أُضِرَّ في صباه بالجدري فَعَمِيَ. والظن بمثله من أهل عصره أنه طلب العلم صغيرًا ورحل فيه، وسمع الحديث وفروع العلم الأخرى، حتى علا كعبه كما حكى لنا أصحاب السير.
وتتلمذ العُكْبَريّ على يد كثير من العلماء أشهرهم: أبو الفرج ابن الجوزي (ت: 598 ه)، وأبو حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني (ت: 556 ه)، والقاضي أبو يعلى الفراء (ت: 560ه).
تُنسب إليه الكثير من المصنفات، منها:
** التبيان في إعراب القرآن ويسمى إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن، وقد طبع في القاهرة وبيروت والرياض، وهو الكتاب الذي يدور حوله البحث.
** اللباب في علل النحو، وطبع باسم: اللباب في علل البناء والإعراب، تحقيق غازي مختار طليمات، في دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1995م.
** إعراب الحديث النبوي، طبع بتحقيق عبد الإله نبهان، مجمع اللغة العربية بدمشق، الطبعة الأولى، 1397هـ /1997م، والطبعة الثانية 1407هـ /1986م.
** شرح ديوان المتنبي، ويرى مصطفى جواد أن هذا الكتاب ليس للعُكْبَريّ وإنما لتلميذه ابن عدلان. وقد طُبع الكتاب مرات عديدة، في كلكتة 1262هـ، بولاق 1261 - 1287هـ، وفي مصر 1303 - 130هـ، وفي مصر بالتحقيق سنة 1936 -1938م، وفي بيروت: دار المعرفة) بتحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي سنة 1400هـ.
** مسائل الخلاف في النحو، وقد نُشر باسم مسائل خلافية في النحو بتحقيق من محمد خير الحلواني، حلب، 1971م.
** مسائل نحو مفردة، نُشر بتحقيق من ياسين محمد السواس، مجلة معهد المخطوطات العربية، الكويت، المجلد 26، الجزء الثاني.
ومن شِعره في الوزير ناصر بن مهديّ العَلَويّ:
بكَ أضحى جِيدُ الزَّمانِ محلّى = = بَعْدَ أنْ كَانَ مِنْ حُلاه مُخلّى
لَا يُجاريك في تجاريكَ خَلْقٌ = = أَنْتَ أغْلى قَدْرًا وأعلى محَلّا
دُمْت تُحيي ما قد أميت من الفضـ = = ـــل وتَنْفي فقرًا وتطردُ مَحلا[3]
وتوفى ليلة الأحد ثامن ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمئة 616 ه، ودفن من الغد بمقبرة الإمام أحمد بباب حرب، رحمه الله تعالى.
كتاب التبيان
يُعد كتاب التبيان من أوائل الكتب التي تنوعت لغويًا في النظر إلى الشاهد القرآني، فلم يكتف العُكْبَريّ بذكر الإعراب ولكن تناول الشاهد القرآني في ضوء المستويات اللغوية الأربعة، وكانت التفسيرات الصوتية لها الجانب الأكبر بعد الجانب الإعرابي
منهج العُكْبَريّ في كتاب التبيان[4]:
= قدم العُكْبَريّ لكتابه (التبيان) بمقدمة موجزة مبينًا فيها دواعي تأليف هذا الكتاب بحجم صغير، يقتصر فيه على ذكر الإعراب ووجوه القراءات.
= يميلُ أبو البقاء إلى الإيجاز والاختصار بشكل غالب، ولكن توقف، وفق نظره، عن الجوانب التي تستدعي تفسيرًا تفصيليًا، ومن أمثلة الوقفات التفصيلية: حذف الألف في اسم، وذلك في إعراب البسملة[5].
= اعتنى العُكْبَريّ بالتفسيرات الصوتية على النحو التالي:
== ذكر مخرج الحرف وفق نظرة القدماء للمخارج.
== ذكر صفة الحروف تمهيدًا لتعليل الظاهرة الصوتية.
== ذكر الظاهرة الصوتية من إبدال وإدغام وإمالة وذلك وفق المصطلحات الصوتية القديمة.
= ذكر تنوع القراءات في الشاهد القرآني دون التوجيه الاسمي.
= الرجوع إلى أصل الكلمة تمهيدًا للتحليل الصرفي.
= ذكر الخلاف بين اللهجات تحت مصطلح (لغة) دون ذكر أهل اللغة[6].
فوائد التبيان:
= قد أورد العُكْبَريّ أهم وجوه القراءات وبين إعرابها.
= يشير إلى معنى الآية ومعنى القراءات التي يوردها.
= يذكر القواعد النحوية العامة التي يعتمد عليها في الإعراب، ويؤيد رأيه بآراء من سبقه من النحويين[7].
إشكالية الاسم
ذكر الزركلي أن هناك كتابًا آخر للعُكْبَريّ يُعرف بـ«إملاء ما مَنّ به الرحمن مِنْ وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن»[8]، كذلك ذُكر هذا الاسم دون غيره في كتاب معجم المؤلفين[9]، وهذا الاسم أثبتته الطبعة المصرية، والّتي كانت سنة 1389هـ، وصوّرت في بيروت سنة 1399هـ، وجاء في آخر الكتاب: «وهذا آخر ما تيسّر من إملاء كتاب التّبيان في إعراب القرآن».
وقد نال هذا الاسم حظًا ليس بقليل في مواضع ذكر أهل التراث والحداثة، ولاسيما في حواشي المحدثين من المهتمين بأمور التحقيق والدراسات القرآنية، والباحث كغيره من الذين تناولوا هذه الإشكالية وما آلت إليها من غموض في معرفة حقيقتها، وعلة تسميتها برغم تطابق المتن هنا وهناك. [10].
المبحث الثاني: ظاهرة الحذف في الدرس اللغوي
تعريف الحذف
الحذف في اللغة: القطع والإسقاط؛ جاء في الصحاح: «حَذْفُ الشيءِ: إسقاطُه. يقال: حَذَفْتُ من شَعْري ومن ذَنَبِ الدابَة، أي أخذت... وحَذَفْتُ رأسَه بالسيف، إذا ضربته فقطعتَ منه قطعةً»[11]. وفي لسان العرب: «حذَفَ الشيءَ يَحْذِفُه حَذْفًا قَطَعَه من طَرَفه والحَجَّامُ يَحْذِفُ الشعْر من ذلك... والحَذْفُ الرَّمْيُ عن جانِبٍ والضرْبُ»[12].
لقد عني القدماء، من نحاة وبلاغيين، بدراسة هذه الظاهرة، لكن بعضهم خلط بين الحذف والإضمار؛ ولذلك قال أبو حيان: «وهو موجود في اصطلاح النحويين، أعني أن يسمى الحذفُ إضماراً»[13].
وقال الشهاب الخفاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي[14]: «وقد يستعمل كلٌّ منهما بمعنى الآخر كما يعلم بالاستقراء».
لكن بعضهم تنبه إلى ضرورة التفريق بين الحذف والإضمار؛ ومن ذلك الفارسي حيث يقول: «وقد يحذف حرفُ الجر، فيصل الفعلُ إلى الاسم المحلوف به وذلك نحو: اللهَ لأفعلنَّ، وربما أُضمِر حرفُ الجر، فقيل: اللهِ لأفعلنَّ».
أسباب الحذف
أ- التقاء الساكنين: إذا التقى ساكنان في كلمة واحدة أو كلمتين، وجب التخلص من التقائهما بحذف أولهما أو تحريكه؛ ومن ذلك حذف لام الفعل الناقص عند الاتصال بواو الجماعة مثل: يسعون، وحذف عين الفعل الأجوف في حالة جزمه مثل: (لم يَصُمْ) [15].
ب- توالي الأمثال: ومن مظاهره: التقاء نون الرفع من الأفعال الخمسة مع نون التوكيد؛ حيث تحذف نون الرفع وتبقى نون التوكيد، مثل: (تتبعانِّ)
ج- حذف حروف العلة استثقالاً: الفعل المثال الذي فاؤه واو تحذف في المضارع استثقالاً؛ نحو: (وقف - يقف) (وعد - يعد)، بدلاً من (يَوْقَفُ) و (يَوْعَدُ) [16].
د- حذف الهمزة استثقالاً: مثل همزة الفعل (رأى) تحذف في المضارع فيقال: (يرى) بدلاً من (يرأى) [17].
هـ- الحذف للوقف: ويكون في النطق لا الكتابة؛ مثل حذف الضمة والكسرة المنونتين عند الوقوف؛ نحو: (هذا زيد) و(مررت بزيد)؛ فننطق بالدال من كلمة (زيد) ساكنة.
ح- الحذف للنسب: مثل حذف تاء التأنيث؛ فنقول في النسب إلى فاطمة: (فاطميّ)، وحذف بعض الحروف مثل (جُهَنِيّ) في النسب إلى جهينة، وحذف عجز الجملة المنسوب إليها وحذف عجز المركب المزجي، فتقول في تأبط شرًّا: «تأبطيّ»، وفي بعلبك «بعليّ». أما المركب الإضافي، فإن كان صدره ابنًا، أو كان معرفًا بعجزه، حُذِف صدره، وألحق عجزه ياء النسب، فتقول في ابن الزبير: «زبيريّ» وفي أبى بكر: « بكرىّ»[18].
ط- الحذف للترخيم: والترخيم حذفُ أواخر الأسماء المفرد تخفيفًا، من خصائص المنادى لا يجوز في غيره إلا لضرورة الشعر؛ كقولنا (يا سُعَا) في ترخيم (سُعَاد) [19]
المبحث الثالث: ظاهرة الحذف في التبيان
أولاً: الحذف بتأثر الأصوات المجاورة
إن الحديث عمّا يعقبه مجاورة الصوت للآخر ليس بجديد بالنسبة للدرس الصوتي الحديث، فقد سبق أهل التراث المعاصرين حول الحديث عن تلك الظاهرة بيانًا وتقعيدًا، وقد لاحظ الخليل أن اللغات تختلف في ذلك، وما قد يتلاءم مع أمة ربما لا يتلاءم مع أمة أخرى. ولاحظ أيضًا أن الأذن العربية قد تستسيغ أصواتًا معينة لا يستسيغها غيرها، وأن اللسان العربي قد ينطق بتركيب خاص لا ينطق به لسان غيره، وأن العرب كانوا يأبون تأليفًا خاصًّا من الكلمات لا يأباه غيرهم، مثل إبائهم اجتماع واوين أول الكلمة، والابتداء بالساكن، واجتماع حرفين ساكنين [20].
ويقر علماء الأصوات المحدثون أن الأصوات اللغوية يتأثر بعضها ببعض في المتصل من الكلام؛ فحين ينطق المرء نطقًا طبيعيًا لا تكلف فيه، نلحظ أن أصوات الكلمة الواحدة قد يؤثر بعضها في بعض، كما نلحظ أن اتصال الكلمات في النطق المتواصل قد يخضع أيضًا لهذا التأثير حيث يختلف من صوت لآخر، فمن الأصوات ما هو سريع التأثر يندمج في غيره أكثر مما يطرأ على ما سواه من الأصوات[21].
المجاورة مصطلح أطلقه علماء العربية القدماء على إعطاء الشيء حكم الشيء إذا جاوره [22]. قال ابن جني: «إذا جاور الشيء الشيء دخل في كثير من أحكامه» [23]. وسماه سيبويه الإتباع بالمجاورة [24].
ويتبين من ذلك أن المجاورة تأثر اللفظ باللفظ الذي قبله من الناحية الصوتية سواء كان في بنية الكلمة، أم في حركاتها البنائية أم الإعرابية؛ لهذا نعد المجاورة ضربا من التجانس الصوتي يتأثر فيه الصوت السابق باللاحق , وما يسمى في علم اللغة الحديث بالتأثر المقبل، أو أن يتأثر اللاحق بالسابق وما يسمى بالتأثر المدبر [25].
والمجاورة عند علماء العربية القدماء على نوعين: أحدهما تجاور الألفاظ. والآخر تجاور الأحوال، فأما تجاور الألفاظ فهو على ضربين: الأول: في المتصل، والأخر: في المنفصل [26].
ومن القواعد المهمة في أولويات التقدير الناتج عن ظاهرة الحذف الصوتي أن يكون العنصر المحذوف الأول أو الثاني فالأولى بالحذف هو الثاني، سواء أكان الحذف متصلا بالصيغ أم بالتراكيب، ويقع الاحتمال الذي يغلب عليه العنصر الثاني هو المحذوف في المواضع منها [27]:
أولاً: أن يتصل باجتماع نون الرفع من المضارع مع نون الوقاية حيث يجوز الحذف لتوالى الأمثال[28]، قال تعالى: (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 80]
قال العُكْبَريّ: قوله تعالى: (أَتُحَاجُّونِّي): يقرأ بتشديد النون على إدغام نون الرفع في نون الوقاية، والأصل تُحَاجُّونَنِي، ويقرأ بالتخفيف على حذف إحدى النونين [29].
الأصل عند من خفف النون أو شددها: (أتحاجّونني) [30] بنونين، فمن شدّد فإنه أدغم إحدى النونين في الأخرى، ومن خفّف حذف إحدى النونين [31]، استثقالًا للجمع بينهما وكراهة التضعيف، وهذه ما علله كل من سيبويه[32]، وابن السراج[33]، ومال عبّاس حسن إلى تقعيد هذه المسألة على نحو سيبويه كما جاء في كتابه النحو الوافي[34].
(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) [الزمر: 64]
قال العُكْبَريّ: (تَأْمُرُونِّي) وأما النون فمشددة على الأصل، وقد خففت بحذف الثانية؛ وقد ذكر نظائره[35].
وبالنظر إلى فسيلوجية المخرج لصوت النون: يوقف الهواء في الفم وقفا تاما بأن يعتمد طرف اللسان على أصول الثنايا العليا، يخفض الحنك اللين، وبهذا يتمكن الهواء الخارج من الرئتين بسبب الضغط من أن ينفذ عن طريق الأنف، يتذبذب الوتران الصوتيان أثناء نطق الصوت.
فالنون العربية صامت مجهور سني أغن[36].
وهذا التشريح يعلل كينونة الحذف من تجاور صوتين اثنين بنفس الخصائص، ومن هنا جاء الحذف.
ثانيًا: اجتماع تاء المضارعة مع تاء الفعل حيث يجوز حذف إحداهما كما في قوله تعالى: (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى) [الليل: 14].
قال العُكْبَريّ: (تَلَظَّى) سكن التاء الأولى، وأدغمها ووصلها بما قبلها، وكسرت اللام لالتقاء الساكنين [37].
مذهب سيبويه والبصريين أن المحذوف هو التاء الثانية؛ لأن الاستثقال بها حصل، وقد حصل بذلك في شرح الكافية، وقال في التسهيل: والمحذوفة هي الثانية لا الأولى خلافا لهشام، يعني أن مذهب هشام أن المحذوفة هي الأولى، ونقله غيره عن الكوفيين[38].
والمسوغ الصوتي في ذلك أن التاء المنفتحة إذا جاورت الصاد أو الضاد أو الظاء السواكن أو المتحركات، يجب الحذر من أن يسارع اللسان بها وينطقها طاءً، والعلة في ذلك أن التاء والطاء من مخرج واحد، وما يفرق بينهما أن التاء مهموسة منفتحة، والطاء مجهورة مطبقة[39]، وهي أدخل في الفم، وأقرب إلى الصاد من التاء، ولا يؤخذ بعين الاعتبار في هذا الموضع حركة التاء، ولا يلتفت كذلك سكون الصاد[40].
(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف: 3] [41].
قال العُكْبَريّ: «تَذَكَّرُونَ» بالتخفيف على حذف إحدى التاءين، وبالتشديد على الإدغام[42].
وقرئ: (تَذَّكَّرون) بالتشديد[43]، على إدغام التاء في الذال، و (تَذَكَّرون) بالتخفيف [44]، على حذفها، و (يتذكرون) بياء وتاء [45]، على معنى: قليلًا ما يتذكر هؤلاء القوم يا محمد، هذه قراءات الجمهور.
وقرئ أيضًا: (يذَّكرون) بياء والتاء مدغمة [46]، و (تتذكرون) بتاءين [47]، على الخطاب والكلمة على أصلها.
قال ابن يعيش: وادغموا تاء تفعل وتفاعل فيما بعدها فقالوا اطيروا وازينوا وأثاقلوا. وإذا رأوا مجتلبين همزة الوصل للسكون الواقع بالإدغام لم يدغموا، نحو «تذكرون»، لئلا يجمعوا بين حذف التاء الأولى وإدغام الثانية[48].
ثالثًا: نحو «زید وعمرو قائم يحتمل أن يكون خبر زيد هو المحذوف وهو رأي سيبويه؛ لأن فيه إعطاء الخبر للمجاور، ويحتمل أن يكون (قم) خبرا لزيد، وبذلك يكون خبر(عمرو) هو المحذوف.
ومثله قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة: 69].
قال العُكْبَريّ: قوله تعالى: (وَالصَّابِئُونَ): يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل، وبحذفها وضم الباء، والأصل على هذا صبا بالألف المبدلة من الهمزة، ويقرأ بياء مضمومة، ووجهه أنه أبدل الهمزة ياء لانكسار ما قبلها، ولم يحذفها لتدل على أن أصلها حرف يثبت، ويقرأ بالهمزة والنصب[49] عطفا على الذين، وهو شاذ في الرواية، صحيح في القياس، وهو مثل الذي في البقرة، والمشهور في القراءة الرفع[50].
ثانيًا: الحذف للتخفيف
تعد علة التخفيف من أشهر العلل الصوتية التي يُحتج بها أهل الأصوات قديمهم وحديثهم، وهذه العلة مقامها الرفيع في علم الأصوات الذي عالجها وقعدها على مر العصور.
والتخفيف ضده التثقيل، وهذا العلّة، في نظر الباحث، التي تُريح الجهاز النطقي من البنية العميقة الثقيلة.
تندرج آلية التخفيف في النظام التواصلي العربي ضمن القواعد التعادلية اللسانية التي شهدها منطق الاستخدام الشجاع الذي وصفت به العربية، فقد أّكد أحد فقهاء العربية المتميزين أن خطاب العرب الذي يجري في كثير من الأشياء على ما يستخفون وهو بمنزلة ما يحذفون في نفـــس الكلام[51].
ومن أمثلة هذا النوع من الحذف في كتاب التبيان:
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء: 3].
قال العُكْبَريّ: «وَرُبَعَ» بغير ألف؛ ووجهها أنه حذف الألف كما حذفت في خيم، والأصل خيام، وكما حذفت في قولهم: أم والله [52].
وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «وربع» ساقطة الألف[53]، وتلك لغة مقصدها التخفيف كما قال الشاعر: على لسان الضب:
أصبح قلبي صَرِدا = = لا يشتهي أن يَرِدا
إلا عَرَادًا عَرِدا = = وصليانا بَرِدا [54]
والتخفيف هنا، في نظر الباحث، يخدم الشعوب التي يثقل عليها نطق الفصحى بطلاقة، أو بالأحرى حديثة التحدث بالعربية بالمقارنة مع أهل الجزيرة العربية.
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 30].
قال العُكْبَريّ: (لِلْمَلَائِكَةِ): مختلف في واحدها وأصلها، فقال أحدهم في الأصل مألك على مفعل؛ لأنه مشتق من الألوكة وهي الرسالة، ومنه قول الشاعر:
وغلامٍ أرسلتهُ أمُّهُ = = بألوكٍ فبذلنا ما سألْ [55]
فالهمزة فاء الكلمة، ثم أخرت فجعلت بعد اللام، فقالوا: ملأك.
وقال آخرون: أصل الكلمة لَأَكٌ، فعين الكلمة همزة، وأصل مَلَكٍ مَلْأَكٌ من غير نقل. وعلى كلا القولين ألقيت حركة الهمزة على اللام، وحذفت فلما جمعت ردت فوزنه الآن مفاعلة.
وقال آخرون: عين الكلمة واو وهو من لَاكَ يَلُوكُ، إذا أدار الشيء في فيه، فكأن صاحب الرسالة يديرها في فيه، فيكون أصل ملك: مثل معاد، ثم حذفت عينه تخفيفًا فيكون أصل ملائكة مثل مقاولة فأبدلت الواو همزة، كما أبدلت واو مصائب[56].
وقال آخرون: مَلَكَ فَعَلَ مِنَ الْمُلْكِ وهي القوة، فالميم أصل، ولا حذف فيه، لكنه جمع على فعائلة شاذا: (جاعل): يراد به الاستقبال، فلذلك عمل.
(وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا) [النساء: 16]
قال العُكْبَريّ: ويقرأ اللَّذَانِ بتخفيف النون على أصل التثنية، وبتشديدها على أن إحدى النونين[57] عوض من اللام المحذوفة؛ لأن الأصل اللذيان مثل العميان والشجيان، فحذفت الياء؛ لأن الاسم مبهم، والمبهمات لا تثنى التثنية الصناعية، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس، وقيل: حذفت لطول الكلام بالصلة، فأما هذان وهاتين وفذانك فنذكرها في مواضعها[58].
(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 52]
قال العُكْبَريّ: قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ) اللام الأولى أصل عند جماعة وإنما تحذف تخفيفًا في قولك: علك، وقيل هي زائدة، والأصل علك، ولعل حرف، والحذف تصرف، والحرف بعيد منه[59].
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 27]
قال العُكْبَريّ: قوله تعالى: (الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ): يقرأ بالتخفيف والتشديد [60].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة: (الميت) بالتخفيف في الموضعين، وقرأ الباقون: (الميّت) بالتضعيف.
من شدّد فهو على أصل الكلمة [61]، ومن خفّف استثقل تشديد الياء مع كسرها، فحذف إحدى الياءين، وهي الثانية [62]، إذ كان حذفها لا يخلّ بلفظ الكلمة ولا يحيل معناها.
(يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) [هود: 105]
قال العُكْبَريّ: يأتي» فضمير يرجع على قوله: (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ): ولا يرجع على «يوم» المضاف إلى يأتي؛ لأن المضاف إليه كجزء من المضاف فلا يصح أن يكون الفاعل بعض الكلمة إذ ذلك يؤدي إلى إضافة الشيء إلى نفسه والجيد إثبات الياء إذ لا علة توجب حذفها، وقد حذفها بعضهم اكتفاء بالكسرة عنها، وشبه ذلك بالفواصل ونظير ذلك (مَا كُنَّا نَبْغِ) [الكهف: 64] [63]
وقرئ: (يأتي) بإثبات الياء على الأصل، و (يأتِ) بحذفه اكتفاء بالكسرة عنها [64]، قيل: والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل [65].
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِين) [هود: 42]
قال العُكْبَريّ: (يا بني): يقرأ بكسر الياء وأصله بني بياء التصغير وياء هي لام الكلمة، وأصلها واو عند قوم وياء عند آخرين، والياء الثالثة ياء المتكلم ولكنها حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارًا من توالي الياءات، ولأن النداء موضع تخفيف [66].
(يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) [مريم: 45]
قال العُكْبَريّ: (يا أبتِ): يقرأ بكسر التاء، والتاء فيه زائدة عوضًا من ياء المتكلم، وهذا في النداء خاصة، وكسرت التاء لتدل على الياء المحذوفة ولا يجمع بينهما، لئلا يجمع بين العوض والمعوض. ويقرأ بفتحها، وفيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه حذف التاء التي هي عوض من الياء، كما تحذف تاء طلحة في الترخيم، وزيدت بدلها تاء أخرى وحركت بحركة ما قبلها، كما قالوا: يا طلحة أقبل، بالفتح. والثاني: أنه أبدل من الكسرة فتحة كما يبدل من الياء ألف. والثالث: أنه أراد يا «أبتا» [67].
ثالثًا: الحذف لالتقاء الساكنين
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة: 30]
قال العُكْبَريّ: (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ): ويقرأ بحذف التنوين، وفيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه مبتدأ وخبر أيضًا، وفي حذف التنوين وجهان، أحدهما: أنه حذف لالتقاء الساكنين. والثاني: أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف، وهذا ضعيف؛ لأن الاسم عربي عند أكثر الناس، ولأن مكبره ينصرف لسكون أوسطه، فصرفه في التصغير أولى[68].
قال السيوطي: فِيمَن نون (عَزِيزًا) لِأَن (ابْن) خبر وَزعم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي أَن حذف التَّنْوِين من نَحْو قَامَ زيد بن عَمْرو للتركيب وَأَنَّهُمْ بنوا الصّفة مَعَ الْمَوْصُوف وَأَن نون (ابْن) حرف إِعْرَاب وَالدَّال تَابِعَة للنون بِمَنْزِلَة الرَّاء فِي قَوْلهم هَذَا امْرُؤ وَرَأَيْت امْرأ ومررت بامرئ وَلما كَانَت الدَّال غير حرف إِعْرَاب لم ينون لِأَن التَّنْوِين لَا يكون وسطا[69].
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 40]
وقرأ بعضهم (سَابِقُ النَّهَار) بالنصب، وهو ضعيف وجوازه على أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين[70].
قال ابن جني: وأخبرنا أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس، قال: سمعت عمارة يقرأ: (ولا الليل سابق النهار)، فقلت له: ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار، فقلت له: فهلّا قلته! فقال: لو قلته لكان أوزن. يريد: أقوى وأقيس. [71]
(لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأعراف: 41]
قال العُكْبَريّ: (غَوَاشٍ) [72]: هو جمع غاشية، وفي التنوين هنا ثلاثة أوجه، أحدها: أنه تنوين الصرف، وذلك أنهم حذفوا الياء من «غواشي» فنقص بناؤها عن بناء مساجد، وصارت مثل سلام، فلذلك صرفت. والثاني: أنه عوض من الياء المحذوفة.
والثالث: أنه عوض من حركة الياء المستحقة، ولما حذفت الحركة، وعوض عنها بالتنوين، حذفت الياء لالتقاء الساكنين[73].
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) [الكهف: 88]
قال العُكْبَريّ: (جَزَاءً الْحُسْنَى) ويقرأ بالنصب[74] من غير تنوين وهو مثل المنون إلا أنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين[75].
الخاتمة
وفي نهاية البحث نتيقن بالدلائل قيمة العُكْبَريّ لغويًا وبراعته صوتيًا؛ حيث أنه أجاد بشتى السبل التعرض للمسائل الصوتية في ضوء المحيط التراثي الذي كان يعيشه بدقة عالية وبشكل موجز غير مخل، فقد تعرض للشاهد القرآني بتمحيص، وتناول ركائز الخلاف بصورة ميسرة غيرة متيهة كما تكلمنا سالفنا في التمهيد.
وقد توصل الباحث إلى النتائج التالية:
= جاء كتاب التبيان في إعراب القرآن للعُكْبَريّ بمعظم الظواهر الصوتية المعروفة في الدرس الصوتي القديم والمعاصر، فمن الملاحظ أن العُكْبَريّ اختار الآيات التي تحمل التغيرات الصوتية في بنيتها وتراكيبها.
= ثمة تقارب في المسوغات الصوتية عند العُكْبَريّ والمعاصرين من علماء الأصوات.
= مثلت ظاهر الإبدال بين الصوامت والصوائت الاهتمام الأكبر عند القدماء والمحدثين من حيث التحليل، على عكس بعض الظواهر التي لم تتحرك كثيرًا عن تفسيرات القدماء؛ دلالة على نبوغ أهل التراث.
= حازت ظاهرة التقاء الساكنين الحيز الأكبر في التبيان دون غيرها من الظواهر الصوتية، فهي بالطبع تعد أم الظواهر لهذا الباب، كونها محطة التقاء عددًا من الظواهر الصوتية.
= لم يتطرق العُكْبَريّ بتوجيه القراءات من حيثية صاحب القراءة، ولكنه تعامل مع التعدد باحترافية لا تحير قارئ التبيان، فهو كتاب للجميع لا للباحثين؛ نظرًا لأسلوب الممتع، ولو تعرض العُكْبَريّ لإعراب كل آيات القرآن لأصبح كتابه أفضل كتب الإعراب التراثية؛ فقد تميز بأربعة خصال:
== الأول: الإيجاز الغير مخل.
== الثاني: الدقة:
== الرابع: مرونة التنقل بين المستويات اللغوية صوت وصرف وتركيب وما يترتب على ذلك من دلالة.
= لا يزال كتاب التبيان يحوي أمورًا صوتية لم يتعرض لها الباحث؛ خشية الوقوع في متاهات لا يستطيع دحرها، فاقتصر على الظواهر الشهيرة في الدرس الصوتي.
= = =
الهوامش
[1] جاءت ترجمته في: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م، 4/1515، و الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي (المتوفى: 764هـ)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث – بيروت، 1420هـ- 2000م، 17/73، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا، لبنان، 2/38، تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)، تحقيق: الدكتور بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003 م، 13/471، معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ، محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)، دار الجيل – بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م، 2/98.
[2] نسبة إلى «عكبرا» بالقصر، بضم العين، وإسكان الكاف وفتح الباء والراء، بليدة على «دجلة» فوق بغداد بخمسة فراسخ. وقرئ على سارية بجامع «عكبرا»:
لِلَّهِ دَرُّكِ يا مَدِينَةَ عُكْبَرا = = أيَا خِيَارَ مَدِينَة فَوْقَ الثَّرَى
إنْ كُنْتِ لا أُمَّ القُرَى فَلَقَدْ أرَى = = أَهْلِيكِ أرْبَابَ السَّمَاحَةِ وَالقِرَى
هذا مقصور، ومده البحتري فقال:
ولمَّا نَزَلنَا عُكْبَرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ = = نَبِيذٌ وَلَا كَانَتْ حَلَالًا لَنَا الخَمْرُ
دَعَوْنَا لَهَا بِشْرًا وَرُبَّ عَظِيمَةِ = = دَعَوْنَا لَهَا بِشْرًا فأصْرَخَنَا بشْر
ومن أصحاب هذا اللقب: ابن بطة العُكْبَريّ (ت 387هـ) عالم بالحديث، فقيه من كبار الحنابلة، وأبو علي العُكْبَريّ (ت 428هـ) كان من أئمة الفقه والعربية والحديث وصَنَّف في الفقه والفرائض والنحو، وأبو محمد جلال الدين العُكْبَريّ (ت 681هـ) الفقيه المفسر الأصولي.
ترجمته في تاريخ بغداد 10/371 وميزان الاعتدال 3/15 والعبر 3/35 والبداية والنهاية (بتحقيقنا: الجزء الحادي عشر: الفهارس) وسير أعلام النبلاء 16/529 وتاريخ الإسلام (حوادث سنة 381-400) ص 144 وشذرات الذهب 3/122 ولسان الميزان 4/112.
[3] نكث الهميان في نكت العميان، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى: 764هـ)، علق عليه ووضع حواشيه: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1428هـ/2007 م، 1/159.
[4] منهج أبي البقاء العُكْبَريّ في كتابه التبيان في إعراب القرآن، عماد مجيد علي، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد: 91 لسنة: 2009م 1420هـ، ص 83؛ 78.
[5] التبيان في إعراب القرآن، أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العُكْبَريّ (المتوفى: 616هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر عيسى البابي الحلبي وشركاه، بدون تاريخ،1/3.
[6] والجدول التالي صور تعددية اللغة للكلمة الواحدة الواردة في التبيان:
(جدول 1)
[7] ذكر العُكْبَريّ جهد من سبقه من اللغويين والنحاة كما جاء في كتابه التبيان على النحو التالي:
(جدول 2)
ومن الملاحظ في الإحصائية كثرة الرجوع لآراء الأخفش (ت: 315ه)؛ وذك لعدة أسباب في منهجية الأخفش وأبرزها: انتهاجه الأسلوب التعليمي؛ بناء القاعدة النحوية على القراءات؛ الاستعانة بلغات العرب؛ عنايته بالسماع والقياس؛ التعليل دون توجه؛ انفراده بمذاهب متعددة.
أثر معاني القرآن للأخفش الأوسط في الكشاف للزمخشري «دراسة نحوية» (رسالة ماجستير)، كواكب محمود حسين الزبيدي، كلية التربية (ابن رشد) جامعة بغداد، قسم اللغة العربية، 2004م، ص 33؛ 39.
[8] الأعلام، الزركلي، 4/80.
[9] معجم المؤلفين، عمر كحالة، 6/47، وعلى نفس الصدد ذكر هذا الاسم دون غيره في كتاب معجم المفسرين «من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر»، عادل نويهض، مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1409هـ/1988م من 1/307.
[10] منهج أبي البقاء العُكْبَريّ في كتابه التبيان في إعراب القرآن، ص 80.
[11] الصحاح في اللغة 1/120.
[12] لسان العرب: 9/40.
[13] البحر المحيط: 1/643.
[14] حاشيته على تفسير البيضاوي تسمى «عناية القاضي وكفاية الراضي»، وتقع في ثمانية مجلدات.
[15] التقاء الساكنين بين القاعدة والنص، د: عبد اللطيف الخطيب، حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، الحولية الحادية والعشرون، الرسالة 150، 2000-2001م، ص 104.
[16] المنهج الصوتي للبنية العربية، د: عبد الصبور شاهين، ص 201-202
[17] المرجع نفسه، ص 103
[18] نفسه، ص 161-162.
[19] الكتاب: 1/44.
[20] البحث اللغوي عند العرب، د أحمد مختار عبد الحميد عمر، عالم الكتب، الطبعة الثامنة 2003، ص 118.
[21] الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، غانم قدوري الحمد، دار عمار للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2007م، ص 327، وينظر الأصوات اللغوية، ص 179.
[22] مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري (ت761هــ)، تح: د. مازن المبارك، ومحمد علي حمد الله ومراجعة سعيد الأفغاني، ط1، مؤسسة الصادق – إيران، 2/683.
[23] المنصف، لابن جني، تحقيق: إبراهيم مصطفى، عبد الله أمين، وزارة المعارف، إدارة إحياء التراث القديم ط1 1960م، 2/2.
[24] شرح كتاب سيبويه، أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله بن المرزبان (المتوفى: 368هــ)، تحقيق: أحمد حسن مهدلي، علي سيد علي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1429هـ/2008م، 1/67.
[25] التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، د. رمضان عبد التواب، ط1 مط المدني، الناشر مكتبة الخانجي، مصر 1404هـ/1983م، 22-23.
[26] الخصائص، لأبي الفتح عثمان بن جني (ت392هـ) تح: محمد علي النجار، ط1، الهيأة المصرية العامة للكتاب مصر، 3/218
[27] ظاهرة الحذف في الدرس اللغوي، طاهر سليمان حمودة، الدار الجامعية للطباعة والنشر الإسكندرية مصر، الطبعة الأولى 1998، ص 163.
[28] ظاهرة الحذف في الدرس اللغوي، ص 162: 163.
[29] التبيان في إعراب القرآن 1/512.
[30] قرأ بها المدنيان، وابن عامر. وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة/261/، والحجة 3/333، والمبسوط/197/، والتذكرة 2/328، والنشر 2/259.
يريد أنهم استثقلوا الجمع بين النون التي هي علامة الرفع وبين النون التي تكون مع ضمير المتكلم، فحذفوا إحداهما، والمحذوفة التي تكون مع الياء، لأن النون الأولى علامة، والثانية ليست بعلامة. فإن قال قائل: فالنون التي هي علامة مبنية على الفتح، والنون التي مع ياء المتكلم مكسورة، وهذه النون الباقية مكسورة، فينبغي أن نجعلها النون التي تستعمل مكسورة، ولا نجعلها النون التي هي مبنية على الفتح ثم كسرت لمّا حذفت النون التي مع الياء.
شرح أبيات سيبويه، يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو محمد السيرافي (المتوفى: 385هـ)، تحقيق: محمد علي الريح هاشم، راجعه: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة – مصر، 1394هـ/1974م، 2/265.
[31] وهي الثانية، ولا يجوز أن تكون الأولى؛ لأنها دلالة الإعراب، ولأن الاستثقال إنما يقع بالتكرار في الأمر الأعم، وقال قوم: بل حذف نون الإعراب، كما تحذف الضمة في مثل يَأْمُرُكُمْ [البقرة 67].
وانظر حاشية الصبان على شرح الأشموني: 1/122-123.
[32] الكتاب، 3/519.
[33] الأصول في النحو، أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي المعروف بابن السراج (المتوفى: 316هـ)، تحقيق: عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، لبنان – بيروت، 2/201.
[34] النحو الوافي، عباس حسن (المتوفى: 1398هـ)، دار المعارف، الطبعة الخامسة عشرة، 1/96.
[35] التبيان في إعراب القرآن 2/1113، كلها من المتواتر، فقد قرأ ابن عامر: (تأمرونني) بنونين. وقرأ المدنيان: (تأمروني) بنون واحدة خفيفة. وقرأ الباقون: (تأمرونِّي) بنون واحدة مشددة. انظر السبعة/563/. والحجة 6/97-98. والمبسوط/385/. والتذكرة 2/530
(1) بتاء واحدة وتخفيف الذال، وهي قراءة حفص، والأخوين. (2) يتذكرون، بالياء والتاء وتخفيف الذال، وهي قراءة ابن عامر. (3) بتاء الخطاب وتشديد الذال، وهي قراءة باقي السبعة. (4) بتاءين، وهي قراءة أبى الدرداء، وابن عامر. (5) يذكرون، بياء وتشديد الذال، وهي قراءة مجاهد.
[36] علم اللغة مقدمة للقارئ العربي، محمود السعران، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، القاهرة 1997، ص 141.
[37] التبيان في إعراب القرآن 2/646.
[38] شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، علي بن محمد بن عيسى، أبو الحسن، نور الدين الأُشْمُوني الشافعي (المتوفى: 900هـ)، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ/ 1998م، 4/160.
[39] الإطباق: إلصاق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف، وحروفه أربعة وهي الصاد والضاد والطاء والظاء.
[40] أصوات اللغة، مخارجها وصفاتها وشوائبها بين الدرس الصوتي، والأداء القرآني، دراسة مقارنة، فارس الطائي، مطبعة إيلاف، بغداد، الطبعة الأولى، 2016، ص 275.
[41] هذه الظاهرة شائعة في القرآن الكريم، فقد وردت فيه مثلا كلمة: «تذكرون» 17 مرة بالحذف، في مقابل: «تتذكرون» ثلاث مرات بلا حذف، ففيه: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 52 والأعراف: 57 والنحل: 90 والنور: 1، 7 والذاريات: 49] وفيه (فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ) [الواقعة: 62] كما أن فيه: (أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [يونس: 3 وهود: 24، 30 والنحل: 17 والمؤمنون: 85 والصافات: 155 والجاثية: 23] في مقابل: (أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 80 والسجدة: 4] وفيه: (قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [غافر: 58].
[42] المصدر السابق، 1/556.
[43] قرأها ابن كثير، والمدنيان، والبصريان، وعاصم في رواية أبي بكر.
[44] قرأها الكوفيون غير أبي بكر.
[45] قرأها ابن عامر وحده. انظر هذه القراءات في السبعة/278/. والحجة 4/5. والمبسوط/207/. والتذكرة 2/339.
[46] نسبها أبو حيان 4/268 إلى مجاهد.
[47] رواية عن ابن عامر كما في السبعة /278/. والحجة 4/5. ونسبها أبو حيان 4/268 إلى أبي الدرداء، وابن عباس، رضي الله عنهم.
[48] المفصل في صنعة الإعراب، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)، تحقيق: د. علي بو ملحم، مكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأولى، 1993، 1/556.
[49] نسبها النحاس في إعرابه 1/509 إلى سعيد بن جبير رحمه الله، ونسبها الزمخشري 1/354 إلى أبي رضي الله عنه، قال: وبها قرأ ابن كثير. قلت: قراءة النصب منسوبة إلى كثيرين، لكن بدون همزة هكذا (والصابيين). انظر المحتسب 1/217، والمحرر الوجيز 5/157.
[50] التبيان في إعراب القرآن 1/451.
[51] التخفيف الصوتي في بنية الكلمة العربية: دراسة تحليلية في علم الدلالة الصوتي، د. راشد حليم، مجلة التواصل في اللغات والثقافة والآداب، العدد 31 لسنة 2012، ص 151.
[52] التبيان في إعراب القرآن 1/327.
[53] المحرر الوجيز، 2/7.
[54] البيت من الرجز، وهو للضب في تهذيب اللغة 2/199، 3/308، وتاج العروس 3/237 (ضبب)، 5/301 (عكث)، (عنكث)، 8/141 (زرد)، 374 (عرد)؛ وبلا نسبة في لسان العرب 1/46 (جزأ)، 539 (ضبب)، 2/170 (عنكث)، 3/85 (برد)، 248 (صرد)، 288 (عرد)، 386 (لبد)؛ والتنبيه والإيضاح 1/186؛ وتهذيب اللغة 11/148، 12/139؛ وتاج العروس 8/272 (حرد)؛ وجمهرة اللغة ص 426، 633 (1)، 1132؛ وديوان الأدب 2/23؛ وكتاب العين 6/193، 7/97؛ وأساس البلاغة (صرد)؛ والمخصص 9/138، 13/258.
[55] البيت من الرمل، وهو للبيد في ديوانه ص 178؛ ولسان العرب 10/392 (ألك)، 14/446 (شوا)؛ وتاج العروس (ألك)، (جمل).
[56] التبيان في إعراب القرآن 1/47.
[57] قرأ بها ابن كثير وحده، وقرأ الباقون بتخفيف النون. انظر السبعة/229/، والحجة 3/141، والمبسوط/177/، والتذكرة 2/304.
[58] التبيان في إعراب القرآن 1/339
[59] المصدر السابق، 1/63
[60] المصدر السابق، 1/251.
[61] عند البصريين (ميوت) على وزن (فيعل)، وعند الكوفيين (مويت) على وزن (فعيل) قدّمت الياء الساكنة على الواو فصارت (ميوت). فلما اجتمعت الواو والياء والسابق منهما ساكن، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء، فالتشديد من أجل ذلك، وانظر الكتاب: 3/468، والإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين: أبو البركات الأنباري، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، 1982م، المسألة (115)، ص 2/795.
[62] وهي عند سيبويه المنقلبة عن واو، أعلت بالحذف كما أعلت بالقلب.
[63] التبيان في إعراب القرآن 2/713.
[64] القراءتان من المتواتر، فقد قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وخلف: (يوم يأتِ) بحذف الياء، وقرأ الباقون بإثباتها. انظر السبعة 338-339. والحجة 4/373. والمبسوط 241-242.
[65] لغة هذيل أيضًا في معاني الزجاج 3/77. وإعراب النحاس 2/111.
[66] التبيان في إعراب القرآن 2/699.
[67] التبيان في إعراب القرآن 2/721، قرأها ابن عامر، وأبو جعفر من العشرة، وانظرها مع قراءة الباقين في السبعة/344/. والحجة 4/344. والمبسوط/244/. والتذكرة 2/378. والنشر 2/293.
[68] التبيان في إعراب القرآن 2/640.
[69] همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، المكتبة التوفيقية، مصر، 2/57.
[70] المصدر السابق، 2/1083
[71] المحتسب: 2/81، وانظر الخصائص: 1/125، وقد تكررت فيه القصة كثيرا.
[72] وقرئ: (غواشٌ) بالرفع، وهذه القراءة في الكشاف 2/62. والبحر 4/298 دون نسبة. ونسبها ابن خالويه في المختصر /43/إلى أبي رجاء.
[73] التبيان في إعراب القرآن 1/568
[74] السبعة/398/. والحجة 5/170. والمبسوط 282-283. والتذكرة 2/418.
[75] التبيان في إعراب القرآن 1/860
= = =
The phenomenon of deletion is one of the common linguistic phenomena at the three levels of language (phonological - morphological - syntactic). This phenomenon has its main home in the phonetic level. Because it is the deepest level and the origin of the levels that follow it, and in this research paper we shed light on that phenomenon through the book Al-Tibyan fi parsing the Qur’an by Abu Al-Baqa Al- aleukbry (d. 616 AH), who is one of the scholars of the Arab heritage known for his knowledge of Arabic
المفاتيح
- ◄ شخصيات
- ◄ لغة ولسانيات