فراس حج محمد - فلسطين
المكتبة المدرسية ضرورة
المكتبة المدرسية ضرورة تعليمية وثقافية مهمة
ينطلق وجود المدرسة في حياة الشعوب من كونها ذلك المكان الذي تُصْقلُ فيه شخصية الطالب في مجالاتها الثلاثة: المعرفية والمهارية والوجدانية، ولا بد من أن تتكامل هذه الثلاثة معا، لبناء تلك الشخصية المأمول الوصول إليها، لترفد المجتمع بالطاقات الفكرية والحيوية في شتى المجالات العلمية والعملية.
وتجهز المدرسة بكل تلك التجهيزات التي تساعد المتعلم على أن يحقق أهداف التعليم المرتجاة، بحيث يكون التعليم عامل بناء حقيقيّ للفرد والمجتمع، ولا بد إذن من أن يكون الاهتمام بالتعليم على رأس أولويات صانعي السياسة في كل بلد، فبالتعليم المفضي للعمل تحقق المجتمعات التنمية المادية والبشرية المستدامة، والتي سيكون لها الأثر الفعال في قوة الأمة الحقيقية المادية والفكرية على حد سواء، ولنا أن نتذكر أن أول ما نزل من القرآن الكريم كان "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، ففعل القراءة عظيم وله أثر لا يُمحى ولا ينسى.
وتعد المكتبة المدرسية ضرورة تعليمية وتثقيفية مهمة لما لها من صلة كبيرة في حياة المتعلم، فهي ليست مرفقا تكميليا وكماليا، ولنا أن نتصور أهمية المكتبة المدرسية لو علمنا أن لها دورا فعالا في عملية التعليم، وذلك فيما يأتي:
أولا: يحتاج المتعلم والمعلم للمكتبة المدرسية، وذلك لأنها رافد حقيقي للمعرفة المبسطة في الكتاب المقرر، فمن خلالها يصبح بالإمكان الاستزادة والتبحر في المحتوى التعليمي المقدم في الغرفة الصفية، فالكتاب المقرر يقدم للمتعلم مفاتيح العلوم، ويترك له بعد ذلك حرية المتابعة، وبالتأكيد فإن الكتاب المقرر لا يشبع نهم عالم أو متعلم مقبل بجد واجتهاد وإخلاص على التعليم، فتكون المكتبة المدرسية هي من يشبع ذلك التوق للنهل من متون الكتب والأسفار.
ثانيا: تعد المكتبة المدرسية مصنعا حقيقيا لصقل مواهب المتعلم، فمن خلالها يستطيع أن ينمي مواهبه الإبداعية في الكتابة شعرا ونثرا، فبقدر ما يقبل على القراءة والتذوق الأدبي للنصوص والكتب المقروءة بقدر ما تستقيم موهبته ويشتد عودها، ألم يقولوا: "كل إناء بما فيه ينضح"؟ فكيف لشاعر أو كاتب أن يصبح ذا قلم وفكر إذا لم يتشبع بأفكار الآخرين، وتتشربها نفسه وعقليته، لتمطر سحابة أفكاره أفكارا جديدة، ليتابع ما بدأه الآخرون ويستكمل المسيرة الحضارية لأمته؟
وحتى تحقق المدرسة ذينك الهدفين لا بد من أن تكون مؤهلة لخدمة المعلم والمتعلم، فكيف لنا أن نحقق وجود مدرسة فعالة في مجتمع المدرسة؟
وللإجابة على هذا السؤال أعرض تصورا لتلك المكتبة المدرسية الحقيقية التي تساهم مساهمة بنيوية في تحقيق أهداف التعليم، وألخصه فيما يأتي:
= التجهيزات المادية:
وأقصد بالتجهيزات المادية غير الكتب، الرفوف والاهتمام بأن تكون حاملة للكتب بطريقة تسهل عملية العرض وتناول الكتاب المعين، بحيث لا تؤدي إلى تلف الكتاب عند سحبه للاستفادة منه، وأن يحرص أن تكون المكتبة في بيئة آمنة بعيدة عن الرطوبة، حفظا للكتاب وزيادة عمر الورق الافتراضي، ليستفيد منه أكبر قدر من المعلمين والمتعلمين.
كما أنه لا بد من تجهيز المكتبة بالمقاعد اللازمة المرتبة بطريقة غير تقليدية بعيدا عن ترتيب الغرفة الصفية، ومجهزة بالأدوات الحديثة من حواسيب وشبكة إنترنت، وبرامج بحث ومكتبات إلكترونية وطابعات وشاشة عرض وتلفاز، وكلها توجه التوجيه السليم للاستفادة من تلك الإمكانيات الحديثة التي تدعم العملية التربوية.
أما الكتب التي تحتويها المكتبة المدرسية فيجب أن تكون أولا ذات هدفين أساسيين: الأول أن تكون داعمة للكتاب المقرر تساوقا مع الهدف الأول المشار إليه أعلاه، ويسعى قيم المكتبة لأن يدخل إليها كل الكتب التي تمس المحتوى التعليمي لتشكل مرجعا حقيقيا للمتعلم والمعلم على السواء، وأما الهدف الثاني، فهو الحرص على أن تكون الكتب المضمنة في المكتبة مناسبة لأعمار الطلبة وقدراتهم العقلية وخصائصهم النمائية لتكون عامل جذب للطلاب في تنمية مهاراتهم وميولهم الإبداعية، بالإضافة إلى هدف ثالث وهو أن تواكب المكتبة المدرسية المستجدات والكتب الجديدة، ليتمكن كل من المعلم والمتعلم من الاطلاع على كل ما هو جديد.
= إدارة المكتبة ونظام الإعارة والتفعيل:
يحسن بإدارة المدرسة أن توكل مَهَمة متابعة المكتبة لأحد المعلمين المهتمين بتفعيل المكتبة وزيادة فاعليتها ويؤمن بدورها في عملية التعليم، إن لم يكن هناك قيم مكتبة متخصص، وأن يقوم ذلك الشخص المسؤول بعمل التجهيزات اللازمة لتكون المكتبة عامل جذب للطلاب والمعلمين، وأن يتم تنظيم الكتب بطريقة علمية بفهرستها حسب الأنظمة المتبعة في تنظيم الكتب وترتيبها.
وتقع على عاتق المعلمين مهمة إحالة الطلبة إلى المكتبة المدرسية ليستفيدوا مما فيها من الكتب، وهذا يقتضي أن يكون المعلم أولا على دراية بالكتب وطبيعتها الموجودة في المكتبة ليرشد الطلبة بوجود ما يبحثون عنه.
كما وتقوم إدارة المدرسة وبالتنسيق مع قيم المكتبة والمعلمين بوضع برنامج إعارة أسبوعي للطلبة، ويتم تكريم أوائل المطالعين وتوزيع جوائز، أو عمل مسابقات محددة الهدف تكون إجابة الأسئلة عنها في بطون كتب مكتبة المدرسة، ويطلب من المشارك، توثيق المعلومات، مع رقم التصنيف، لضمان أنه قد استفاد من المكتبة المدرسية، كما أنه يمكن عمل معارض سنوية داخل المدرسة بالاتفاق مع مكتبات خاصة على غرار الأسبوع الوطني للقراءة، أو القراءة للجميع، وتوظف تلك المعارض من أجل تعميق صلة المتعلمين بالكتاب والإقبال على اقتناء الكتب وقراءتها، ومتابعة كل جديد فيها.
وقبل هذا وذاك لا بد من أن تقوم المدرسة بكوادرها كافة بتوعية الطلبة على أهمية المكتبة والتثقيف وزيادة الوعي بدور القراءة في تغذية العقل والروح.
◄ فراس حج محمد
▼ موضوعاتي