عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 7: 72-83 » العدد 81: 2013/03 » كلمة العدد 81: الفيلم الصامت والنشر الورقي

عدلي الهواري

كلمة العدد 81: الفيلم الصامت والنشر الورقي


د. عدلي الهواري"الفنان" فيلم فرنسي فاز بمجموعة جوائز عام 2011. أعد هذا الفيلم غير الملون على طريقة الأفلام الصامتة، كما كانت الحال قبول اكتشاف إمكانية تسجيل الصوت ومرافقته للصورة. ويحكي الفيلم من خلال قصة حب مسيرة انتقال السينما من الفيلم الصامت إلى الناطق، ودور غير الأميركيين في قطاع السينما في الولايات المتحدة.

كان البطل في أيام الفيلم الصامت يجذب أعدادا غفيرة من المشاهدين عندما يعرض له فيلم. ومع تطور التقنيات في ذلك الحين، بدأت الأفلام الناطقة بالظهور، وتحولت راقصة في أفلام البطل الصامتة إلى نجمة في الأفلام الناطقة. يصر البطل على أن الفيلم الصامت هو الفن، ولكن أفلامه الصامتة صارت تفشل لأنه لم يعد أحد يقبل على مشاهدتها.

الفيلم الناطق غيّر المواصفات المطلوبة في الممثل/ة، ففي الصامت لم تكن لغة أو لهجة الممثل/ة أمرا مهما، سواء أكانت إنجليزية أم فرنسية أم ألمانية أم عربية. ولكن عندما أصبح الفيلم بالصوت، صارت اللغة مهمة. وفي الفيلم الصامت لم يكن حسن الصوت والإلقاء مهما، بينما في الفيلم الناطق صار ذلك مهما.

في زمننا هذا، نادرا ما يصنع فيلم صامت، فقد اعتاد المشاهد على الفيلم الناطق. وفيلم "الفنان" صدم بعض المشاهدين عندما اكتشفوا أنه صامت، فغادروا دور السينما وطالبوا بثمن التذاكر.

أشير إلى هذا الفيلم لأن حكايته تمثل أيضا المفاضلة بين النشر الورقي والإلكتروني، فقد ظلت هناك قناعة واسعة الانتشار بأن الورقي هو الجيد، والإلكتروني هو الرديء. ولكن كما حدث للفيلم الصامت بدأ التطور التقني يفرض نفسه على النشر، سواء أكان نشر الصحف أم المجلات أم الكتب.

من ناحية الكلفة، لا مجال للمقارنة بين كلفة الورقي والإلكتروني. ومن ناحية الوصول إلى جمهور أكبر لا يمكن للورقي أن ينافس الإلكتروني دون كلفة باهظة. وهناك أيضا التفاعلية بأكثر من معنى، أحدها تكبير حجم الحروف ليناسب القارئ، وهذه ما لا يمكن فعله في كتاب ورقي. أما في المواقع الإلكترونية فهناك التفاعل الفوري من خلال التعليقات.

الآن بعد انتشار أجهزة الهاتف الجوالة المتطورة، وأجهزة الحاسوب اللوحية، وأجهزة القراءة الإلكترونية، صار من الممكن استخدام أحد هذه الأجهزة للقراءة وأنت في الحافلة أو في الطائرة. والقارئ النهم يستطيع وضع مجموعة كتب على جهازه بدل أن يحمل كتابا واحدا في حقيبته اليدوية.

هذا تقدم تقني فرض نفسه على الجميع، مثلما فرضت تقنية تسجيل الصوت ومرافقته الصورة إلى تحول الأفلام من صامتة إلى ناطقة.

صحيفة "كرستيان سيانس مونيتور" الأميركية قررت عام 2008 وقف الصدور ورقيا، واكتفت بالنشر إلكترونيا. مجلة "نيوزويك" انسحبت من حلبة الورقي مع نهاية عام 2012. ومع نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2013، أعلنت مجلة "الآداب" التوقف عن الصدور بعد ستين عاما من النشر، ولكنها أعلنت عن النية على العودة بصيغة الكرتونية.

جودة ما ينشر لا تعتمد على نشره في صيغة ورقية أو إلكترونية رقمية، فليس كل ما نشرته دور النشر قبل ظهور النشر الإلكتروني كان جيدا. الجودة ستبقى معتمدة على المعايير التي يطبقها الناشر ومدى تمكن الكاتب/ة من اللغة والكتابة بأسلوب جميل. في هذا يتساوى الورقي والإلكتروني.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

D 25 شباط (فبراير) 2013     A عدلي الهواري     C 7 تعليقات

6 مشاركة منتدى

  • تكمن اهمية هذه المقالة اللافتة بشموليتها وتشخيصها الدقيق لحالة النشر العالمية ، وقد وفق الكاتب تماما بمقارنته للحال مع فيلم الفنان الذي حقق الاوسكار ، فالفيلم يتحدث عن تداعيات بدايات السينما الناطقة ، وتأثيرها الكاسح في حينه مما أدى لانهيار معنويات البطل الصامت وفشله تماما في جذب المشاهدين لعدم اعترافه بالتطور الذي طرأ على السينما ،وربما نمر الآن بحالة مماثلةتنحصر في رفض الكثير من المجلات الورقية الاعتراف بأهمية النشر الالكتروني وذلك ربما انكارا لمستجدات العصر وحفاظا على النمط التقليدي للكتابة ، وربما على سمعة ومكاسب الكتاب التقليديين اللذين توهموا أنهم احتكروا الفكر والرأي السديد ، وحيث نلاحظ تكاثر المواقع الالكترونية العربية وتكون طبقة جديدة من الكتاب المبدعين لا تهتم كثيرابالتكسب من وراء الكتابة ، وانما تكتب كهواية...طبعا هناك صراع خفي بين مدرستي الكتابة هاتين ، يتجلى في قلة اقبال القراءعلى النمط الروتيني للكتابة وفي تجاهل الصحافة المطبوعة للصحافة الالكترونية ، بالرغم من الجودة والتميز التي تتمتع بها بعض المجلات الألكترونية كعود الند مثلا ويظهر ذلك جليافي كل عدد جديد !


    • عود الند هي مجلة استثنائية مميزة بعيدة عن الربح والثقافة الاسنهلاكية وتحفظ للكاتب حق النشر والطبع كما الكثير من المجلات الورقية التي لديها رقم ايداع في المكتبات العامة ظاهرة عود الند كمجلة تهتم بالمواهب الشابة والابداعات وفي تفس الوقت تستقطب الاقلام الكبيرة في الوطن العربي ..سيتم تعميمها في المستقل وستكون عود الند اول مجلة ارست القواعد الثابتة لتعميم الثقافة الإنسانية واستقبال الطاقات والقدرات الواعدة..دون الحاجة إلى الواسطات والمحسوبيات ،وجود الاقلام المحترفة والتي لها الباع الطويل في مجال الكتابة مع المبدعين المبتدئين وفتح فضاء كامل لهم للتواصل وتبادل الأراء هو بحد ذاته حافز كبير للنهوض بالثقافة العربية والقدرة على الانتاج الثقافي بدلا من الاستهلاك عود الند تستحق التعب والجهد الكبير من جميع كتابها ..علينا جميعا أن نبذل اقصى الجهود في مقالاتنا ودراستنا ونصوصنا الادبية لكي نحصد ثمار هذا التعب...أنا شخصيا أحببت مجلة عود الند منذ انتباهي لها فقد جذبتني جدا كما انني اخبرت اصدقائي المثققين لقراءتها وتتبع اعدادها،أتوحه بالشكر للاستاذ عدلي الهواري وسأتواصل قريبا جداً بنتاجاتي

  • بالطبع أنا أوافق كون النشر الإلكتروني حقق الكثير من النجاحات، فهو أكثر إنتشارا وأكثر تفاعلا، و أقل كلفة.
    وأصبح بالإمكان مع توفر الأجهزة الجديدة تصفح المجلات والصحف، وتخزين كل أنواع الكتب القديمة والحديثة و قراءتها.
    لكن لكل تطور سريع سلبيات قد تظهر ولو كان ذلك متأخرا، فالكتاب الورقي لا يحتاج إلى بطارية لنفتحه ونقرأه، وهو أقل ضررا على العين.

    شكرا لكم


  • الفيلم الصامت والنشر الورقي

    .. وهل سيقرأ المسافر من لندن إلى ليڤرپول مهما كان (نهماً) على القراءة مجموعة كاملة من الكتب على هاتفه المحمول..!؟ من باب الاحتجاج والتمني.. وفي زمن العجائب والحمض النووي والاتصال بلمح البصر. في عصرالعطر والمدنية والتخاطب بأصوات خافتة..؟ ما زلتُ لا أستخدمُ الهاتفَ المحمول، ولا زلتُ مع الورق وحبر المطابع يلطخ يدي في الصحف والكتب والمجلات.. ولا أشك أبداً أن الزمن لن يعود القهقرى إلى الوراء، وأننا مقبلون على حقبات أصعب من التواكل والكسل والسهولة القاتلة. ولا أدري أين سيحط بنا الرحال..؟

    لو ترك لي الخيار بين النبع، والماء "المُقَوْرَر" يصلنا إلى المكاتب والبيوت..؟ "لآثرتُ المشي في نزهة إلى نبع أو غدير، لأشرب منه وأعود بلا معاناة أو تعب".


  • في الحقيقة انا ايضاَ تساءلت بعد مشاهدتي لاول 10 دقائق من الفلم (بعد فحص برنامج الصوت على حاسوبي والتأكد من انه يعمل ) كيف استطاع هذا الفلم ان يلقى كل هذا الرواج وجائزة اوسكار ايضا؟فلم صامت في زمن الضجيج ؟وانا اصلا اعشق افلام الابيض والاسود فلم يشكل الامر لي مشكلة في حينها.في الحقيقة انه فلم يجبرك على ان تحترمه ولاتأكل الفشار او تشرب الكولا وانت تشاهده لانك ستحتاج الى كل طاقتك الذهنية لترجمة حركات الممثل وربط المقاطع ببعضها لفهم الحبكة وهذا مانسيه المشاهد الذي اعتاد الكسل الذهني الى درجة الاغفاء على الاريكة في منتصف الفلم وفي احسن الاحوال نسيان اغلب الاحداث بعد يومين من مشاهدته . هو فلم يحرك كل شيء في ذهنك كما يحرك الكتاب الورقي مشاعرك تجاه كل الابطال و ينسيك انك تمسك بدفتي الكتاب وتغمر رأسك فيه لتسمع بقية الحكاية وهذا ما عليه كل عاشق للقراءة لايضطر الى كبس زر (التالي) وهو يقلب الصفحة ليعيده الى عالمه الحقيقي الالكتروني البارد.


  • اعجبني ما ورد بخاتمة المقال حيث يقول الكاتب بأن الجودة هي المعيار والتي تشير لمدى تمكن الكاتب من اللغة والكتابة باسلوب جميل ، وحيث يتساوى الورقي واللكتروني في هذا السياق . وباعتقادي فلا توجد حدود قاطعة لاستخدام ادوات الاتصال والنشر ، فالتلفون التقليدي ما زال يعمل لحد ما بالتوازي مع الانتشار المتزايد لتقنيات الهاتف الخلوي ، كما أن انتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لم تقض نهائيا على البريد التقليدي وكما أن الشبكة الألكترونية لم تقضي على النشر والطباعة الورقية ،وما زال للكتاب الورقي نكهة خاصة بالرغم من انتشار الأي باد بانوعه..ملاحظتي الأخيرة حول فيلم الفنان الذي ابهر متذوقي السينما وحاز على الأوسكار ، وتكمن بقيمته الفنية الراقية وبقوة الاخراج وبراعة التمثيل الصامت ( لأن الحوار والمؤثرات الصوتية قد تكون بديلا أحيانا لضعف الاداءوالسيناريو )كذلك بتركيزه المؤثر على قيمة الاخلاص التي نفتقدها في ايامنا هذه ، فحتى الكلب في القصة ضرب نموذجا استثنائيا في الاخلاص وتمكن من انقاذ صاحبه " الفنان" !


  • مقارنة موفقة تمامااذا ما اخذنا بالاعتبار الحماس الشديد للنشر الورقي والمتأصل عند الكتاب التقليديين الذين يخافون على مكاسبهم واحتكارهم المزمن للزوايا الصحفية في الصحف والمجلات ...عود الند كسرت بجراة مهنية وكاستبصار للمستقبل هذا الاحتكار البغيض ، فجمعت باقة متنوعة من الكتابات الابداعية الجميلة لخليط غير متجانس من الكتاب والكاتبات ومن مختاف الجنسيات والأعمار والمستويات وبلا شوفينية وتعصب وممارسات قمعية لقلم الرقيب ! ندعو الله ان تبقى منبرا مضيئا للكتابة الابداعية الخلاقة ...


في العدد نفسه

عن مبدع الغلاف

تأثر العبرية بالعربية

تعليم الشعر الجاهلي للناشئة

تأثير الشخصيات الكرتونية على الأطفال

اللغة العربية وخطر الانقراض