عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

رامي أبو شهاب - قطر

في الانتظار: مسرحية للصغار


المشهد الأول: غرفة صالون فاخرة الأثاث، طفلتان تجلسان متجاورتين أمام جهاز حاسوب.

نورا: ما بالك ساهمة يا سارة؟

سارة: لا شيء.

نورا: يبدو لي أنك حزينة.

سارة: لا لست كذلك.

نورا: ولكنك لست كما كل يوم.

سارة: أعتقد أنني متعبة بعض الشيء.

نورا: يبدو ذلك على وجهك.

سارة (وهي تنظر إلى الجهاز الذي أمامها بإعجاب): جهازك جميل يا نورا، وهو مفيد جدا لك في الدراسة.

نورا: نعم، إنه كذلك.

سارة: أرجو أن أحصل على واحد مثله.

نورا: (لا تجيب)

نورا: هل ما زلت متعبة.

سارة: بعض الشيء.

(سارة تخرج من الغرفة، تعود ومعها سيدة وجهها جميل ويشع نورا وبشاشة)

الأم: ما بالك يا حبيبتي؟ هل تشعرين بشيء؟

(تضع يدها على جبين سارة بحب وحنان)

الأم: لا يبدو أن هنالك حرارة، هل يؤلمك شيء؟

نورا: لا، ولكن لا أعرف ما السبب؟

الأم: لا بأس يا حبيبتي سوف أحضر لكما الآن بعض الشطائر مع العصير الطبيعي وستشعرين بتحسن.

نورا: أرجوك يا أمي فأنا جائعة.

(تبتسم الأم، تقبل سارة وكذلك نورا، تنظر نورا للأم بحب وحنان، تخرج الأم من الغرفة)
سارة: أمك طيبة جدا يا نورا.

نورا: نعم، إنها تحبني كثيرا أنا وأخي أحمد.

سارة: نعم، إنها كذلك، أشعر بالراحة عندما أشاهدها، لذلك آتي لزيارتك كثيرا، لأن أمي دائما مشغولة.

نورا: (صامتة)

المشهد الثاني: سارة في غرفة متواضعة الأثاث تحمل لعبة بسيطة، ويبدو عليها معالم الحزن والضجر، يفتح باب الغرفة، تدخل أم سارة بطريقة سريعة كأنها تبحث عن شيء.

أم سارة: هل أنهيت دراستك يا سارة؟

سارة: نعم يا أمي.

أم سارة: أنا سوف أذهب للعمل الآن.

سارة: ولكنه يوم إجازة.

أم سارة: أعرف هذا، ولكن هذه ساعات عمل إضافية وأنا بحاجة لها هذا الأسبوع.

نورا: ولكني أشعر بأني متعبة.

الأم (بقلق): هل تشعرين بشيء؟ هل يؤلمك شيء؟

سارة: لا.

الأم: إذن نامي إذا أردت أو أخرجي لمشاهدة التلفاز.

سارة: لن يعود أبي هذا الأسبوع من عمله.

أم سارة: لا، إن عمله يقتضي منه أن يتأخر أسبوعين، وكل هذا التعب حتى يحصل على أجر إضافي.

سارة: كم سيبقى معنا عندما يعود؟

أم سارة: أعتقد يومين.

سارة: لقد اشتقت له كثيرا.

(تخرج الأم مسرعة قبل أن تسمع سارة وهي تقول: واشتقت لك يا أمي)

المشهد الثالث: سارة ونورا في حديقة جميلة تجلسان على أرجوحة في منزل نورا.

سارة: إن بيتك جميل يا نورا.

نورا: نعم، إن أبي يؤمن لنا كل شيء جميل لذلك نحبه وهو يحبنا أيضا.

سارة: وأمك تعتني بكما كثيرا.

نورا: نعم تبقى طوال اليوم في المنزل تعد الطعام وتساعدنا في الدراسة وتسهر علينا إذا مرضنا.

سارة (بأسى): أنا لا أرى أبي كثيرا فهو في عمله، بينما أمي تقضي جزءا كبيرا من وقتها في عملها، وعندما تعود فهي تكون متعبة جدا، تعد الطعام بسرعة وتبقى طوال اليوم تعمل في البيت.

نورا: عليك أن تعذريها يا سارة، فهي تساعد والدك في تأمين متطلبات بيتكم.

سارة: ولكن أمك لا تعمل وتعتني بكم ولديكم كل شيء، لماذا على أمي أن تعمل؟

(نورا تهز رأسها غير قادرة على الإجابة)

المشهد الرابع: غرفة معيشة تحتوي على أثاث بسيط جدا، سارة تجلس على الكنبة تشاهد التلفاز. أم سارة تخرج من غرفتها وقد ارتدت ثيابها.

أم سارة: اجلسي هنا، لن أتأخر اليوم كثيرا.

سارة: هل ستذهبين هذا اليوم أيضا للعمل؟ إنه يوم السبت وهو يوم إجازة. لماذا لا تبقين هنا ونذهب سوية إلى بيت عمتي كي ألعب مع ابنة عمتي؟

أم سارة: لا أستطيع يا حبيبتي، فأنا بحاجة أيضا للعمل هذا الأسبوع.

سارة: يبدو أنك لا تحبينني.

أم سارة (بدهشة): لا أحبك؟! لماذا تقولين ذلك؟

سارة: لأنك تتركينني وحيدة وتخرجين للعمل، إنك تحبين عملك كثيرا.

أم سارة: ولكني في باقي الأيام أعود عند عودتك للمنزل كي أجهز لك الطعام وأرتب البيت.

سارة: ولكنك لا تلعبين معي أو تتحدثين إليّ كثيرا.

أم سارة (تغالب دموعها حتى لا تنزل): أعرف يا حبيبتي أنني مقصرة معك، ولكن ماذا افعل فنحن بحاجة للمال الذي أتقاضاه من عملي.

سارة: ولكن هل ذلك يعني أن تخرجي للعمل حتى في الإجازة؟

أم سارة: فقط هذا الأسبوع يا حبيبتي.

سارة: كما تشائين يا أمي.

أم سارة: أصبحت كبيرة يا سارة، ويمكنك أن تقضي وقتك بالقراءة أو مشاهدة التلفاز.

سارة: نعم، ويمكنك أنت أن تفعلي ما تشائين دون أن تشعري أنك لك ابنة بحاجة لك حتى في أيام الإجازة.

(أم سارة تطأطئ رأسها وتخرج من الغرفة ودمعة تنحدر على خدها بصمت)

(يوم السبت، الساعة العاشرة صباحا، سارة تستيقظ من نومها تسير في البيت بحثا عن أمها. لا تجدها، تشعر بالغضب والحزن، ترتدي ملابسها وتخرج من المنزل)

المشهد الخامس: سارة ونورا تجلسان في غرفة نورا ويبدو على سارة الغضب والحزن وهي تبكي بصمت.

سارة: كم كنت أتمنى أن تكون لي أم كأمك يا نورا.

نورا: لماذا يا سارة، إن أمك طيبة جدا.

سارة: لا، إنها تحب عملها وتحب جمع المال أكثر مني، هل تصدقين أنها منذ ثلاثة أسابيع تخرج للعمل في يوم الإجازة، وتتأخر عن الحضور ساعتين أيضا في باقي أيام الأسبوع وتتركني وحيدة.

نورا: ربما هي بحاجة للمال.

سارة: وماذا تريد بالمال؟ هل المال أهم مني؟

نورا: إنها تساعد والدك في تأمين حاجات البيت.

سارة: أعرف ذلك، ولكن يجب عليها أن تهتم بي أيضا، لا أعرف لماذا تغيرت هكذا في الفترة السابقة.

نورا: عليك ألا تقولي هذا عن أمك.

سارة: إنني أكرهها، لا أريد العودة إلى ذلك البيت مرة ثانية.

نورا: هذا كلام غير معقول يا سارة.

(صوت جرس المنزل، صوت أم نورا وهي تنادي على سارة ونورا، تخرجان من الغرفة لتجد سارة والدها في الصالة يقف خجلا ووجهه تعلوه حمرة)

والد سارة: لقد جئت لاصطحابك يا سارة.

سارة (ببرود): هيا سآتي يا أبي.

والد سارة (ويبدو عليه الخجل والحيرة والارتباك): شكرا لكم أنا آسف على الإزعاج.

(يخرج والد سارة وسارة وهما يودعان والدي نورا)

(منزل سارة، سارة ووالدها خارج المنزل، سارة يبدو عليها الحزن، يفتح باب المنزل تدخل سارة لتجد أمها واقفة بالقرب من طاولة صغيرة في منتصف الغرفة وعليها صندوقان كبيرتان لف عليهما ورق وردي على شكل وردة، تقترب الآن من سارة وتقبلها)

أم سارة: كل عام وأنت بخير يا حبيبتي. تفضلي هذه هديتك.

(تفتح سارة الكرتونة الكبيرة لتجد شاشة حاسوب كبيرة وأشياء أخرى تخص حاسوبا شخصيا)

سارة: ما هذا؟

أم سارة: هديتك بمناسبة عيد ميلادك الرابع عشر.

سارة: إنه جهاز الحاسوب الذي طالما حلمت به، إنه باهظ الثمن ولم أعتقد يوما أنني سأحصل عليه.

والد سارة: لقد حصلت عليه أخيرا.

سارة: كم أنا جاحدة، كنت أنت وأبي تعملان بكد طوال هذا الشهر لتحضرا لي هذه الهدية.

(تتجه سارة ناحية أمها وأبيها. تحضنهما وهي تبكي).

—النهاية—

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2007     A رامي أبو شهاب     C 0 تعليقات