عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

تسنيم حسن - الأردن

مركبتي أضاءت السماء

قصة للصغار


أنا لارا. أعيش في كوكب صغير يسمى غزة. نعيش ضمن الغلاف الجوي للأرض. نتبع المجموعة الشمسية. لدينا سماء صافية وبحر أزرق. لا يمكننا الخروج من كوكبنا فنحن لا نمتلك مراكب فضائية، ونعيش في حصار منذ سنوات طويلة.

استيقظت هذا الصباح على صوت الانفجارات. كان هناك الكثير من الأبنية المدمرة والحرائق المشتعلة، وهناك أطفال يتطايرون في الفضاء. شاهدت ابنة جيراننا سما تُقذف بعيدا عبر نافذة بيتها بينما كنت أحاول الهروب من منزلي. صديقي دبدوب فقد ذراعه. حاولت البحث عنها لكن لم أجدها، فالدخان كثيف، لكن وجدت رأس "فضائي" دمية أخي الصغير.

وصلت سيارة الإسعاف لأخذنا إلى المستشفى. وضعوني على سرير وبدأ الطبيب يمسح الدم عن وجهي. سألته: "هل تستطيع مساعدة دبدوب؟ فقد ذراعا".

ابتسم الطبيب وقال: "أكيد سأساعده لا تخافي"، ثم فقدت الوعي، واستيقظت مرة أخرى على صوت انفجار كبير. أطلقوا صاروخا نحو المستشفى. رأيت ميس ابنة عمي تحمل دبدوبا أزرق خرجت حشوته الداخلية. ميس كانت تصرخ دبدوب مات والجميع يحاولون تهدئتها.

أنا متعبة. لا أستطيع النهوض، لكن أستطيع أن اسمع صوت الطائرات واشتم رائحة الدخان. سمعت أمي تقول لأخي لا يمكن إيجاد جسد "فضائي"، مزقه الانفجار.

نمت وحلمت أني صنعت مركبة تعبر المعابر والحصار. كانت مركبتي مضاءة بالشموع، فنحن الآن لا نمتلك في غزة كهرباء ووقود.

مررت على نهر فطويته ووضعته في صندوق صغير فالمياه مقطوعة والكل عطشى منذ بداية الحرب، ثم هبطتُ على الأرض، فأسرع الجميع بوضع الطعام والأدوية في مركبتي. الطعام أيضا يوشك على النفاذ والمستشفيات بلا دواء. وهناك الكثيرون مثل دبدوب يحتاجون للضمادات والدواء.

أرادوا أن يعطوني خياما بدل بيتي المهدوم والأبنية المدمرة فرفضت، فوضعوا بنايات ومدارس، ومستشفيات وحدائق وملاعب أطفال.

انطلقت مسرعة أريد العودة لغزة لكنهم أطلقوا صاروخا نحو مركبتي فانفجرت كنجمة أضاءت السماء، وذهبت للجنّة مع ابنة جيراننا سما ولعبة أخي، "فضائي"، الذي كان يحلم بالسفر معه في الفضاء، ودبدوب ابنة عمي ميس الأزرق، تاركة غزة والأقصى وفلسطين أمانة بين أيديكم.

غزة وفلسطين في القلب

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2023     A تسنيم حسن     C 2 تعليقات

تسنيم حسن

موضوعاتي

2 مشاركة منتدى

  • لا أعتد أن أطفالا في هذا العالم عانوا أو يعانون كماهم أطفال غزة/ فلسطين. كل الحروب، حتى أشدها فتكا لها زمن محدد وتضع أوزارها، إلا الحرب على تلك البقعة من الأرض، تشتد وتستعر، تتراجع لكنها لا تخمد حتى تشتعل من جديد.
    هي قصة للأطفال، لكن الطفل الفلسطيني اغتصبت طفولته في حرب وحشية قذرة، عاشها كالكبار بوعي وصبر، فكانت شديدة الوطء على نفسه الصغيرة. والكاتبة قد حملت هذا النص الأدبي بامتياز رسالة لكل أطفال العالم عما يحدث في غزة. لذا نجدها قد لطفت من مشاهد العنف باستعارة عالم اللعب والدباديب، كأن تنتبه الطفلة بعد القصف لفقدان دبدوبها ذراعه، وعثورها على رأس دمية أخيها "الفضائي"، وملاحظة خروج حشوة دبدوب أزرق من بطنه... كلها مشاهد مرعبة تحت نظر الأطفال، تحدث لآدميين في الحرب على غزة.
    قصة مشحونة بالألم والمعانيات وبالأمل والأحلام البريئة. أما النهاية فتجسد مصير آلاف الأطفال في حرب بربرية هوجاء جائرة، لم تبقي ولم تذر، لم ترحم لا بشرا ولا حجرا. حرب عنوانها الأهم إبادة الأطفال في غزة.
    رحم الله شهداء فلسطين، ورحمنا معهم من جحيم هذا الواقع المرير.


  • ردا على تعليقك استاذه زهرة الذي اعتز به والذي اضاف الكثير.
    أردت إيصال معاناة وألم أطفال غزة لكل أطفال العالم دون المساس بمشاعرهم وطفولتهم ليدركوا حجم ما يحدث هناك ،قصة يمكن أن تقرأ في اي وقت أثناء او بعد الحرب ويبقى المعنى واضح والفكرة واضحه.
    أردت ايصال ان أطفال غزة أيضا يحبون الحياة ويحلمون ويحبون ومنازلهم ويستحقون حياة كريمه لا خيام لكن العدو لن يرضى لهم تلك الحياة الكريمه فذلك العدو يريد أرض بلا شعب سيعمل على إبادة الجميع.
    الحمد لله الذي بفضله كتب هذا النص
    شكرا جزيلا أستاذة زهرة على تعليقك الذي اضاف للنص توضيح وجمال.


في العدد نفسه

كلمة العدد الفصلي 31: قيم لا قيمة لها

ليسوا أرقاما

فصول الدهشة ومحاولات النجاة

عن لوحة غلاف العدد 31

أمي تقاوم