عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

جليلة الخليع - المغرب

ولادة يائسة


جليلة الخليعأضع رأسي في ركام الأفكار المتزاحمة، أستل حلمي من أهرامات الذاكرة التي أتعبت كاهلي بدون جدوى، أمرر الأرقام علني أتصل بذاتي في لحظة حيرة، أو في هنيهة من غربة، أو عندما يرمي بي العباب الثائر إلى اللاأمان مني.

أتناسل ضعفا، يتضاعف القلق برحم ثقلي، وأنتظرني مولودا آخر لا يصلني بحبل سري أو بجينات من ذاكرتي.

هزيمة أخرى أطرز بها أذيال ثوبي، والمولود القلق ما زال عند أعتاب المخاض، ينتظر حتفه بعملية قيصرية تجهضه من رحم تكهناتي، من الآمال الموعود بها قلبي، من أحلامي المغروسة بوسادة عمري، من ذاكرتي المتعبة من رحاي، ومن شرائطها المتكررة في مخيلتي، من الشمس التي أرهقتها الصباحات المتدفقة في أجندتي، من اللحظات التي يصوم فيها الحظ، ويفطر بتمرة خيبة مني.

ما زال الخيط بخرم إبرة صدأت من رطوبة الحال الذي اعتاد ذاتي، واستقر بعظام هشة، والخيط تبلل من عصارات أفرزتها زائدة معوية، والمرارة تطعم نكهتها الأمعاء المجاورة، لتصفر الأوراق التي أستجمع فيها هويتي التي تنتظر وقت المخاض.

المولود في رقعة الثوب التي لم أكمل تطريزها، صراخ آخر يفعّل الذاكرة من جديد، ليطل وجهي من ثنايا الثوب الملتفة، و مازال الصراخ يتعالى في جوقة من صمت، والأيام تتشابك أيديها لتتلقفني، لتعيدني سيرتيَ الأولى عند تنافر الحُظوظ.


يوم من عمر الورد

هي دورة الأبراج، وسمائي تراقب القادم في موكبه الملكي، فيومئ للحمل الوديع هناك، عند كوكب بلوتون، بصفاء ونقاء وصدق بقلب الحظ.

هو ذاك الذي غادرك ذات يوم، فقمت بتفصيله على مقاسات السواد حين التقائها بخطوط الإحباط المتعامدة. هو اليوم غير الذي كان بالأمس، يحمل وردا ونبضا، بترانيم أغنية في ربرتوار الحنين، بعليتي التي أزهرت شعرا وشعرا، واعتنقت قصيدة.

هي قافيتي الطويلة الممتدة على آهات السنين، تزحف لتطال عنفوان البحر الذي لا يهتز له لا ضرب ولا عروضة. هي ذاتي الفارة من كومة الصمت، ليطرقها البوح، وتشرع أبوابها لاستقبال الأبجديات المختلفة.

كم أغنية أترنم بها لتتوحد بحنجرتي! ما زلتُ بذات الطبقة، ولا أحب النشاز الصادر من صوتي.

أنا هنا ألبس الورد لعمر جديد، ليوم أغفلني ذات لقاء، ليعود ويبحث عني في أجندة الأيام المنسية. أنا هنا بالتقاء النور في بؤبؤ الشمس بعين القمر التي تراقب سهري، بكف الليل التي تهدهدني لأغفو وحلما من صنعه. أنا هنا بدائرة اللحظات الملتفة حولي، توقد شموعا بجبين الفرح. أنا بكل الضمائر التي تعنيني، لتختزلني فيها نبضا بذات التخطيط.

تتدفق الحياة من شلال الزمن المنطوي على نفسه، الغائر في صمته، الذي لاك الحيرة وابتلع مرارتها. ها هو الآن استدعى مجاريه ووديانه، ليبدأ من نقطة الصفر، ويعيد العقارب لتاريخ لا يشبه التاريخ. ها هو يرسم الوجهة ليعيد لي طفولتي، عمري الغافي في ذاكرة الحلم، عيدي المنزوي وراء عمود شمعة، ينتظر اشتعالها، ليقبض على زمام الفرح.

كم وجها يلبسني الآن؟ كم صوتا يطرقني لأرسم ملامح البوح في أكثر من اتجاه، لأختصر
المسافات التي ترصد حالاتي الملتفة علي، المنطلقة إليه؟ أمسك بقلمي، بيني وبين النسيان مسافات بطول عمري، أحيا لذكرى جديدة، أدونها بالبطاقة الحالمة التي أشهرتها في وجه الماضي، لأظل على قيد الورد.

D 25 تموز (يوليو) 2014     A جليلة الخليع     C 4 تعليقات

2 مشاركة منتدى

  • ..................
    عندما أرى المسافات تفوق قدرتي على الجري بين الأفكار التي تشكلها

    الأحلام التي سبق لي وأن صنعتها بمواصفات ٍ عالية ورفيعة المستوى .
    أضع في ذهني فكرة
    اقتحام الطرق
    واختصار الدروب
    حتى تأتيني فكرة إلغاء الخطوات غير المجدية من المسيرة المتعثرة .
    ***
    أشعر بطعم الهزيمة يقترب من أفقي
    مرٌّ علقمٌ يدور في رحى تكويني
    وأنا لم أعتد عليه .... !!
    خطةٌ قوية المدارك ِ سأواجه بها كل مصاعب وجودي في معترك الحياة
    نحنُ للحبّ وقيم الحبّ خلقنا
    منذ طفلتنا علمونا كيف نحب الله وهو إله الحبّ ومعنى الحبّ
    كبرنا وفقدنا شيئاً ... وكأنها بضع حلقات من سلسلة وجودنا في الحياة
    ...
    أيمن أبوراس


    • هو الوهم المتربص بتجمع أمنياتي، لتظل الهزيمة فاردة جناحيها محلقة في أجواء حياتي ، تصارع الحلم المتربص بظلي، وتنفيني إلى حيث العتمة تلتهم نجاحاتي.
      المبدع الراقي أيمن أبو راس، سعيدة جدا بهذا الحضور السابر لأغوار الفكر ، المدجج بالحياة ، الناطق بالحكمة ، والمغروس ببؤبؤ الأمل .
      شكري الكبير أيها المبدع الراقي.
      وكثير ود وتقدير.

  • سيدتي
    اكاد اجزم اننا كلنا امهات لامنية أو حلم غافي تحت الجفون
    ننتظر ولادة متعسرة ونتطلع لان تكون حقيقة لا في رحم الخيال.
    ليت الحظ يصوم ويفطر بتمرة بل تقع الثمرة بحلاوتها وتتعفر بالتراب ويغص هو في نواتها.
    ما ابدع ما صورت سيدتي
    بالتوفيق
    هدى الكناني


    • صدقت غاليتي هدى.
      نحن أمهات لأحلام غير مكتملة النمو.
      أمهات وولاداتنا متعسرة ، ومازلنا ننتظر المخاض .
      ليت الحظ يصافحنا، فنعانق مواليدنا في جوقة النور.
      شكرا هدى الغالية على هذا الحضور المفعم بالألق.
      محبتي وكل الورد.

في العدد نفسه

كلمة العدد 98: كيف تقاوم مشروعا استعماريا استيطانيا؟ غزة نموذجا

مفهوم الأدب والأديب عند الرافعي

المصطلح النحوي والبلاغي في الموروث العربي

أرض وسماء: قراءة

محمد خميس يكتب على صفحة روحه