عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

منى كاظم - العراق

الحنين إلى أنا


احتضنت كتبها وقراطيسها وفيها آمالها وشتات فكرها، احتضنتها لتحتفظ بها في مكان يليق بها. كانت تتأمل أن تعود إليها بعد جزء من الزمن ظنّت أنه قريب. هذه قراطيسي وكتبي. لن يفتحها أحد سواي. إنها عنواني. إنها (أنا).

سأعود إليك عندما انتهي من هذا المشوار. سأذهب للبحث عن فرصة في هذه الحياة لأضمن الوقوف على أرض صلبة، لكي أنظر إلى ضوء الأمل في وسط الزحام. إنها كومة من الأعباء تلاحقني. ستنتهي يوما ثم أعود إليك يا (أنا).

أصبحت يداي مكبلتين بهذه الأعباء. ليس الأمر باختياري، فالضوء لا يزال في نهاية النفق. إنه نفق يطول ويطول. كنت أظنه قصيراً، لكني لا أزال أقطع فيه بعض الخطوات البطيئة. يبدو أنها رحلة طويلة ومُعقدة لم تكن تتخللها محطات استراحة، والخطوات فيها بطيئة ومُنهكة. الطريق فيها يطول كلّما مرّ الزمن. كل الأضواء سرعان ما تختفي وسط ذلك النفق الطويل.

لم تنس يوما قراطيسها وكتبها. إنها دوماً في ذاكرتها. كانت تحدثها من بعيد (في أعماق فكرها): سأعود إليك يوما. ابق في مكانك. لا تغادري. سأودع هذا الظلام وأعود إليك لأحتضنك من جديد، أقلّب أوراقك، وأترجم لغتك، ثم نبحر معاً إلى عالم جديد، عالم ينعم بالضوء.

إن فكرها مُقيّد. ويداها مرهقتان تشقان الطريق لآخرين غيرها قد بذلت لأجلهم جذوة طاقتها كي تقودهم إلى الضوء في نهاية النفق، لأنها تشعر أنهم جزء منها.

عندما تغمض عينيها، كانت ترسم حلماً تحت جفنيها لعلها تصحو على أمل جديد، حتى وإن كان مجرد وهم. في مُخيلتها كان هناك الكثير من الأحلام. نعم كانت، لكنها تلاشت يوما بعد يوم، وتحولت إلى ركام تعلوه تلك الأعباء. لم تعد ذاكرتها تتحمل كل ما كانت تعانيه من مصاعب وأعباء. لا تريد أن تشعر بأن قوتها بدأت تتلاشى، والأمل لديها يكاد ينتهي. كانت تظن أن الزمن قد توقف بانتظار عودتها؛ قد توقف عند ذلك النفق الطويل الذي لم تختر السير فيه.

هل بقي لدي وقت؟ أرجوك أيها الزمن توقف ولا تخذلني. أريد العودة إلى كتبي وقراطيسي. أريد العودة إلى (أنا). لماذا أنت صامتة؟ اصرخي أيها (الأنا). اعتذر إليك لعلّي قد خذلتك يا (أنا).

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2022     A منى كاظم     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد الفصلي 27: الموارد الرقمية بين المكتبات والمواقع المفتوحة: مقارنة

إدواردو غاليانو وعابرية القصة القصيرة

الذكاء العاطفي والفضاء الإلكتروني

هَيْلَمان

وتكون غريبا