عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

د. فراس ميهوب - سورية

وتكون غريبا


فراس ميهوبوتكون غريبا، لا لغة تربطك بمن حولك، ولا صدى لصوتك.

وتكون غريبا يوم تعود، وأنتَ ما زلت طفلا وقد شاخت أرض صباك، وشاب كل من عرفت.

وتكون غريبا، حين تحدِّثُ نفسك بكلمات مكرورة، وتلعق مع دمك المرَّ أغانيك التي لا تطرب سواك.

وتكون غريبا، تحدقُ في آنية الفضة فتراها نحاسا، وتنظر إلى قمر الرغبة فينعكس في قلبك بردا وجفافا.

وتكون غريبا، فينكرك الكلُّ ولو عرفت مفارق شعورهم وألوان عيونهم، ورنَّ في أذنيك وقع كعوبهم.

وتكون غريبا، زمنك هو الأمس وأزمانهم هي اليوم الجامد كالثلج القطبي، ودربك محاط بصبار وتين وزيتون، دروب أحبتك معلمة بثياب الموت الرثة.

وتكون غريبا، الغين بلا غاية، الراء معمية، الياء بلا رد، الباء حائرة والألف أنت وحيدا بلا شفق.

وتكون غريبا، فلا تدري أين تغذُّ خطاك فالمهد صار بعيدا، ولم تختر قبرك بعد، فأنفك عن رائحة الريحان أصم.

وتكون غريبا، تسأل من أنا، فيسألونك من أنتَ، تقول أنا أنتم، تأتيكَ أصوات شتى، لا نعرفك، ابكِ أو لا تبكِ فليس لدموعك بصمات.

وتكون غريبا، تتوه بين البسمة وعبوس الوجه المغضن، تحار بين المدة والضمة.

وتكون غريبا أو لا تكون، تسأل نفسك أ ميتٌ أنا؟ هل أنا في بحر البرزخ، أم بعثتُ وحدي في أرض بلا ملامح؟

وتكون غريبا، فلا ترى في مرآة الوجد إلا خيالا أبكم، وتمضي بك الدنيا كما تشاء.

وتكون غريبا، لا يفرحك ما يفرحهم، ويبكيك ما لا يبكي سواك، فتُضْمر في نفسك ظنونا شتى، و جنونك لم يعد سرا يخفونه عنك.

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2022     A فراس ميهوب     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد الفصلي 27: الموارد الرقمية بين المكتبات والمواقع المفتوحة: مقارنة

إدواردو غاليانو وعابرية القصة القصيرة

الذكاء العاطفي والفضاء الإلكتروني

هَيْلَمان

ورق الغار