جليلة الخليع - المغرب
مسارات النغم
أريد الهدوء التام الذي توقعه الموسيقى على أوتار الروح. ما عدا ذلك فهو صخب، إزعاج، توتر.
أشد على الوتر، تنفلت الأصابع، فأقبض على الفكرة في مسارات النغم. تجوب أرجائي علها تعثر على تلاشياتي في جزء ما من الخريطة اللامتناهية لظلالي.
أتعثر مرة تلو الأخرى، والنوتات تظل عالقة ما بين الوتر والفكرة، والكلمات تنتظر عند بوابة سمعي، عند قصري الذي تمتلكه أنفاسي، حتى يأتي ذلك الهبوب، فتتدفق النصوص وتنغمس في دواة الألحان المعتقة، فتولد من جديد.
ها أنا، في تكتلات الظلال المتحدة بي، المتشعبة مني، أوقع كل نبضي في قلب الحرف، في أذين الفكرة، في بطين الخيال، في الجسد المتكور "نوتة".
أتربص بكل التكتكات المنطلقة مني، الفارة من مفاصلي، الحائمة في فضاءات التحليق، فأستمطرني معها، أنقر زجاج نوافذي لأستيقظ على هذا الوقع الجديد.
إيقاعات متباينة، تبطئ، تسرع، تتوقف لبرهة، تستجمع أنفاسها وتنفث الصمت بشرايينها، لتعاود من جديد.
هي إيقاعاتي بكل ثقل الكلمة، بدبيب الفكرة في شرايين الحرف، بالنص المختوم بتوقيع تكتلاتي، بالبياض الذي يدثر كل حبري المراق فيستجمعني.
شددت رحال سمعي، وتوقفت على مشارفي، أطل علي من أعلى ربوة للصمت، لأرى وجودي/تواجدي.
هنا كل حواسي تجلس القرفصاء، وليوغا الكلمة أن تمارس كل غواياتها، حتى أقبض بزمام التأمل في مساحاتي الممتدة بياضا، والممتلئة بي هواء لا يتنفسه غيري.
أختلس السمع، أقتنص خطواتي المبثوثة في غير ما اتجاه، أتشكل في الدوائر المنبثقة من النور، أستدير والحيرة، كل صدى الألوان يتردد على قارعة اللوحة، والصوت هناك توقف ذبذباته الفرشاة، فيترك نقطا، تقطعات، على طول المسار.
هنا، كل الطرق تشبه ألحاني، أغنيتي هناك، بالجهة الأخرى من قارة الحنين، تشبه سكوتي.
أظل واجمة عند ملتقى الطرق الملتفة وأقدامي، والأضواء تشير بالمسير، وخطواتي غافية عند الخطوط البيضاء، تغشاها نوبة الأسئلة المتكتلة بغدة الشرود.
للأسئلة طعم اللحن في فم الأغنية، وللنوتات أن ترقص فالسها بدائرة بوحي، حتى أتقمص كل الأدوار المقيمة بموقع خيالي.
◄ جليلة الخليع
▼ موضوعاتي
1 مشاركة منتدى
مسارات النغم, هدى الدهان | 9 حزيران (يونيو) 2018 - 08:44 1
نتخيل اننا نذوب في الموسيقى و نحبها وفي الحقيقة انها تذوب فينا و تُحيينا لتخلق منا شخصاً اخر غير الذي اتى اليها مستجدياً حضن نوتاتها هرباً من صراخ العالم الذي يحيط به .