أفاق. تقوس ظهره على ساق شجرة النيم. تحت قدميه تراب مبلول. لا يدري كم أغفى، ساعات أم لحظات. احتدمت بدماغه هواجس النجيع. لم يقبض على جمر اللحظات، ولم يهرب منها، والنهر يولد في الأدغال، يطلب الشمال. كانت شمس الضحى ساطعة. لبرهة أسند كفه على الساق، نهض مهمهما. مشى من درب إلى آخر حتَّى شارف العشش، بيوت الطين المبثوثة في فوضى، كأنها بُنِيَتْ على عجل قبل أن تغتالها يد الإنسان.
تذكَّر منزل خميس أبو مريومة والثعابين المرسومة على جداره الأبيض. خلاوي القرآن عند الطرف الشمالي، والرجل الذي قتل بسيفه (…)
الغلاف > المفاتيح > مقتطفات ومختارات > روايات
روايات
المقالات
-
طقوس الرحيل (*)
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009, ::::: عباس علي عبود -
مقتطف من رواية السقوط في الشمس
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: سناء شعلانالجو يغطُّ في آخر مداعبات الخريف، السماء تتهيأ باستحياء لولادة شآبيبها المنتظرة، ها هو القطار يتوقّف عن إصدار صفيره المحموم، يتوقف في مكانه المرسوم له بالقضبان الحديدية. من الشبّاك الذي يجاور الشاب الحليق الذي يجلس إلى جانبي أتابع حركات الركاب المتجهين جميعاً نحو البوابات، البعض يشقّ طريقه سريعاً بين الجموع، البعض يتوقف، يحرك رأسه يميناً وشمالاً بحثاً عن صديق أو قريب في انتظاره، وآخرون يتجهون سريعاً نحو أقرب حافلة أو سيارة أجرة، يستقلونها مبتعدين عن المكان.
أصبح القطار شبه فارغ، أسرع إلى (…) -
تلك المدينة-الذاكرة-اللغة
1 تموز (يوليو) 2006, ::::: ياسمينة صالحلطالما كنت مشدودة إلى المدن التي أدخلها أول مرة لأخرج منها بذاكرة ممتلئة أو بجرح استثنائي التفاصيل، كحوار نمارسه عن غير قصد، كقهوة نرتشفها عن غير وقت. كثيرا ما أجدني مبهورة أمام المدن الكبيرة والصغيرة، أدخلها كمن يدخل إلى ذاكرة غيره، كمن يطرق بابا يعرف حدود الأمكنة فيه. كنت أجدني دائما قبالة المدن أنظر إلى التاريخ فيها، مأخوذة بصمتها العلني، وبأحزان مرت هــا هنا على أرصفة البكاء، قبالة موانئ تنظر إلى الغياب بعيون لا يأكلها السأم، ولعلي كثيرا ما أقرأ بعض ما يبهرني على الجدران. كنت أكتشف دهشتي (…)
-
الرحيل
1 تموز (يوليو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتقام الحاج وتغيب لحظات، ثم عاد حاملا منديلا مصرورا وضعه أمامهم. فتحه وأمسك بخمس زجاجات صغيرة بها سائل رائق شفاف. قال: هذه من ماء زمزم، وتلك،" أشار إلى أخرى السائل فيها أقل شفافية ويميل إلى الاصفرار، "تلك بها عطور من زهور رشيد." وهذه الخواتم والمسابح من الحجاز، أما تلك فمن مصر. وهذا اللوح الصغير من خشب الزيتون، اشتريته من القدس. تذكارات صغيرة. تفضلوا ليأخذ كل ما يشاء."
أربعة اختاروا ماء زمزم، وواحد أخذ مسبحة، والآخر خاتما فضيا. أما علي فمد يده إلى اللوح الخشبي الصغير، وسأل الحاج على استحياء: (…) -
مرافئ السراب (*)
1 أيار (مايو) 2009, ::::: عباس علي عبود(*) الفصل الأخير من رواية بهذا العنوان. الفصول الأخرى نشرت في الأعداد 14 و 23 و 33 و 34 و 35. . التجريب الجسدي بحثا عن الحب، هل يقود إلى الفشل، وفقدان القدرة على معرفة الآخر؟ هل التناغم الروحي مقدمة للانسجام الجسدي؟ وكيف يمكن عبور الخط الرفيع بين الجسد والروح؟
في حانة نائية في مدينة بوشكين، كان المطر ينهمر وهما يحتسيان الفودكا. غاصت إيلينا ماروزفا في صمت عميق تطارد ذكريات غاربة. انتشلت خيالها من التهويم، ثم قالت بصوت خافت:
"أحترم الإنسان والحياة، وأريد العيش كما أريد."
"الكلُّ لا يريد (…) -
مختارات: نجران تحت الصفر
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: عود الند: التحريرأدناه مقطع من رواية "نجران تحت الصفر" للروائي الفلسطيني، يحيى يخلف. الناشر: دار الآداب، بيروت (1988). المقتطف من الطبعة الرابعة، ص ص 13-17.
العسس يذرعون الشارع ويتبخترون أمام عربات الباعة. محلات عديدة مغلقة، وثمة عمال من البلدية يشعلون الفوانيس المعلقة عند المنعطفات. أولاد الحصري أغلقوا مطعهم، والمستر يشتري رز أبو بنادق من دكان الغامدي، والمطاوعة الذين خرجوا من صلاة العشاء يقضمون أطراف المساويك بأسنانهم، ورأفت العدني، بائع الفلافل، أطفأ البريموس وجلس أمام دكانه مطرقا بلا حراك.
وثمة رائحة (…) -
أم ســــــــــعــد
1 تموز (يوليو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتكانت أم سعد قد وصلت، نازلة، إلى الطابق الثالث لاهثة وراء الماء ورغوة الصابون، وبرد الشتاء يقرص قدميها الحافيتين. بلحم كفيها المضرجتين بآثار أحذية الصاعدين والهابطين كانت تفرك الأرض الرخامية وسط ليل الناس النائمين عميقا في دفء غرفهم المترامية وراء الأبواب المغلقة. وفجأة أحست بامرأة تقف وراءها، مكتفة ذراعيها على صدرها، ناظرة إليها بإمعان كأنها تنتظرها منذ دهر. وحين التقت نظراتهما، قالت لها المرأة:
"يعطيكي العافية."
"الله يعافيكي يختي."
انتصبت أم سعد بقامتها العالية، شادة ظهرها إلى الوراء (…) -
الأسماء المتغيرة
1 حزيران (يونيو) 2008, ::::: عود الند: مختاراتاندلعت نيران الحرب العالمية الثانية لتنسي جميع شعوب المعمورة كل أنواع الحروب السابقة. وانعكست أسوأ انعكاس على الصحراء الموريتانية. هلكت الأبقار، وكثير من الغنم والإبل. وهجر الناس مرابعهم، وأجدبت مراعيهم. وانتشرت المجاعة، وحصد مرض (انطير عليك) الشبيه بالكوليرا الآلاف والآلاف من الناس حول بحيرة (الركيز) وما جاورها. وأخطر من كل ذلك أن ماتت الأسواق، وانقرضت البضائع الضرورية، وخاصة قماش اللباس. لبس قسم كبير من الناس جلود الضأن. وانزوى بعض الأسر بين الأشجار مختفيا بعريه عن الأنظار.
واتجهت (…)