عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 6: 60-71 » العدد 66: 2011/12 » بحث: الحياة الخاصة للإمبراطور الروماني تيبيريوس

أشرف صالح محمد سيد- مصر

بحث: الحياة الخاصة للإمبراطور الروماني تيبيريوس


الحياة الخاصة للإمبراطور الروماني تيبيريوس
(42ق.م – 37م)

ملخص:

تتناول هذه الدراسة الإمبراطور الروماني تيبيريوس (Tiberius) خلال الحقبة (42ق.م – 37م)، وبمعنى أدق حياة هذا الإمبراطور منذ مولده حتى وفاته، فمنذ أكثر من ألفي عام اعتلى عرش روما إمبراطور جديد هو ثاني الأباطرة الرومان؛ أسمه تيبيريوس كلوديوس، وعدد رعاياه مائه مليون نسمة. ولقد كان طاغية بخيلاً، منحرفًا، سفاكًا للدماء، ولكن الإمبراطورية الرومانية استقرت في عهده وازدهرت اقتصادياتها.

وقد تعرضت الدراسة بشكل مركز إلى مولد تيبيريوس وتربيته ونشأته، وثقافته، وملامح شخصيته، ثم انعزاله في جزيرة رودس والظروف التي دفعت به نحو عرش الإمبراطورية بعد وفاة أول الأباطرة الرومان أوجستس (أوغسطس)، مع عدم إغفال أهم الأحداث خلال فترة توليه العرش ثم تقاعده في جزيرة كابري، وأخيرًا نهاية حياته بعد فترة حكم استمرت ثلاثة وعشرين عامًا(14م – 37م) كان فيها أقدر حاكم للإمبراطورية الرومانية على وجه الإطلاق.

مقدمة:

واقع الأمر؛ إن الرومان وتاريخهم الطويل الممتد كان ذا أهمية كبيرة جعلت الكثير من الباحثين والمفكرين، فضلاً عن المؤرخين يلتفتون إليه، ولم يكن ذلك إلا لما يحفل به التاريخ الروماني من خبرات في الحكم والسياسة، مما لعب بدوره دون شك في تنوع جوانب الاهتمام والدراسة في التاريخ الروماني. ولما كان التاريخ الروماني من صنع القادة الغزاة والأباطرة الطغاة كان من الضروري الاهتمام بدراسة هذا الجانب، بما يحويه من حياة هؤلاء الأباطرة الخاصة وظروف نشأتهم وتربعهم على عرش الإمبراطورية إلى معاركهم وفتوحاتهم وسياستهم وغير ذلك.

ومن الجلي البين أن هناك العديد من الدراسات التي ألفت عن الإمبراطورية الرومانية باللغة العربية واللغات الأجنبية، وقد تناولت المؤلفات العربية تاريخ الأباطرة الرومان بصورة جمعية ومفصلة من ناحية السياسة الداخلية والخارجية والعلاقة بمجلس الشيوخ ناهيك عن المعارك والحروب، ومن بين الصفحات كانت توجد تلميحات لحياتهم الخاصة، وعلى النقيض أفردت الأقلام الغربية مؤلفات كاملة عن كل إمبراطور على حدا ومن بين هؤلاء الأباطرة تيبيريوس.

ومن ثَم فإن هدف إعداد هذه الدراسة هو تقديم صفحات تعكس الحياة الخاصة لهذا الإمبراطور وليس الأحداث التاريخية، فقد ولد هذا الرجل وسط مأساة ضخمة وعاش حتى سن الكهولة وفي نهاية عمره كان مكروهًا من كل إنسان على قيد الحياة، أساءت السلطة الرومانية كثيرًا إلى سمعته بوجه خاص كما لم تفعل مع أي إمبراطور روماني أخر، بالرغم من أنه كان جديرًا بمنصبه، وأعتقد في رأيي المتواضع أن حياة تيبيريوس الخاصة كان لها أكبر الأثر على أفعاله الشاذة في الإمبراطورية من هتك للأطفال، وعلاقات شاذة بالجواري والغلمان، حتى مخادع الجنس في جزيرة كابري.

المولد – التربية – النشأة

قبل مولد تيبيريوس بخمسمائة عام كانت روما تقع تحت الحكم الجمهوري، حيث كانت معظم طبقات الشعب حرة وعدد السكان بلغ ما يزيد عن النصف مليون نسمة. وكان جايوس يوليوس قيصر (102 ق.م – 44 ق.م)[1] يسعى نحو أن يكون ملكًا، ولكنه استطاع أن يكون إمبراطور فكان أول صاحب لهذا اللقب. ولكنه قُتل بخناجر أنصار الجمهورية، مما أشعل أكبر حرب أهلية في تاريخ روما استمرت ثلاثة عشر عامًا.

وفي خضم تلك الأحداث وبعد انتصار جيوش المنتصرين على الجمهوريين في معركة فيليبي، أو بالأحرى بعد مرور شهرين وفي 16 نوفمبر 42 ق.م[2] ولد تيبيريوس في عالم مليء بالأحداث الكثيرة حيث سُرقت الكثير من المدن وبيعت شعوب كاملة في سوق العبيد.[3] وينتمي والدي تيبيريوس إلى أسرة كلوديان "Claudian" تلك الأسرة العريقة التي كان تاريخها هو تاريخ روما نفسها.[4] كانت والدته اسمها ليفيا دروسيلا Livia Drusilla (58 ق.م – 29م) قد ولدته في الثالثة عشر من عمرها، وكان زوجها هو ابن عمها. وكانت ليفيا جميلة وذات عينين حنونتين، كما كانت تمتاز بتواضعها وبعدها عن الفضائح، وكانت تمتلك كل الفضائل المطلوبة في السيدة الرومانية النموذجية في ذلك الوقت. وكان لدى ليفيا ستمئة من العبيد وبالرغم من ذلك كانت تُصرف الساعات في متابعة كافة التفاصيل والإشراف عليها في شئون البيت.[5]

ومما يذكر أن ليفيا عندما كانت حاملاً في تيبيريوس فإنها كانت تحتفظ ببيضة مخصبة بين ثديها. وعندما كانت تنام فإنها كانت تعطي البيضة لواحدة من الجواري لكي تدفئها على نفس الصورة. وكان هدفها هو تبين نوع ومصير جنينها. وعندما فقست البيضة وخرج منها كتكوت ذو عرف جميل شمل الابتهاج البيت كله، فقد كان الكتكوت علامة على أن المولود سوف يكون ذكرًا، وكان العرف علامة على أنه سوف يكون رجلاً عظيمًا.[6] تلك كانت ليفيا والدة تيبيريوس سليلة أسرة من أكبر أسر روما. أما والد تيبيريوس فيدعى تيبيريوس كلوديوس نيرو الأكبر، شغل عدة مناصب كبيرة في حكومة روما، وكان قائدًا لأحد أساطيل يوليوس قيصر، كما كان من كبار كهنة الديانة الأوليمبية.

وقد قضى تيبيريوس الابن أول سنتين من عمره مع أبويه في المنفى، حيث هاجر تيبيريوس الأب من روما بعائلته واستقر في مدينة بيروجيا التي تقع في جبال الابنين، على أنه ارتحل بعد ذلك لعدة مناطق ثم عاد لروما ثانيةً.[7] وفي عام 38 ق.م طلبت ليفيا Livia من تيبيريوس الأب أن يطلقها حتى تستطيع الزواج من أوكتافيانوس [8]. وعندما توفى تيبيريوس الأب، كان عمر أبنه الأكبر تسع سنوات. حيث ذهب تيبيريوس في ذلك الوقت وشقيقه دروسوس [9] - كان عمره خمس سنوات – ليعيشا مع أمهما ليفيا في قصر أوجستس (أوغسطس) [10]

وعلى الرغم من أن تيبيريوس كان قد تلقن العلم والدين والأدب على أيدي أساتذة ممتازين من الإغريق والرومان، فإنه حصل على أساتذة أعرق وأفضل في قصر أوجستس في ذلك الوقت، حيث كان الراجح أنه هو أفضل الصبية في روما كلها في العلم والأدب. وكان السبب في إصرار أوجستس على تعليم تيبيريوس و دروسوس ومارسيللس[11] على أعلى مستوى هو أنه كان يرى أن الإمبراطورية قد أصبحت ملكًا خالصًا له وبالتالي فإن حاكمها من بعده يجب أن يكون أحد ورثته، وكان هؤلاء الثلاثة هم ورثته الطبيعيون. وبالرغم من تفوق تيبيريوس في التحصيل عن دروسوس إلا أن أوجستس كان يميل لدروسوس Drusus لأنه شخصية مقبولة وأكثر مرحاً من هذا الولد الخجول ثقيل الكلام تيبيريوس.

وبهذا قضى تيبيريوس هذه السنوات من عمره حتى بلغ الثالثة عشر عندما كان أوجستس قد حصل على النصر النهائي واستولى على مصر، وانتحر انطونيوس وكليوباترا.[12] ولعله من الواضح؛ أن هذه السنوات الأولى من عمر تيبيريوس كانت بمثابة الدرج الذي يرتقيه نحو العرش، فهو لأبوين من أكبر الأسر الرومانية، ثم تزوج والدته من الإمبراطور، ووفاة والده وذهابه في التاسعة من عمره للعيش في قصر أوجستس وتلقيه التعليم هناك والعناية به كأحد ورثة العرش.

الثقافة والملامح الشخصية

الامبراطور تيبيريوسفقد كان تيبيريوس طويل القامة شديد البأس، حلو الملامح، ولكن حب الشباب ضاعف من حيائه، وسماجة طباعه، وإحجامه وحبه للعزلة. ويمثل رأسه الجميل المحفوظ في متحف بوسطن في صورة قس شاب عريض الجبهة، واسع العينين غائرهما، ذو وجه يدل على الحزن وعميق التفكير، وقد بلغ من جده ووقاره في شبابه أن أطلق عليه بعض المجان اسم "الرجل العجوز".[13]

يستطيع أن يكون شرساً إذا غضب، وكان أقرب إلى العزلة والانطواء دائماً منذ صغره، كما كان يفتقر إلى الحب، وكان صبوراً قليل الكلام حريصاً فيه وهو ما زاد من كره البعض له، حيث أنه كان يتوقف وسط الجملة لكي يبحث عن اللفظ المناسب لما يقصده.

وقد قطع تيبيريوس شوطاً في التعلم أولاً على يد أساتذة روما ثم في قصر أوجستس، ولقد كان لديه قدرة مبكرة على الخطابة ذوت بسبب ميله للعزلة والبعد عن الناس. تعلم تيبيريوس من أوجستس كيف أن المصلحة وحدها هي المقياس الصحيح للعلاقات. وكان تيبيريوس يجيد الإغريقية ويحب الأدب الإغريقي، كما درس الكثير من علوم عصره مثل علم تفسير الأحلام وعلم الفلك. وكان ينظم بعض الشعر ويجيد الكتابة والخطب والرسائل.[14]

كما أنه تمرس أيضًا بطقوس الديانة وأساليب الحكم. وكان عالمًا ضالعًا في الأدب اليوناني واللاتيني[15] وعلم الطب وعلم قراءة الطوالع. وكان شغوفًا بالرسم والنحت واتخذ بطانة من الشعراء وعلماء الرياضة، واهديت إليه المؤلفات والأشعار.[16] وقد تدرب على القتال وهو ما يزال صبيًا، إلا أنه كان يطمع في أن يكون رجلاً عظيمًا وكان يرغب في أن يتبع الطريق التقليدي لذلك وهو الجندية – في ذلك الوقت – ومن بعدها ينتقل إلى المناصب القيادية في حكومة روما.

وفي عام 27 ق.م كان تيبيريوس في الخامسة عشر من عمره، وكان فتى طويلاً قويًا عريض الأكتاف، وكانت الطراوة تبدو على ملامحه، ولقد تنبأ واحد من معلميه وهو تيودروروس الجادراني بمستقبله حين قال عنه أنه "طين معجون بالدماء".[17] كان تيبيريوس يعيش بين جنوده عيشة متواضعة، فكان يشاركهم متاعبهم ولا يميز نفسه عنهم بمظاهر الرخاء والرفاهية التي كان يتمسك بها القواد الآخرون، فكان ضباطه يألفونه ويمازحونه. وكان ينتقل على ظهور الخيل ويأبى أن يستخدم المحفة التي يحملها العبيد، وكان يأكل كالجنود وهو جالس، حيث أن النبلاء الرومان كانوا يأكلون وهم مستلقون على بطونهم فإذا فرغوا من الطعام تحولوا إلى أحد الجانبين.[18]

وقد أخذ من التربية كل ما يستطيع أن يأخذه عن الرومان واليونان والبيئة والتبعة، وأتقن اللغتين اليونانية والرومانية وآدابهما، وكتب الأغاني الشعرية، ودرس التنجيم و "غفل عن الآلهة". وكان يحب أخاه الأصغر دروسوس رغم أنه كان أحب منه إلى الشعب؛ وكان زوجًا مخلصًا وفيًا لـ فيبسانيا Vipsania، مكرمًا لأصدقائه إكرامًا لم يكن يترددون معه في أن يهدوا إليه الهدايا وينتظروا منه أن يهدي إليهم أربعة أمثالها. وكان أقسى قواد زمانه وأقدرهم، فنال بذلك إعجاب جنوده وتعلقهم به، لأنه كان يعني بكل شؤونهم مهما صغرت، ولأنه كان يكسب المعارك بفنه أكثر مما يكسبها من دماء جنده.[19]

وكان لدى تيبيريوس جواريه المخصصات لتعليمه فنون الجنس وتدريبه عليها، وأيضًا العبيد المخصصون لتدريبه على فنون القتال. ويعتقد أن هذه الخبرة السابقة لتيبيريوس وميله للعزلة والانطواء ما جعله متهكما وكثير المجون، فقد كان يهوى هتك الأطفال ويطارد سيدات روما بعروض قذرة وكان يتمتع بتعذيب الآخرين فيكونون وقود لمزاجه الدموي.

وكان يؤمن ببعض الحكم الخاطئة الواضح أنها كانت نتيجة خبراته وظروف حياته، ومن هذه الحكم "ومن بعدي فلتأكل النيران الأرض".[20] و"كان منطويًا على نفسه، صبورًا". على حد قول ستونيوس "إذا ما وجهت إليه وإلى أسرته الشتائم والافتراءات والمطاعن". وكان يقول في ذلك "إن البلد الحر يجب أن تطلق فيه حرية القول والفكر".[21] وقد عاش تيبيريوس حتى سن الثامنة والسبعين، ولكنه لم يحصل على السعادة في تلك السنين الطويلة إلا لمدة أثنى عشر عامًا فقط، وهي المدة التي قضاها مع فيبسانيا زوجته. ومع ذلك؛ فإن طبيعته الانطوائية لم تتغير وظل يعيش وتحدث بنفس ذلك البطء الذي كان يثقل على الناس، وكان تعليق أوجستس على ذلك هو "يا لروما المسكينة التي سوف يحكمها هذا الإنسان الكئيب".[22]

وفاة أوجستس

لما كان تيبيريوس يريد أن يكون عظيمًا، وأراد أن يتبع الطريق التقليدي لذلك وهو الجندية – كما أسلفنا الذكر- فقد تولى حكم بلاد الغال وراء الألب 19ق.م[23] ثم في سن الخامسة والعشرين حصل تيبيريوس على قيادته الأولى، وكانت مهمته تتمثل في استعادة الشعار الروماني الذي كانت إحدى الكتائب قد فقدته في معركة الجيش الفارسي. ولم تكن المهمة صعبة فقد أبرم تيبيريوس الصفقة مع الفارسيين وحصل على هذا الشعار، وكان شعار النسر وأرسل به إلى روما.

راح تيبيريوس يبحث عن مجد آخر ولم يتوقف عند هذا الحد. ففي عام 12 ق.م ساعد أخاه دروسوس Drusus في حملاته على ضفاف الراين والدانوب ثم طلب لنفسه قيادة القوات المقاتلة في بانونيا[24] وأجيب لطلبه وأصبح جنرالا. وعاد إلى روما منتصرًا ومعه العديد من الأسرى والكثير من الغنائم، واستقبله الشعب في روما بالاحتفالات والورود والهتاف.[25]
عقب ذلك؛ أرغمه زوج أمه الإمبراطور أوجستس على أن يطلق المرأة التي أحبها وهى فيبسانيا أجريبينا ليتزوج من جوليا Julia (39 ق.م – 14م) وكانت ابنة الإمبراطور وأرملة أجريباAgrippa [26] ولكي يهرب من هذه الزيجة ومن رغبة الإمبراطور أوجستس، انعزل وهو في السادسة والثلاثين من عمره في رودسRhodes.[27] حيث بدأ إقامته هناك في هذه الجزيرة الإغريقية وظل بها خلال الفترة (12 ق.م – 2م)، وقد أعجبته فوجد فيها ما كان ينشده ويريده من هدوء وفنون.[28]

كان تيبيريوس يجتمع بأهل الأدب والفن والفلسفة في قصره بالجزيرة ويتناقشون ويعرضون أفكارهم وإنتاجهم، حتى أنه ليعد من القلائل الذين جمعوا أفضل ما في الحضارتين الإغريقية والرومانية. وفي هذه الجزيرة كان يستمتع بكل ألوان الجنس، وكان يمضي وقتًا منظمًا بين المكتبة[29] والتجول في المدينة والحمام والحوار مع منجم أو فيلسوف، وعلى الرغم من هذه الحياة التي تمتلئ بالراحة والرفاهية والنظام كان تيبيريوس تعيسًا لأنه يعيش بلا عمل وبلا هدف.[30]

في هذا الوقت وصلت أنباء بالحكم على جوليا بالنفي في جزيرة بانداتاريا النائية من قبل الإمبراطور أوجستس بعد أن وجه لها سيل من الشتائم.[31] وقد فرح تيبيريوس ولكنه لم يعود، ووقتها كان أوجستس قد بلغ سن الشيخوخة والضعف وفي حالة وفاته واعتلاء أحد أشقائه العرش فإن مصير تيبيريوس المحتوم كان هو الإعدام. وكان لهذا أثره علي تيبيريوس الذي أنزعج وراح يستعين بالمنجمين يطلب منهم أن ينبئوه بمصيره. فقد كان في جزيرة رودس برغبته ولكن أوجستس استصدر أمرا بعدم عودته لروما، وذات ليلة عندما طلب تيبيريوس من منجم يدعى ثراثيليس أن يستنبأ النجوم عن الأخبار، ظهرت في الأفق سفينة ودخلت الميناء ومعها رسالة هي أمر من الإمبراطور أوجستس بعودة تيبيريوس إلى روما.[32]

عاد تيبيريوس إلى روما في السنة الثانية الميلادية حيث وصلت أنباء في نفس السنة من مرسيليا، وكان لوشيوس – ابن جوليا – قد ذهب إليها في مهمة رسمية، فوصل نبأ بمرضه ثم نبأ أخر بوفاته. وقد أرسل الإمبراطور الابن الباقي لجوليا وهو جايوس لمنطقة ليشيا ولكنه مات أيضاً. ولهذا وفي العام الرابع بعد الميلاد تبنى الإمبراطور أوجستس تيبيريوس رسميًا، وبذلك أصبح هو ولي العهد الشرعي.[33]

وعندما بلغ أوجستس السبعين من عمره اشتعلت ألمانيا بالثورات من جديد، فبعث بقائد يدعى فاروس وزوده بثلاث من أقوى كتائبه، تعدادها ثمانية عشر ألف رجل. ولكن قُضى على الجيش تمامًا وانتحر فاروس.[34] وتصدى تيبيريوس للمهمة بعد أن لجأ أوجستس لضرب الألمان، وقام ابن أوجستس بالتبني بتجنيد كتائب جديدة وقام بتدريبها وقادها في حملة ضارية، واستطاع أن يعاقب قبائل الألمان أشد عقاب، واعترف أوجستس وقتها أنه لولا ما فعله تيبيريوس لما أمكن إنقاذ الإمبراطورية.[35]

ولقد توفي أوجستس في مدينة (نولا) ولا يٌعرف من قرر أو أمر بقتله، ربما ليفيا أو تيبيريوس ولكن كل الاشتباه يقع على تيبيريوس حيث قرر تاكيتوس في حولياته ذلك بأنه أول جريمة للإمبراطور الجديد [36]. وعلى أية حال فقد قام تيبيريوس بدفن أوجستس في احتفال مهيب في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر من يوم 19 أغسطس 14 م.[37]

ونقرأ في ديو كاسيوس أن الوصية التي كانت محفوظة لدى عذارى معبد فيستا [38] قد أحضرت وفحصت أختامها، ثم قرأت في اجتماع مجلس الشيوخ. ونصت الوصية أن يرث تيبيريوس ثلثي تركة أوجستس وأن ترث ليفيا الثلث الباقي، وقد استمع تيبيريوس للجملة الافتتاحية للوصية والتي يقول فيها أوجستس "حيث أن القدر القاسي حرمني من ولدي جايوس ولوكيوس فليكن تيبيريوس قيصر وريثي".[39]

وظهر تيبيريوس أما مجلس الشيوخ بعد أربعة أسابيع من وفاة أغسطس، وطلب إليه أن يقرر إعادة الجمهورية، وقال للأعضاء إنه لا يصلح لحكم تلك الدولة المترامية الأطراف، وإن خير طريقة لإدارة أعمال المصالح المختلفة التي تشرف على الشؤون العامة في مدينة احتوت هذا العدد الجم من الرجال النابهين ذوي الأخلاق العالية أن يتولاها جماعة مؤتلفون من خير المواطنة وأعظمهم كفاية. [40]

ولم يجرؤ أعضاء المجلس على أن يصدقوا ما يقوله لهم، فحيوه كما حياهم بطأطأة رؤوسهم، وما زالوا به حتى قبل أن يتولى السلطة التي قال عنها "إنها استرقاق مبهظ مذل" على أمل أن يسمح له المجلس في يوم من الأيام أن يعتزلها ليحيا حياته الخاصة متمتعًا بالحرية. وهكذا مثلت الرواية من كلا الجانبين أحسن تمثيل. وما من شك في أن تيبيريوس كان يريد أن يتولى الزعامة وإلا لوجد سبيلاً إلى الفرار منها، وأن مجلس الشيوخ كان يخشاه ويبغضه، ولكنه كان يرهب عودة جمهورية تقوم، كما كانت تقوم الجمهورية القديمة، على جمعيات تعد من الوجهة النظرية مصدر السلطات جميعها، وكان يرغب في نظام أقل ديمقراطية من هذا النظام السالف الذكر لا أكثر منه.[41]

تولي العرش

كان ابن أوجستس بالتبني في السادسة والخمسين من عمره حين تولى العرش، وكان أقرب إلى التعاسة منه إلى السعادة وكانت واجباته تثقل عليه. فكان عليه أن يحضر المحاكمات ويرأسها وكان عليه أن يدير شئون الكهنة والمعابد وذلك بصفته الكاهن الأكبر. وبذلك بدأ تيبيريوس حياته الجديدة كإمبراطور، ولكي يأمن على عرشه وحياته فإنه راح يبحث عن الأشخاص الذي يحتمل أن يتطلعوا إلى العرش، ثم أخذ يقتلهم واحدا بعد الآخر. وعلى يده بدأ عهد السلام الروماني حيث أعلن أنه "لا غزو ولا توسع بعد اليوم".

وقد كان يريد بذلك أن تستقر قوات الاحتلال الروماني في المستعمرات وأن تحمي عملية جباية الضرائب وتؤمنها. كما أقر تيبيريوس بحرية الحديث والمجادلة وأعتبر ذلك جزءا أساسيا من دعائم الحكومة، ومن الواضح أن تيبيريوس اقتفى اثر سياسة أوجستس باستثناء الإنفاق ببذخ فقد كان معتدلا في الإنفاق على نفسه وعلى مرافق الدولة، وأوقف فرض أي ضرائب جديدة كما حسن في نظام تحصيل الضرائب الأصلية فنظم الضرائب في الولايات حتى راحت أكداس الذهب تتدفق على روما.واحتفظ السناتو (مجلس الشيوخ) آخر الأمر بالإشراف على المبالغ التي كانت تدفعها المدن في الولايات التابعة للسناتو إلى خزانة الشعب الروماني.[42]

وفي السنوات الأولى لحكمه حاول أن يكون ديمقراطيا ويتجنب تدمير القيم الجمهورية، فعامل السناتو باحترام ورعاية وكان يحضر كل اجتماعاته، وجعل من السناتو أسمى اجتماعا للعدالة. وكان يحضر اجتماعات المجلس، ويحيل إليه "حتى أصغر الأمور ليحكم فيها"، ويجلس فيه ويتكلم كأنه عضو عادي لا أكثر، وكثيرًا ما كان يقترع مع الأقلية، ولم يحتج يومًا من الأيام إذا وافق المجلس على قرارات تتعارض مع رغبته التي أبداها جهرة.[43] على أنه رفض اقتراحًا من السناتو بتسمية أحد الشهور باسمه كما حدث لشهري يوليو وأوجستس، وكان تعليقه على الاقتراح هو"ماذا سوف تفعلون إذا بلغ عدد القياصرة ثلاثة عشر؟" [44]

وهكذا ازدادت أهمية مجلس الشيوخ في بداية عصر تيبيريوس وأصبح يزداد قوة يومًا بعد يوم، حتى أن تيبيريوس كان يستشير المجلس في المسائل الدينية فكان غيورًا على دين الدولة وكثيرًا ما كان يعارض في العبادات الأجنبية[45] التي ازداد تسللها إلى المجتمع الروماني.[46]

وبعد فترة قصيرة جدًا من وصول تيبيريوس للعرش حدثت فتنة الجيش، حيث احتشدت فرق الجيش في بانونيا وأرض الراين، تحتج على طول مدة الخدمة، وعدم دفع الأجور، ونظام الإرغام على العمل بالضرب والتعذيب. وأرسل تيبيريوس ابنه دروسوس إلى بانونيا ليقمع الفتنة هناك، كما أرسل جيرمانيكوس إلى الراين.[47] ومع تتابع الأعباء على تيبيريوس فإنه اعتمد على أحد قواده وهو سيجانوس (أو سيانوس) ووثق به وجعله قائدًا للحرس البرياتوري ولما كان تيبيريوس شكاكا بطبعه فأعطى كل ثقته له ولم يثق بأحد غيره، حيث أصبح سيانوس هو عينيه وأذنيه ومساعده الأول ومستشاره الأمين عدة سنين.[48]

ولما ضاق الإمبراطور بالحال في الإمبراطورية راح يبحث عن المتعة، فأخذ يعيش الليل أكثر ما يعيش النهار، بالإضافة إلى متعة الحديث مع المنجمين وبعض المناقشات في الأدب الإغريقي، والمتعة الكبرى كانت في الجنس. ولما كان تيبيريوس يطلب لنفسه تابعًا يستطيع أن يأتمنه على الكثير من المهام التي كانت تثقل عليه، فاستطاع سيجانوس أن يكون هو ذلك التابع هو مستشاره كما سبق الذكر.

أما سيجانوس هذا كان السبب في تسميم علاقة الإمبراطور ليس فقط مع السناتو بل أيضًا مع أسرة الإمبراطور نفسها. فقد كان يتطلع إلى التزوج من العائلة الإمبراطورية وينتظر أن يرث العرش، وكانت الخطوة الأولى هي إغراء ليفيا زوجة دروسوس . وعندما مات الوريث الشرعي لعرش الإمبراطورية في 23م وهو دروسوس الأصغر ابن تيبيريوس، قَبل الإمبراطور أن يتبنى أولاد جيرمانيكوس [49] مما أوغر صدر صديقه الماكر سيانوس.[50]

ولكي يفسح هذا الماكر الطريق أمامه للعرش أخذ في إزاحة كل المنافسين المحتملين من الطريق، فدبر مؤامرة حاول فيها تشويه سمعة أجربينا وتدبير موتها هي وأبنائها الثلاثة (أولاد جيرمانيكوس)، وبالفعل اتهمها سيانوس عام 26م بأنها تآمرت لقتل الإمبراطور. وكان هذا وجه سيانوس الحقيقي الذي لم يراه تيبيريوس، أما الوجه الآخر فكان على النقيض تمامًا، حيث استطاع سيانوس أن يكشف عددا من المؤامرات وأن يبلغ الإمبراطور عنها، فكسب أخيرًا ارتياحه وكان رفيقه الدائم على المائدة.

وعندما انهار ملعب مدينة فيدينيا أثناء حفلة مصارعات لم يصب الإمبراطور ولا صاحبه بأذى، على أن سيانوس كسب عرفان الإمبراطور حيث أنه في الطريق إلى جزيرة كابوري (كابري) كان تيبيريوس يتناول الطعام في بيت واحدًا من أثرياء الريف يُطلق على البيت أسم الكهف لأنه بالفعل كان داخل كهف فانهار وحمى سيانوس الإمبراطور بجسده من الحجارة المتساقطة وأنقذ حياته.[51]

وفي عام 26م انعزل تيبيريوس عن روما في جزيرة كابوري بالقرب من نابولي. وفي كابري [52] كان الإمبراطور قد بلغ السابعة والستين من عمره. وبدأت صورته تتغير إلى الأسوأ، فراح يعب من المتعة بشراهة لأنه شعر أن العمر يكاد أن يفلت من يديه، فكانت الشيخوخة قد بدأت تترك بصماتها عليه فبدا وزنه يهبط وراحت البقع تكسو وجهه، وصار إمبراطور على هذه الجزيرة. أما مقاليد الحكم فكانت في يد سيانوس حيث ركز الإمبراطور كل همته في كابري ، فبنى هناك أثنتي عشرة فيلا وحدائق ومخازن للخمر وكهوف صناعية وبحيرات وكذلك مخادع للجنس.[53]

وكانت الرسل تبحث في أنحاء الإمبراطورية عن الراقصين والراقصات وتبعث بهم على كابري، فلم يكتفي تيبيريوس بالاستمتاع مع الجواري بالجنس ومع السبايا والصبية وإنما كان يمارس الجنس مع الأطفال الذين كان بعضهم لم يبلغ الفطام، كما راح يهتك أعراض السيدات الرومانيات من النبيلات. وقد تحدثت قصص كثيرة عن حياته العابثة في كابري ، ولا شك في أنه لم يتمتع بقواه العقلية كاملة في السنوات الأخيرة من حياته.[54]

وفي اليوم الأول من سنة 31م سمح تيبيريوس للسناتو بأن ينتخبه قنصلاً للمرة الخامسة، وكان للإمبراطور الحق في اختيار القنصل الثاني فاختار سيانوس .كان هذا الاختيار تشريفًا له، ثم أعلن الإمبراطور عن أسم خليفته على العرش وهو جايوس"كاليجولا"، الابن الثالث لأجربينا[55]،ولذلك جن سيانوس غضبًا وقرر في الحال تدبير مؤامرة ضد حياة جايوس وقتل تيبيريوس والاستيلاء على العرش بالقوة.

ولكن سرعان ما فتح تيبيريوس عينيه على ما يجري حوله وبالذات مخططات صديقه سيانوس الذي يثق فيه.[56] أرسل الإمبراطور ماكرو إلى روما ليأخذ مكان قائد الحرس البرياتوري ويسلم السناتو رسالة طويلة، بدأت بحمد لطيف وثناء على سيانوس ، وكان هذا الثناء نقدا بتوبيخ [57] انتهى بأن سيانوس خائن متآمر وسرد الأدلة على ذلك، ثم أمر بعزله وإلقاء القبض عليه ومحاكمته.[58] وأدان السناتو سيانوس وحَكم بإعدامه، وكان ذلك قرار حاكم من السناتو، فاحتفل الإمبراطور بهذه المناسبة السعيدة في الفيلا رقم عشرة في جزيرة كابري.[59]

الجدير بالذكرأن تيبيريوس لم يثق في أحد بعد ذلك وزاد شكه في كل من حوله وازدادت أنشطة الوشاة والمخبرين وهم المواطنون الذين يطمعون في مكافأة مالية للإعلان عن مؤامرات ضد العرش. كان هذا النظام هو السبيل لمعرفة الخيانة خلال فترة حكم تيبيريوس .[60]

أما بالنسبة لجيرمانيكوس ابن أخيه، وهو الشاب الوسيم الذي تبناه بعد موت دروسوس، كسب بعض المعارك في ألمانيا ورغب أن يواصل الزحف عليها ليفتحها. وكان من رأي تيبيريوس عدم التورط في هذا الفتح، فأغضب بذلك الشعب ذا النزعة الاستعمارية. وإذ كان جيرمانيكوس حفيد ماركس أنطونيوس فإن الذين كانوا لا يزالون يحلمون بإعادة الجمهورية قد اتخذوه رمزًا لقضيتهم.[61]

وبدأت المشاكل بعد أن نقله تيبيريوس إلى بلاد الشرق لتنظيم شئون الولايات الشرقية الرومانية، فزار مصر ثم عاد لسوريا وفي انطاكية فاجأ المرض جيرمانيكوس ومات وظنت روما كلها أن الإمبراطور قد أمر بأن يدس له السم في الطعام، واتهم بهذه الجريمة أكنيوس بيزو أحد الموظفين المعينين من قِبَل تيبيريوس في آسية الصغرى. وحاكمه مجلس الشيوخ، وأيقن الرجل أن مجلس الشيوخ سيدينه فانتحر لكي يحتفظ بأملاكه لأسرته.[62]

ولم تكشف المحاكمة عن شواهد تدل على ارتكاب تيبيريوس لهذه الجناية أو تثبت براءته منها، وكل ما نعرفه أنه طلب إلى مجلس الشيوخ أن يمكن بيزو من أن يحاكم محاكمة عادلة، وأن أنطونيا أم جيرمانيكوس ظلت إلى آخر أيام حياتها أخلص أصدقاء تيبيريوس .[63]

واضطر تيبيريوس أمام تدخل الجمهور الثائر المهتاج في هذه القضية المشهورة، والقصص البذيئة التي كانت تذاع عن الإمبراطور، ودسائس أجربينا أرملة جيرمانيكوس وإثارتها الناس عليه، اضطر تيبيريوس أمام هذا كله أن يلجأ إلى قانون الخيانة العظمى [64] وهناك مَن يرى أن تيبيريوس حاول أن يكفر عن خطاياه ضد أسرة جيرمانيكوس [65] فنقل إلى قصره في جزيرة كابري الابن الثالث لذلك القائد، وكان هو الولد الوحيد الذي بقى من أجربينا.

وعندما بلغ الإمبراطور السبعين من عمره، كانت الشيخوخة قد بدأت تتغلب عليه، فازدادت نحافة جسمه أما وجهه فقد كانت تكسوه البقع والتشوهات، وكانت التماثيل التي تصنع له تصوره في وجه مبتسم وكأنه أصغر سنًا، وكان ذلك منافيا للحقيقة. أما هو فلم يكن يتردد في اصطياد أفراد حاشيته وأصدقائه ليصبحوا وقود لمزاجه الدموي الرهيب. وبلغ من قسوته أنه كان يحرم على أقارب ضحاياه أن يبكوهم أو يحزنوا عليهم، فقد كانت السجون في كابري مليئة على الدوام وعمليات التعذيب والإعدام تدور في كل الأيام وحتى أيام العطلات والأعياد ورأس السنة.[66]

لم يكتفي الإمبراطور بأنواع التعذيب المعروفة، وإنما كان يستدعي الخبراء والعارفين في ذلك
الفن ويكلفهم بابتكار أنواع جديدة منه، وكان هو نفسه يبتكر أنواعا جديدة عندما كانت ابتكاراتهم لا ترضيه. ومثال ذلك أنه كان يدعى عنده من يريده هو بعينه وذلك ليشرب معه النبيذ ويظلون يشربون حتى الثمالة، ثم يأمر بربط عضوهم الذكري التناسلي بنوع من الحبال المتينة القوية وأن يُحكم الربط، فيظلوا في هذا العذاب إلى أن تنفجر المثانة ويموتون. [67]

أما عن شئون الحكم وإدارة الإمبراطورية؛ فإن تيبيريوس قد أعطى مقاليدها لماكرو وتفرغ تمامًا لأقبية التعذيب ومخادع المتع في كابري.ولكنه وضع أسسًا ممتازة لإدارة الإمبراطورية، فقد كان يقظًا قادرًا على الحكم، حيث راحت في عهده الأموال تتدفق على الخزانة، فقد أزاد أجور ورواتب الحكام مما جعلهم يؤدون واجباتهم بدقة ويشعرون بالاستقرار في مناصبهم، كما أنه وفر على الخزانة معاشات الجنود.[68]

كما شجع اجتماعات Concilia وحرم Gallic Cities من استخدام العملات الفضية لكي يكون سك العملة في الإمبراطورية على نسق واحد لتيسير التعاملات والتبادل التجاري في كل المناطق بها، كما اتفق على طريق فسيح وكوبري لإزالة الحدود والموانع وتشجيع السفر والعلاقات والاتصالات والتجارة. [69]ومما لاشك فيه أن تيبيريوس كان محبوبًا من سكان الولايات لأنه حاول تخفيف عبء الضرائب عنهم، إلا أن كان مكروهًا من غالبية سكان روما لبخله الشديد. على أنه خلق جوًا من الفساد والذعر بين الناس في السنوات الأخيرة لحكمه بسبب ما أصابه من شك دائم وزيادة نشاط المخبرين .

وعلى أية حال؛ كان الرعايا يعيشون في أمان في عهده وكانت حدود الإمبراطورية آمنة مستقرة ما بين نهر الراين في أوربا ونهر الفرات في أسيا، وبالرغم من الحياة التي كان يعيشها بما فيها من عبث، فقد استطاع أن يتخلص من أعداءه وأن يحقق الكثير من الأعمال للإمبراطورية. وكان أوضح هذه الأعمال هو تخفيف عبء الضرائب عن كاهل الرعايا، وعدم فرض ضرائب جديدة مع العمل على تحسين الضرائب الأصلية، وهو ما لم يضر بالخزانة التي خرجت من عهده مليئة بسبب اعتداله في الإسراف. وحسبنا أن نذكر شاهدًا على هذا أن تيبيريوس الذي وجد حين اعتلائه العرش في خزانة الدولة مائة مليون سسترس ترك فيها حين وفاته 2.700.000.000 سسترس فكان هذا هو ما تميز به تيبيريوس عن سائر الأباطرة.[70] فقد كان تيبيريوس لا يرغب في الإنفاق على الحروب أو حفلات الملاعب، وإنما كان يقصر نفقاته على ملذاته فقط.

الواقع أن تيبيريوس لم يدخر جهدًا في العناية بجميع شؤون البلاد الداخلية والخارجية. وكان يكتب للولاة الذين يريدون أن يجبوا من الضرائب أكثر مما كان مفروضًا على ولايتهم يقول لهم: "لقد كان من واجب الراعي الصالح أن يقص صوف غنمه لا أن يجزها".[71]

نهاية حياته

وبعد سائر الأعمال التي قام بها تيبيريوس في الإمبراطورية كلها، تتالت العلامات والدلائل على قرب ساعته ونهاية حياته. فقد ظهر طائر العقاب "فوينكس" في مصر وهو طائر لم يظهر للناس إلا بين مئات السنين، كما أن الإمبراطور وجد ثعبانه المفضل ميتًا ذات صباح،[72] وعلامات أخرى كانت كلها تنذر بدنو أجله.

ولقد تلقى الإمبراطور دعوة لحضور حفلة للمتصارعين في إحدى المدن فعبر إليها، وفي أثناء الحفلة أراد أن يظهر بصحته وذلك بعد ظهور علامات الشيخوخة والكبر عليه، فتناول بعض الحراب وقذف بها خنزيرًا بريًا. ولكن قذف الحراب كان أكبر من طاقته، فلا يتناسب ذلك المجهود مع كبر سنه فكان نتيجة ذلك أن انخلع كتفه، ونُقل تيبيريوس إلى بيت قريب وراح يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وقال طبيب البلاط أنه لن يستطيع العيش أكثر من يومين،[73] وانتشر هذا النبأ على الفور فطار كاليجولا - وريثه على العرش – إلى هناك وانتزع الخاتم من إصبع تيبيريوس، ثم خرج يتلقى التهاني على كونه الإمبراطور الجديد، وكان ماكرو هو أول المهنئين لكاليجولا على هذا المنصب. وفجأة انقلب الحال؛ فقد فتح تيبيريوس عينيه وأفاق مما كان فيه، فلم يكن الرجل الذي يموت بهذه السهولة، وراح يطلب شيئًا يأكله. وعندما علم كاليجولا بما حدث هرب وراح يبحث عن مكان يختبئ فيه، فلم يتوقع مصيرا آخر لنفسه غير الموت.[74]

وكان هناك من لا يعجبه ما حدث وهو ماكرو الذي اندفع لحجرة تيبيريوس، حيث رآه جالسا على الفراش يزمجر غاضبًا ويتساءل "من الذي سرق خاتمي وأين الأطباء والحاشية وأين الطعام الذي طلبته؟" [75] وكان جواب ماكرو بيديه، حيث اندفع نحو الفراش وجمع عدد من البطاطين ثم ألقى بها فوق رأس تيبيريوس وراح يضغط عليه بكل قوته، ولم يتركه إلا بعد أن تأكد من أنه لن يعود بعد ذلك مرة أخرى للحياة.[76]

وهكذا، في 16 مارس[77] عام 37م مات الإمبراطور تيبيريوس كلوديوس نيرو قتيلاً، عن عمر يناهز الثامنة والسبعين بيد أخلص أتباعه، فكان ماكرو هو الذي أسدل الستار على حياته.[78] ولم يخف السناتو ارتياحه العميق عندما استقبل نبأ موت الإمبراطور تيبيريوس في السادس عشر من مارس عام37 م بعد بلوغه العام الثامن والسبعين. بينما حزن أصدقائه المقربين مثل اليهودي هيرودس انتيباس أمير ربع الجليل بفلسطين، الذي علق على موت الإمبراطور بقوله "إن الليث لن يزأر بعد اليوم".[79]

وبهذا توفي أحسن المصلحين الرومانيين الذي خرجت له المظاهرات في روما بعد سماع خبر وفاته تهتف في فرحة وتطالب أن يلقوا به في النهر "ألقوا بتيبيريوس اللعين إلى نهر التيبر". وبينما كانت الاحتفالات بتأبين تيبيريوس جاءت الأنباء الرهيبة من كابري، حيث كان هناك عدد من الضحايا الذين ينتظرون الإعدام، فقد ظن الجميع عندما أعلن موت تيبيريوس أن نجاة هؤلاء الضحايا مؤكد، ولكن الموظفين الموكلين بتنفيذ الإعدام كان لهم رأي آخر، حيث أفتى هؤلاء بأن الذي يملك حق العفو عنهم هو الإمبراطور تيبيريوس وقد مات، أما كاليجولا فإن مراسم ارتقائه العرش لم تكن قد تمت ولذا فإنه لا يملك حق العفو عنهم، وفي المواعيد المحددة تم إعدام الضحايا واحاد بعد الآخر وصاح الشعب "لقد مات السفاح ولكن قسوته لم تمت معه". [80] على أية حال، لقد كان تيبيريوس إمبراطورًا جديرًا، وفي رأي المؤرخ مومسن "أنه أقدر حاكم للإمبراطورية الرومانية على وجه الإطلاق".[81]

خاتمة

وهكذا؛ مضت الحياة الخاصة للإمبراطور الروماني تيبيريوس بعد أن تركت لنا عدة نقاط هامة من الممكن إبرازها على النحو التالي:

أولاً: استطاع تيبيريوس أن يحول الدولة الرومانية من الحكم الجمهوري إلى الحكم الملكي المطلق. فقد ثبت قواعد الحكم وحقق السلم والاستقرار لسائر شعوب الإمبراطورية، وكانت الضرائب في عهده معتدلة لأنه لم يفرض على الرعايا أية ضرائب جديدة، فخرجت الإمبراطورية من عهده بخزانة مليئة واقتصاد مستقر.

ثانيًا: كان عهده من أفضل عهود الإمبراطورية، حيث كان سائر الرعايا يعيشون في أمان، وكانت روما مزدهرة وهادئة. ولعله من الواضح أن تيبيريوس كان إداريًا ممتازًا، فقد تميز عهده بأنه أفضل بكثير من عهود سائر الأباطرة، وإن كان متهكما وكثير المجون، وقام بتعذيب الكثيرين وهتك الأعراض، وتميز بالقسوة وعدم الرحمة، فهذا لا يحول كونه حقق الكثير للإمبراطورية التي كانت تعيش في عهده في سلام ورفاهية.

ثالثًا: وإن كان التاريخ قد سجل له الأعمال القاسية التي قام بها، فلم يغفل كونه رجل سلام صنع السلام الروماني وترك إمبراطورية مستقرة موطدة الأركان، مما أعطى للعالم القديم استقرارا أتاح الفرصة للإنتاج وللتقدم الحضاري. كما تميز تيبيريوس عن الأباطرة الطغاة مثل كاليجولا ونيرون بأنه كان أرحم منهم، ليس بمعنى الرحمة في حد ذاتها، وإنما بمعنى أن قسوته كانت أقل بكثير مما فعلوه من مذابح رهيبة.

رابعًا: جعل المؤرخان تاكيتوس وسوتيونيوس من تيبيريوس في فترة حكمه الأخيرة طاغية عنيفًا وعربيدًا، وبذلك حُجبت الصورة الحقيقية لخدماته التي قدمها للإمبراطورية، فقد كان حاكمًا يشعر بالمسئولية إداريًا ناجحًا في إدارة الشئون المالية للدولة، وإن كان تـقـتيره في إنفاق الأموال العامة قد جعل منه شخصا غير محبب بالنسبة لغوغاء المدينة، ولكنه في الواقع كان بالنسبة لأهل الولايات بركة ورحمه.

وأخيرًا إن الإمبراطورية الرومانية التي نجحت أن تفرض سلطانها لعدة قرون على مساحة هائلة من الأرض تمتد من الفرات شرقاً إلى بريطانيًا غربًا، ومن الدانوب شمالاً إلى النوبة جنوبًا، وتحتوى شعوبًا ذات حضارة عظيمة، وجماعات ضاربة في التخلف، تستحق منا الدراسة والتأمل لكل صغيرة وكبيرة حتى اضمحلال الإمبراطورية وسقوطها.
===

الهوامش:

[1] يوليوس قيصر: ولد في عائلة عريقة من الأشراف الرومان، عايش في مرحلة مراهقته عهد الحرمان (الحرمان من حماية القانون) الذي فرضه ماريوس صهر أبيه. كما عايش عهد ديكتاتورية سولا وأوائل عهد بومبي Pompey ويعتبر يوليوس قيصر من أبرز الشخصيات العسكرية الفذة في التاريخ وصاحب ثورة تحويل روما من جمهورية إلى مملكة و كان إمبراطورا لها وخلفه العديد من الأباطرة والحكام الذين تبنوا أسمه وأبرزهم أبنه (بالتبني) أغسطس قيصر وغيره.

[2] الواقع أن المؤرخين الرومان ديو كاسيوس و سوتيونيوس وتاكيتوس كتبوا عن تيبيريوس، ويقول سيوتونيوس:"أنه من المحتمل أنه ولد في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 42ق.م في البلاط أو في Fundi"
Warrington, Classical Dictionary, P.508; N.S. Gill, Tiberius - Roman Emperor :
http://ancienthistory.about.com/od/tiberius/p/Tiberius.htm (Cited in 30/9/2007)

[3]ارنست ماسون، الإمبراطور الرهيب تيبيريوس، تعريب جمال السيد، ب.ط، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1985، ص16.

[4] يذكر تاكيتوس عن هذه العائلة أنها أحد أهم وأفخر الأسر النبيلة في هذه الفترة راجع:
Tacitus, Caius Cornelius:(56-120), The Reign of Tiberius, Out of the First Six Annals of Tacitus; With His Account of Germany, and Life of Agricola, Translated by Thomas Gordon, and edited by Arthur Galton, 1750, THE ANNALS, BOOK I; Helichelhiem &Yeo ,A History of the Roman People, U.S.A 1962, P.308

[5] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 14.
وعن حياتها راجع مقال بعنوان "Livia " على الرابط:
http://www.livius.org/li-ln/livia/livia.html (Cited in 9/10/2007)

[6] ماسون، المرجع السابق، ص 15.

[7] راجع مادة تيبيريوس على موقع الإمبراطورية الرومانية بشبكة الإنترنت على الرابط:
http://www.roman-empire.net/emperors/tiberius.html (Cited in 8/10/2007)

[8] عقب مقتل يوليوس قيصر عام 44 ق.م تعاون أوكتافينوس (الذي عُرف فيما بعد باسم أوغسطس) والقائد ماركوس أنطونيوس (كان من أعوان قيصر) على القضاء على قتلة قيصر وأتباعهم. ثم دب النزاع بين هذين الرجلين واشتد الخلاف بينهم وبلغ نهايته عام 31 ق.م عندما تمكن أوكتافيانوس من هزيمة أنطونيوس وكليوباترا في معركة أكتيوم Actium البحرية التي ضمت بعدها مصر إلى الإمبراطورية الرومانية. وعاد أوكتافيانوس إلى روما وغدا سيد الموقف، وكان عليه أن ينظم تلك الدولة التي أنهكتها الاضطرابات والحروب الأهلية والتي ترامت أملاكها شرقًا وغربًا. أنظر: شحاتة محمد إسماعيل، دراسات في التاريخ الروماني، القاهرة 1984، ص 146.

[9] دروسوس (38 – 9 ق.م): شقيق الإمبراطور تيبيريوس. أنظر:
http://www.livius.org/do-dz/drusus/drusus1.htm (Cited in 9/10/2007)

[10] من الأفضل أن يكتب "أوغسطس" "أوجستس"، كما تُنطق في اللاتينية وهكذا نتفادى الخلط بين لفظة (أغسطس) العربية التي نُشير بها إلى الشهر الثامن من التقويم الإفرنجي وبين لقب هذا القائد الفذ.

[11] مارسيللس: ابن أكتافيا (شقيقة أوغسطس) من زوجها الأول وهو غير مارك أنطوني.

[12] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 33.

[13] ول ديورانت، قصة الحضارة، المجلد الرابع، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار الجيل، بيروت1988، ص3334.

[14] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 43.

[15]Classical Dictionary, P.508.

[16] مصطفى كمال عبد العليم، محاضرات في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، مكتب الحرمين، كلية الآداب- جامعة عين شمس، القاهرة 1999، ص 41.

[17] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 34.

[18] نفس المرجع، ص 50.

[19] ديورانت، قصة الحضارة، م4،ص 3334.

[20] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 68.

[21] ديورانت، المرجع السابق، ص 3336.

[22] ماسون، المرجع السابق، ص 12.
تعليق أوجستس على تيبيريوس طريف بعض الشيء؛ لأنه من خلال الاطلاع على سيرة أوجستس نجده يوصف هو الآخر بأنه كان كئيب.

[23] الموسوعة العربية الميسرة، إشراف محمد شفيق غربال، القاهرة 1959، ص 567.

[24] بانونيا: تقع على الشاطئ الشرقي من البحر الأدرياتيكي، حيث توجد يوغسلافيا وبلغاريا الآن.

[25] لقد تولى تيبيريوس قيادة حملات مختلفة في ألمانيا واليريكون. أنظر:
Classical Dictionary, P.508.

[26] الموسوعة العربية، نفس المكان.
http://www.livius.org/jo-jz/julia/julia03.html (Cited in 9/10/2007)

[27] راجع مادة تيبيريوس على الرابط:
http://www.bbc.co.uk/history/historic_figures/tiberius.shtml (Cited in 8/10/2007)

[28] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 58.

[29] كانت مكتبة القصر حافلة بعدد ضخم من كتب الجنس والأدب المكشوف التي كان يستوردها من أنحاء الإمبراطورية.

[30] ماسون، المرجع السابق، ص 59.

[31] السبب في ذلك؛ أن جوليا كانت تجوب شوارع روما مع صديقاتها وكن يعرضن أنفسهن على عابري السبيل كالبغايا، وكن يمارسن مع عابري السبيل أحد أنواع العلاقات الجنسية في ركن من شارع أو تحت ظلال البواكي. ولمزيد من التفاصيل عن سلوك جوليا المشين راجع: ماسون، المرجع السابق، ص 62.

[32] ماسون، المرجع السابق، ص 62.

[33] يروي لنا سويتونيوس عن الاجتماع الطويل الذي دار بين أغسطس وتيبيريوس في حجرة نوم الأول، ولما خرج تيبيريوس من الحجرة علق أغسطس ساخرًا وهو يقول: مسكين الشعب الروماني الذي سوف تطحنه فكان بطيء الحركة. راجع:
سيد أحمد علي الناصري، تاريخ الإمبراطورية الرومانية السياسي والحضاري، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، القاهرة 1996، ص 131 حاشية (1).
Oxford: Illustrated Encyclopaedia, Volume3, New York 1993, P.356

[34] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 71.

[35] وكان اختيار أغسطس لتيبيريوس اختيارًا حكيمًا، ولكنه جاء بعد فوات الفرصة. فقد تولي تيبيريوس رياسة الدولة في آخر الأمر كان قد بلغ الخامسة والخمسين من عمره، وكره المجتمع، ولم يعد يرى في السلطان سعادة. لمزيد من التفاصيل راجع: ديورانت، قصة الحضارة، ص3333.
[36] Helichelhiem &Yeo , Roman People,P.310.

[37] ماسون، نفسه، ص 76.
الجدير بالذكر؛ أن أغسطس لم يرتكب عملاً واحدًا غامر فيه، وكانت نصيحته الدائمة لمعاونيه تلك الحكمة الإغريقية "أسرعوا لكن ببطء"Speude Bradeos . راجع: الموسوعة العربية، المجلد الثاني، دار الفكر، دمشق؛ محمد الزين، دراسات في تاريخ الرومان، دمشق 1983؛ سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص36 حاشية (1)، ص123، ص124.

[38] من المعروف أن الإمبراطور قيصر أوغسطس كان قد أودع عند راهبات الربة العذراء فستا وثائق الدولة ومن بينها سجل أعماله الذي أوصى بنشره على الشعب الروماني بعد مماته، وذلك بنقشه على عمودين من النحاس يقاما أمام ضريحه كما ذكر المؤرخ سوتيونيوس. راجع:
سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص75 حاشية (2).

[39] مصطفى كمال، الإمبراطورية الرومانية، ص42 – 43.

[40] ديورانت، قصة الحضارة، ص 3335.

[41] ديورانت، نفس المرجع والمكان.

[42] رستوفتزف، الإمبراطورية الرومانية، ص 124.

[43] ديورانت، المرجع السابق، ص 3336.
يرى البعض أنه؛ كان يجب على تيبيريوس أن يكون أكثر حكمة في تعامله مع السناتو (مجلس الشيوخ) فيحتفظ لنفسه بالمشاكل الهامة ويضع لها الحلول بنفسه، ويترك الأمور المعقدة للمجلس حتى يتطلب الموقف وجوده بينهم أثناء المناقشات. راجع:
White – Kennedy, Roman history’s life & literature, London 1942, P.124.

[44] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 86.
الواقع أن؛ بفضل اختيار أغسطس لخليفته قبل مماته ومشاركته الحكم معه، استمرت الأمور هادئة بعد موت أغسطس، وانتقل الحكم في هدوء إلى تيبيريوس. راجع: سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص 129.

[45] لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع:
Russell, John Earl, Essays on the rise and progress of the Christian religion in the west of Europe : from the reign of Tiberius to the end of the Council of Trent, Longmans, Green, London 1873.

[46] مصطفى كمال، الإمبراطورية الرومانية، ص 44- 45.

[47] Helichelhiem& Yeo, Roman People, P.310

[48] لقد كان سيانوس عديم الرأفة وقاس وما لبث أن بدأ فيضان محاكمات الخائنون، وقد استخدم هذه المحاكمات لطرد وإبعاد الأعداء المحتمل الاشتباه فيهم. الواقع أن هذه المحاكمات هي التي جعلت ذاكرة فترة حكم تيبيريوس فاسدة. راجع:
Universal Encyclopaedia, P.2860

[49] ويرى مارانون G.Maranon أن مرض جيرمانيكوس وموته ليس له علاقة بما أشيع من أن السم قد وضع له في الطعام وأن تيبيريوس برئ من ذلك، وأنه يرجح أن جيرمانيكوس مات متأثرًا بالملاريا أو بداء السل الذي ظهرت عليه أعراضه والتي وصفها سويتونيوس وهو لا يدري. راجع: سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص 138 (1). ولمزيد من التفاصيل أنظر:
G.Maranon, Tiberius: A study in the resentment,1956.
Helichelhiem& Yeo, Roman People , P.311-312

[50] محمود إبراهيم السعدني، معالم تاريخ روما القديم منذ نشأتها وحتى نهاية القرن الأول الميلادي، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة 1991، ص 176.

[51] وتوجد إشارة إلى أن هذا الانهيار كان مدبرا، راجع: السعدني، تاريخ روما، 258.

[52] جزيرة كابري: جزيرة إيطالية تقع على الجانب الجنوبي لخليج نابولي Naples، كانت كمنتجع ومنطقة للتمتع بالجمال منذ زمن الجمهورية الرومانية . راجع:
http://en.wikipedia.org/wiki/Capri (Cited in 10/10/2007)

[53] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 104.

[54] الموسوعة العربية، ص 567.

[55] الإمبراطور الثاني بعد تيبيريوس هو جايوس قيصر أوغسطس جيرمانيكوس، المعروف بـ "كاليجولا" وهو الاسم الذي أطلقه جنود أبيه عليه وذلك لأن أمه أجربينا اعتادت أن تلبسه لباس الجنود الرومان وهو صغير بما في ذلك النعل العسكري وهو باللاتينية Caligula. وعن أعمال الإمبراطور كاليجولا راجع:
Jona Lendering, “Caligula” http://www.livius.org/caa-can/caligula/caligula.html (Cited in 9/10/2007)

[56] السعدني، تاريخ روما، ص 177.

[57] Helichelhiem& Yeo, Roman People , P.312

[58] السعدني، تاريخ روما، ص 258 – 259. وعن المحاكمات الإجرامية والتشريع الإجرامي تحت حكم تيبيريوس راجع:
F. B. Marsh, The Reign of Tiberius; C.E. Smith, Tiberius; R.S. Rogers, Studies in the Reign of Tiberius, Criminal Trials and Criminal Legislation under Tiberius. http://web.ics.purdue.edu/~rauhn/Hist_416/hist420/Emperor_Tiberius_notes.htm (Cited in 8/10/2007)

[59] لم يستغرق السناتو وقتًا طويلاً في محاكمة سيانوس وإعدامه، حتى أن الجماهير مثلت بجثته في الشوارع ثلاثة أيام بل وأعدمت أسرته معه في نفس اليوم. راجع: سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص 141؛ السعدني، تاريخ روما، ص 177.

[60] السعدني، المرجع السابق، ص 177- 179.

[61] ديورانت، قصة الحضارة، ص 3338.

[62] ديورانت، نفس المرجع والصفحة.

[63] ديورانت، نفس المرجع والصفحة.

[64] قانون الخيانة العظمى:أصدره قيصر والذي ينص على الجرائم التي ترتكب ضد الدولة.

[65] كان جيرمانيكوس قبل موته يعتقد أن بيسو أو زوجته بلانكينا Plancina (صديقة ليفيا الحميمة) قد دست له السم في الطعام. راجع: سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص 137، نفس الصفحة حاشية (3).

[66] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 116- 117.

[67] مجتبي العلوي، مقال بعنوان "قراءة في كتاب"، مجلة النبأ، العدد 56، محرم 1422هـ/ نيسان 2001م. ولمزيد من التفاصيل عن التعذيب (المفهوم والأساليب) في اليونان وروما، راجع هذه الدراسة: براين إينز، تاريخ التعذيب، الدار العربية للعلوم، الطبعة الأولى، بيروت 2000.

[68] Helichelhiem& Yeo, Roman People,P.314

[69] Helichelhiem& Yeo, Ibid.

[70] تلك الزيادة في الأموال كانت على الرغم من هباته الكثيرة للأسر والمدن التي حلت بها الكوارث. راجع: ديورانت، قصة الحضارة، ص 3337.

[71] من الملاحظ أن سياسة تيبيريوس إزاء الولايات كانت متشددة مع الولاة حيث كان لا يثق في ذمتهم، فكان معظمهم من رجال السناتو أما في مصر فكانوا من الفرسان.
فاروق حافظ القاضي، مصر في عصر الرومان، جامعة عين شمس، القاهرة 1999، ص 32.

[72] ماسون، الإمبراطور الرهيب، ص 122.

[73] Tappan, Story of the Roman, P.180

[74] Ibid. Loc.Cit.

[75] ماسون، المرجع السابق، ص 125.

[76] Universal Encyclopedia, P.2867.
وهذا ما أورده المؤرخ تاكيتوس، وهناك من يرى أنه موته قتيلاً مجرد احتمال، راجع: الموسوعة الكاثوليكية:
http://www.newadvent.org/cathen/14717b.htm (Cited in 8/10/2007)
أو أنه مات بالسم على يد كاليجولا، راجع: مقال (ن.اس. جيل) بعنوان " تيبيريوس :الإمبراطور الروماني"
http://ancienthistory.about.com/od/tiberius/p/Tiberius.htm (Cited in 30/9/2007)

[77] قيل أنه توفي في 15 مارس وبعض المصادر ذكرت أنه توفي في 16 مارس وهذا هو الراجح.

[78] ماسون، المرجع السابق، ص 126.

[79] سيد الناصري، الإمبراطورية الرومانية، ص 141، ص 141 حاشية (4).
Suetonius, De Vita Caesarum, 2 Vols., trans. J. C. Rolfe (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1920), pp. 291-401;
Garrett G. Fagan: Pennsylvania State University, Tiberius (A.D. 14-37), An Online Encyclopaedia of Roman Emperors, )Cited in 22/12/2001(.

[80] السعدني، تاريخ روما، ص 179.

[81] Helichelhiem& Yeo, Roman People , P.315
وهناك من يرى أن تيبيريوس برغم بعض نواياه الحسنة، لم يكن من الأباطرة الناجحين، راجع :
Sinnigen, W.dbook, A., A History of Rome, 6th edition, London 1977, P.287.

D 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011     A أشرف صالح     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

بحث: التخييل عند حازم القرطاجني

قمــر ينــادي بــدرا

أحملُ الأرضَ الصغيرة مثل كيس من ضباب

كلمة العدد 66: عن الأدباء والمفكرين

عن مبدع الغلاف