منى كاظم - العراق
وجهك والشمس
بحثت عن الشمس فوجدتها تشرق في عينيك، وبحثت عن ضوء القمر فوجدته ساطعا فوق جبينك، وبحثت عن عطر الربيع فوجدته في شذى كلماتك.
إن ضربات المعاول لا تستطيع أن تذيب جبال الجليد، وحدها أشعة الشمس بـدفئها الوهاج قادرة على إذابة تلك الجبال الجليدية حين ترسل خيوطها الذهبية لتلامس وجهها الجليدي الأبيض. غير أني أجد ضربات المعاول القاسية تشبه قساوة قلبك أحيانا. من يصدق أن وراء هذا الدفء تختبئ جزئية قاسية؟! إذن كيف كنت أخشى العيش في قلبك خوفا من وهج ناره فها هو يحمل بحيرة من الجليد تحجب وهج ناره فتجعلها تنكمش في أعماق قلبك لتصارع فيك القسوة والحيرة معا.
تصورت أننا نتقاسم لحظات السعادة معا، لا أستطيع أن اشعر بالسعادة لوحدي لأنني بدونك أرض فقدت شمسها وجفت ينابيعها وهاجت بحارها غضبا وحزنا لفراقك.
أشتاق إليك. نعم، فلا أجد سوى صدى الاشتياق يعود إليّ ليخبرني عن فراغ لا يحتوي شعاع جبينك، وعن جليد لم يذبه دفء شمسك، وعن أثير يشكو غياب صوتك.
لم أكن امرأة ساذجة أصدق كل الرجال حين صدقتك، أعلم تماما أني لم أصدق المجهول، فكلماتك الرقيقة التي تتردد في أذني حاملة نغمة صوتك النقية وضحكاتك البريئة لم تكن تحتاج إلى تأشيرة دخول ولا إلى شهود إثبات للحقيقة، فالحقيقة تقترن بالشمس، فكلاهما يتسم بالقوة والوضوح.
يوم يغيب نور وجهك تغادرني الشمس وحيدة في فضاء مظلم، أغرق في بحر من الظنون وأخوض في شاطئ ضفّتاه من خوف مزدوج، الخوف عليك والخوف من فقدانك.
أبكاني الظلم كثيرا مستنزفا آمالي يلقي بها إلى أرض جرداء تُسقى من ماء المرارة ويغذيها الألم، تشكو قدرا عانق المجهول وطوى الأيام مظلمة دونما ضياء. لكني لم أعرف البكاء شوقا إلاّ إليك، لم أطلب منك أن تأتيني بقطعة من الجنة، أو تهديني بحرا من المرجان، فقط يكفيني ضياء وجهك يطل في مملكة صباحي، وسوف أرفض كل التيجان.
إن الأرض تنظر إلى حمامات السلام تحلق في سماء محبتها وهي تحاكي نوارس الشاطئ تحت نور الشمس الدافئة في كرنفال من السلام والمحبة، فليس للأرض أن تحيا بدون الشمس، وليس للشمس وطن يحتضن أشعتها بسلام غير الأرض.