عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

غانية أحمد الوناس - الجزائر

زهور الجنة ونصوص أخرى


غانية الوناس: كاتبة جزائريةزهور الجنة

أستطيع أن أرى أجساد الصغار الذين فتّتهم الحروب، وقطعت أطرافهم، وشوّهت ملامح براءتهم. أستطيع أن أراهم في الجنّة وقد نبتت لهم أجنحة، وتوجت رؤوسهم الصغيرة بتيجان من فرح. أستطيع أن أسمع صدى ضحكاتهم المبتورة فوق الأرض، تتردد بكلّ حرية في السّماء. سيلعبون الآن، ولن يوقفهم أحد عن اللعب: لا ظلام الليل، لا قطاع طرق الحياة، لا لصوص الابتسامات، ولا صانعو مجد الموت في هذا الكوكب.

حوار المشتاقين

هي من الشوق تغزل حروفا، تنثرها حيث تقف، عيناها تبحثان في المدى، تكتبان شعرا، أبدا لا تضجران، هو يضع يده على قلبه، ويقول لها: الشّعر ها هنا.

خواطر

هل أخطر على بالك ولو صدفة؟ لماذا إذن يسقط المشط من يدي كلّما هممت أسرح شعري؟ أليس هذا يعني في موروثنا أنّ شخصا يفكر بك؟ إن لم يكن أنت، فمن عساه يفعل؟ أخبرني.

اغتراب

هذا الوطن الذي لا يريد أن يتعافى أبدا، يحلو له ازدراؤنا والسخرية من أحلامنا، ليس حنونا كأمّ، وليس عطوفا كأب، إنه كزوجة والد تحاول أن تجعلنا نستكين في زاوية حكمها. غير قادرين على الحياة والحلم.

يقولون: وما ذنب الوطن؟

نقول نحن: ذنبه الّذي لا يغتفر، هو أنه يقتلنا بحبنا له، ويميتنا بقسوته علينا، وفي جميع الحالات نحن وحدنا الهالكون.

صديقة

أنا وأنت كجذعين مبتورين من أقدم شجرة، على حافة نهر قديم لم يعد يجري، كسحابتين ضلّتا طريق الماء، فارتد إليهما المطر، ولا زالتا تسيران. تسيران. تسيران.

هدية سماوية

حين طلبت من السّماء أن تمنحني نجمة مضيئة، تنير أيامي القادمة، أو قمرا دافئا يزهر في عتمة ليالي، أمطرت غيومها بك. لا زلت أصلّي لإله تلك السّماء، فقد كان كريما معي فوق ما طلبت.

معادلة

ما اقتربت تماما، ولا ابتعدت تماما، كنتُ وكنتَ وكنا غريبين، عابرين نتقاسم الحنين ونزرعه بدل الورد، علّه يزهر بعد الشتاء لقاء، لكن فصل الغياب كان أبقى، كان أبدى، كان أجدى لنا لو نثرناه في الطرقات، تأكل منه طيور العودة، فترتد إلى مواطنها هادئة آمنة، مشتاقة.

فخ الشوق الأبدي

والشّوق ماض في طريقه، نحن لا نبتكر لغة لنتحاور معه، هو يحلو له أن يباغتنا حين نظنّ أنّنا أخيرا هزمناه. فيهزمنا. ونشتاق.

موسيقى الحب

يوم أحببتك نبت لي جناحان، وكلما حاولت لمس السماء أزهرت يدي زنبقا وفلا. حين أحببتك، نبت في قلبي زهر بلون الزمرّد، لا زلت أقسم للجّميع بأن لون عيني بنّي، ولا زالوا يصرّون على أنهما خضراوان.

رغبة أخيرة

وإن تعذّر عليك الوفاء، أحبني مرة في العمر، وانسى إن شئت، ولا تذكرني في حياتك القادمة.

فرح بالمجان

= قل لي أين يباع الفرح، أحتاج إلى دزّينة منه لأمسيتي الحزينة؟

= في عينيك سوق للفرح، يوهب للمبتسمين مجانا.

مناجاة

صديقي أيّها الليل المتعب من وحشة الناس وتمللهم الذي لا ينتهي، دعنا نعقد صفقة أنا وأنت، سأنوب عنك في حراسة وحدتهم، وامنحني بالمقابل ظلامك كي أتلحّف به. أحتاج ذاك السواد كي لا أرى، أنا الموسومة بالضياء، أبتغي ظلك وظلالك، فقط هذه الليلة حتى لا تغفو عيناي.

حلقة مفرغة

جوعنا إلى الذّكرى الأولى أبديّ، ونسياننا كذبة كبرى، ابتكرناها لنمضي في الحياة بأقلّ الخسائر.

نصيحة عاشق

أيّها المشتاق، في المرة القادمة حين تتعثّر بالحنين، لا تمضي في أثره أبدا، اسلك الطريق الآخرى، حتّى لا تنتهي غرسا أبديا في الغيّاب.

D 27 حزيران (يونيو) 2015     A غانية الوناس     C 4 تعليقات

2 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 109: التحريض في برامج الدردشة

اللغة الأمّ في الجزائر

العود وحضوره في القوالب الموسيقيّة

الموسيقى في أسلوب طه حسين

دوستويفسكي: رائد الرواية النفسية