عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

إبراهيم قاسم يوسف - لبنان

وداعا أنسي الحاج


وهان فما أبالي بالرّزايا = = لأنّي ما انْتفعت بأنْ أبالي (المتنبي)

يقول لك النسر: ارحمني وخلّ صني بطلقة سريعة كرفّ ة العين، ولا تقتلني وأنت تقصّ جوانحي وتنتف ريشي ريشة ريشة. هكذا تنقضي المأساة فيهبّ الموت سريعا غاضبا كما العاصفة، ويرحل الشاعر بشموخ نسر عجوز، بلا جناح واهن ولا مكسور.

في 10 شباط (فبراير 2014) رحل جوزيف حرب. تربّص به مرضٌ لئيم لم ينل من روحه، لكنّ آثاره كانت بادية في الوجه والعينين. وفي 19 من الشهر نفسه، غادرنا أنسي الحاج، الرائق الخجول، عميق التّطلّع، مرفوع الجبهة.

أنسي الحاج العاري المقدّس والعاطفة البركانية خمدتْ ثم انطفأتْ قبل أن يبلغ النضوج الشعري مداه. لكنه منذ البداية عرف طريقه جيدا نحو الحداثة والشعر المنثور، وتمكّن من تحرير الشعر من لازمة القوافي دون أن يرتكب معصية المؤامرة على المتنبي أو التاريخ.

عاش الشاعر الراحل حرا جريئا طليق الفكر والإرادة واليد في كل ما يفعل ويقول، مسالما أيضا وخجولا ونظيف القلب والكف والوجدان. تولى إدارة التحرير في الصحف التي عمل فيها ورفع مداميكها حجرا فوق حجر، والحجارة التي أبعدها البناؤون تعهّدها واختارها أساسا يقوم عليه الصرح الذي بناه.

يشهد على نبله وتجرده معظم من عرفوه في عالم الفكر والصحافة. لكنّ الصحافة والسياسة لم تنل من اهتماماته بالشعر كما اختاره لنفسه، وكما أحبّه الكثيرون من روّاد النهضة الفكرية والأدب.

تعاقب على العمل في الزوايا الأدبية للصحف التي شرّفها بالعمل فيها بشهادة أصحابها أنفسهم. ومن هذه الصحف "الحياة" و"النهار" و"الأخبار". أصدر الملحق الثقافي عن جريدة "النهار" بالتعاون مع شوقي أبي شقرا. وأسس مجلة "شعر" مع أدونيس ويوسف الخال. ترجم الكثير من أعماله الشعرية إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والأرمنية.

وحينما قدّم استقالة المتنبي من بلاط كافور، وأعفى نفسه من العمل في قصر الأمير، تنكرت له الحاشية فخانته في محنته وانتهزته في موته؛ دون أن يكون قد ارتكب معصية الهجاء ولا المديح. مهما جرى، فإنه إن كان قاسيا أحيانا، فهو لم يكن دمويا أو عنيفا، ولا حقودا يبيّت أمورا في الخفاء. لكنه كان أنانيا في عزلته وحزنه وغضبه وقسوته على نفسه.

كان لطيفا ورقيقا ومتواضعا بلا تكلف؛ يؤمن أن العالم جميل وواسع، واسع لكل البشر، يحسن ابتكار المفردة فيستخدمها؛ حتى إذا ما انتقد لم يتجنّ ولم يجرحْ. أثبت جدارته في الصحافة التي وسمها بأسلوبه الأدبي الجزل المميز، واستدعتْ منه يقظة مستمرة وجهدا متواصلا لا ينقطع ولا يهدأ.

كان يعرف منذ بداية مرضه خطورة ما يعانيه، لكنه كان شجاعا فلم ينهزم ولم يستسلم، وظل حتى النهاية والأيام الأخيرة يكتب ويبتسم ويتحدّى، وهو يدرك جيدا أن ساعاته باتت قليلة محسوبة.

ولن أكون بينكم

لأن ريشة صغيرة من عصفور

في اللطيف الربيع

ستكلل رأسي

وشجر البرد سيحويني

وامرأة باقية بعيدا ستبكيني

وبكاؤها كحياتي جميل

الشعراء أقمار الزمان في ليل هذا العالم. "يعيشون أكثر من الأحياء، ويموتون أكثر من الموتى"، وهذا ما فعله أنسي الحاج دون أن يشتم أو يقتل ودون أن يشهد بالزور ويكفر. رحل الشاعر الجامح، صاحب الضمير الحيّ والمفردة النبيلة، يحسن تدويرها فلا تؤذي ولا تجرح.

أنسي الحاجغادرنا أنسي الحاج في 18 شباط (فبراير) 2014 الساعة الواحدة ظهرا. رحل "دون أن يقتنع بعبثية شعوره وحقّه بالحياة فاستسلم وتنازل عن هذا الحق" طائعا أو مكرها لا فرق. كان، وقد تجاوز السبعين بسبع سنوات، يشعر أنه لم يتعد الثلاثين، فما انفك مستنفرا متوثبا مقبلا على التمسك بالمرأة؛ مشرق الوجه يبتسم استخفافا بالموت الآتي. لكنه فشل في الاحتفاظ بالجمال والتغلب على الموت، وغادر صفحات الصحف، ليستوطن في الذاكرة والكتب والشعر والتاريخ وضمائر الناس.

لم أكن محظوظا، فلم أقابل الشاعر مرة واحدة، ولم أتشرف بالتعرف إليه بصورة شخصيّة، فاكتفيت من أعماله بقراءة ما كان ينشر في الصحف ووسائل الإعلام. هكذا عرفته نسيجا من خصوصية شعرية. تمكن أن يحرّر مفرداته من الغايات، في حداثة شعرية وثورة على المفهوم والإدراك والقيم المألوفة، ليعجن حداثته ويصوغها في قوالب مبتكرة وفق ما يشتهي ويرغب.

هذا المنحى الشعري أنكره الكثيرون، ونازك الملائكة من هؤلاء الشعراء ممن أنكرت على أنسي الحاج ومحمد الماغوط أن يكون ما يقوله الرجلان شعرا. وتناولتْ مثالا على ذلك "حزن في ضوء القمر"، قصيدة من بدايات محمد الماغوط، "تبرق كالمصباح كامرأة عارية". وأنسي لا يختلف كثيرا في أسلوبه عن الماغوط وهو يتوجه بقوله للمسيح:

أأنت المسيح صاحب قصة لعازر؟ إذن تفضّل.

الألفا سنة فاصل طويل. معنا ضعف نظر ولم نعد نراك.

المسافة شاسعة. اقترب وادخل. هذا وقتك. لن يكون لك وقت أفضل. إذ لم تجئ الآن فلا تجئ بعد ذلك. الحاجة إليك الآن.

نريد أن نعرف. نريد أن يقول لنا أحد ماذا نفعل، أين الحقّ، لماذا نعيش، من هم هؤلاء ومن هم أولئك.

نريد أن يقول لنا أحد من نحن، ولماذا يضربوننا، ويكذبون علينا، ويجوّعوننا، ويبّشعون حياتنا، ويهدرون مستقبل أولادنا، ويعهّرون الحياة من بابها إلى محرابها.

نريد أن نعرف منك أنت مع من؟

نريد أن نعرف موقفك من اليهود، موقفك من إسرائيل، موقفك من العرب، موقفك من الغرب، موقفك من الزنوج، موقفك من الحب، والجنون، والطب، والعمل، والمال، والحرب، والعائلة، والبابا، والعقائد، وموت الأطفال، والأمم المتحدة، والفنون، والشعر، والجنس، ومسيحيي لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر، والسودان، والعراق.

تعال.

الناصرة تنتظر.

بيت لحم تنتظر.

القدس تنتظر.

جبل الزيتون ينتظر.

الجلجلة تنتظر.

فلسطين تنتظر.

العالم كله ينتظر.

تصدّع كبده وأنهكه المرض، والمسيح لم يلبّ دعوته ويأت إلى الأرض في معجزة أخرى وقيامة جديدة. خاف أن نستخفّ أو نغدر به ونصلبه من جديد. يئس من إصلاحنا، فعلام يجرّب ويهرق دمه ليفتدينا مرة أخرى؟ لكن المسيح المخلّص هو من دعا أنسي إلى ملكوته. قال له: "لقد تألمت وعشت ما يكفي من الأوجاع، وآن لك أن ترتاح، فتعال أنت إليّ".

حفّتْ به الملائكة في موكب مهيب، وأنشدت له الترانيم الرخيمة احتفاء بوصوله إلى الفردوس. فرح بقدومه السيد المسيح، وهيّأ له مكانة مرموقة بين الشعراء ممن سبقوه إلى السماء، وخسرتْ مملكة الشعر في الأرض شاعرا كان يبيع "الخواتم" المرصعة بكلام يأسر القلب ويخطف الأبصار.

كتب يوما يقول: "أنا ممن يعتقدون بالعقل الباطن والحلم والخيال العجيب المدهش، والسحر والهذيان والصدفة وما بعد الواقعي، ولي اهتمامات بالجوانب المثيرة، والانحرافات العصبية والعقلية والنفسية. ‬وأعتبر أن منطقة النفس البشرية أعمق وأكثر تفوقا ‮ ‬من أن‮ ‬يحيط بها أو‮ ‬يحصرها طب نفسي‮ ‬يظن في‮ ‬يده المفاتيح لأبواب هذه المنطقة وعلاج أمراضها‮".

ربما استنادا لهذه العبارات القليلة، يمكن أن نلقي بنور خافت آت من نهاية نفق بعيد، على شخصية أنسي الحاج المتمرد المتوجّس المهووس.

ولد الشاعر في قيتولي إحدى قرى جزين عام 1937، البلدة المشهورة في جنوب لبنان بغزارة المياه وعذوبتها وطيب هوائها، وابتكار التحف والمنمنمات الصناعية البديعة. أبوه مترجم وصحافي، وأمه ماري عقل من عائلة ثرية بالمبدعين. استهل بدايته مع الصحافة في الخمسينات ثم الترجمة والمسرح، ليستقر ويطوب شاعرا بارزا في عالم الفكر والإبداع.

من آثاره الأدبية مجموعات شعرية، "الرأس المقطوع"، "ماضي الأيام الآتية"، "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة"، "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع"، "الوليمة ". وله كتاب مقالات في ثلاثة أجزاء هو "كلمات كلمات كلمات"، وكتاب في التأمل الفلسفي والوجداني هو "خواتم" في جزئين، ومجموعة مؤلفات لم تنشر بعد.

كان وداع الشاعر بسيطا كما أحبه الراحل، فأقيمت الصلاة عن روحه، في كنيسة مار يوسف الحكمة، في العاصمة بيروت على نحو متواضع يشبه حياة الرجل. شارك في العزاء عدد من المثقفين والشعراء ورجال الدين والفنانين. وسط ثياب الحداد السوداء، كانت تتوالى إلى الكنيسة أكاليل الورد البيضاء، أحدها من السيدة فيروز صاحبة الحظوة الأغلى في قلب الشاعر. اكتفتْ بكلمتين اثنتين على الإكليل. قالت له: "وداعا أنسي".

D 25 آذار (مارس) 2014     A إبراهيم يوسف     C 12 تعليقات

12 مشاركة منتدى

  • ابراهيم يوسف من لبنان
    ااقول غوغل عود الند الفائق الاحساس، ام آىسر الكلمات لتفتدي نفسها با أحلى العبارات؟ " لقد خسرت مملكة الشعر في الارض شاعراَ يبيع الخواتم المرصعة بكلام ياسر القلب ويخطف الابصار"
    عبارة صغيرة، لكنها بعمق البحار خلدت فيها شاعرا غادرنا بصمت ليسكن ذاكرتنا باحتفالية رقيقة وذكية،رصعت ذاكرتنا بعطر كلماته التي انتقيتها بدقة.
    ياسيدي انت فنان تشكيلي يرسم من كلمات وحروف الاشخاص صوراَ ُتطبع في ذاكرة من يقرأ عن من تكتب عنهم. لست ادري لم اكاد أجزم انك قادر على رسم صورة لأي ممن يكتب وإن لم تره
    جرت حروفك التي خطتها أناملك مع دموعنا في مجرى واحد، في الادب
    تخَلّد الروح وإن فارقت الجسد.
    سلمت أناملك .


  • تناولت المقالة جانبا من حياة أنسي الحاج وشخصيته وفكره ونظرته الإجتماعية والثقافية والدينية وحتى خصوصيته، بأسلوب بسيط ينفذ إلى النفس ويترك بصمة في الوجدان.

    من خلال هذا السرد المحيط عشنا معه وشهدنا بعض حركته الشعرية، ونموذجا مميزا من أسلوبه وهو يخاطب يسوع المسيح، وأحسست حقيقة بالحزن على رحيل الشاعر هذا الذي تعرفت إليه حديثاً بفضل المقالة المنشورة.
    شكرآ لك أستاذ إبراهيم


  • الأستاذ إبراهيم يوسف

    في أشد الأوقات غرقا في العتمة، يصبح لنور الشمعة طعم آخر، ويغدو الشوق لنور النجمة ولهاَ، والحنين للكلمةالصادقة الحرة شرعة.. في مثل هذه الأجواء يكون أفول نجم الشاعر أنسي الحاج خسارة، صعب وأليم.
    شكرا على ما أبدعت في هذه السيرة، من كلمات ومعاني ترقى إلى مستوى فارس من فرسان الكلمة.
    تحياتي.


  • هدى الكناني – العراق

    شكرا جزيلا يا صديقتي.. أنت البهيَّة تطوع لغتها لكل ما هو آسر وجميل


  • مريم من القدس

    في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
    واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ"

    لاينيغي للقدس أن تغيب عن ذاكرتك واسمك وهويتك.. القدس وحدها تميز أبناءها عمن سواهم.. إنها زهرة المدائن. إليها تهفو القلوب وفيها يا صديقتي مهبط الأنبياء وخلاصة التاريخ.

    أنا أيضا أشعر بالتقصير لجهلي الكثير من الشعراء والأدباء
    شكرا جزيلا على حضورك
    أنت دائماً شاهدة مخلصة على ما أقول.


  • زهرة يبرم – الجزائرالشعراء كالخمرة، قناديل التفاؤل والأمل والأحلام في ليل هذا الكون.


  • أستاذ إبراهيم يوسف تحية طيبة ,لم أكن من متذوقي نصوص أنسي الحاج ,رحمه الله ,وكنت أراهانثرا مكثفا بالصور الشعرية ,وفي نصوصه أصداء لشعراء غربيين ,منذ زمن بعيد انقطعت صلتي بنصوصه ,لكنك بكتابتك عنه دعوتني إلى قراءته من جديد سلم قلمك المبدع.


  • هدى أبو غنيمة – الأردنهذه يا سيدتي قناعة لو سمعها الشاعر الراحل نفسه..؟ لرفع قبعته احتراما لنا.. فليس لأحدٍ أن يناقش أيهما أفضل..؟ عطر شانيل؛ أم العنبر من محلات عبد الصمد القرشي، فالشاعر بالإضافة إلى ماهية شعره وصدقه وتجرده وإنسانيته.. كان يؤمن أن أعلى مراتب الديموقراطية بلغها فولتير الكاتب الفرنسي وهو يقول: أنا ضدك في كل ما تقول.. ولكنني معك حتى الموت أن تقول كل ما تريد.شكرا لك يا سيدتي، ويشرفني حقا ما تقولين.


  • أتمنى من جميع المهتمين بالأدب أن ينتبهوا لنبل غاية الأدب وأن لا يكونوا عبثيين، فلم يعد هناك متسع لمقولة الفن للفن، على الفنان الكثير ليقوله إزاء الواقع المرير. أفيقوا أيها الشعراء المترفون، فترفكم بات اليوم نزوة مخجلة، وجريمة في حق العوام أولئك الذين طالما ترفعتم عنهم وعن مخاطبتهم مدعين أنكم تكتبون للنخبة. هذه دعوة لكل المشتغلين بالأدب أن يكون لأدبهم التزام نحو قضية ما كما دأب عليه كاتبنا الراحل. وشكرأ


  • الأخ الكريم زاهر هواش - الأردن: ينبغي في البداية أن أتوجه إليك بخالص محبتي واحترامي وشكري على اهتمامك. أما بعد.. فأنا العبد الفقير لله يا صديقي، من العوام ممن لا يملكون من متاع الدنيا ما يكاد يكفي للضرورات. كنت من المهتمِّين بما يقوله ويكتبه الشاعر.. وأشهد أنني لم أشعر يوما إزاء هذا الرجل أنه من طينة مختلفة أو متعال يتكبر على الناس ويخاطبهم من موقع "الفوق". أمّا وأن الشاعر قد رحل وكان لا يملك دارا يأوي إليها، فقد سقطت عنه كل التهم.. فانتهى دوره وبات مُسَامَحَاً على التمسُّك ببرجه العالي. الآدآب يا صديقي من العوامل المساعدة في تقدم الأوطان.. لكنها لم تكن يوما وحدها خشبة الخلاص. أهلا بك صديقا عزيزاً غالياً، وأهلاً بكل أبناء الأردن والوطن العربي الكبير.


  • أستاذي الكريم وصديقي العزيز،
    كثيرون من يكتبون وقليلون من يحفرون سرّ الكلمة في نفوسنا وينزعون من قلوبنا صرخة في وجه الظّلم والأسى والحزن والوجع. وأنت أستاذ ابراهيم ممّن ينحتون الكلمات فتغدو حيّة تحاكي الضمير والوجدان.

    كلّنا مسؤولون عمّا يحصل وكلّنا بحاجة إلى وقفة شجاعة أمام ضمائرنا، وأمام أنفسنا علّنا نتجنّب ما هو أعظم.
    خالص محبتي واحترامي أستاذ ابراهيم، ليمنحك الله المزيد من جمال الروح والفكر حتّى تفيض علينا دائماً بإبداعك.


  • وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
    ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ

    مادونا عسكر - لبنان

    غفرَ الله لنا ولأبي الطيب المتنبي. هذه هفوة من هفواتِه، وهفواتِ ذلك الزمن الشعريِّ الغزير..!؟ فمن كان وكانت في منزلة مادونا عسكر..؟ الإنسانة النقيّة نقاءَ الثلج على أعلى قِمَّةٍ في صنين، والكاتبة المبدعة المتميزة في أسلوبها (وأنا ممن يضنِّون كثيرا باستخدام مفردة إبداع، إلاّ إذا كنتُ أعني فعلا ما أقول). من تميَّزتْ بقول الكلمة المفيدة وفيضٍ من الإحساس الإنساني النبيل، فإنها لا تتوافق مع التعصّب والتفريق بين تذكيرٍ وتأنيث. هكذا تعلمنا منكِ يا أستاذتي وسيِّدتي الكريمة.

    يشرفني حقاً ما تقولين.. لكنني أودُّ أن أصدقكِ القول أننا افتقدناكِ.. فحضوركِ بهيٌ وآسرٌ، وغيابك موحش وطويل.


في العدد نفسه

كلمة العدد 94: تصنيف الكتب والألعاب على أساس الجنس

التصوير الفني في الإبداع الأدبي

سيمائية الشخصيات الروائية

جمال الفاصلة في القرآن

الأسطورة والعجائبية في المعلقات