عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 8: 84-95 » العدد 93: 2014/03 » كلمة العدد 93: حقوق المرأة في الغرب والشرق

عدلي الهواري

كلمة العدد 93: حقوق المرأة في الغرب والشرق


حقوق المرأة في الغرب والشرق: قواسم مشتركة ووجوه اختلاف

عدلي الهواري ناشر مجلة عود الند الثقافيةلم يكن بوسع المرأة في الدول الغربية ذات يوم أن تصوت في الانتخابات. وكانت هناك حملة من النساء أدت في النهاية إلى الحصول على هذا الحق. وفي سياق العمل، كان أجر المرأة أقل من أجر الرجل رغم القيام بعمل واحد أو متشابه. وإذا لجأت المرأة إلى القضاء لكي ينصفها في حال الفصل بسبب الحمل، كان القضاة يحكمون لصالح رب العمل على أساس مقارنة وضع المرأة الحامل برجل مريض في العمل يتم الاستغناء عنه لأسباب صحية.

تغيرت قوانين العمل وغيرها مع مرور الزمن، وأصبح التمييز ضد المرأة ممنوعا، ورفعت قضايا كثيرة من أجل حصول النساء على أجور متساوية للرجال في كل الأعمال المتشابهة. وظلت أطر المساواة تتوسع لتشمل منع التمييز على أي أساس آخر كالعرق أو المعتقد.

ولكن سن القوانين لا يؤدي إلى تغيير سريع في الواقع، ويحتاج التغيير إلى مزيج من الجهود تشمل الحملات التوعوية والإعلامية وغير ذلك من مبادرات وإجراءات. في المجال السياسي تحديدا، تأخر وصول المرأة إلى المراكز العليا لصنع القرار في الدول الغربية، ولا تزال دول غربية عديدة لم تنتخب امرأة لمنصب الرئيس أو رئيس الوزراء.

أما في ميادين العمل، فلا يزال وجود المرأة في المراكز العليا محدودا نتيجة وجود ما يسمى "السقف الزجاجي"، وهو تعبير مجازي عن عدم تجاوز النساء مستوى معين. وينطبق هذا التعبير أيضا على الرجال من خلفيات عرقية مختلفة عن الأغلبية.

بمقارنة أعلاه مع الوضع في الشرق، وتحديدا العالم الإسلامي، نجد أن المرأة تولت منصب رئيس وزراء في تركيا وبنغلاديش وباكستان. ولكن هذه الحالات لا تعكس حالة تطور عام في أوضاع المرأة في الدول الإسلامية، فهي حالات استثنائية مقتصرة على رأس الهرم، وليس تتويجا لتغيير بدأ في القاعدة.

هناك تياران في النظر إلى حقوق المرأة المسلمة، أحدهما يرى أن المساواة النظرية موجودة. أما التيار الثاني، فله تفسيراته التي تحد من حقوق المرأة، ويجعلها عرضة لقيود شديدة تختلف شدتها من بلد إلى آخر.

إضافة إلى ذلك، توجد عادات اجتماعية تضع قيودا حيث لا ينبغي أن تكون، كالحرمان من الميراث. وتتحول المرأة إلى ضحية بالمعنى الحقيقي للكلمة كالقتل بذريعة الحفاظ على الشرف، أو ضحية تعاني بدرجات مختلفة على أكثر من صعيد.

على سبيل المثال، لا يزال هناك تمييز في المعاملة بين الذكر والأنثى داخل الأسرة. ومن أسوأ مظاهر ذلك، الحرمان من التعليم، الذي تلاشى تقريبا لأن التعليم اصبح إلزاميا لعدد محدد من السنين (ست سنوات على الأرجح). ولكن حرمان النساء من إكمال التعليم لا يزال مستمرا: إما بعد الزواج، أو بالمنع من السفر للحصول على درجة علمية عليا.

وفيما يخص عمل النساء، هناك موقفان متناقضان، أحدهما يسارع إلى منعها من العمل بعد الزواج، والآخر هو تجيير راتب المرأة العاملة لصالح مصروف البيت أو الأب أو الزوج.

وبالنسبة لقرار الحمل من عدمه، تجد المرأة نفسها بين موقفين متناقضين، فالأعراف الاجتماعية السائدة تريدها أن تنجب العدد الذي تطلبه الأعراف، وحسب توقيت ليس للمرأة قرار فيه.

ومع أن استغناء أرباب العمل عن خدمات المرأة الحامل أصبح غير قانوني، إلا أن بعضهم يضع المرأة في بيئة تضطرها إلى عدم الحمل لتكوين أسرة، لأنها إن حملت ستفقد عملها رغم أن رب العمل سيبرر ذلك بذريعة مختلفة. (ورد في الأخبار قبل فترة أن شركة طيران تستغني عن المضيفات اللاتي يقررن الحمل).

من المعروف طبعا أن توفيق المرأة بين عملها والمسؤوليات العائلية مسألة صعبة كثيرا، وتضطر النساء في الغرب إلى الاستقالة من العمل والتفرغ للأسرة. ولكن لم يعد هذا الخيار الوحيد المتاح أمام النساء، فهناك خيارات العمل بدوام جزئي، أو العمل من البيت بعد ظهور الإنترنت، أو ترك العمل لفترة محددة، من سنة إلى خمس مثلا، ثم تعود المرأة بعدها إلى العمل دون فقدان أي حقوق مكتسبة.

وتم التخلي أيضا عن فكرة أن الأب لا يحتاج إلى ترك العمل لأسباب عائلية، ولذا هذه الخيارات مفتوحة للرجال أيضا. وصار للرجل حق في الحصول على إجازة أبوة مثلما تحصل المرأة على إجازة أمومة، فهناك اعتراف بأهمية إقامة الرابطة بين الوليد/ة والأب بعد الولادة مباشرة. ولكن الفترة الزمنية لإجازة الأبوة أقصر.

وفي حالتي الاغتراب المؤقت أو الهجرة والحصول على جنسية بلد آخر، ورغم تزايد القيود على الهجرة إلى الدول الغربية، تبقي القوانين المجال مفتوحا لجمع شمل العائلات، بحيث يتمكن المغترب أو المهاجر من إحضار زوجته وأبنائه وبناته ليعيشوا معا تحت سقف واحد.

للعمل فوائد عدة لا تقتصر على الحصول على راتب في نهاية الشهر. وله أيضا سلبيات لا تميز بين الرجال والنساء، ولكن الجوانب السلبية تحتاج إلى كلمة خاصة بها. فكرة إعطاء الأولوية في العمل للرجل فقط ليست واقعية، لأن الكثير من العائلات تعيلها نساء عاملات عازبات. والزواج لا يغني المرأة عن العمل، لأنه لا أحد يعرف متى يموت، ولا يضمن عدم التعرض إلى حادث، أو تدهور الحالة الصحية إلى حد لا يمكن الرجل من العمل. ولذا من الحكمة أن تظل المرأة المتزوجة تعمل، حتى لا ينتهي بها الأمر أرملة تعيش هي وعائلتها على الإحسان.

لقد عوملت المرأة في الغرب بأساليب ظالمة في الماضي، ولكن الأمور تغيرت وتظل في حال تطور دائما، فما تحقق في الستينيات لا يصبح كافيا لواقع الثمانينيات، وهكذا. ولذا لا توجد نقطة ثابتة يتم الوصول إليها والوقوف عندها بقية الدهر.

حقوق المرأة في الدول الإسلامية بحاجة إلى نقاش يبتعد عن العصبية. ورغم أهمية الحوار الاجتماعي الهادئ حول هذه القضية وغيرها، إلا أن التغيير لا يحتاج إلى قرارات عليا أو قوانين، فالتغيير ممكن وفعال عندما يبدأ الإنسان بنفسه، وشيئا فشيئا تتسع دائرة التغيير المنطلق من قناعة ذاتية.

مع أطيب التحيات،

عدلي الهواري

D 25 شباط (فبراير) 2014     A عدلي الهواري     C 7 تعليقات

7 مشاركة منتدى

  • الدكتور عدلي الهواري تحية طيبة لا شك أن الإسلام قد كرم المرأة ووضع النموذج الأمثل الإنساني ولكن من يطبق الشرائع بشر يتمثلون الشريعة حسب مرجعياتهم الفكرية .أصبت في قولك :((أن حقوق المرأة بحاجةإلى نقاش يبتعد عن العصبية.....فالتغييرممكن وفعال عندما يبدأ الإنسان بنفسه.....)) في المجتمعات العربية المطلوب تغيير صورة الذات عند المرأة التي كرستها الأعراف طوال العصور وامتزجت فيها الإسرائيليات وقد نرى نماذج مسيئة لتحرر المرأة دون ثقافة وفهم عميق لإرادة الارتقاء ورسالة الاكتمال الانساني بالمعرفة .


  • السّلام/وتحيّةً لعود النّد التي افتتحت كلمة العدد في شهر المرأة "مارسّ" إذِ الشّهر بحكم العادة مرتبط بهذا الموضوع ،وارتبط شرطيّاً هذا الموضوع في الأذهان بالمرأة،حريّتها،وحقوقها؛وصار تقليدا معيشا،تقام له الاحتفاءات والتّكريمات،والنّدوات... وطالما العادة تؤسس الطروحات،وتحكم ـ آسفة ـ لن يكون هناك تغيير.
    فمن الحكمة ألا يناقش أو يطرح هذا،وفي هذا الشّهر،لأنّ في طرحه ترسيخ وتثبيت وإطالة عمر لاستعباد تاريخيّ عريق ؛هو ذهنيّ بالدرجة الأولى،وتساهم المرأة للأسف في سيرورته،فالتّخلّف لا يفرّق بين الرّجل والمرأة،ومن الضروريّ أن تزيل المرأة شعور النقص و قابليّةالضعف كي تحقّق وجودها غير منتظرة فارسا،أو بالأحرى اعترافا وعرفانا ؛وإنّ هذا لـن يـكـون. تحياتي/أرجو أن يتسع صدرك وألاّ تغضب من هذا الرّأيّ، فهو رأيّ و السّلام.


  • عذرا/ فكرة أخرى / القواسم المشتركة بين المرأة الغربيّة والعربيّة أهمّهـــــا أنّ كلتيهما " امرأة إنسان" وتتقاسمان تاريخا مجيدا من القهر والكبت. السّلام.


  • أستاذ عدلي كلمتك جاءت على الجرح ونكأت آخر، فقد طرح في العراق مشروع قانون القضاء الجعفري، وهو مثار جدل الآن، لأنه يجيز بدء سن زواج الإناث من 9 سنوات فما فوق. فأي حقوق للمرأة اذا كانت الصغيرة لا تسلم في مثل هذا السن؟ في أي بلد أوروبي يعتبر هذا الأمر تحرشا جنسيا. أنا لا أزال عند رأيي دوما أنه في بلدان مثل العراق وفلسطين وسوريا لم تعد هناك نساء. يوجد رجال ورجال: رجال يستشهدون في القتال ورجال (أمهات) يستشهدن بالمفخخات. ومن لم تمت بالسيف ماتت بالقانون والأعراف والتقاليد.


  • "لا تولد المرأة إمرأة وإنما تصير كذلك " . مقولة ل "سيمون دي بوفار "
    "
    فالمرأة المقهورة لا تنجب سوى أطفالآ مقهورين رجالآ أم نساء ،فكيف لنا الحياة بكرامة ونحن شعب لم تعتنِ به سوى نساء مقهورات ..!؟
    القهر يحرم البنت من الشعور بالسعادة، فتنشأ وهي تكاد تخجل من كونها أنثى
    هناك الكثيرات من الفتيات أو النساء يقمن في مواقع الإتصال الإجتماعي بتغيير أسمائهن أو وضع صور يخترنها من الإنترنت في حالة من الإنطلاق وحب الحياة على نحوٍ يوحي بأنه انعكاس لما تتمنى الفتاة أن تكونه
    مالذي يجعل المرأة أو الفتاة تفعل ذلك ؟
    لو أن إنسانآ يستبدل وجهه فما الذي يتبقى له ؟
    ماذا يعني أن تبدل امرأة بوجهها وجه آخر أو تسمي نفسها بإسم آخر..؟ ألا تقتل هويتها بيدها
    ووجهها أكثر ما ينبغي لها أن تعتز به ..!
    يتبع -


  • أهنيء المرأة في يومها "يوم المرأة العالمي "
    وأقول لها :
    ثوري على القهر والظلم وتحرري من العبودية
    فأنت سيدة في الكون ،لحواسك أجنحة تخرق جدار الريح ،لديك طعم الشمس ،واخضرار الميلاد ،يجب عليك العمل لإطلاق نفسك من أغلال المنطق الذكوري ،وعليه بات مطلوبآ التحرر الفكري للرجل والمرأة جنبا إلى جنب


  • كل التحية والتقدير لكل امرأة تقوم بدورها المنوطة به على وجه الأرض وتحية خاصة لكل امرأة مبدعة مشاركة بمجلة عود الند ..وتحية من الأعماق لكم يا أ / عدلى لطرحكم القيم لحقوق المرأة وعقد مقارنة بين الغرب والشرق وفيما يخص الغرب أتفق مع حضرتك تمامًا أما في الشرق لقد منح الله تعالى المرأة حقوقها كاملة في الشريعة الإسلامية وفى سنة نبيه عليه أقضل صلاة وأزكى سلام وهو القدوة في تعامله مع بناته وزوجاته وهو من قال أستوصوا بالنساء خيرًا ، والمرأة تفرط في حقوقها الممنوحة لها عن ضعفِ منها أحيانًا وعن جهلٍ بها في أحيانٍ أخرى وتستسلم لسطوة المجتمع والتقاليد التى سنت قوانين مبنية على الشريعة السمحة ولكن بينها وبين التطبيق هوة واسعة ...تحياتى وتقديرى


في العدد نفسه

النص القرآني وأنواع المتلقين

الرواية التاريخية: بين التأسيس والصيرورة

التّجديد في القصيدة العربية

أديب يحمل صندوق الدنيا

ألعاب الجوع