أدب عالمي
حكاية مزعجة: الزوجة
حكاية مزعجة
ندلتشو دراغانوف ( بلغاريا )
الزوجة
فهمت منذ أمد ليس ببعيد إن له صديقة حميمة. زوجي ((رومين)) له معشوقة! جعلت أتصوره وهو يرفعها إلى أعلى عليين، شأن ما كان يفعله معي قبل زواجنا. و أنا اعرف روحه اللطيفة معرفة وثيقة، لذلك قررت تسوية الأمور بلا ضجيج و لا دموع. فحين اخذ السيارة ذات يوم سبت، قفزت إلى سيارة التاكسي. وقد قررت ملاحقته. كانت صديقته تنتظره في زاوية الطريق، كانت جميلة حسبما أمكنني أن احكم من بعيد – طويلة و ممشوقة، تلبس بذوق و لها شعر أشقر، أو خرنوبي فاتح. سلكت سيارة البيجو الطريق المؤدية إلى الجبل. فرجوت السائق أن يتمهّل، فبدا مندهشا و نبر قائلاً:
"لا أفهم شيئاً، كنت أظن لأنك تودّين ألاّ تغفل العين عن سيارة البيجو البيضاء."
عندما بلغنا الساحة الصغيرة أمام المطعم، أبصر السائق البيجو البيضاء تلمع بكل بهائها ما بين سيارة حمراء وأخرى خضراء زيتونية. توجه إليّ ببسمة تآمرية، فسويت حساب التاكسي، وأخرجت من محفظتي مفاتيح السيارة، فقد كانت عندي بديل للأصلية.
كان هنالك معطف نسائي بلون كحلي ملقى على المقعد الخلفي. لمسته، فوجدت القماش ناعما للغاية. لا بأس، قلت في نفسي، وجلست خلف المقود واتجهت نحو المدينة، وضعت السيارة في مرآب أصدق صديقاتي. فما عاد زوجي مساء حتى اخذ يزمجر:
"لعنة الله عليهم، الأوغاد، كومة القمامة، آه لو أني القي القبض عليهم."
"من هم؟" قلت في براءة. كان منظره مخيفاً-مبهوتاً، مشعّث الشعر، وأيّ رأس، يا الهي، كما لو كان يشكو وجعاً رهيباً في أسنانه.
"يا للأوغاد، اللصوص، الدواب الوسخة. ( كان لا يتمالك أنفاسه) الأنذال الفجرة ..."
"لكن يا عزيزي، هدئ نفسك، لا أفهم شيئا ًمما تقول."
"سرقوا سيارتي، أفهمت؟ سيارتي البيجو!"
"مستحيل!"
"آه، لو أنهم يقعون تحت يدي، سأحطمهم، أؤكدّ لك ذلك، حتى لو ساقوني إلى السجن."
"لا تتفوه بالحماقات من فضلك، وبدلاً من أن تغضب على هذا النحو، ليتك تفكر قليلاً."
"ولكن ما الذي تقولينه؟ فظاعة. أفكّر! أأنت التي تتكلمين عن التفكير؟ أنت والتفكير لا تلتقيان. أفهمت؟
"طيّب، طيّب، روح النكتة نامية عندك. هيّا، هل هتفت إلى الشرطة على الأقل؟"
هوى في مقعدٍ، انتزع ربطة عنقه انتزاعاً، وألقى بها أرضاً بغضبٍ.
"من هناك أنا آتٍ بالضبط."
"إذن؟"
"أخذوا رقم التسجيل، ووعدوا بالبحث عنها. هم يعدون دوماً. في أيّ حالةٍ سوف يعيدونها إليّ، في أي حالةٍ! هذا الذي يزيدني انزعاجاً على وجه الخصوص. سيارة جديدة، بلا شطب، أجل في غاية الجدّة، مشت 800 كيلومتر فقط، و أنت تعرفين على الأقل كم كنت اعتني بها على الدوام."
"اعرف بالطبع، فأنت لم تعرني إياها سوى ثلاث، أو أربع مراتً. لم أمش بها 500كم."
"وهذا كاف لك وزيادة، انفجر مجدداً، اجل زيادة. إيه الأوغاد، الأوغاد، فليقعوا بين يدي، وليروا أي كارثة ستحلّ بهم."
تمالكت نفسي بصعوبة كي لا ابتسم.
"رومين، لم أكن اعرف انك قادر على إصدار صرير من أسنانك.
"وكيف لا أصرّ؟ هه: غر، غررر. وبعد، ما الذي يهمك من الأمر أنت، إنها أسناني أنا، وافعل بها ما أريد."
"طيّب، طيّب، تابع، ما دامت هذه الموسيقى تلذّ لك، لكن ذلك لن يجعلك تتقدم في الموضوع. قل لي متى، وأين سرقوا لك سيارتك؟"
"كيف أين؟ قال مقطبّاً حاجبيه. تغضنت ملامحه، غير أن نظرته بقيت غامضة.
======
كاتب بلغاري معاصر. نشر حتى الان عدة مجموعات قصصية. يتميز بمعالجة موضوعات من الحياة المعاصرة، فيها تصوير دقيق للعلاقات الإنسانية وفهم عميق ذكي لنفسية الرجل والمرأة في المجتمع الحديث، ويغلف الكاتب ذلك كله بنفحة من الفكاهة، يستخلصها من طبيعة العلاقات التي يصورها.
◄ عود الند: أدب عالمي
▼ موضوعاتي
1 مشاركة منتدى
تعجبني هذه الزوجة.. التي تعالج المشكلة بروية وهدوء وتعقل.. فالغاية في النهاية أن تبقي زوجها قربها ولها وحدها..
لست أقصد هذا الموقف تحديدا بل أقصد تعميم حالة التعقل والتروي.. فليس المقصود الانفجار الذي يهدم.. بل المراد تغلغل ماء الحكمة ليبني..
أشكرك هدى لجهدك الذي نحتاجه.. وفكرتك المميزة..
لك المنى بالتوفيق تحياتي
1. حكاية مزعجة: الزوجة, 14 تموز (يوليو) 2011, 08:22, ::::: هدى الدهان
نعم ، اتعبتني روتانا و فضائياتنا بحلولهم الجاهزة المقولبة لكل الحلول و المشكلات الزوجية التي غالبا ما تبرز الزوجة اما بدور المستكين الخائف( كما يعشقها الكاتب ان تكون و في حياته لم تكن فخطها على الورق و اتحفنا بها على الشاشة ) و اما متنمرة متمردة ضاربة عرض الحائط بكل القيم و الاولاد تاركة البيت بما في خزائنه للرجل ( كما يحب فكر الكاتب ان يكون و كما يفتقده حقا في الحياة وهو غالبا يخوض معارك نفقة في المحاكم ) فاخترت هذه القصة ..على الاقل المراة فيها ..تبدو ذكية ومدبرة .مع انها كتبت بقلم رجل .