عدلي الهواري
كلمة العدد 49: حضن الإنسانية الدافئ
ثمة أصحاب ضمائر حية في هذا العالم، من كل الجنسيات والأعراق والألوان والأديان، لا تسمح لهم ضمائرهم بقبول الظلم على إخوتهم في الإنسانية بصرف النظر عن دين أو عرق أو جنسية الفئة الواقع عليها الظلم. وقد بلغ الأمر في أصحاب الضمائر الحية حد تسيير أسطول من السفن وركوب المخاطر في محاولة لفك الحصار عن قطاع غزة المحاصر برا وبحر وجوا، ودفع بعضهم أرواحهم ثمنا في هذه المحاولة.
ونذكر قبل رحلة أسطول الحرية المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء العالم للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009.
هذان الأمران يؤكدان أن أصحاب الضمائر الحية في العالم لا ينخدعون بتشويه الحقائق، مهما تكرر ذلك في وسائل الإعلام.
هذا الموقف الإنساني من أصحاب الضمائر الحية في العالم تجاه الشعب الفلسطيني يستحق من كل المعنيين بالقضية الفلسطينية موقفا مماثلا ينبذ التعصب القومي والديني، وخاصة في وقت يشهد تزايدا في التعبير العملي عن الـتأييد للشعب الفلسطيني، متجسدا في خطوات من قبيل مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ومطالبة الجامعات في الغرب بسحب استثماراتها في إسرائيل. مثل هذه الخطوات أسهمت في الجهود الهادفة إلى رفع الظلم الواقع على المواطنين الأصليين في جنوب أفريقيا، وحملت الأقلية البيضاء فيها على التخلي عن نظام التفرقة العنصرية.
يخطئ طبعا من يكتفي بالتعويل على الرأي العام العالمي، أو المجتمع الدولي أو الشرعية الدولية وما شابه من مصطلحات هلامية، ولكن يخطئ أيضا من يستعذب الانغلاق وأن يصرخ "يا وحدنا" عندما لا يجد ما يكفي من الدعم له، والاستنكار للظلم الواقع عليه. ويخطئ من يقنع نفسه بأن كل العالم ضده بسبب دين أو مذهب أو جنسية أو لون، ففي حالات الظلم الجماعي هناك أصحاب ضمائر حية يعملون في حدود الممكن لهم لرفع الظلم عن المظلومين، فينجحون أحيانا، ويخفقون أحيانا أخرى، لأن القوى التي تعمل على إبقاء الوضع القائم وتبريره لا يستهان بها وبما لديها من وسائل مضادة.
مع أطيب التحيات
عدلي الهواري
◄ عدلي الهواري
▼ موضوعاتي
- ● كلمة العدد الفصلي 34: أعذار التهرب من المسؤوليات السياسية والأخلاقية
- ● كلمة العدد الفصلي 33: تنوير أم تمويه؟
- ● كلمة العدد الفصلي 32: حكّم/ي عقلك وأصدر/ي حكمك
- ● كلمة العدد الفصلي 31: قيم لا قيمة لها
- ● كلمة العدد الفصلي 30: النقد والمجاملات
- ● كلمة العدد الفصلي 29: عن الذكاء الصناعي (والغباء الطبيعي)
- ● كلمة العدد الفصلي 28: الورق والتمويل: وصفة الانتحار البطيء
- [...]