أرشيف ناجي العلي
ناجي العلي بكلماته
مقتطف من مقابلة مع رضوى عاشور
أدناه مقتطف من مقابلة مع ناجي العلي أجرتها الروائية المصرية، رضوى عاشور. نشرت المقابلة أول مرة في العدد الخامس من مجلة "المواجهة" (أيلول/سبتمبر 1985)، الصادرة عن لجنة الدفاع عن الثقافة القومية. أعيد نشر المقابلة في كتاب لرضوى عاشور صدر عن دار الشروق في عام 2019، عنوانه "لكل المقهورين أجنحة". صورة الغلاف وتفاصيل التوثيق تحت المقتطف.
.
.
ولدت عام 1937 في قرية الشجرة بين طبرية والناصرة قضاء الجليل، ولجأت عام 1948 إلى أحد مخيمات الجنوب اللبناني، هو مخيم عين الحلوة، بالقرب من صيدا. وكغيري من أبناء المخيم كنت اشعر بالرغبة في التعبير عن نفسي فأمشي في المظاهرات، وأشارك في المناسبات القومية، وأتعرض كما يتعرض سواي للقهر والسجن. وفي تلك المرحلة تشكل عندي الإحساس بأنه لا بد أن أرسم. وبدأت أحاول أن أعبّر عن مواقفي السياسية وهمي وقهري من خلال رسوم على الجدران.
وكنت احرص على أن أحمل معي قلمي قبل أن أتوجه إلى السجن. وبالمناسبة، كان أول من شجعني هو المرحوم غسّان كنفاني الذي مَرّ على المخيم للمشاركة في إحدى الندوات.
وكان لدينا ناد بسيط أقمناه من الزنك. والتفت غسان إلى الرسوم الكاريكاتيرية التي كانت على الحائط وتعرّف عليّ. وأخذ مني رسمتين أو ثلاثا ونشرها في الحرية، مجلة التقدميين العرب، التي كان يعمل فيها في ذلك الوقت.
ورغم أنني كنت قد حصلت على دبلوم في الميكانيكا والكهرباء، كنت اعمل بشكل موسمي في البساتين، في قطف البرتقال والليمون، ولم يكن هناك عمل آخر متاح، ولم يكن مسموحا لأي فلسطيني أن يكون موظف بلدية.
حاولت أن أتابع دراستي وأعبّر عن نفسي بالرسم، فالتحقت بالأكاديمية [اللبنانية للفنون الجميلة] لمدة سنة. إلا أنني في تلك المرحلة تعرضت للسجن ست أو سبع مرات. وعملت مدرّسا للرسم فترة بسيطة بالكلية الجعفرية في [مدينة] صور، ثم أتيحت لي فرصة السفر إلى الكويت للعمل في مجلة الطليعة الكويتية وهي مجلة للتقدمين الكويتيين.
في الطليعة كنت أعمل كصحفي ومخرج للمجلة وسكرتير تحرير. ثم بدأت احتل مساحة في المجلة أعبر فيها عن نفسي بلغة الكاريكاتير. وتدريجيا، اتسعت هذه المساحة فأصبحت أقدم عدة رسوم، ثم من صفحة كاملة ثم صفحتين، إلى أن اكتشفت أن العمل الأسبوعي لا يفي بحاجتي، وأنني راغب في التواصل مع الناس بشكل يومي، فاخترت صحيفة يومية. ولمّا لم يكن هناك انسجام بين خطها وتفكيري، اشترطت ألا يتدخل أحد في عملي.
وكنت قد بدأت أدرك دور الكاريكاتير. وكنت ألاحظ أن رسامي الكاريكاتير في مصر (المدرسة القديمة) يستخدمون الحوار بكثرة، ممّا لا يعطي فرصة للقارئ لإعمال ذكائه، فاتجهت إلى عكس ذلك، ورحت أخلق رموزا يصير تكرارها نوعا من اللغة المشتركة بيني وبين القارئ.
= = =
رضوى عاشور، لكل المقهورين أجنحة، القاهرة: دار الشروق، 2019، ص ص 262-263.