هدى الدهان - العراق
ملاحظات على الأسماء في المسلسلات
الأم ثرية. تنادي: "خذوا مني واغتنوا." أحد أبنائها يعد ما في حجره ولا يزيد. وهي تنادي "هل تريدون من مزيد؟" ابن آخر يغض الطرف ويأخذ درهماً واحدا خجلا. وابن ثالث يقول: "زيدني عشقاً لك وثراء منك." بحر كبير مليء بالخيرات، وابن يعد الأصداف التي على الشاطئ وآخر يغوص فيه ليجمع اللآلئ ويكمّلها ويجملها بالمرجان.
أمنا اللغة العربية تقول "انهلوا مني." فلماذا نغلق المعاجم وكتب الأمثال والسيرة ونكتفي بشوارع المدينة وما يطلق فيها من مسميات؟ هذه الأسئلة وردت في ذهني وأنا أتابع وأقارن بين الأسماء في المسلسلات التلفزيونية المصرية والسورية، لا ذماً بتلك ولا مدحاً بهذه، ولكني أتمتع حقا وأنا أقرا نصاً كتبته أنامل سورية أو أشاهد مسلسلا سوريا، وأطرب لسماع أسماء من قبيل: ربى. صبح. جود. خزامى. ردينة وغيرها.
لا أجد مثيلا لتلك الأسماء في السيناريوهات المصرية التي مذ تتبعت أفلامها حين كنت مراهقة وإلى الآن لا أجد إلا أسماء من قبيل: مدحت. عزت. أحمد. عادل. فكري. وزينات. ميمي. متولي. وفي أحسن الأحوال رشا وندى.
إذا قال قائل إنها تعكس مسميات المجتمع هناك، أقول بدوري المعروف عن القاهرة أنها تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ. أين تنوع الأسماء يا قاهرة؟ لونيها ونوعيها. ويا خليج، يا أهل الشعاب والصحراء، يا قبائل العرب، ألا توجد أسماء سوى فهد وسالم وغانم وشيخة وفضة؟
في الآونة الأخيرة لمع نجم الفنان المصري تامر حسني. تعجبت من أن اسمه وحيد فريد في مصر، ثم عرفت أن والدته سورية الأصل فزال عجبي. واسمه ذكرني ببيت شعر ورد اسمه فيه:
وغررتني وزعمت أَنك = = لابنٌ في الصيف تامر (*)
وحكاية البيت أن رجلا طلب امرأة للزواج، فأغراها بأنه في فصل الصيف، فصل العطش والحر ويباس النبات، يمتلك التمر واللبن، وهذه ثروة تسد الجوع وتزيد. ثم تبين أنه على غير ذلك، فعاتبته.
وحين أكتب هذه السطور فهذا لا يعني أن العربية نضبت في المسلسلات المصرية والخليجية وفاضت في السورية. ولكني أستطعم الأسماء في النصوص السورية، والنفس تتوق لكل جديد.
هاكم المزيد مما سمعت في مسلسل سوري: جوري. لمى. أبرار. يمام. ليتني اُطرِب سمعي بمثلها في المسلسلات المصرية والخليجية.
= = =
(*) الشاعر: الحطيئة
◄ هدى الدهان
▼ موضوعاتي