ظلال عدنان العقلة - الأردن
سهرة
سهرة
تجمعوا وشموعهم تبدد ظلمة اجتماعهم تحلقوا حول تلك الشموع وخيالات أجسادهم النحيلة تتراقص فوق تربة رطبة باردة.
رغم تباين أعمارهم وأشكالهم ومناصبهم؛ وتراوحهم بين فقر مدقع وغنى فاحش، إلا أن انسجاما كبيرا يلفهم. حتى الأطفال الرضع بينهم صامتون. ما أزعجوا يوما ذاك الجمع بصوت جوع أو حنين للأم والحليب.
مريضهم، ذاك الذي كاد يذوي، يجلس بينهم منتصبا ويقول: "ذاك الألم مرّ بي وانتهى كحلم. بل ككابوس".
قهقهت الفتاة الشقراء رغم عنقها المذبوح: "احمد ربك يا عم، فالتماعة السكين وهي تهوي فوق عنقي وصراخهم حولي: يا فاجرة. يا فاجرة. هي الكابوس".
تنحنح ثريهم: "كابوسي الذي يقلقني الآن شوقي لسيجارة ترد الروح".
ضحكوا جميعا قائلين: "حتى لو نلتها فلن تعود لك الروح. إنما حدثنا من دلك على مكان اجتماعنا؟"
"وصفتي سهلة: سُكْرٌ أثقل رأسي، ونشوة جعلتني أمتطي صهوة سيارتي بجنون، فاعترضني عمود الكهرباء، ذاك الأصم فلقني وسيارتي السوداء الفارهة نصفين".
صمت، ثم أكمل: "أذكر أنني رأيت خيال شخصين جواره. أظنهما أب وابنه. ممم. لا يهم".
انتفض رفيقه الذي يقابله في الجلسة، الذي ما فتئ يحمل بقايا طفل بين يديه وصرخ بصوت عال ناسيا سرية اجتماعهم: "أنت هو. أنت قاتلي أنا وابني. سأنال منك. وتهزأ بنا وكأنك دست قطا أو فأرا؟"
وقبل أن يتعارك الرجلان، لاحت لهم خيوط الفجر وجنازة تسير نحوهم.
انسحبوا بهدوء، وارتدوا ثيابهم البيضاء، وتوسدوا أماكنهم، وساد صمت القبور.
◄ ظلال عدنان
▼ موضوعاتي
المفاتيح
- ◄ قصة قصيرة
- ● وماذا بعد؟
- ● النظّارة
- ● خرابيشُ خطّ
- ● بقرة حسين
- ● تاريخ
1 مشاركة منتدى
سهرة, محمد السعودي | 28 كانون الأول (ديسمبر) 2014 - 21:04 1
جميلة...خيال أخاذ..
طابت كل سهراتك..
والفجر قادم...بأوسع الأبواب..