عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 8: 84-95 » العدد 90: 2013/12 » الحركات والضمائر: بين الفونيم والمورفيم

الطيب عطاوي - الجزائر

الحركات والضمائر: بين الفونيم والمورفيم


يعتبر مفهوما الفونيم والمورفيم من بين المفاهيم التي شهدت جدالا واسعاً بين الباحثين الألسنيين في حقل علم اللغة بصفة عامة والصوتيات بصفة خاصة؛ إلا أن التعريف العام الذي اتفق عليه هؤلاء الباحثين هو اعتبار الفونيم أصغر وحدة صوتية غير دالة؛ بينما المورفيم أصغر وحدة صوتية دالة.

وإن الحركات التي تلزم الحروف وكذا الضمائر التي تلحق الأفعال والأسماء لهي أمر مهم في البناء التركيبي للكلمة العربية على وجه الخصوص، وعليه فما موقع هذه الحركات والضمائر من المفهومين السابقين؟

=1= الحركات:

تعد الحركات أبعاض حروف اللـِّين كما يقول ابن جني وهي قادرة على إعطاء معنى إذا ما أدرجت من حرف لآخر، ويعتبر الخليل (ت 170 هـ) الفتحة جزء من الألف، والكسرة جزء من الياء، والضمة جزء من الواو؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن إدراج هاته الحركات ضمن الفونيمات أو المورفيمات؟

إذا ما تأملنا كلمة (صنع) على سبيل المثال فنقول إنها تتكون من ثلاثة مقاطع، كل منها من فتحة قصيرة مع صائت واحد، وهي على الترتيب: (صَ نَ عَ) على وزن (فَعَـلَ) والتي تدل على فعل الصنع، لكن ما الذي أعطاها ذلك؟ ثم ما الذي أكسبها الزمن الماضي التي هي فيه؟

لاشك أننا سنجد الجواب من خلال إبدال أحد الفتحات الثلاثة بضمة أو كسرة، فإذا ما وضعنا الضمة مكان الفتحة التي فوق حرف الصاد، والكسرة مكان الفتحة التي فوق حرف النون يتحول الفعل من حالته الأولى إلى (صُنِـعَ) على وزن (فـُعـِلَ) الذي ينشأ عنه بدوره تغيير في المعنى؛ فبعدما كان يدل على الشخص الذي قام بالفعل أصبح يدل على الشيء المصنوع (الذي قام عليه الفعل)، كما تحولت دلالته من المبني للمعلوم إلى المبني للمجهول، والسبب في ذلك كما رأينا هو تبادل الحركات؛ مما يجوز لنا اعتبار هاته الحركات مورفيمات؛ كونها أحدثت معنى جديداً.

وخير مثال على ذلك تغير حركة (الجيم) في كلمة (جنة)؛ إذ في كل مرة تعطي دلالة جديدة:

جَـنـَّة = بستان.

جـُـنـَّة = وقاية.

جـِـنـَّة = شياطين.
 
 وإذا رجعنا إلى التعريف الشائع عند علماء الأصوات والذي يعتبر الفونيم أصغر وحدة صوتية غير دالة فإنه يمكن اعتبار الحركات فونيمات وليست مورفيمات.

ولرب قائل يقول: كيف يمكن ألا تكون الحركة مورفيماً ونحن نعلم أن لها دلالة وُضعت لأجلها؛ إذ إن الفتحة وظيفتها النصب، والضمة وظيفتها الرفع، والكسرة وظيــفـتـها الجر؟!
إن هذا السؤال يندرج ضمن ميدان علم النحو، فلقد كان علم الأصوات في بدايته جزءاً من أجزاء النحو ثم ما فتئ يستقل عنه، حيث إن هذه الدلالة التي تحملها كل حركة يمكن إدراجها في باب الإعراب فقط، وليس لغرض آخر، أي: إن الرفع والنصب والجر يكون على مستوى أواخر حروف الكلمة؛ لذلك التزمت هذه الحركات بهاته الدلالات؛ فالفاعل يأتي مرفوعاً دائماً، والمفعول به منصوباً، والاسم الذي يسبقه جار يأتي مجروراً، وكل هذا على أواخر الحروف فقط.

وقريب من هذا الطرح رأي قطرب (ت 206 هـ) الذي يرى بأن حركات الإعراب هذه لم تأتِ للتفريق بين المعاني؛ بل جاءت لضرورة صوتية " لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضاً، لكان يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج فلما وصلوا وأمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقبا ًللإسكان ليعتدل الكلام " (1).

هذا عن الحركات الثلاث، فماذا عن السكون، وهل يمكن عده من الحركات؟

لقد قسـَّم حفني ناصف الحركات إلى قسمين: أصلية و فرعية؛ وعد السكون إضافة إلى الحركات الثلاث ضمن القسم الأصلي، كما لاحظ كمال بشر ذلك، وعد السكون هو العلامة الصفرية للحركات، وعليه فهو خال من التحقيق الصوتي دون الوظيفة، حيث يعتبر دليلا إعرابياً كما هو الحال في الفعل المضارع المسبوق بجازم.

والمتأمل لنتائج البحث في كتاب (ظاهرة الإعراب في النحو العربي) يجد صاحبه يقول:
 
"وقد أطلق فندريس على هذه الدلائل اسم المورفيم أي دوال النسب التي تبين العلاقات بين الكلمات بعضها وبعض في الجملة الواحدة، وقد قسَّم فندريس دوال النسب هذه إلى أنواع، كل نوع يشير إلى علاقات بين الكلمات في الجملة، ومن هنا رأينا أن الإعراب دالة نسبة أو مورفيم من المورفيمات التي تدل على المعنى الوظيفي للكلمة، ودالة النسبة هذه إما أن تكون بحركات أو بأحرف معينة توضع في نهاية الكلمة " (2).

وقد نعجب كذلك إذا قلنا إن الحركات ليست مورفيمات؛ وإلا كيف نفسر بعض الكلمات التي تأتي على صورتين من ناحية الشكل، واختلاف حركات كل صورة لا يغير المعنى؛ كبعض الألفاظ التي تتبادل فيها الكسرة والضمة في الحرف الأول، مثل: كِسوة = كُسوة. ر ِشوة = رُشوة. كِنية = كُـنية.

وتبادل الضمة والفتحة، مثل: السـُّـقم = السـَّـقم. الرُّشد = الرَّشد. العُـرب = العَـرب.

وقد يحدث أن تتبادل الحركات الثلاث كلها مع بعضها البعض وتتناوب على الحرف الواحد دون تغيير في المعنى، ومن ذلك قول ابن قتيبة (ت 276 هـ) "هو الزَّجاج و الزِّجاج والزُّجاج، وهو مقطوع النـَّخاع والنـِّخاع والنـُّخاع وهو الأبيض الذي في جوف الفقار، وهو قـَصاص الشـَّعر وقِصاص وقــُصاص" (3).

والنتيجة التي يمكن الوصول إليها هي إن هذه الحركات مورفيمات وفونيمات معاً "فقد يكون المورفيم فونيماً واحداً مثل حركات الإعراب، وهي فونيمات تعد أيضاً مورفيمات؛ كونها تدل على وظائف نحوية" (4).

=2= الضمائر:

يعرف الضمير بأنه اسم ينوب عن شخص متكلم أو مخاطب أو غائب، كما قد ينوب عن غير الشخص وهو قسمان: بارز ومستتر؛ فأما البارز فهو الذي يلفظ؛ وهو نوعان كذلك: منفصل ومتصل.

وسنقصر حديثنا هنا على النوع الثاني من القسم الأول (الضمير البارز المتصل)، ولنتأمل هذه الأمثلة:

= خرجت: (تُ تِ): دال على المفرد المتكلم، والمخاطب المذكر، والمخاطب المؤنث.

= خرجنا: (نا): دال على الجمع المتكلم المذكر والمؤنث.

= خرجا: (ا): دال على المثنى المذكر الغائب.

= خرجوا: (و): دال على الجمع المذكر الغائب.

= خرجن: (ن): دال على الجمع المؤنث الغائب.
 
= اخرجي: (ي): دال على المخاطب المؤنث.

= كتابي: (ي): دال على الملكية للمفرد المتكلم.

= كتابك: (كَ كِ): دال على الملكية للمخاطب المذكر، والمخاطب المؤنث.

= كتابه: (هـُ): دال على الملكية للمفرد المذكر الغائب.

= كتابها: (ها): دال على الملكية للمفرد المؤنث الغائب.

إن العنصر المشترك بين هذه التصاريف هو الجذر (خ َ رَ ج َ)؛ لكنها تختلف من حيث النوع (مذكر، مؤنث) والعدد (مفرد، مثنى، جمع) ومن حيث الشخص (متكلم، مخاطـَب، غائب)، وهذه العناصر الصوتية (مورفيمات)؛ فالعنصر الصوتي (تْ) في (خرجتْ) مورفيم دال على المفردة الغائبة، والعنصر الصوتي (يـَ) في (يخرج) مورفيم دال على المفرد الغائب.

والعناصر الأصواتية (الهمزة المكسورة + سكون الراء + حركة الباء) في (اخرجْ) مورفيم دال على فعل أمر للمخاطب المفرد المذكر في مقابل (اخرجي) التي تتميز بعنصر مورفيمي جديد هو الياء المحدودة المتطرفة التي حددت أن الأمر هنا هو للمخاطبة المفردة المؤنثة، وهكذا دواليك بالنسبة لبقية العناصر الصوتية.

كما يمكن لفونيم (الهاء) أن يعـوض قولا بكامله في بيت الشاعر:

وإني وإن كنت الأخير زمانه - - - لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل

بمعنى: بما لم تستطع الأوائل أن تأتي به؛ فـ (الهاء) عوضت (أن تأتي به)، ويمكن أن نطلق عليه مورفيماً تعويضياً.

وبذلك فهاته الضمائر المتصلة هي فونيمات مثل بقية الفونيمات الأخرى، ويمكن عدها مورفيمات باعتبارها تدل على معانٍ مختلفة كما رأينا، وهذا الأمر شبيه بحروف الزيادة التي تـلحق الأفعال؛ حيث هي الأخرى لها دلالات تدل عليها؛ إذ بقدر ما هي فونيمات فهي مورفيمات أيضا ً.
 
ونجد تمام حسان ينسب هذه المورفيمات إلى عناصرها الأصواتية؛ إذ يطلق على العنصر الأصواتي الذي يحدد الفاعل اسم مورفيم الفاعلية، وكذا العنصر الصوتي الذي يحدد المفعول اسم مورفيم المفعولية، ويعلل ذلك بقوله:

"ولقائل أن يقول أيضا أننا لم نسمع عن ما نسميه مورفيم الفاعلية في دراسة الصرف، ولكننا سمعنا عن باب الفاعل في النحو، والجواب على ذلك أن نمثل بوجهي عملة النقد، وبصفحتي الورقة، حيث تتعدد جهات الشيء الواحد، فالفاعل ذو وجهين: وجه صرفي تدل عليه العلامة، ويمكن وصفه بأنه شكلي، وهذا هو المورفيم، ووجه نحوي، تدل عليه الوحدة الصرفية التي هي المورفيم، ويوصف بأنه وجه تقسيمي؛ ينبني فهمه على العلاقات في السياق، وهو الباب فالفاعل إذاً مورفيم باعتبار، وباب باعتبار آخر، وليس هناك تناقض إذا ًبين التسميتين النحوية والصرفية" (5).

وقد ذكر بلوم فييلد (1889 1949) في كتابه (اللغة) هذا النوع الذي يحدث للحروف وتوزيعها بين الفونيم والمورفيم. وقد قسَّم بلوم فييلد المورفيم إلى نوعين: مورفيم حر Free Morphème: وهو كل مورفيم يمكن فرزه وتلفظه بصورة حرة. ومورفيم مقيد Bound Morphème: وهو كل مورفيم لا يمكن فصله عن الجذر أو المورفيم الحر. ويؤكد بلومفييلد على وجود تميز أساسي بين العلاقات التي تحدث على مستوى الصرف حيث أثبتت ضرورة التميز بين المستويات المتنوعة للمباني اللسانية (6).

ومن ذلك أنه في اللغة العربية (الألف) و(الواو) اللتان تبرزان هذا الاشتراك بين الفونيمات والمورفيمات؛ فالهمزة / أ / مورفيم يفيد الاستفهام في الجملتين التاليتين:

= أقاطن قوم سلمى هنا؟ أمن هذا الحديث تتعجب؟

على حين تكون فونيماً في الكلمات التالية: أب سأل هدأ.

وكذلك / و / فهي فونيم في الكلمتين: ولد صوم، ومورفيم متعدد المعاني يفيد العطف والحال والابتداء والمصاحبة والقسم... إلى آخره.

والأمر نفسه بالنسبة لحرف الجر / ب / فهي مورفيم يفيد القسم والمصاحبة والإلصاق... إلخ؛ وفونيم في الكلمات التي تشكل حرفاً فيها؛ مثل (بوم صبر قلب).

وعليه فمعظم حروف اللغة العربية تؤدي المفهومين معاً؛ الفونيم والمورفيم، ماعدا بعضها كالطاء والظاء والذال، إلى آخره.

وهذا الأمر ليس حكراً على العربية؛ بل قد نصادفه في اللغات الأخرى؛ كالفرنسية في بعض حروفها مثل: (s , a , à , l , y , x)، ولنتتبع الأمثلة التالية:

مورفيم مقيد + مورفيم حر* = L’homme
 
= à مورفيم بمعنى (إلى): Je vais à l’université

= à مورفيم بمعنى (في): Je suis sorti à midi

= à مورفيم بمعنى (على): Le livre à la table

أو كحرفي (s) و (x) الدالان على الجمع و حرف (e) الدال على المؤنث، وكذا الضمير (y) في حالة المفعول به؛ مثل:

= أجيب على الأسئلة = Je répond aux questions

= أجيب عليها = J’y répond

والأمر نفسه نصادفه في اللغة الاسبانية مع بعض فونيماتها؛ كـفونيم (y) الذي يصبح مورفيماً دالا على الجمع بين شيئين؛ مثل:

= تذكرة سفر ذهاب وإياب = un billete de ida y vulta

غير أن الملاحظ على هاته الفونيمات هي أنها تعبر عن معاني الحروف والأدوات على عكس فونيمات العربية التي قد يعبر الفونيم الواحد منها إضافة إلى المعاني السابقة على الفعل بكامله كما في الأفعال الماضية المعتلة التالية: (وقى وعى وفى)؛ إذ إن أفعال الأمر منها تأتي على هذا النحو:

(ق ِ ع ِ فِ). 

إننا نلاحظ أن أفعال الأمر جاءت على شكل أحرف أحادية؛ وعليه هل كل فعل ثلاثي معتل يجيء أمره على هذه الهيئة؟ وإن كان كذلك فلماذا الكثير من الأفعال المعتلة لا تأتي أوامرها على هيئة حروف أحادية؛ مثل (وعد، وصل، طوى، إلى آخره)؟
 
لعل الجواب هو اعتلال الفعل في أوله وآخره في معظم الحالات أو ما يسمى بـاللفيف المفروق.

إذاً؛ قد يأتي المورفيم على هيئة حرف واحد كما هو الحال بالنسبة للفونيم، وبذلك يمكننا القول إن الفونيم والمورفيم تقاطعا في هذه الحال، لكن تبقى هذه الحروف الأحادية مورفيمات كونها أصغر صيغة حرة ذات معنى في اللسان العربي.

وأصدق مثال على هذا القسم من المورفيمات المثال الذي أورده نايف خرما أسَـتـُعَـلـِّمُونـِـيهَا؟ (7) التي تحتوي على سبعة مورفيمات، وهي:

= أ: مورفيم دال على الاستفهام.

= س: مورفيم دال على الاستقبال.

= تُ: مورفيم دال على المخاطب (المفرد، المثنى، الجمع).

= علم: مورفيم حر وهي أصل الفعل.

= ن: مورفيم دال على الجمع (وهي تشير أيضا إلى نوع الفعل).

= ي: مورفيم دال على المتكلم في حالة المفعول به.

= ها: مورفيم دال على الغائب المؤنث في حالة المفعول به.

وفي هذا المثال لم يذكر الواو، وهي مورفيم دال على الجمع كذلك.

وقد يتكون المورفيم الواحد من عنصرين صوتيين منفصليين؛ كعبارة النفي في الفرنسية ne pas التي تصوغ مورفيم النفي باتحادهما على الرغم من استقلال كل منهما في المعنى .

=3= المورفيم الصفري:

لقد استعار بلوم فييلد مصطلحات كثيرة بأصواتها من اللغة الهندية، ومن أمثال هذه الاستعارات ما أصبح مألوفاً في الدراسات الصرفية في الغرب من استعمال عنصر الصفر (zéro élément) ويقصد به خلو الكلمة من لواحق أو سوابق تدل على الجمع أو غيره (8).
 
 ولقد كان لهذا النوع من المورفيمات إشكالية طرحت على ساحة حقل الألسنية، وهل يمكن عده مورفيماً أم لا؟ فقد واجه بعض الصعوبات عند تطبيقه، كاللغة الانجليزية في صياغتها للجمع القياسي وذلك بإضافة (s) أو (es) بثلاثة أصوات مختلفة، وهي (س) و(ز) و(أز) للمورفيم الحر أو أصل الاسم المفرد.

وقد افترض بلوم فييلد وجود عنصر الصفر دليلا على غياب علاقة الجمع في الكلمة، مثل: (sleep) التي تطلق على المفرد والجمع معاً (the sheep is) / (the sheep are).

كما إنه من الصعب تطبيق هذا المفهوم على الأمثلة التي من هذا النوع، مثل: (Foot … feet) حيث يـُعتبر الصوتان (t) و(f) مورفيمين حُرين، و(oo) و (ee) مورفيمين مقيدين؛ وعليه فهنا تفسير غير معقول لدى البعض في نطاق نظرية الفونيم (9).

ويـُطلق على هذا النوع من المورفيمات الصفرية في اللغة العربية اسم (المبنى المقدر) كفعل (سَمِـعَ) الذي يدل على فعل مسند إلى ضمير الغائب المفرد المذكر، مع عدم وجود أي مبنى صرفي يدل على ذلك وكذا وجود مورفيم النفي مقدراً مع بقاء وظيفته في السياق؛ كقوله تعالى: " قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ" (سورة يوسف؛ الآية 85)، أي: (لا تفتأ) بسبب لزوم النفي لهذا الفعل الناقص.

وكقول امرئ القيس (10):

فقلت يمين الله أبرحُ قاعدا - - - ولو قطعـوا رأسي لديك وأوصالي

أي: لا أبرح.

إن المورفيم الصفري هذا الذي جاء به بلوم فييلد يعد تعبيراً دقيقاً عن اللفظ الخفي الذي يصعب إدراكه أحياناً، ومن هنا حق له أن يسميها مورفيمات صفرية؛ غير أن الشيء الذي لا يمكن تجاهله هو أن هذه الصفرية هي ناتجة عن غياب اللفظ لا عن غياب المعنى.

= = = = =

الهوامش

(1) الزجاجي، أبو القاسم، الإيضاح في علل النحو، تحقيق: مازن المبارك، دار النفائس، بيروت (لبنان)، ط 5، 1986، ص 70 71.

(2) ياقوت، أحمد سليمان، ظاهرة الإعراب في النحو العربي ونظرياته في القرآن الكريم، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر (د ط)، 1983، ص 263.

(3) ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله، أدب الكاتب، مراجعة: درويش جويدي، المكتبة العصرية، بيروت (لبنان)، (د ط)، 2004، ص 391.

(4) خليل، حلمي، مقدمة لدراسة علم اللغة، دار المعرفة الجامعية، الأسكندرية (مصر)، (د ط)، 1999، ص 94.

(5) حسان، تمام، مناهج البحث في اللغة، دار الثقافة، المغرب، (د ط)، 1986، ص 224.

(6) محمد كامل، وفاء، البنيوية في اللسانيات، مجلة عالم الفكر، الكويت، العدد 2، 1997، ص 245.

(7) خرما، نايف، أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، عالم المعرفة، الكويت، ط 2، 1979، ص 279.

(8) غالي، محمد محمود، أئمة النحاة في التاريخ، دار الشروق، المملكة العربية السعودية، ط 1، 1979، ص 21.

(9) خرما، نايف، أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، ص 279 280.

(10) حمزة، محمد فوزي، دواوين الشعراء العشرة، مكتبة الآداب، القاهرة (مصر)، ط 1، 2007، ص 30. 
 

D 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013     A الطيب عطاوي     C 8 تعليقات

4 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 90: الكوميديا الجديدة والشبابية في عصر يوتيوب

الرّمزي والصّوفي في مأساة الحلاج

قراءة في رواية صمت الفراشات

جين آيير: كتاب ماثل بالذاكرة

رأي في مقولة الأدب النسوي