غانية الوناس - الجزائر
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى
تقديم: إنّها حروفٌ مبعثرةٌ في زوايا قُلوبنا الهشّة، إنّها نفسُ الأحلامِ والخيباتِ الّتي نتشاركُ بها جميعاً، جمعتها هنا لعلّها تصلُ إلى حيثُ مقدّرٌ لها الوصولُ ذاتَ يومْ.
تهنئةٌ متأخرة
كلّ عامٍ وخيبتِي بكَ تتجدّد، كلّ عامٍ والوجعُ الّذي زرعتَهُ يوماً ينبتُ ويُزهرُ أشواكاً مغروسةً في دربِي، كلّ عامٍ ودهْشتِي برحيلكَ تفـوقُ كلّ أمنيات الأعياد، كلّ عامٍ وضميركَ يؤنّبُـك كما تستحقّ وأكثر، كلّ عامٍ وزينةُ أعيادِي دمُوعٌ أثثتَ بها حياتِي بعدك، كلّ عامٍ وأنتَ الوجعُ نفسهْ يتكرر.
أنا لنْ أهنئك بأيّ عيدْ على أيّ حال، أنا فقطْ أهنئ جُرحِي ليسَ أكثرْ.
الحبُّ
هو أنْ نفرحَ دون سببْ، ونحزنَ دونَ سببْ، ونبكِي دون سببْ، ونضحكَ دون سببْ، وننسى في النّهايةِ لجميعِ تلكَ الأسبابْ.
مواجهة
كمْ من حقيبةٍ نحتاجُ كيْ نجمعَ فيها كلّ تلكَ الخيباتِ قبل أن نقرر الرّحيلْ؟
وكمْ من عتابٍ سنرمقُ بهِ ذلك الترابْ قبلْ أن نغيبَ عنه؟
نحتاجُ أن نبصُقَ كلّ شيءٍ في وجهِ الحزنِ دفعةً واحدةً، لعلّه يمضِي بعيداً عنا، لعلّنا إن نُغادرُ ملء إرادتنا طواعيةً دون أن نقاومَ الحنين المتدّفق في أفئدتنَا، دون أن ننقادَ للرغبّةِ في البقاءْ، تُنصفنا أخيراً هذهِ الحياةْ.
أحلامٌ هشّة
أجهضتُ معكَ آخرَ حلمٍ للحياةْ، كنتُ رثّةَ القلبِ هشّةَ الأحلامِ مبعثرةَ الرؤى، أبحثُ عنْ مكانٍ أوارِي فيهِ شقائِي، حتّى لا يكونَ طُعماً جاذباً لحزنٍ أكبرْ.
كنتُ غيمةً تُطاردها الريّحُ لا تقوى على الهطُولِ وسط العواصفْ، فإذا العواطفُ تعبثُ بِي أكثرْ فأكثرْ، جئْتنِي بالّليلِ بدلَ الفجر، وأنا كالفراشاتِ لمْ أكنُ أجيدُ الطيرانَ وسط الظّلامْ. كنتُ أبحثُ عنِ النّورِ لا أكثرْ، وأنتَ حينَ اقتربتَ زرعتَنِي سواداً ومضيتْ. هلْ كنتُ أستحّقُ ذلكَ حقاً، هل كنتُ أستحقْ؟
رؤيا
أحلمُ أنْ أكونَ حرّة، طيراً، فراشةً، غيمةً، أغنيّةً للفرحِ الّذي لا ينضبْ.
أتعبنا فقدُ الأشياءِ الّتي لا نملكْ، أتعبنا أكثرَ الجلوسُ كلّ مرّةٍ على غيمِ الانتظارْ.
قدرٌ عربيّ
أتساءلُ منْ اخترعَ الحزنَ يا تُرى ليتناسبَ مع قياسِ كلّ مدينةٍ عربيّةٍ؟ لكأنّه فُصِّل منْ أجلِ مدننا البائسةِ تلكْ، لكأنهُ وجدَ فقطْ منْ أجلها.
أحاولُ البحثَ عنْ مدينةٍ عربيّةٍ تفرحُ ولوْ قليلاً، تسعدُ ولو للحظاتْ، تضحكُ أو تلعبُ أو تتهادى ولو سويّعةً نحو نشوةِ الابتسامْ، أستعينُ بالجّغرافيا والتاريخِ، ببعضِ الموسيقى، لكنْ عبثاً أحاولْ حتّى موسيقانا خلقتْ منَ الحزنْ، جذورها توغلُ بترفٍ كبيرٍ في الشّقاءْ.
انتهيتُ أخيراً إلى أنّ مدننا وجدتْ فقطْ لتكملَ مشهدَ الحزنِ على خارطةِ الزمانْ ليسَ إلاّ.
أنا وهي
قالتْ لِي: إنّها متعبة لكنّي أعرفها وأفهمها جيداً، أحفظها عنْ ظهرِ حبّ وفُضول،
حينَ تغضبُ منّي تختارُ زاويةً في الدفترْ، تُخفِي غضبها عنّي حتّى لا أراها.
ترفضُ أنْ أكتبَ عنها، تنأى بنفسها عنْ كتاباتِي، وكلّما حاولتُ الاقتراب منها أبعدتْنِي.
تقُولُ لِي بلهجتِها العفويةِ تلك: في تعبِي لاَ أحبُّ أنْ تُشاركِينِي تلكَ الغصّة لأنّي أختنقُ أكثرَ.
هي ذاكِرتِي الخالية تُشبهُنِي في كلّ شيءْ. ببساطة هي أنا.
الحبُّ معجزة
ذلك الشّعورُ الّذي يسْتيقظُ فينا فجأةً بعدما نكونُ قدْ تعوّدنا على الفراغِ يسكنُ تلك القُلوبْ، ماذا يفعلُ بنا ذلك الشيءُ الصّغيرُ الّذي يتحركُ ها هنا؟ ما بينَ نبضِ القلبِ ونبضِ الروحِ، ما بينَ شهقةٍ وأخرى يصبحُ شخصٌ ما أول الأنفاسِ وآخرَ الأنفاسْ، تغدُو الحياةُ شمساً مشرقةً لتوّها، وتغدُو الأرضُ جنّةً والكونُ كلّه في داخلنا يرقصُ فرحاً من أجلنا منْ أجلِ كلّ النّاسْ، أليسَ في الحبِّ معجزةٌ؟ فكيفَ لا نغْدُو مؤمنين بالله أكثرْ كلّما أحببنا؟
سيّدةُ الانتظارْ
وأسألها تلكَ الجّالسةُ على رصيفِ الانتظار منذُ دهرٍ وأنتِ هنا، ألمْ تمّلي بعدُ من الانتظارِ عبثاً؟
أجابتْنِي دمعةٌ ونصفُ ابتسَامةٍ: يا سائِلي أنا فقطْ مؤمنَة.
◄ غانية الوناس
▼ موضوعاتي
6 مشاركة منتدى
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, نورة عبد المهدي صلاح | 25 كانون الثاني (يناير) 2013 - 11:09 1
لربما وجد الحزن ليوحدنا كما الفرح تماما.. كم هي صادقة هذه الكلمات
1. أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, 6 شباط (فبراير) 2013, 13:25, ::::: غانية الوناس.الجزائر
الحزن والفرح، وأشياءُ أخرى لا نملك لها تفسيراً تجمعنا، نحتاج فقط قلوباً تستشعرُ ذلك كلّه..جميلٌ هو مروركِ من هنا عزيزتِي نورة، أشكركِ.
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, محسن الغالبي - العراق / السويد | 26 كانون الثاني (يناير) 2013 - 21:43 2
من اجمل ما قرات...احيانا اجده دليلا على عذوبة النص حين تكون هناك رغبة في اعادة قراءة النص اكثر من مرة وهذا ماحدث مع كلماتك غانية....تلك الكلمات التي حملت من المعاني والمشاعر اكثر مما تطيق ففاضت عذوبة والما.
محسن
1. أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, 6 شباط (فبراير) 2013, 13:31, ::::: غانية الوناس.الجزائر
تلك الكلماتُ ليستْ إلاّ لسانَ حالِ القلبْ، هي خارجةٌ من الأعماقِ تبغِي هواءاً تتنّفسه، بعد أن اختنقتْ بين النبضِ والرّوحْ..
إنّها النّفسُ وما تقولهُ سرّاً، تترجمها الأقلامُ بحبرها على الأوراقْ..
أشكرك محسنْ، سعيدةٌ جداً بانطباعك ..
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, زهرة يبرم/ الجزائر | 27 كانون الثاني (يناير) 2013 - 13:13 3
دائما آمنت بأن النفس الحزينة تبدع أكثر. لقد أبدعت يا غانية.
1. أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, 6 شباط (فبراير) 2013, 13:54, ::::: غانية الوناس.الجزائر
إن الحزنَ والخيبةَ أكثر الأحاسيسِ التي ترافق الإبداع، ربّما لسبب ما وجدا كتوأم، متلازمانِ أبداً..
أشكرُ مروركِ غاليتِي زهرة، شكراً لكِ
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, أشواق مليباري\ السعودية | 4 شباط (فبراير) 2013 - 09:16 4
أحلام هشة تنتظر معجزة الحب
رائع ما كتبت أستاذة غانية
تحيتي وتقديري
1. أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, 6 شباط (فبراير) 2013, 13:58, ::::: غانية الوناس.الجزائر
هيّ أحلامٌ تحاربُ وتناضلُ رغم هشاشتها، هي فقط تحتاجُ أن ترتسم واقعاً على صفحة الحياة، هي الأمل بالقادمْ..وماالحبّ إلا السحرُ والمعجزةُ التي تغيرُ أقدارنا..والله يفعلْ..
العزيزة أشواقْ شكراً لمروركِ الجميلْ، دمتِ بخيرْ غاليتِي.
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, محمد علي حيدر | 18 شباط (فبراير) 2013 - 05:31 5
سيدتي، كنت فراشة تنتقل من تهنئة الجرح "ليسَ أكثرْ"، إلى ضفاف الحب الذي يمحو "في النّهايةِ" الفرح والحزن بلا سبب، إلى مواجهة الذات بسؤالين إشكاليين أفضيا إلى الحاجة كي " نبصُقَ كلّ شيءٍ في وجهِ الحزنِ دفعةً واحدةً، لعلّه يمضِي بعيداً عنا"، ثم اكتشاف هشاشة الأحلام، فالحلم بحريةٍ و"أغنيّةً للفرحِ الّذي لا ينضبْ"... تلك حال الفراشة وهي تتنقل بين الذات وقدر الانكسار، والبحث عن الفرح... وهو ذاته وقدر مدن الوطن العربي التي كأنما فُصِّلَ الحزن "ليتناسبَ مع" مقاسها، وفي نهاية بحثها تنتهي الفراشة "إلى أنّ مدننا وجدتْ فقطْ لتكملَ مشهدَ الحزنِ على خارطةِ الزمانْ ليسَ إلاّ"، وأن ذاكرتها تقول لها "لاَ أحبُّ أنْ تُشاركِينِي تلكَ الغصّة لأنّي أختنقُ أكثرَ". فما السبيل إلى تجاوز محن الذاكرة والوطن؟ إنه الحب المعجزة "الذي يسْتيقظُ فينا فجأةً ... فكيفَ لا نغْدُو مؤمنين بالله أكثرْ كلّما أحببنا؟". ذلك هو السؤال، والجواب عنه كامن في الحب الذي يحقق الأحلام الهشة، وينتظم باقة النصوص والأحرف المبعثرة. سيدتي، أبْدَعَتْ عباراتك في الكشف عن التشظي، وأبدعت ذاكرتك سبيل الخلاص، فأفرزت نصا رائعا ممتعا.
أحلامٌ هشّة ونصوص أخرى, أفنان النخالة | 20 شباط (فبراير) 2013 - 04:05 6
لحبُّ
هو أنْ نفرحَ دون سببْ، ونحزنَ دونَ سببْ، ونبكِي دون سببْ، ونضحكَ دون سببْ، وننسى في النّهايةِ لجميعِ تلكَ الأسبابْ.
والانجذاب هو أن تستمع بلآ سبب وأن تفرح بلآ سبب وأن أقرأ نصّكِ وأندهش .. ♥
لكِ كل القُبل والتحايا "غانيا "