عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

فداء زياد أبو مريم - فلسطين

فصول الدهشة ومحاولات النجاة

غزة: يوميات حرب الإبادة


أدناه مجموعة من يوميات/حكايات لفداء زياد، الكاتبة ومعلمة اللغة العربية المقيمة في غزة. النصوص المنشورة أدناه منقولة من صفحتها في فيسبوك. وقد كتبت في أيام متفرقة، نظرا للأخطار المحيقة بأهالي غزة أثناء حرب الإبادة، وعدم توفر إنترنت تمكن الأهالي من النشر المنتظم أو التواصل مع بعضهم بعضا في غزة، أو مع الأقارب والأصدقاء خارج القطاع. تم اختيار هذه النصوص لإعطاء فكرة عن الحياة من قلب الحدث، ففي ظروف هذه الحرب، من غير الممكن التواصل مع كاتبات وكتاب (وغيرهم) في غزة لكتابة نصوص للنشر في العدد الحالي من مجلة "عود الند" الثقافية، أي العدد الفصلي 31 (1 كانون الأول/ديسمبر 2023).

.

فداء أبو مريمامبارح انقطعنا من مية الشرب حرفياً، لدرجة إنو الشباب لفوا لأكثر من أربع ساعات ورجعوا بغالونات حُنين ما قدروا يجيبوا مية. وبما إني أمة الله، لفيت هالشالة وأخدت بإيدي ابن خالي ودقينا ع باب الجيران وطلبت منهم. وبكل الذوق والأخلاق اللطيفة، الناس ساعدونا وبكل حنية قالوا: "الناس لبعضها".

ورجعنا واستقبلونا ولا كأنه معبيين نهر النيل بخزانات.

اليوم الصبح صبحوا ينادوني بـ"مسؤول ملف المياه". أبو هيك مسؤولية بهالوضع الزفت. يا خوفي ثقتهم تزيد ويطلبوا مني أروح أخبّط ع باب المعبر. الواحد صحته ع قده من ورا هالأيام العصيبة. وبصوت ستي: "الله لا يجبره اللي وصلنا هان".

يقع هذا الأمر في باب "نهفات لا توثقها الكاميرات".

[الاثنين: 2013/11/13]

= = =

بعد كل حرب، كنت أنتظر نهايتها. أكنس عن درج البيت غبارها، وأجلس في زاويتي أتنفس غير هذا الذي وضعته الحرب في رئتي.

وقبل كل حرب، كانت الأيام عادية. نوزع أركان البيت كشاهد على الاحتفال. كان هذا الركن الخاص بزينة رمضان.

نحرص على إضافة ألوان. نخرج من البيت مجموعات. نبتاع كل "قطعة" للزينة، ونعود مجتمعين، نحدد مكان كل قطعة.

البيت لم يكن يوماً حجراً واحداً. هنا كانت اجتماعات التخطيط للمناسبات، هنا كنا نفسد مخططات الرجيم، هنا كنا نختلف، هنا كنا نضحك، وهنا كنا نشتاق.

هنا كان كل قطرة حب وكل لمة ضحك، وكل جلسة نميمة. ومن هنا خرجنا مجموعات. تركنا البيت وحيداً تحت الحرب. تركنا الذكرى وحيدة. وكلما اشتقنا تذكرنا صوت الحجارة التي سقطت وكانت تصرخ وحدها.

ربما كتبت لنا النجاة بأرواحنا، لكن كل ذكرى بهذا البيت معقول سامحتنا انو تركناها لحالها؟

معقول يوم 12 أكتوبر [2023] كانت منتظرة على الشبابيك، ويوم 13 قصفت الطائرة رقبتها ورأسها!

سامحينا يا ذاكرتنا. سامحينا يا أركان الفرح والأعياد.

البيت روح. البيت جسد. البيت نحن وما تركنا تحت ركامه من حسرة وحزن.

لم يتركوا لي درجاً أكنسه. لم يتركوا لي ركناً أبكي، وهذا ما لا يمكن أن يعوض.

غزة/فصول الدهشة ومحاولات النجاة.

= = =

الآن وبعد شهر من العدوان، المحظوظ بغزة من يجد كسرة خبز، رشة طحين، رشفة ماء، ماء للحمام، مكاناً لشحن البطاريات والجوالات، شبكة إنترنت صالحة ومتواصلة للاتصال، اتصال بالهاتف ويرد الرقم المتصل، خيطاً ببنج لتقطيب الجرح، سريراً بالمستشفى، مكاناً للنوم، مكاناً للفراش، مكاناً لإيواء النساء والأطفال، احتياجات النساء الشخصية ومستلزماتهن الصحية، أدوية وعلاجاً ومسكنات.

الأكثر حظاً من يجد قبراً ليدفن الجثث. والأكثر من ذلك من استطاع انتشال جثث أهله وأصحابه من تحت الركام. وهذا ما لا توثقه الكاميرات وخطابات النصر.

غزة/ فصول الدهشة ومحاولات النجاة.

[الاثنين: 2013/11/13]

= = =

https://www.facebook.com/fedaa.zeyad

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2023     A فداء أبو مريم     C 0 تعليقات