إيناس ثابت - اليمن
رحلتي مع عود الند
الكلمة نجمة مضيئة في الفلك
فراشة ترفرف بعنفوان في السماء
ثم تهبط زهرة رقيقة إلى الأرض
الكلمة رفيقة الإنسانية
الكلمة روح الخلود
لماذا أكتب؟ لغاية في نفسي، أم لأن الروح الإنسانية تبحث بشتى أنواع الفنون ولغات التعبير عن مصدر الروح والكون، عن الإله وأسرار الوجود؟ بل ربما لا لشيء، إلا لأنني أريد أن أكتب وحسب، ولا جواب غيره مقنع.
أسطر قليلة لا تكفي لاسترجاع حكايتي مع الكتابة منذ البداية وحتى الآن، ومع "عود الند"؛ الموقع الذي واكب بداية رحلتي في عالم الكتابة. معرفتي به جاءت مصادفة أثناء بحثي عن موقع يسمح للمبتدئين من الكتاب بالمشاركة، تصفحتُ وقرأتُ بعض المواد المنشورة فيه، أثار إعجابي، فاتخذت قراراً سريعاً بالمساهمة والنشر فيه مستعينة بخبرتي الضئيلة.
كتبتُ أول مادة بتهور وارتجال، دون تدقيق ودراسة أو تفكير بجودة النتيجة، وآنذاك لم أكن أملك الكثير مما يؤهلني لخوض مضمار الكتابة والتبحر فيها رغم حبي لها منذ الطفولة. بعد إرسال أول مادة للنشر وصلني إخطار بالرفض، اهتزت ثقتي بنفسي وفتر حماسي، وقررت هجر الكتابة رغم معرفتي بخطئي وهشاشتي، وإدراكي أن التقصير كان من نفسي وحسب؛ لعدم تفانّي في كتابة المادة المرسلة وبذل مجهود أكبر. أصابني القلق والإحباط، ثم عاودتني الهمّة من جديد، وعزمتُ على إعادة المحاولة بعد حوار مطمئنٍ وراقٍ مع محرر الموقع الدكتور القدير عدلي الهواري. تم قبول المادة التالية، ثم توالت مساهماتي في الموقع.
مع كل نص رافقني شعور بعدم الرضا وقصر التعبير، خصوصاً مع المواد المنشورة الأولى. كنتُ أكتب بحذرٍ، أفكر طويلاً وأتساءل: يا ترى هل عملي جيد؟ هل سيُقرأ؟ هل أجدتُ إيصال ما تريد الروح التعبير عنه؟ فأرضى أحياناً وأندم أحياناً كثيرة، وأقول لنفسي: كان بإمكانكِ الكتابة والتعبير عن أفكارك بأسلوب أفضل وأجمل! وحتى يومنا هذا، لا أشعر بكمال أي نص أكتبه، ولا أطمئن إلى خلوه من العثرات، أتردد كثيراً قبل إرسال المادة وأقلق بعد نشرها، حتى لو لم يقرأ ما كتبته إلا القليل، فما زلت مبتدئة في دنيا الكتابة، وهي دنيا يحتاج المرء فيها على الدوام إلى الإرشاد والنصح ومن يأخذ بيد الكاتب في التماسه طريقا إلى النور.
على الإنترنت فيضٌ من المواقع الإلكترونية الأدبية والثقافية؛ الهاجس فيها والهدف السماح للهواة بالكتابة والنشر بسهولة، للأسف العديد من هذه المواقع الأدبية لا تعير اهتماماً لأساسيات الكتابة وتقويم هشاشة المادة واعوجاجها. أما "عود الند"، المساحة التي ترحب بالجميع، فهي أحد المواقع المعنية باستقطاب الكُتاب من المبتدئين الهواة والمحترفين، مع حرصها على أن تكون المادة المنشورة ملتزمة بأصول الكتابة؛ كقواعد النحو والإملاء، وعلامات الترقيم والطباعة، ولكأنها بذلك تشكل بناء هندسياً مثالياً؛ فالفكرة دائما بذرة تحتاج إلى رعاية وعناية لتغدو شجرة نضرة وعملاً ينضح بالجمال.
"عود الند" علمني أساسيات الكتابة والترقيم، وأهمية إعادة القراءة والتمحيص، والتمعن في اللغة والتحرير، وتَعَرُّفِ الثغرات قدر الإمكان، لنسمو بكتابتنا ونبدع نغماً جميلاً متناسقاً، استفدتُ فنياً وفكرياً من الموقع، وكان نقلة نوعية بدأت النضوج معها، كما كان للسماح بالتعقيب والنقد والنقاش أسفل المادة، بكل مودة واحترام، دور كبير في التشجيع والعطاء، والشعور بتقدير الجهد المبذول، مما ساهم في تعليمي وتعليم غيري من الكُتاب؛ فالنقد سبيل من سبل التقدم نحو الأمام، وفي الأخير فإن ما نكتبه لن يُرضي الجميع بالتأكيد.
حتى يومنا هذا، لا أتذكر "عود الند" إلا وتراودني مشاعر الحنين إلى الأيام الماضية، إلى الألفة بين الأصدقاء من كُتابها ومشاعرهم النقية الصادقة، وانتظار الجديد من مقالاتهم والحوار معهم والاطلاع على مختلف مناحي التفكير. "عود الند" كانت سبباً في كسبي جملة من خيرة الأصدقاء والأحبة الذين ظلوا دائما الأٌقرب إلى قلبي وفكري ووجداني. واليوم أسعد بتقديم تجربتي مع "عود الند"، شرارتي الأولى والضوء الذي أنار طريقي في عالم الكتابة الواسع، وحسبي أن أقدم اعتزازي وفخري وامتناني ومحبتي لها، وإلى المحرر الدكتور عدلي الهواري، وجميع كتابها وقرائها.
◄ إيناس ثابت
▼ موضوعاتي
المفاتيح
- ◄ إعلام وصحافة
- ◄ عدد خاص