رحيل مؤسس صحيفة "السفير"
طلال سلمان في ذمة الله
انتقل إلى رحمته تعالى يوم الجمعة 2023/8/25، الصحفي العربي المعروف، طلال سلمان، مؤسس صحيفة "السفير" اللبنانية التي اعتبرت دورها "صوت الذين لا صوت لهم" وعرفت بتوجهها القومي العربي ودفاعها عن القضية الفلسطينية. وقد صدرت في آذار (مارس) 1974، وتوقفت عن الصدور عام 2017 بعد 43 عاما من النشر.
أدناه افتتاحية العدد الأول لصحيفة "السفير" بقلم المؤسس طلال سلمان الذي كان يكتب مقالاته ضمن سلسلة سماها "على الطريق". الافتتاحية منقولة من موقع المرحوم. رابطا الموقع والمقالة في ختام الافتتاحية.
::
على الطريق
السفير: الجريدة والمهمّة..
طلال سلمان
26 آذار (مارس) 1974
نعم، جريدة جديدة!
.. لأن الإنسان العربي يعيش وسط أجواء إعلامية ملوّثة شوّهت تفكيره وأفسدت حكمته، وحالت دون تكوّن رأي عام من خلال تفاعل صحي للأفكار واحتكاك بين الآراء يوضح الرؤيا ويحدد الموقف السليم.
لقد احتكرت الفئات الحاكمة في كثير من البلاد العربية وسائل الأعلام، بعد أن عرفت قدرتها السلطوية الخارقة، وفرضت عن طريقها نموذج تفكير سطحي، ورفعت شعارات جوفاء، ثم جندتها لخدمة نظامها إلى جانب الوسائل القمعية الأخرى.
أما في البلاد الأخرى، حيث النظام ليبرالي ديمقراطي المظهر والواجهة، فقد احتكرت طبقة واحدة وسائل الإعلام وسخرتها لخدمة مصالحها، معتمدة على تشويه مفاهيم المواطن السياسية ووجدانه القومي وطمس مصالحه الطبقية تحت ركام من المشاعر الطائفية، بحيث يسهل عليها تبرير مسلكها وتطلعاتها وأطماعها التي لا تحد.
وهكذا بات الخيار محدداً: إما صحيفة لا تقول شيئاً لأن السلطة لا تملك ما تقوله أو ترفض أن تصارح شعبها «القاصر» بالحقائق، وإما صحيفة تقول كثيراً دون أن يكون في ذلك فائدة للناس … فهي تصف حياة «الكبار»، وتعمم هواياتهم وصور مباذلهم ونزواتهم حتى لتبدو «حرتقاتهم» وكأنهم أهم من أخبار العالم كله، ومن قضايا الشعوب جميعاً.
نعم، جريدة جديدة.
جريدة ذات مهمة محددة تماماً هي: الدفاع عن الأمة، الأمة العربية.
لذا فهي جريدة مقاتلة: تقاتل مع المناضلين من أجل إعادة الاعتبار إلى الإنسان العربي.
تقاتل المناخ الذي جاء مع الانفصال [وحدة مصر وسورية 1961] واستشرى وساد بعد هزيمة 5 حزيران [حرب 1967]، ولا زال سائداً رغم حرب رمضان أكتوبر 1973] وبعدها، وكأنه بات قدر هذه الأمة وخاتمة المطاف في تاريخها.
ومنطق هذا المنطق يقوم على التشهير بالأمة كلها، وبالإنسان العربي حيثما وجد، بل إن التشهير وصل حتى إلى اللغة العربية بصرفها ونحوها وأشكال حروفها.
شيء واحد تبدل بعد 6 تشرين [حرب أكتوبر 1973]: إن التشهير تحول من التعميم إلى التخصيص، وبدلاً من شتم «العرب» وتحقيرهم، انصبت الأحقاد على الرموز المضيئة في تاريخهم، بدءاً بجمال عبد الناصر، بطل النضال ضد الاستعمار والصمود في وجه الصهيونية والإمبريالية، وانتهاء بالمقاتل العظيم الذي عبر القناة واجتاح قوات الاحتلال في الجولان.
وبدلاً من التشهير بشعار الوحدة وفكرتها، انطلق المروجون يروجون للتضامن العربي بمعناه القديم المبتذل والمستهلك والذي لم يعن في أي يوم شيئاً غير تضامن الحكام في وجه الشعب.
نعم، جريدة جديدة!
تقول إنه لا يجوز أن يزداد عدد الفقراء في هذه الأمة بينما العالم يحسدها على مليارات الدولارات التي تتهاطل عليها من نفطها.
ولا يجوز أن يزداد عدد الأميين في هذا الوطن، بينما آلاف الآلاف من مثقفينا يضعون علمهم في خدمة الغير، إما بسبب انتفاء الديمقراطية أو بسبب عدم توافر فرص العمل الكريم.
جريدة جديدة تحاول أن تكون صوت الذين لا صوت لهم،
صوت المستضعفين في الأرض،
صوت أبناء القرى والدساكر في الشمال والجنوب والبقاع والجبل،
صوت العمال والطلاب وصغار الكسبة،
جريدة جديدة لا ترى لبنان «شيئاً آخر» غير العرب،
ومن هنا فهي تطمح لأن تكون جريدته في الوطن العربي، وجريدة الوطن العربي فيه، تأكيداً لوحدة الانتماء والوجود والمصير.
نعم، جريدة جديدة!
لأننا نعتقد أن كثيرين في هذا الوطن الكبير ينتظرون صحيفة تقف معهم ضد الظلم والظلام، ضد التعتيم وإخفاء الحقائق، ضد المحتكر والمستغل والمتحكم.
و«السفير» تطمح لأن تكون هذه الجريدة المنتقِدة .. رغم كثرة الموجود!
[طلال سلمان]
= = =
رابط موقع مؤسس السفير، طلال سلمان
رابط الافتتاحية:
https://talalsalman.com/%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%85%d9%91%d8%a9/
.
◄ عود الند: أخبار
▼ موضوعاتي