مختارات: عبد اللطيف اليونس
نزار قباني وقصيدته "أيظن"
تحرص مجلة "عود الند" الثقافية على نشر مقتطفات من كتب أو مجلات بغية الإشارة إلى مواقف نقدية متميزة عن الشائع، أو تذكير بكتاب أو مجلة أو كاتب/ة. أما هذا المقتطف فهو يهدف إلى الإشارة إلى أن المجلات الثقافية القديمة نشرت في الماضي مواد دون الاكتراث بعلامات التنقيط/الترقيم. المقالة التي ننشر منها مقتطفا أدناه مليئة بالاستخدام غير المبرر للنقطتين (..) وغير ذلك من استخدام غير منهجي لعلامات الترقيم. ويمكن أيضا إبداء ملاحظات على هذه المقالة الناقدة لقصيدة "أيظن" التي لحنها الفنان محمد عبد الوهاب، وغنتها الفنانة نجاة الصغيرة. لكن الغاية من نشر المقتطف الإشارة إلى عدم اكتراث الكاتب ومجلة "الثقافة" التي نشرت مقالته في عام 1960 بأساسيات الطباعة.
المقتطف من مقالة منشورة في مجلة "الثقافة" السورية. العدد الثالث. آذار (مارس) 1960. ص ص 36-38. الكاتب: عبد اللطيف اليونس. رابط الموضوع في ختام المقتطف.
.
.
.
أعترف -سلفا- أنني أحب، نزار قباني، وأحب شعره .. وأنني أحفظ بعض هذا الشعر وأرويه في بعض المجالس.
ولكن هذا الحب .. لا يحول بيني وبين كلمة حق يجب أن أقولها به، وبقصيدته الجديدة "أيظن"، ولهذا الاتجاه الذي بدأ يتجه بشاعريته نحوه ..
"نزار قباني" شاعر مجدد .. أخضع القافية والوزن، في بعض قصائده، لأسلوب مبتكر، ومعان فريدة جديدة .. وهو حائر بين الرمزية والجدية .. وبين الخيال والواقع ..
وعلى كل .. فهو شاعر المرأة - أو شاعر الفراش كما يلقبه بعض الكتاب المصريين — ولقد أبدع شعرا أنيقا .. لونته ريشة ناعمة حنون .. وسكبت عليه شاعرية رقيقة ذوبا من عصير البنفسج، وشذا الياسمين .. وخلع عليه روح هائم شفاف .. غلالة من أريج الفجر، وزهوة الأصيل .. فجاء شعرا يغترف بعض القلب .. وينكر العقل بعضه الآخر — ذلك لأن "نزار" كثيرا ما يقحم شاعريته في مجالات لا يؤمن فيها العثار .. ولقد عثر خياله مرة .. حتى اضطر بعض النواب أن يشغلوا المجلس النيابي ساعة ونيفا في مهاجمته، والمطالبة بإقالته ..
ومن عيوب "نزار" أنه يحب الشهرة، ويسعى إليها عن أي سبيل .. ويبحث عنها في كل ميدان .. ويسير نحوها بخطى واسعة .. غير متئدة، ولا حذرة .. وفي الطريق أشواك وأخاديد .. وما يهمه أن تدمى قدمه، أو تعثر خطاه .. ولا أن ينقل في سبيل ذلك إلى مستشفى — إذا كتبت الصحف خبرا، أو تناقلت أحاديثه الحسان ..
ولنزار مغامرات .. يظهر أنها كثيرة، ومتعددة .. ولو كانت لسواه لـ"استتر" إطاعة لأمر الرسول .. ولكن "نزارا" يعترف بها .. لأن فيها بعض الشهرة، وبعض ما يصبو إليه .. فقد سأله مراسل [صحيفة] "الأنوار" في الطائرة: "هل ستكون نجاة كوليت ثانية؟ فأجابه: "يا ريت"!.
وكانت "نجاة" تستمع إلى السؤال والجواب .. وكان من البدهي أن تحمر وجنتاها و .. تندى شفتاها.
وعلى كل حال فهو يغفر لنفسه أي تصرف وشذوذ ما دام هذا يؤدي إلى نظم قصيدة جديدة، واقتناص معنى مبتكر .. أو اقتناص حسناء توحي له بقصيدة جديدة، ومعنى مبتكر .. وعند "نزار" من العنفوان والتعالي ما يحول بينه وبين طلب الغفران من أحد، وحتى قبوله من أحد.
[...]
وخلاصة القول:
إن القصيدة ليست من مستوى شعر "نزار قباني"، وليس فيها شيء من لفتات ذهنه وبيانه، وإن يكن فيها أشياء من "فلتات" قلمه ولسانه ..
بقي أن نقول كلمة في "اللحن"، الغريب الذي وضعه لهذه القصيدة الموسيقار محمد عبد الوهاب.
إني .. وإن كنت أجهل الموسيقا، وسلمها ومقاماتها، والنقاط السوداء والبيضاء، وذات السن والسنين و .. إلخ .. فإن لي أذنا كسائر الناس تستحسن أو تستهجن.
وإنني أتحدث عن ذوقي الخاص، لا عن أذواق الخرين .. وعن رأيي، لا عن آرائهم ..
وأعترف أنني لم أسمع في حياتي لحنا نابيا ناشزا كهذا اللحن .. ويظهر أن الموسيقار الكبير -عبد الوهاب- قد أصبح مطمئنا إلى شهرته، واثقا من قوة الدعاية له، والتهافت على ألحانه، فصار يستخف بالجمهور، وبذوقه الفني والأدبي ..!
= = =
النص الكامل على الرابط التالي:
https://archive.alsharekh.org/Articles/269/19480/439741
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي