عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » أرشيف الأعداد الخاصة » عدد خاص 03: 2021/5/18: القدس وغزة 2021 » كلمة العدد الخاص 03: وهم الدعم الدولي للقضية الفلسطينية

عدلي الهواري

كلمة العدد الخاص 03: وهم الدعم الدولي للقضية الفلسطينية


د عدلي الهواريعلى افتراض الأمانة الفكرية لدى الذين يعبرون عن رأي مفاده أن الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، كفيل باسترجاع الحقوق الفلسطينية، سوف أبين هنا أسباب خطأ هذا الرأي.

الدعم الدولي للشعب الفلسطيني يجب الترحيب به، والسعي إلى كسبه. هذه مسألة لا تحتاج إلى نقاش طويل لأنها بديهية، لكن هذا لا يعني أن يُعول عليه كعامل سيؤدي إلى حل القضية الفلسطينية ويعيد الحقوق المسلوبة إلى الشعب الفلسطيني.

كذلك، الدعم الدولي للقضية الفلسطينية في هذه الأيام محدود جدا، ومقتصر على فئات معينة من المجتمعات، مثل طلبة الجامعات الذين يحثّون جامعاتهم على سحب الاستثمارات من إسرائيل.

حتى هذا المجال تعرض للمقاومة، وجرت محاولات لسن قوانين لمنعه. ويكاد يصبح من غير الممكن لأحد توجيه نقد للسياسات الإسرائيلية نتيجة توسيع تعريف "معاداة السامية" ليشمل توجيه الانتقادات للسياسات الإسرائيلية القمعية ضد الشعب الفلسطيني، والتمييز ضد حتى من ظلوا في فلسطين وصاروا رسميا مواطنين إسرائيليين.

الدعم الدولي للقضية الفلسطينية في الوقت الحاضر ضئيل مقارنة بما كان عليه في السبعينيات، فقد تم عام 1974 الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) كممثل للشعب الفلسطيني، وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا اعتبر الحركة الصهيونية حركة عنصرية.

وكان هذه التأييد الكاسح في عالم ذي قطبين: الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وكانت م ت ف تتلقى دعما من الاتحاد السوفيتي. ولكن كل هذا التأييد لم يسفر عن شيء، لوجود دعم لإسرائيل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

كذلك يجدر بالإنسان أن يتذكر أن الحرب على العراق في عام 2003 تمت على أساس كذبة مكشوفة عن وجود أسلحة دمار شامل رغم أن البلد كان خاضعا لعقوبات اقتصادية إضافة إلى تفتيش دولي على أسلحته. كانت هناك معارضة في مختلف أنحاء العالم لشن حرب على العراق لأن الذريعة كانت منافية للعقل والواقع، ومع ذلك لم تتمكن كل هذه المعارضة من منع وقوع الحرب. لم يأبه جورج بوش الابن وحليفه رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، بالرأي العام العالمي، ولم يمنعهما من شن الحرب عدم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز العمل العسكري ضد العراق.

لو عاد حجم التأييد الدولي للقضية الفلسطينية إلى ما كان عليه في السبعينيات، أو لو بلغ حجم المعارضة للحرب على العراق، أو فاقه حجما، لما أسفر عن تغيير الأمر الواقع في فلسطين، فهناك دولة مدججة بالسلاح مدعومة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والدول التي تبدي تعاطفا مع حقوق الشعب الفلسطيني ليست مع استرداده كل حقوقه، ويضاف إلى ذلك مواقف الدول العربية التي حسمت أمرها واختارت تطبيع العلاقات مع إسرائيل غير مكترثة بحقوق أو مقدسات.

بناء على ما سبق، من غير المعقول أن يعتبر المثقف الأمين فكريا أن مقاومة أهل القدس العزل للاعتداءات الإسرائيلية على بيوتهم ومقدساتهم كانت، أو لا تزال، كافية لوقف الاستيلاء على بيوت المقدسيين في حي الشيخ جراح (أو أي مكان آخر)، واستباحة رحاب الحرم القدسي الشريف، والمسجد الأقصى نفسه. بعد بدء إطلاق الصواريخ من غزة دعما لشعب أعزل في القدس، صوّر التأييد الدولي وكأنه كان على وشك أن ينصف المقدسيين ولكن تم التراجع عن ذلك بسبب الصواريخ. من رأى تأييدا كهذا رأى سرابا.

منظمة حقوق الإنسان الأميركية، هيومان رايتس ووتش، أصدرت في الآونة الأخيرة تقريرا اعتبرت فيه الممارسات الإسرائيلية ضربا من ضروب التفرقة العنصرية (أبارتهيد). وهذا تشخيص متأخر، ولكن أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي. هل سيتصاعد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية بعد تقرير مثل هذا؟ لا تنتظروا هذا الدعم أولا لأن الانتظار سيطول، ولن يكون بالحجم المؤثر إن أتى.

لولا التدخل الدولي في فلسطين قبل عام 1948 لما تم تفصيل وطن قومي لمجموعة من البشر على حساب سكان البلاد الأصليين، ولما صدر قرار تقسيم فلسطين. ولذا، قل لي يا صاحب رأي التعويل على المجتمع الدولي: هل الدول التي اعتبرت فلسطين خالية من السكان، أو أن أهلها غير متمدنين، وبالتالي يجوز الاستيلاء على وطنهم، سوف تصحو ضمائر حكوماتها بعد مئة عام وتعيد الأمور إلى ما كانت عليه، فيعود المهجرون إلى بيوتهم في مختلف المدن والقرى الفلسطينية؟

كل ذي ضمير حي تابع انتفاضة أهل القدس بكثير من القلق لأن معركة الدفاع عنها هي بين طرفين غير متكافئين، طرف أعزل، وطرف مدجج بالسلاح، مدلل ومدعوم دوليا، وبدل أن يلام، يتم توجيه اللوم إلى الضحية. حتى مواقع التواصل الاجتماعي تقيد التعبير عن التأييد للشعب الفلسطيني، وتمنع أصحاب الحسابات الشخصية والصفحات من التعبير عن التأييد فترات قد تطول أو تقصر.

بعض الخزعبلات تكتب على شكل تحليلات فكرية واقعية. عندما انطلقت الصواريخ من غزة دعما لأهل القدس تغير القلق، وتراجع الناس عن الدخول في حالة اليأس التي تعمل الأنظمة العربية على إيصالهم إليها وإبقائهم فيها. تغيرت المشاعر من نفسية القريب من حافة اليأس إلى شعور بالفخر والاعتزاز بالعزّل الذين قاوموا رغم عدم التكافؤ في قوة الطرفين. وعلى غير عادة في الحالات المشابهة سابقا، بادر أحد لعمل شيء ذي نتيجة ملموسة لدعم هذا الشعب الأعزل.

من المشروع، ومن الواجب أيضا، توجيه النقد لكل حزب مقاوم أو غير مقاوم يسيء التعامل مع فئة من فئات شعبه أو الشعب كله، فالمقاومة من أجل خدمة مصلحة الشعب لا فرض السيطرة عليه. لكن عمل شيء ملموس دعما لانتفاضة القدس لا يمكن تصنيفه ضمن ممارسات تستحق توجيه النقد إليه.

من الواضح أيضا أن نموذج التطبيع الرسمي بدا هزيلا ومَخزيّا مقابل نموذج يقاوم رغم عدم تكافؤ القوة بين الطرفين. مشاعر الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية متعاطفة مع الشعب الفلسطيني. القضية الفلسطينية أعدل قضايا العالم. ولكنها لن تحل بالدعم الدولي المتخيل.

D 18 أيار (مايو) 2021     A عدلي الهواري     C 1 تعليقات

1 مشاركة منتدى

  • طالعنا رئبس الولايات المتحدة بشجب الإجراءات العدائية علي حد قوله وفي ذات الوقت قال أن علي جميع دول الشرق الاوسط الإعتراف بإسرائيل حتي يعم السلام ويتم حل الدولتين وهذا ذكرني أن مايحصل من التمييز العنصري للفلسطنيين والإعتداء بعملية المعاتاة عند زرع جسم غريب في لإنسان مثل كلية يقومون بتثبيط مناعته حتي لاتهاجم الجسم المزروع فيه ويظل مدي الحياة يتناول ادوية مثبطة للمناعة لكن ومع الفرق أن ً هذا تم لانقاذ حياة ومع ذلك يبقي الأمل بيد الله ووعده ثم إن سؤالا وجه للقادة العسكريين الإسرائلين عن سيناريو محتمل: تكرارتعرض للمسجد الاقصي قد يوجد ملايين غفيرة عليحدود اسرائيل من كل الإتجاهات ماذا أنتم فاعلون ؟ هل ستضربوهم بالنيران؟! صمت ولا إجابة


في العدد نفسه

ايلان وبوط اينسا

من يوميات الحرب

حديث الحياة والحرب

يوميات الحرب

القدس في قصائد